أخبار عاجلةالرأي

الدكتور محمود أحمد فراج يكتب : التحول الأخضر والقضاء على الجوع في إفريقيا : نظرة متكاملة صوت

 

التحول الأخضر، وهو التحول نحو اقتصادات ومجتمعات مستدامة بيئيًا، يمثل فرصة فريدة للقضاء على الجوع في إفريقيا. قد يبدو الارتباط بين البيئة والغذاء غير مباشر للوهلة الأولى، إلا أن العلاقة بينهما عميقة ومتشابكة.

كيف يساهم التحول الأخضر في القضاء على الجوع في إفريقيا؟

  زراعة مستدامة:

    زيادة الإنتاجية: تساهم الممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة العضوية والري الذكي، في زيادة إنتاج المحاصيل وتحسين جودتها، مما يوفر الغذاء الكافي للسكان.

    الحفاظ على التربة: تحمي الزراعة المستدامة التربة من التدهور، مما يضمن استدامة الإنتاج الزراعي على المدى الطويل.

    التنوع البيولوجي: تدعم هذه الممارسات التنوع البيولوجي، مما يزيد من مرونة النظم الزراعية ويجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات المناخية.

  إدارة الموارد المائية:

   * الري الفعال: يساهم الري الذكي في ترشيد استخدام المياه، وهو أمر حيوي في القارة الإفريقية التي تعاني من ندرة المياه في العديد من المناطق.

   * حماية الأراضي الرطبة: تلعب الأراضي الرطبة دورًا حاسمًا في تنظيم تدفق المياه وتنقيتها، مما يحافظ على جودة المياه المستخدمة في الزراعة والشرب.

 الطاقة المتجددة:

   * الأمن الغذائي: توفر الطاقة المتجددة طاقة موثوقة للعمليات الزراعية، مثل الري والتخزين، مما يساهم في تحسين الأمن الغذائي.

   * تقليل التلوث: تقلل الطاقة المتجددة من التلوث، مما يحسن صحة الإنسان والبيئة.

 * الاقتصاد الأخضر:

   * خلق فرص عمل: يخلق التحول الأخضر فرص عمل جديدة في القطاعات الزراعية والطاقة المتجددة وغيرها، مما يساهم في تحسين المستويات المعيشية.

   * الاستثمار في البنية التحتية: يؤدي الاستثمار في البنية التحتية المستدامة، مثل أنظمة الري والطرق الزراعية، إلى تحسين الوصول إلى الأسواق وزيادة دخل المزارعين.

على الرغم من الإمكانات الهائلة للتحول الأخضر، إلا أن هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، مثل:

 * نقص الاستثمارات: يتطلب التحول الأخضر استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتكنولوجيا.

 * التغيرات المناخية: تشكل التغيرات المناخية تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي في إفريقيا.

 * نقص المعرفة: هناك حاجة إلى زيادة الوعي بأهمية الزراعة المستدامة والممارسات البيئية الصديقة.

الفرص:

 * الشراكات: يمكن للشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني تسريع وتيرة التحول الأخضر.

 * التكنولوجيا: توفر التكنولوجيا الحديثة حلولًا مبتكرة للتحديات الزراعية والبيئية.

 * الأسواق العالمية: توجد أسواق عالمية متزايدة للمحاصيل العضوية والمنتجات المستدامة.

ونستعرض بعض التجارب الإفريقية في الزراعة المستدامة 

تواجه الدول الإفريقية العديد من التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي، ولكنها في الوقت نفسه تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق تحول زراعي مستدام. تتميز هذه التجارب بالتنوع، حيث تتبنى كل دولة استراتيجيات مختلفة بناءً على مواردها وظروفها البيئية والمجتمعية.

أمثلة على تجارب ناجحة:

 * كينيا:

   * مزارع ذكية: تبنت كينيا مفهوم المزارع الذكية التي تعتمد على استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين الإنتاجية، مثل أنظمة الري بالتنقيط وأجهزة الاستشعار لقياس الرطوبة ودرجة الحرارة.   

   * تعاونيات نسائية: ساهمت التعاونيات النسائية في تعزيز دور المرأة في الزراعة وتوفير الدعم اللوجستي والمالي للمزارعات.

 * إثيوبيا:

   * حفظ التربة: نفذت إثيوبيا مشاريع واسعة النطاق لحفظ التربة من خلال بناء السدود الحجرية والتراسات الزراعية، مما ساهم في زيادة خصوبة الأراضي ومقاومتها للتعرية.    

   * زراعة الأشجار: شجعت الحكومة الإثيوبية على زراعة الأشجار على نطاق واسع، مما ساهم في تحسين جودة الهواء والتربة والحد من التصحر.

 مالي:

   * الزراعة العضوية: حققت مالي نجاحًا كبيرًا في مجال الزراعة العضوية، حيث يتم إنتاج العديد من المحاصيل العضوية مثل القطن والسمسم وتصديرها إلى الأسواق العالمية.    

   * إدارة الموارد المائية: اعتمدت مالي على إدارة الموارد المائية بشكل مستدام، مثل بناء الآبار وحفر القنوات، لتوفير المياه اللازمة للزراعة.

 * غانا:

   * تدوير النفايات: تبنت غانا نظامًا فعالًا لتدوير النفايات الزراعية وتحويلها إلى سماد عضوي، مما ساهم في زيادة خصوبة التربة وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية.     

   * الزراعة الحضرية: تشجع غانا على ممارسة الزراعة الحضرية في المدن، مما يساهم في توفير الغذاء الطازج وتحسين جودة الهواء.

العوامل المشتركة في هذه التجارب:

 * المشاركة المجتمعية: تعتمد هذه التجارب على مشاركة المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات وتنفيذ المشاريع.

 * التعاون الدولي: تلعب المنظمات الدولية والوكالات التنموية دورًا حاسمًا في دعم هذه المبادرات وتوفير التمويل والتكنولوجيا.

 * التكيف مع التغيرات المناخية: تهدف هذه التجارب إلى بناء قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات المناخية، مثل الجفاف والفيضانات.

 * التنوع البيولوجي: تسعى هذه التجارب إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي، مما يزيد من مرونة النظم الزراعية.

لذا

التحول الأخضر يمثل فرصة تاريخية لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الجوع في إفريقيا. من خلال الاستثمار في الزراعة المستدامة وإدارة الموارد المائية والطاقة المتجددة، يمكن للقارة الإفريقية أن تحقق مستقبلًا أكثر استدامة ورخاء، وتعتبر التجارب الإفريقية في مجال الزراعة المستدامة مصدر إلهام للعديد من الدول، حيث أثبتت هذه التجارب أن الزراعة المستدامة يمكن أن تساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتحسين سبل العيش للمزارعين وحماية البيئة.

* الدكتور محمود احمد فراج : متخصص في الشأن الأفريقى جامعة القاهرة .

اقرأ المزيد 

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »