شرق الكونغو : الأزمة تزداد تعقيدا .. و “قلب إفريقيا ” فوق صفيح ساخن
تبدو الأوضاع في إقليم شرق الكونغو الديمقراطية تتجه إلي مزيد من التصعيد والتعقيد وسط مخاوف من إمتداد شظايا نيراها إلي دول إقليمية خاصة رواندا التي تتهمها تقارير دولية بالوقوف وراء تمرد إم 23 , لتصبح منطقة وسط إفريقيا علي صفيح ساخن .
وخلال الساعات الماضية خرج كورنيل نانجا زعيم المتمردين الذي استولى مقاتلوه على جوما، أكبر مدينة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بمواصلة هجومهم حتى العاصمة كينشاسا وأن هدفهم النهائي هو الإطاحة بحكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي, فيما رد الرئيس الكونغولي في خطاب متلفز ألقاه بعد سقوط وما، بقوله ” إن هناك “ردا قويا ومنسقا” جاريا لاستعادة الأراضي من المتمردين , مضيفا” تأكدوا من أمر واحد: جمهورية الكونغو الديمقراطية لن تسمح بإذلالها أو سحقها. سنقاتل وسننتصر”.
وتقول تقارير غير مؤكدة إن المتمردين المدعومين من رواندا يتقدمون حاليا نحو بوكافو، ثاني أكبر مدينة في شرق البلاد الغني بالمعادن، على الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.
وأدى القتال إلى إجبار نحو 500 ألف شخص على النزوح من منازلهم، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة بالفعل، وفقا للأمم المتحدة .
المهمة ثقيلة
وقال اللواء الركن كاكولي سومو إيفاريستي الحاكم العسكري الجديد لإقليم شمال كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، إنه لن يدخر جهدا لاستعادة السيطرة على مدينة “جوما” وتحرير جميع أنحاء البلاد التي يحتلها “أعداء السلام”، وذلك في إشارة إلى متمردي حركة “23 مارس”.
وأقر الحاكم الجديد للإقليم – في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكونغولية – بثقل المهمة التي تنتظره، خاصة لتوليه مهام منصبه في هذه الفترة الحرجة، ولكنه وعد بتولي مهامه بكل جرأة وشرف وإخلاص ووفاء وهي الصفات التي كان يتحلى بها الكونغوليون الذين راحوا ضحية المعارك.
يذكر أنه تم تعيين اللواء الركن كاكولي سومو إيفاريستي حاكما لإقليم شمال كيفو من قبل رئيس الدولة خلفا للواء الركن بيتر سيريموامي، الذي لقي مصرعه خلال المعارك بين الجيش الكونغولي ومتمردي حركة “23 مارس”.
الجيش الأوغندي يعزز دفاعاته
وعلي الجانب الآخر من الحدود الكونغولية الأوغندية أعلن الجيش الأوغندي اليوم /الجمعة/ أنه سيعزز دفاعاته في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث تشن حركة “23 مارس” المسلحة هجوما عنيفا ضد الجيش الكونغولي.
وقال الجيش الأوغندي – في بيان أورد راديو فرنسا الدولي مقتطفات منه – إنه “سيتبنى موقفا دفاعيا متقدما.. حتى تمر الأزمة”، مشيرا إلى أن الهدف هو “ردع ومنع العديد من الجماعات المسلحة الاخرى المتواجدة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية من استغلال الوضع , بالاضافة الى حماية وتأمين المصالح الأوغندية”.
واكد الجيش الأوغندي أنه – بالتعاون مع القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية – سيراقب عن كثب “تطور الوضع الأمني”.
الوضع معقد جدا
وفي رده علي التساؤلات حول من المستفيد من تصاعد الأزمة في شرق الكونغو .. هل هي أطراف إقليمية علي رأسها رواندا ..أم أطراف دولية تطمح في السيطرة علي ثروات المنطقة ؟ يؤكد الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الإفريقية أن الوضع في الكونغو الديمقراطيه معقد جدا , مشيرا إلي أنها تعد شبه قاره وأغنى دوله في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا من حيث الموارد طبعا لكن الشعب الكونغولي يعاني أشد أنواع المعاناة من الفقر وعدم الأمن والفساد منذ عهد موبوتو سيسيكو وعهد كابيلا الأب والإبن وهكذا .
وقال الدكتور محمد شريف جاكو لـ ” أفرو نيوز 24 ” : أن الكونغو الديموقراطية تعاني من تاريخ طويل من عدم الاستقرار منذ ستينيات القرن الماضي فبعد حصولها علي استقلالها تآمرت بلجيكا وامريكا والدول الغربيه على هذه الدوله وقتلوا الزعيم الوطني التاريخي باتريس لومبوبا , مضيفا ” الكونغو منذ اغتيال لومبوبا لم تشهد استقرارا إلي يومنا هذا.
