” اتفاق سلام هش واحتقان سياسي ” .. ماذا يحدث في جنوب السودان ؟

حالة من التوتر والاحتقان تشهدها جنوب السودان عقب الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات الأمنية باعتقال عدد من المسؤولين المتحالفين ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان , الأمر الذي يثير المخاوف من انهيار اتفاق السلام الهش في البلاد والذي أنهي حربا أهلية استمرت خمس سنوات .
وقال متحدث باسم ريك مشار نائب رئيس جنوب السودان اليوم الخميس إن قوات اعتقلت وزير النفط والوزير المعني بجهود السلام وعددا من القادة العسكريين الكبار المتحالفين مع مشار .
واندلعت الأحداث في جنوب السودان قبل أسابيع حيث شهدت في بلدة الناصر الاستراتيجية في الشمال اشتباكات بين القوات الأمنية وميليشيا الجيش الأبيض المؤلف بالأساس من منتمين لقبيلة النوير وهي قبيلة مشار ,وسبق أن تحالف الجيش الأبيض مع قوات مشار في الحرب الأهلية بين عامي 2013 و2018 في مواجهة القوات الموالية للرئيس سلفا كير من قبيلة الدنكا.
وقال بوك بوث بالوانج المتحدث باسم مشار إن وزير النفط بوت كانج شول وهو من بلدة الناصر ونائب قائد الجيش جابرييل دوب لام اعتقلا بينما وضع مسؤولون عسكريون كبار متحالفون مع مشار رهن الإقامة الجبرية , مضيفا “حتى الآن لم يقدم لنا أي سبب لاعتقال هؤلاء المسؤولين”.
وتابع قائلا ” إن قوات أمن انتشرت حول مقر إقامة مشار لكن نائب الرئيس تمكن من التوجه إلى مكتبه صباح يوم الأربعاء.
وفي أول تعليق من الحكومة منذ الاعتقالات، اتهم وزير الإعلام مايكل ماكوي القوات الموالية لمشار بالتعاون مع الجيش الأبيض ومهاجمة حامية عسكرية بالقرب من بلدة الناصر يوم الثلاثاء.
ولم يعلق ماكوي على الاعتقالات، لكنه قال إن كير تعهد بأن البلاد لن تعود إلى الحرب ، مضيفا في بيان “الحكومة تعكف على معالجة هذا الوضع ويجب على الناس ألا ينتابهم الذعر أو يستمعوا إلى شائعات غير واقعية وبلا أساس من الصحة ينشرها أعداء السلام والاستقرار .
وقال متحدث باسم المعارضة في جنوب السودان لبي بي سي إن اعتقال جنرال في الجيش من المعارضة الرئيسية يعد “انتهاكا خطيرا” لاتفاق السلام الذي أنهى حربا أهلية استمرت خمس سنوات.
قال بوك بوث بالوانج لبرنامج نيوزداي في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): “نحن نبذل قصارى جهدنا لتجنب أي تصعيد للوضع، ولكننا نحتاج إلى أن يظهر شركاؤنا في السلام الإرادة السياسية لضمان عدم عودة هذا البلد إلى الحرب مرة أخرى”.
روتو يدخل علي خط الأزمة
ودخل الرئيس الكيني وليام روتو الذي علي خط الأزمة في جنوب السودان فخطوة للمساعدة في حل المشكلة بصفته رئيسا لمجموعة شرق افريقيا .
وأكد الرئيس في بيان أصدرته الرئاسة الكينية أنه أجرى محادثات مع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبة رياك مشار للمساعدة في حل المأزق ، ووقف تصاعد الوضع الأمني في البلاد.
ووفقا لروتو، فقد ناشد الإثنين الدخول في حوار يهدف إلى تعزيز السلام في البلاد في أعقاب التوترات التي شهدتها البلاد يوم الأربعاء 5 مارس 2025، مع اعتقال وزير النفط والعديد من كبار المسؤولين العسكريين المتحالفين مع مشار.
و ناشد كلا الزعيمين الانخراط في حوار من أجل تعزيز السلام في البلاد في الوقت الذي تعمل فيه دول المنطقة نحو استقرار جنوب السودان بموجب الإطار الاستراتيجي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية.
وكشف روتو كذلك عن وجود مشاورات إقليمية بين القادة الأفارقة للمساعدة في تحديد أفضل مسار للمضي قدمًا في حل الأزمة السياسية في جنوب السودان.
اتفاق هش
ويقول الكاتب الصحفي والخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين ل ” أفرو نيوز 24 ” أن تطورات الاحداث في جنوب السودان خاصة في ولايه أعالي النيل في منطقه الناصر هي تطورات متسارعه وتثير المخاوف من أن قد تفضي بشكل أو بآخر إلى اندلاع حرب ومواجهات ومفتوحه بين قبيلتي الدينكا والنوير ، مشيرا إلي أن الاتفاق الذي تم توقيعه في الخرطوم في العام 2018 مازال اتفاق هش لم يتم تنفيذ الكثير من البنود المرتبطه بالترتيبات الأمنية واجراء انتخابات وتقاسم السلطه والثروه .
واستطرد قائلا ” لذا أعتقد أن ذلك بمثابه تهديد و تحدي حقيقي الآن الأوضاع في جنوب السودان قابلة للانفجار في أي من الاوقات ، معتبرا أن ذلك سيؤثر على امن واستقرار المنطقه لأن الأوضاع الاقتصاديه والسياسيه والأمنية هشه لأبعد الحدود رغم أنه قد تمت تفاهمات من أجل تمديد الفتره الانتقاليه إلا انه هنالك توجس ومخاوف بين الأطراف الفاعله من أن جنوب السودان يقوم على البعد الإثني والقبلي وهذه من الإشكالات الحقيقيه التي تهدد الأمن والسلم بشكل عام في المنطقة.
وجنوب السودان هي أحدث دولة في العالم، بعد انفصالها عن السودان في عام 2011. ولكن في العاصمة ٢٠١٣ بعد عامين فقط من الانفصال ، اندلعت حرب أهلية عندما أقال كير حكومته بالكامل واتهم رياك مشار بالتحريض على انقلاب فاشل.
وبعد خمس سنوات من الحرب التي أودت بحياة 400 ألف شخص وأجبار 2.5 مليون شخص على النزوح من منازلهم، تم التوصل إلى اتفاق سلام في عام 2018 .
اقرأ المزيد
مصر تعلن موقفها من محاولات تشکیل حكومة سودانية موازية