سد جوليوس نيريري .. تنمية أفريقيا بسواعد مصرية

أوشك سد جوليوس نيريري الذي ينفذه تحالف شــركتى المقاولون العـرب / السويدي إلكتريك علي الانتهاء حيث تم انجاز أكثر من 99 % من الأعمال الإنشائية من السد الذي يتم تنفيذه على نهر روفيجى بدولة تنزانيا، بارتفاع نحو 131 مترا، وبتكلفة تقدر بنحو 3 مليارات دولار، حيث يعد أضخم من السد العالي , ومن المقرر أن يتم في شهر مايو المقبل الافتتاح الرسمي للسد في احتفالية ضخمة .
ووفقا لكثير من المراقبين يعد تنفيذ السد من جانب شركتي المقاولون العرب والسويدي إليكتريك معجزة هندسية بسواعد مصرية حيث نجح التحالف المصري في انجاز السد في أفل من 5 سنوات, كما يؤكد السد مبدأ الملكية الأفريقية للتعاون جنوب- جنوب وعلي قدرة الدول الافريقية الاستفادة من الخبرات المصرية في تحقيق التنمية .
يستهدف المشروع إنشاء سد بطول 1025 متراً عند القمة بارتفاع 131 متراً، وبه 7 مخارج للمياه، وتصل السعة التخزينية لبحيرة السد إلى ٣٤ مليار م3، كما يضم محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجا وات، وتقع المحطة على جانب نهر روفيجي فى محمية “سيلوس جام” بمنطقة “مورغورو” جنوب غرب مدينة دار السلام (العاصمة التجارية وأكبر مدن دولة تنزانيا).
ويضم مشروع (السد الرئيسى بالمشروع – محطة التوليد الكهرومائية وأعمال المأخذ، و3 أنفاق لمرور المياه اللازمة إلى مبنى التوربينات – محطة ربط للكهرباء – 4 سدود تكميلية لتكوين الخزان المائي – كوبرى خرسانى دائم على نهر روفيجى – إنشاء طرق دائمة لتسهيل الحركة وربط مكونات المشروع – المعسكر الدائم للعميل – تدبير الاحتياجات والمكونات الكهروميكانيكية للمشروع).
ويعد سد جوليوس نيريري رد مصري عملي علي أن مصر ليست ضد التنمية وإقامة المشروعات المائية في دول حوض النيل , حيث لم يتوقف الأمر علي تنفيذ السد التنزاني فقط حيث من المقرر أن تقوم مصر بتنفيذ عدد من مشروعات السدود في أوغندا والكونغو الديمقراطية , ومؤخرا قامت القاهرة بتدشين آلية جديدة للاستثمار في المشروعات المائية والتنموية بدول حوض النيل الجنوبي والتى تساهم مصر فيها وتعمل على حشد التمويل من المانحين الدوليين.
اهتمام حكومي مصري
ويحظي السد باهتمام كبير من جانب الحكومة المصرية حيث قام الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري علي هامش زيارته الأخيرة لتنزانيا بجولة ميدانية لتفقد مشروع سد “جوليوس نيريرى” التنزانى والذى يقوم تحالف شركتي “المقاولون العرب” و”السويدي إلكتريك” بتنفيذه، والتى يهدف اللى توفير احتياجات تنزانيا من الكهرباء، وذلك على ضوء التوجيهات الرئاسية بإيلاء أولوية قصوى بالانتهاء من تنفيذ المشروع.
وقد شارك في الزيارة عدد من المسئولين التنزانيين رفيعي المستوى وعدد من نواب البرلمان المصري والتنزاني ورؤساء شركتي التحالف المصري المُنفذ للمشروع، حيث تم تفقد تنفيذ أعمال البناء للسد والذى وصل إلى نحو ٩٩.٩٪ وتم تشغيل ثماني توربينات من أصل تسع بالمشروع.
وأكد الوزير عبد العاطى خلال الجولة التفقدية على أن ذلك المشروع يعد مثالاً يُحتذى به للتعاون بين شركاء حوض النيل ودول المنابع ودولتي المصب في مشروعات السدود الكهرومائية، موضحاً حرص مصر على دعم التنمية في حوض النيل.
العلاقات التعاونية

وتؤكد الدكتورة أماني الطويل مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبيرة فى الشئون الأفريقية علي أن الأداء المصري في موضوع سد تنزانيا ليس معزولا عن مجمل الاستراتيجيات المصرية بشكل عام في العلاقات الإقليميه , مشيره إلي أنه تاريخيا وخصوصا في الفتره الأخيرة مصر تنشد علاقات تعاونيه وليس علاقات صراعية وطرح على أديس أبابا حزمه من السياسات التعاونيى المشتركة بيننا وبين السودان مع إثيوبيا لكن تم رفضها .