واعتبر جاكو أن هناك بعد دولي في التآمر ضد هذه الدوله وضد هذا الشعب منذ ذاك الوقت إلى يومنا هذا ,و هناك أيضا قوي اقليميه لنفس الأهداف وإن كانت اهداف اقتصاديه بالدرجه الاولى وأطماع في الحصول على خيرات هذه المنطقه الغنيه بكل المعادن الأوليه .
ونوه الخبير التشادي في الشؤون الإفريقية إلي وجود مشلكة خاصه لرواندا تجاه الكونغو , لافتا إلي أنه بعد أحداث الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا غالبيه الميليشيات التي شاركت في ذبح جزء من المواطنين اي الهوتو ضد التوتسي هؤلاء هربوا الى الكونغو الديمقراطيه والحكومه الروانديه طالبت بإعاده المتهمين أو تسليمهم لها لكن النظام في الكونغو لم يستجيب , واستطرد قائلا” لا أدري هل كان النظام الكونغولي في ذلك الوقت يستطيع تسلميهم ورفض أم أنه رفض تسليمهم بشكل متعمد ام لا يستطيع تسليمهم , حيث ترى رواندا انه جمهوريه الكونغو تتستر على المتهمين في جرائم ضد الانسانيه .
التوتسي في الكونغو الديمقراطية
ونوه الخبير التشادي في الشؤون الإفريقية الي تواجد قبيلة التوتسي في الكونغو الديمقراطيه منذ أكثر من 100 سنه تقريبا , إلا أن الكونغوليون يرونهم هم اجانب روانديين و يرفضون الاعتراف بهم ككونغوليين ولم يحصلوا على الجنسيه ولا بحقوق المواطنه , وقال ” لذلك هذه القبيله اثناء الحرب الاهليه في الكونغو أنشأت ميليشيا مسلحة ويقال انها مدعومة من قبل رواندا لثلاثه أهداف الهدف الأول محاوله محاربه الهوتو المسلحين والذين يتخذون من الكونغو انطلاقه نحو رواندا وبالتالي دعم هذه الميليشيا يعد خط دفاع أول لرواندا , وأضاف ” الهدف الثاني ربما هناك لرواندا اطماع اقتصاديه في اقليم شرق الكونغو خاصة وأن حركة إم 23 تسيطر على مناجم من المعادن وتصدر وبتمول نفسها بهذه الموارد وتصدرها عن طريق رواندا التي بالتأكيد مستفيده .
وذكر الدكتور محمد شريف جاكو أنه لرواندا هدف القاء القبض على المتهمين في جريمه ضد الانسانيه لتقديمهم الى المحاكمه سواء كان في المحاكم الدوليه او في داخل رواندا .
وأعرب جاكو عن اعتقاده أن التصعيد الأخير لحركة إم 23 المتمردة في الكونغو الديمقراطية يرتبط باتهامات دوله الكونغو لفرنسا بضلوعها في دعم المتمردين , وقال ” فرنسا لديها أيضا أطماع في الكونغو, لكن في تصوري التصعيد الأخير جاء نتيجه فشل محاوله ومساعي ابرام صلح بين حركه التمرد مع حكومه الكونغو الديمقراطية بوساطه انجولا حيث فشلت المفاوضات , ووجهت الحركة تهم بتعنت حكومه كونغو الديمقراطية فهذا كان هذا رد الفعل العنيف كمحاوله لاجبار حكومة كينشاسا للعودة من جديد للتفاوض .
وأشار الخبير التشادي في الشؤون الإفريقية إلي أن الشعب كونغولي اليوم يري أن روندا وفرنسا متورطتان في دعم حركه التمرد في شرق كونغو وكذلك بلجيكا ايضا ولذلك تم اضرام النار او اشعال الحريق في سفارات الدول الصلاث .
وتسائل جاكو عن هدف رواندا في إشعال الأمور في الكونغو وهي التي تعرضت في تسعينيات القرن الماضي لأبشع مذبحة تاريخية وهي جريمة الإبادة الجماعية والتي كانت هناك اتهامات لفرنسا وبلجيكا بالتورط فيها هي وبعض القوي الغربية , فكيف اليوم تتفق في اهدافها في الكونغو مع فرنسا وبلجيكا ؟ .. واستطرد قائلا ” لا هل كل طرف يبحث عن مصالحه ولذلك وضعتهم تلك المصالح في خندق واحد ام أنه اتفاق مسبق بين الدول الثلاث ؟ .
ونوه جاكو الي وجود بعد دولي آخر عقد الأمور في شرق الكونغو وهي الشركات متعدده الجنسيات إلي جانب فرنسا وبلجيكا .
وجدد الخبير التشادي في الشؤون الإفريقية التأكيد علي أن الكونغو الديمقراطية ضحيه للتآمر الدولي منذ ستينيات من القرن الماضي عندما تم اغتيال واحد من أفضل قاده افريقيا عبر تاريخها وهو المناضل الكونغولي باتريس لومومبا .
إقرأ المزيد :
الكونغو الديمقراطية: تشيسكيدي يحذر من رد عسكري “قوي” على تقدم المتمردين في حركة إم23