في ظل الحرب .. كيف يقضي المسلمون في شرق الكونغو شهر رمضان ؟

يقضي المسلمون في بوكافو عاصمة إقليم جنوب كيفو بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية شهر رمضان في ظل ظروف أمنية صعبة جراء احتلال بوكافو من قبل حركة “23 مارس” المسلحة.
وبوكافو هي واحدة من مدينتين رئيسيتين في المنطقة سيطر عليهما، في الأسابيع الأخيرة، مقاتلو حركة “23 مارس”، بعد أن سيطرت، أواخر الشهر الماضي، على جوما عاصمة إقليم شمال كيفو، والمدينة الرئيسية في شرق البلاد .
وواجه مسلمي بوكافو أزمة في توفير احتياجات أسرهم مع بدء شهر رمضان، جراء الوضع الأمني حيث تشهد المدينة عمليات سطو مسلح وجرائم قتل كل يوم تقريبًا .
و قال الشيخ ياسين كابونجو موكوكو، رئيس المجلس الديني للجالية المسلمة في بوكافو: إنه “من أجل سلامة المصلين وحتى لا يتجولوا في الليل، فقد فكرنا أنه من الجيد عدم اداء صلاة التراويح ، وقررنا الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء حتى يتمكن الجميع من العودة إلى منازلهم في وقت مبكر”.
وأوضح الشيخ ياسين أن هذا التعديل في موعد الصلاة يخص المسلمين القاطنين بالقرب من المسجد، ودعا المسلمين البعيدين عن المسجد أن يصلوا في بيوتهم .
ويُعد الإسلام اليوم دينًا رئيسيًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويبرز بشكل خاص في شرق البلاد حيث كان موجودًا منذ القرن الثامن عشر. يتركز المسلمون بشكل أكبر في مقاطعة مانيما وخاصة مدينتي كاسونغو وكيندو ويمثلون نحو 80-90 % و25% من السكان على التوالي , ويشمل السكان أيضًا، المهاجرين الجدد من لبنان والهند وباكستان وأجزاء أخرى من القارة الإفريقية إلى جانب المسلمين الأصليين.
فرار 80 ألف شخص
وكشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أن انعدام الأمن والعنف الجنسي المروع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية دفع عشرات الآلاف إلى الفرار عبر الحدود، الأمر الذي لا يبدو له نهاية في الأفق.
وفي مؤتمر صحفي عقد أمس الثلاثاء في جنيف، قال نائب مدير قسم الحماية الدولية بالمفوضية، باتريك إيبا، إن “العنف الجنسي وانتهاكات حقوق الإنسان لا تزال متفشية بالقرب من خطوط المواجهة، وكذلك نهب وتدمير منازل المدنيين والشركات”، مضيفا أن مئات الآلاف من الناس يواصلون البحث عن الأمان مع بقاء الوضع غير مستقر في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو.
وأضاف ” إن نحو 80 ألف شخص فروا من الاشتباكات المسلحة بين قوات الحكومة الكونغولية وحركة 23 مارس، المدعومة من رواندا، إلى البلدان المجاورة ووصل نحو 61 ألف شخص إلى بوروندي منذ يناير , مشيرا إلى أن 895 حالة اغتصاب تم الإبلاغ عنها للجهات الفاعلة الإنسانية في الأسبوعين الأخيرين من شهر فبراير وحده، بما يعادل 60 حالة يوميا.
ولفت إيبا إلى المخاطر الأخرى التي يواجهها المدنيون، بما في ذلك تلك التي تشكلها مخلفات الحرب المتفجرة على الأطفال والمزارعين الذين يحاولون رعاية حقولهم. وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أفاد بأن مسلحين اقتحموا مستشفيين على الأقل في عاصمة شمال كيفو غوما، واختطفوا عشرات المرضى.
