الدكتور مصطفى السنوسي يكتب:الصرف الصحي بقرى الوادي الجديد حلول غائبة وأمل يتجدد! “

تعتبر محافظة الوادي الجديد أكبر المحافظات المصرية من حيث المساحة، حيث تمتد على مساحة شاسعة تصل إلى حوالي 440 ألف كيلومتر مربع، مما يجعلها الأكبر في الجمهورية. وعلى الرغم من اتساع مساحتها، فإن الكثافة السكانية فيها منخفضة، حيث يعيش سكانها في قرى وواحات متناثرة مثل الخارجة والداخلة والفرافرة وبلاط. تتمتع المحافظة بثراء تاريخي وثقافي، لكنها تواجه تحديات كبيرة في مجال البنية التحتية، خاصة فيما يتعلق بخدمات الصرف الصحي.
تتمثل أبرز التحديات في اتساع المساحة وتباعد القرى، حيث تعاني قرى الوادي الجديد من التباعد الجغرافي الكبير، مما يجعل توصيل خدمات الصرف الصحي التقليدية مكلفًا ومعقدًا. كما أن إنشاء شبكات صرف صحي مركزية يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل الموارد المحدودة. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد المحافظة بشكل كبير على الدعم الحكومي والتمويل الخارجي، إلا أن الميزانيات المخصصة للتنمية غالبًا ما تكون غير كافية لتغطية احتياجات القرى النائية.
يضاف إلى ذلك طبيعة التربة الصحراوية والمناخ الجاف والتي تشكل تحديًا إضافيًا، حيث تتطلب أنظمة الصرف الصحي تصميمات خاصة تتلاءم مع هذه الظروف.
ولا يخفى أن غياب شبكات الصرف الصحي يؤدي إلى عواقب صحية وبيئية خطيرة تهدد حياة السكان وتعيق جهود التنمية. كانتشار الأمراض المعدية المتعلقة بالمياه.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثر غياب الصرف الصحي على البيئة المحيطة. فتسرب مياه الصرف غير المعالجة إلى التربة والمياه الجوفية يؤدي إلى تدهور جودة التربة وتلوث الموارد المائية، مما يؤثر سلباً على الزراعة، التي تعد أحد أهم مصادر الدخل في المحافظة. كما أن تراكم النفايات السائلة في المناطق المفتوحة يخلق بيئة مثالية لتكاثر الحشرات والقوارض، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض.
لذلك فتحسين البنية التحتية للصرف الصحي ليس فقط مسألة صحية، بل هو أيضاً خطوة أساسية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة في هذه المناطق النائية. بدون ذلك، ستستمر هذه القرى في مواجهة تحديات تعيق تقدمها وتعمق الفجوة بينها وبين المناطق الحضرية في مصر.
وفي مواجهة هذه التحديات، نقدم عددا من الحلول التي يمكن أن تسهم في دخول خدمات الصرف الصحي إلى بعض قرى الوادي الجديد التي لم يصلها الصرف الصحي كقرى غرب الموهوب وغيرها. من بين هذه الحلول الاعتماد على التقنيات الموفرة للتكلفة، مثل الحفر الامتصاصية المحسنة أو أنظمة الصرف الصحي البيئية، التي لا تتطلب بنية تحتية معقدة ويمكن تنفيذها بتكلفة أقل. كما يمكن تنفيذ المشاريع على مراحل، حيث يتم البدء بالمناطق الأكثر كثافة سكانية أو الأكثر عرضة للمخاطر الصحية، مع التوسع تدريجيًا حسب توفر الاعتمادات المالية.
كما يجب إشراك والتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية وكبار الخبراء والذي يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة، حيث يمكن تطوير حلول مبتكرة تناسب ظروف محافظة الوادي الجديد، ويعزز الاستدامة ويسهم في نجاح المشاريع على المدى الطويل.
وغني عن البيان أهمية استخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، لتشغيل مضخات الصرف الصحي فيقلل من تكاليف التشغيل. بالإضافة إلى ذلك، تصميم أنظمة صرف صحي تسمح بإعادة استخدام المياه المعالجة في الري أو الأغراض غير الشرب يمكن أن يوفر مصدرًا إضافيًا للمياه ويقلل من الهدر.
وبحث سبل التعاون بين القرى المجاورة في إنشاء أنظمة صرف صحي مشتركة يمكن أن يقلل من التكاليف على كل قرية، مما يجعل المشاريع أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.
وفي ظل القيادة الحكيمة لفخـامة السيد رئيس الجمهورية وبناء الجمهورية الجديدة وفق رؤية مصر 2030، يمكننا التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجهها قرى الوادي الجديد في مجال الصرف الصحي، والاستفادة من إمكانيات كبيرة لتحقيق تقدم في هذا المجال. من خلال الاعتماد على التقنيات المبتكرة، والتمويل المبتكر، والمشاركة المجتمعية.
إن دخول الصرف الصحي إلى هذه القرى ليس مجرد تحسين للبنية التحتية، بل هو خطوة نحو تحسين الصحة العامة ونوعية الحياة لسكان هذه المحافظة الهامة جدا والتي تعد زخر مصر في الأيام القادمة، مما يسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا للوادي الجديد، ولمصر.