أسعار النحاس تقفز لتتجاوز 10 آلاف دولار للطن

لندن 21 مارس /أ ش أ/
قفزت أسعار النحاس في أسواق لندن للمعادن إلى أعلى مستوياتها منذ خمسة أشهر لتتجاوز 10 آلاف دولار للطن، حيث اشتعلت عمليات الشراء المحمومة مدفوعة بتصاعد الطلب وتهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية.
وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” إن عقود المعدن الأحمر لأجل ثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن في ختام تعاملات أمس تجاوزت عتبة الـ10 آلاف دولار، وهو مستوى لم تشهده السوق منذ أكتوبر الماضي.
وقام متداولون للنحاس في أسواق نيويورك بسداد علاوة قياسية على السعر المسجل في بورصة لندن، لكي يتمكنوا من شراء النحاس، في محاولة منهم لتأمين إمدادات كافية قبيل فرض رسوم جمركية أمريكية محتملة.
واتسع الفارق بين مؤشر التعاقدات الآجلة في “بورصة السلع في نيويورك” (كومكس) والسعر في “بورصة لندن للمعادن” إلى أزيد من 1254 دولار للطن خلال هذا الأسبوع، متجاوزاً بذلك أعلى نقطة بلغها في فبراير الماضي حين بلغت 1149 دولار، لتسجل رقما جديداً، وفق قاعدة بيانات شركة “ريفينتيف” الأمريكية البريطانية.
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر الشهر الماضي بإجراء تحقيق بشأن “تهديد الأمن القومي من واردات النحاس”، والتي قد ينتج عنه رسوم تفرض على المعدن. كانت تعريفات جمركية نسبتها 25 في المائة قد فرضت بالفعل على واردات الألومنيوم والصلب.
يقول المحلل في شركة “إس بي أنجل” الاستشارية، جون ميير “إن التجار اندفعوا لتسليم المعدن داخل اولايات المتحدة، لافتا إلى أن ذلك العامل ساهم في توسيع الفارق السعري بين السوقين.
ويدخل خام النحاس في العديد من الصناعات منها التكنولوجيا، والتشييد، والطاقة المتجددة.
وتتوقع المحللة في شركة “ستونيكس”، ناتالي سكوت-جراي، أنه في حال فرضت رسوم الـ25 في المائة على واردات النحاس، فإن الفجوة بين أسعار الولايات المتحدة ولندن قد تتسع إلى أكثر من 2000 دولار.
ويُخزن خام النحاس في مستودعات بورصة نيويورك للمعادن (كوميكس)، ويطلق عليه مخزونات “مسددة الرسوم”، أي أن جميع الضرائب والرسوم اللازمة قد سُددت قبل دخولها إلى منشآت التخزين، لذا فإن النحاس المتوافر في تلك المنشآت لن يتأثر بأي رسوم جمركية إضافية.
وقد ارتفعت محزونات النحاس في مستودعات بورصة “كومكس” الأمريكية للمعادن لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ فبراير 2019.
وفي الوقت نفسه، أخذ المعدن الأحمر في التدفق من شبكة المستودعات التي تديرها بورصة لندن للمعادن (إل إم إي).
ورغم أنه لا يتم الإفصاح عن المقصد الذي يتجه إليه المعدن لدى خروجه من “بورصة لندن للمعادن”، فإن بيانات التداول في الولايات المتحدة تشير إلى صعود في واردات النحاس إلى الولايات المتحدة، وفق تحليلات شركة “بي إم أو”، التي أشارت إلى أن واردات الولايات المتحدة من المعادن في يناير كانت “أكثر انتقائية وتركيزا على السلع قيد المخاطر مثل النحاس والألومنيوم”.
ويقول المحلل الاستراتيجي في شركة “ماريكس”، ألاستير مونرو، إن الأسعار المرتفعة في الولايات المتحدة التي تحفز تسليمات النحاس في الأسواق الأمريكية، والشحنات الخارجة من شبكة مستودعات “بورصة لندن للمعادن”، تسببتا في “تضييق” المعروض في الأسواق.
وقادت الهجمة للاستحواذ على المعادن الأساسية إلى حالة من التشويش في السوق، ما دفعت، على سبيل المثال، أسعار الألومنيوم والنحاس إلى الارتفاع في أنحاء الولايات المتحدة.
ويضيف ميير أن ارتفاع أسعار النحاس كان نتيجة للرسوم الجمركية و”النقص الجوهري والمتنامي في تركيزات النحاس” في سياق تصاعد الطلب.
أما مونرو فيرى أن ارتفاع أسعار النحاس جاء مدفوعاً بالزيادة المتوقعة للطلب على الخام في أعقاب الموافقة على خطة الإنفاق الألمانية الشاملة العسكرية وعلى البنية التحتية الأساسية، وتدابير التحفيز الصينية، وتنويع بعض المستثمرين لمحافظهم من الأسهم التكنولوجية الأمريكية إلى الذهب والمعادن الصناعية. وأضاف أن النحاس كان “يواجه ضغوط أزمة إمدادات وشيكة في العام المقبل وما شابه”.
وعلاوة على تهديدات الرسوم الجمركية، فإن النحاس يواجه، على نحو استثنائي رسوم تشغيل متدنية، وقد أثار ذلك مخاوف حول الآفاق المستقبلية طويلة الأجل لعدد من المصاهر، التي تحول الخام المستخرج من المناجم إلى معدن نهائي.
تقول الصحيفة إن الرسوم المتدنية لتشغيل النحاس جاءت نتيجة تخمة في المعروض من قدرات المصاهر: فمن جانبها شيدت الصين، بشكل سريع، أسطولها من المنشآت، التي تناضل مصاهر نحاس أخرى في العالم للتنافس معها.
وأعلنت شركة “جلينكور”، المتخصصة في الإتجار في السلع الأساسية، هذا الشهر، أنها سوف توقف عملياتها في مصهر النحاس التابع لها في الفلبين، وعزت ذلك إلى “الصعوبة المتزايدة لأوضاع السوق”، مع تدني رسوم المصاهر، التي تفرضها على عملية التشغيل والتجهيز للمعدن، وهبوطها إلى أقل مستوياتها على الإطلاق.”
إقرأ المزيد :