وقالت الدكتورة أماني الطويل لـ ” أفرو نيوز 24 ” : إن سد جوليوس نيرير يجسد الإستراتيجيات المصرية في العلاقات التعاونية خصوصا في إفريقيا, مضيفه ” كما يجسد أن مصر ليست ضد التنميه أي دوله إفريقيه لكن إيضا مصر لها الحقوق في التنميه وليس فقط حقوق التنميه ولكن لها حق أصيل في الحياه لشعبها عبر نهر النيل .
وجددت الدكتورة أماني الطويل التأكيد علي أن تنفيذ سد جوليوس نيريري بسواعد مصرية ليس الأداء الأول في المعاونه أو المساعده في التحالف أو قيام التحالف المصري المقاولون العرب والسويدي إليكتريك في تنفيذ سد جوليوس نيريري لكنه يتوج مجموعة من العلاقات التعاونيه مع كل دول الأفريقيه , مشيره إلي تعاون مصر في مجال مكافحة الإرهاب مع دول غرب إفريقيا والتعاون في مجال الإعمار عن طريق شركه المقاولون العرب وغيرها من الشركات المصرية التي تقوم بتنفيذ مشروعات تنموية كبري في عدد كبير من الدول الأفريقية .
وقالت مستشارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية” كلها علاقات تعاونيه وكلها علاقات تنشد مصالح اقتصاديه متوازنه بين الأطراف .. لكن للأسف بيحصل تشويه للاداء المصري عبر اثيوبيا و ربما أيضا عبر أطراف أخرى .
وفي ردها علي سؤال حول كيفية مواجهة محاولات التشويه تلك , قالت الدكتورة أماني الطويل مستشارة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبيرة في الشؤون الإفريقية , : أن ذلك يتأتي عن طريق تكثيف المجهودات التنمويه في دول حوض النيل , مشيره إلي وجود تحدي رئيسي في هذا الشأن وهو ” التمويل ” , مضيفه ” لكن في نموذج سد يوليوس نيريري مصر نجحت في إيجاد صيغة تمويلية وبالتالي نحن في حاجة إلي تكثيف الجهود في هذا الشأن .
وأشارت الدكتورة أماني الطويل إلي الحاجة لإستخدام القوه الناعمة بأن يحدث تواصل بين المثقفين والإعلاميين والبرلمانيين في مصر والدول الإفريقية خاصة دول حوض النيل وأن يحدث تواصل شعبي مع هذه الدول .
نموذج مصري رائد في دعم التنمية في دول حوض النيل

ويقول رامي زهدي خبير الشؤون الإفريقية، مساعد رئيس حزب الوعي للشؤون الإفريقية، نائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات الإستراتيچية ورئيس وحدة دراسات إفريقيا , لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” إن سد جوليوس نيريري في تنزانيا يعد أحد أبرز المشاريع التنموية التي تعكس رؤية مصر في دعم التنمية في دول حوض النيل، وهو نموذج عملي واقعي وحقيقي يثبت أن القاهرة ليست ضد التنمية في إفريقيا، بل تسعى إلى تحقيقها عبر شراكات عادلة ومتوازنة تحقق مصالح الجميع. هذا المشروع الضخم، الذي تنفذه الشركات المصرية، يمثل محطة فارقة في التعاون المصري-الإفريقي، حيث يجسد مبدأ الشراكة لا الصراع، والتكامل لا التنافس، والتنمية المشتركة لا الاستحواذ.
وأضاف ” لطالما التزمت مصر بسياسات نزيهة وشريفة في تعاملها مع دول القارة الإفريقية، وخاصة دول حوض النيل، حيث تؤمن بأن نهضتها لا تكتمل إلا بنهضة محيطها الإفريقي. ومن هذا المنطلق، تبنّت مصر استراتيجية ترتكز على دعم التنمية المستدامة في إفريقيا، ليس فقط عبر المساعدات، بل من خلال مشروعات تنموية كبرى تساهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي للدول الإفريقية، وتعزز أمنها المائي والغذائي والطاقي، كان منها تحديداَ .
وأكد زهدي علي أن “سد جوليوس نيريري” و هو أحد النماذج التي تعكس هذه الرؤية المصرية، حيث لم تكتفِ مصر بتقديم الخبرات الفنية والهندسية، بل لعبت دورًا رئيسيًا في تنفيذ المشروع بأحدث المعايير العالمية، بما يضمن تحقيق أهدافه التنموية لصالح الشعب التنزاني، ويعزز من قدرة القارة الإفريقية على استغلال مواردها الطبيعية بشكل عادل ومستدام، حيث تؤمن مصر أن العلاقات بين دول القارة الإفريقية يجب أن تُبنى على أسس من الندية والتكافؤ، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الاستغلال أو فرض الهيمنة. ومن هذا المنطلق، تأتي مشاركة مصر في بناء سد جوليوس نيريري كدليل واضح على هذا النهج، حيث تم تنفيذ المشروع في إطار شراكة اقتصادية متوازنة تحقق المصالح المشتركة لكلا البلدين.