كما أعاق القتال وصول المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص المتنقلين. واضطر برنامج الأغذية العالمي إلى إيقاف عملياته الإغاثية في المناطق المتضررة من الصراع، إلا أنه استأنف المساعدات الغذائية الطارئة “في بعض أجزاء شمال كيفو” بهدف الوصول إلى أكثر من 210 آلاف شخص.
وقال إيبا ” إن تحركات السكان الكبيرة استمرت، بما يتماشى مع الأوامر المبلغ عنها التي أصدرتها حركة 23 مارس للنازحين داخليا لمغادرة المخيمات حول غوما.
وأستطرد قائلا: “اليوم، لم يتبق سوى حوالي 17 ألف شخص يقيمون في مواقع النازحين داخليا والمدارس والكنائس حول غوما، بينما انتقل ما يقدر بنحو 414 ألفا من جيرانهم خلال الأسابيع الأربعة الماضية، بتشجيع من سلطات الأمر الواقع للعودة إلى قراهم الأصلية”.
يذكر أن هناك أكثر من مليون لاجئ كونغولي في جميع أنحاء أفريقيا، وخاصة في البلدان المجاورة. وتستضيف أوغندا أكثر من نصف هذا العدد الإجمالي، في حين استقبلت بوروندي معظم الوافدين الجدد منذ الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة 23 مارس في يناير , وحتى قبل الأزمة الحالية، كان هناك نحو 6.7 مليون نازح داخلي في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويشهد شرق الكونغو الديمقراطية، منذ عقود، نزاعات مستمرة، لكنه غرق في اضطرابات جديدة مع سيطرة حركة “23 مارس” على مساحات شاسعة من الأراضي في اقليمي شمال وجنوب كيفو.
وتتيح السيطرة على بوكافو وجوما موطئ قدم في المنطقة الغنية بالمعادن، للحركة التي عادت إلى الظهور في أواخر عام 2021.
خسائر فادحة
قال برنامج الأغذية العالمي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، إنه تكبد خسائر فادحة بسبب المعارك وعمليات النهب التي وقعت في الآونة الأخيرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية .
وأوضح البرنامج، في بيان له، أنه فقد جميع مخزوناته في مدينة بوكافو (بمقاطعة كيفو الجنوبية)؛ بينما دُمر أو نُهب 70 في المائة مخزوناته في مدينة جوما (كيفو الشمالية) وهما مدينتان تخضعان حاليا لسيطرة حركة 23 مارس .
وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى أنه لا يملك حاليا سوى 18 ألف طن من المواد الغذائية موزعة في مراكزه اللوجستية الـ 11 في جميع أنحاء الكونغو الديمقراطية.
ولفت البرنامج إلى أنه بدأ البحث عن مستودعات جديدة واختار بالفعل واحدا في مدينة جوما (بمقاطعة كيفو الشمالية)، مضيفا أن يبذل جهودا لإصلاح المستودعات التي تضررت من عمليات النهب .
وقال البرنامج إن فرقه تضاعف جهودها لدعم السكان الأكثر ضعفا في الكونغو الديمقراطية وتزودهم بالمساعدات الحيوية، مضيفا أنه على الرغم من التحديات مازال برنامج الأغذية العالمي ملتزما بمواصلة مهمته والاستجابة للاحتياجات العاجلة للمجتمعات المتضررة .
من جهة أخرى، أصدر برنامج الأغذية العالمي تحذيرا للسكان من استهلاك المكملات الغذائية المخصصة للأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والتي تباع في الأسواق وبالقرب من المدارس لاسيما في شرق الكونغو الديمقراطية .
وحذر في رسائل بأربع لغات وطنية في الكونغو الديمقراطية من أن استهلاك هذه المكملات من قبل الأشخاص غير المصابين بسوء التغذية أو الأصحاء يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة.
إقرأ المزيد :
قادة ” شرق أفريقيا ” و “سادك ” يعينون وسطاء لحل الأزمة في شرق الكونغو الديمقراطية