وأشار الدكتور رامي زهدي إلي أن سد جوليوس نيريري ليس المشروع الوحيد الذي يعكس دعم مصر للتنمية في دول حوض النيل، فهناك العديد من النماذج الأخرى التي تؤكد التزام مصر بتعزيز التنمية في هذه الدول، منها علي سبيل التدليل والمثال لاالحصر، مشاريع الطاقة مثل محطات توليد الكهرباء في أوغندا وجنوب السودان، والتي ساهمت في تحسين إمدادات الطاقة وزيادة معدلات التنمية الصناعية , ومشاريع الري والزراعة، حيث قدمت مصر الدعم الفني واللوجستي لمشاريع الري الحديث في السودان وكينيا ومعظم دول حوض النيل، مما ساعد في زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي والوقاية من الآفات , لافتا أيضا إلي مشاريع البنية التحتية، حيث أن مصر ساهمت في تطوير الطرق والموانئ والمطارات في عدد من دول القارة، مما عزز الترابط التجاري بين الدول الإفريقية، ولايمكن إغفال الدعم الطبي والتعليمي المصري، فقد أنشأت مصر مراكز طبية وتعليمية في العديد من دول حوض النيل والقرن الإفريقي ودول افريقية اخري عديدة، مثل مستشفى الصداقة في جيبوتي، والمركز المصري لعلاج أمراض العيون في تشاد، اضافة الي مراكز طبية مصرية متطورة في معظم عواصم دول حوض النيل وفي العديد من مدنها الكبيرة.
وقال رامي زهدي ” بالتالي فإن مشروع سد جوليوس نيريري هو نتاج تعاون استراتيجي بين مصر وتنزانيا ونتاج حقيقي لسعي جاد نحو العمل والتكامل، حيث تولى تنفيذ المشروع تحالف يضم شركتي “المقاولون العرب” و”السويدي إليكتريك” بتكلفة تقدر بـ 4 مليارات دولار، بهدف توليد 2115 ميجاوات من الكهرباء، مما يسهم في تلبية احتياجات تنزانيا من الطاقة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي بها.
مميزات المشروع
وفيما يتعلق بمميزات المشروع أوضح الدكتور رامي زهدي أنه رأس تلك المميزات استخدام أحدث التقنيات في بناء السد وفق المعايير الدولية، لضمان استدامة تشغيله وتحقيق أقصى فائدة للشعب التنزاني.، وتوفير فرص عمل واسعة حيث شارك في تنفيذ المشروع آلاف العمال والمهندسين التنزانيين، مما ساهم في نقل الخبرات وتعزيز القدرات المحلية.، وكذلك تعزيز الأمن المائي، حيث يساعد السد في تنظيم تدفقات المياه وتقليل مخاطر الفيضانات والجفاف.
وقال ” إن “سد جوليوس نيريري” يمثل بداية لموجة جديدة من التعاون اوسع واكثر شمولاَ مصرية افريقية في مجال البنية التحتية والطاقة , مؤكدا أنه من المتوقع أن تتكرر هذه النماذج في دول أخرى، خاصة مع تصاعد الطلب الإفريقي على المشروعات التنموية الكبرى وعلي التعاون مع الجانب المصري، فمصر لديها من الإمكانيات ما يؤهلها لتكون الشريك الأول لدول إفريقيا في تنفيذ مشروعات مماثلة، نظرًا لما تمتلكه من خبرات هندسية، وقدرات تمويلية، ورؤية استراتيجية قائمة على تعزيز التكامل القاري.
ونوه الدكتور رامي زهدي إليه أن من أبرز القطاعات التي يمكن أن تشهد تعاونًا مستقبليًا , مشاريع الطاقة المتجددة مثل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح , ومشاريع النقل والبنية التحتية لتعزيز الربط بين الدول الإفريقية وتحفيز التجارة البينية , مشاريع إدارة الموارد المائية لتحسين استخدام المياه وضمان استدامتها.
وشدد زهدي علي أن مصر ليست ضد التنمية بل شريك في تحقيقها، حيث يثبت سد جوليوس نيريري أن مصر ليست ضد أي مشروع تنموي في إفريقيا، بل على العكس، تسعى لأن تكون شريكًا أساسيًا في تحقيق التنمية في القارة. النهج المصري يقوم على التعاون والتكامل وليس الصراع، وعلى دعم المصالح المشتركة لدول حوض النيل، بما يحقق الاستقرار والرخاء للجميع.
واعتبر أن هذا النموذج يجب أن يكون محفزًا لتعزيز التعاون المصري-الإفريقي في المستقبل، حيث تمتلك القاهرة رؤية واضحة لدعم النهضة الإفريقية، قائمة على مبدأ “نمو إفريقيا هو نمو لمصر”، وهو ما سيظل ركيزة أساسية في السياسة المصرية تجاه القارة.
إقرأ المزيد :
وزير الخارجية المصري يتوجه إلى تنزانيا .. وعبد العاطي يتفقد سد جوليوس نيريري