جنوب السودان : الأوضاع إلي مزيد من التعقيد .. وبعثة ” حكماء إفريقية ” تزور جوبا للوساطة بين كير ومشار

تتجه الأوضاع في جنوب السودان إلي مزيد من التعقيد مما يزيد المخاوف من إنهيا اتفاق السلام الهش بعد توقيف النائب الأول لرئيس جبو السودان رياك مشار الأمر الذي يهدد بنشوب الحرب مجددا بين جناحي الحركة الشعبية لتحرير السودان , يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه الاتحاد الأفريقي عن أنه من المقرر أن يقوم رئيس المفوضية بإرسال لجنة حكماء الاتحاد الأفريقي إلى جوبا في إطار الجهود المبذولة لتهدئة الوضع .
ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها دخلت قرابة 20 مركبة مدججة بالسلاح مقر إقامة مشار في العاصمة جوبا في ساعة متقدّمة الأربعاء وقامت بتوقيفه، وفق بيان صادر عن أحد أعضاء حزبه، في تصعيد دراماتيكي للنزاع المتفاقم في أحدث دولة في العالم عقب انفصالها عن السودان في العام 2011.
وقال نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة أويت نتنائيل بييرينو إن عملية توقيف مشار “تشكّل خرقا للوعد وعدم احترام اتفاق وانعدام الإرادة السياسية لإحلال السلام والاستقرار في البلاد” , مضيفا ” أن بهذا التوقيف “بات اتفاق (2018) لاغيا فيما أصبحت احتمالات السلام والاستقرار في جنوب السودان معرضة للخطر”.
وصدرت إدانات دولية واسعة من بينها من الاتحاد الإفريقي الذي عبر عن “قلقه البالغ”، فيما حذرت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (أونميس) من أن البلاد على “حافة الانزلاق مجددا إلى نزاع واسع النطاق”.
قلق أفريقي
وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، عن قلقه البالغ إزاء التقارير المتعلقة باعتقال النائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان، الدكتور رياك مشار. ويؤكد الاتحاد الأفريقي على ضرورة تهدئة الوضع، والالتزام بروح ونص اتفاقية تسوية النزاع في جنوب السودان المُجدَّدة، التي تُمثل حجر الأساس لتحقيق السلام والاستقرار والمصالحة الوطنية المستدامة.
وحث الاتحاد الأفريقي جميع الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن أي أعمال من شأنها تفاقم التوترات، والانخراط في حوار بناء لحل أي قضايا عالقة بالطرق السلمية والقانونية. ويجب أن تظل سلامة شعب جنوب السودان على رأس الأولويات، ويجب توجيه جميع الجهود نحو ضمان بيئة مواتية للسلام والتنمية الدائمين.
وأعرب الاتحاد الأفريقي عن تضامنه مع شعب جنوب السودان، مؤكدا دعمه الثابت للتنفيذ الكامل وفي الوقت المناسب لاتفاق السلام. وفي هذا الصدد، يظل الاتحاد الأفريقي على استعداد للعمل بشكل وثيق مع حكومة جنوب السودان والشركاء الإقليميين والدوليين، بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD)، لتعزيز الاستقرار والحوكمة الشاملة في البلاد.
ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جميع الأطراف إلى تجديد التزامهم بمبادئ الحوار والتعاون واحترام حقوق الإنسان، باعتبارها ركائز أساسية لجنوب سودان ينعم بالسلام والازدهار. وكشف البيان عن أنه من المقرر أن يقوم رئيس المفوضية بإرسال لجنة حكماء الاتحاد الأفريقي إلى جوبا في إطار الجهود المبذولة لتهدئة الوضع.
قلق أممي
من جانبه قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك إن الأمين العام يتابع بقلق بالغ الوضع المقلق في جنوب السودان وإن بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان دعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتمسك باتفاق السلام المنشَط.
وفي مؤتمره الصحفي اليومي ذكر دوجاريك أن البعثة الأممية تنضم إلى شركاء السلام الإقليميين والدوليين الآخرين في الإعراب عن قلقها إزاء وضع رياك مشار النائب الأول لرئيس البلاد قيد الإقامة الجبرية.
وقال دوجاريك: “نحذر من أن هذا الإجراء يدفع البلاد خطوة أخرى نحو حافة الانهيار في حرب أهلية وتفكيك اتفاق السلام”.
وأفاد بأن بعثة حفظ السلام تحث مرة أخرى، الرئيس ونائبه الأول على حل المظالم، وإنهاء المواجهة العسكرية، والتمسك باتفاق السلام المنشط، والمضي قدما بالبلاد معا نحو المستقبل السلمي والديمقراطي الذي يستحقه شعبهما.
وأضاف: “سلطنا الضوء يوميا تقريبا على محنة شعب جنوب السودان ومعاناته، وينبغي أن يكون واضحا للجميع أن شعب جنوب السودان لا يستطيع تحمّل عواقب حرب أهلية أخرى”.
وذكَّر بأن 9.3 مليون إنسان في جنوب السودان يحتاجون بالفعل إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، حيث تُبقي الصراعات وتغير المناخ والأزمة الاقتصادية الكثيرين على حافة البقاء على قيد الحياة.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة إنه من الضروري أن يضع قادة البلاد مصلحة الشعب في المقام الأول.
بيان من 6 سفارات
وفي سياق متصل أعربت سفارات فرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبعثة الاتحاد الأوروبي عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بوضع النائب الأول لرئيس جنوب السودان ريك مشار قيد الإقامة الجبرية.
ودعت السفارات الست في بيان مشترك رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى التراجع عن هذا الإجراء ومنع المزيد من التصعيد , مشيرين إلى أن منصب النائب الأول للرئيس مشار في الحكومة مُحدد بموجب المادة 1.7.2 من اتفاقية السلام لعام 2018 (R-ARCSS).
كما دعو الرئيس كير وجميع القادة الذين لديهم سيطرة أو نفوذ على الجماعات المسلحة إلى إصدار أمر بوقف فوري لإطلاق النار , وقال البيان ” ونحن نؤكد لزعماء كافة الأطراف على الحاجة الملحة إلى الانخراط دون تأخير في حوار مباشر، وإظهار صدق تأكيداتهم بأنهم يعملون من أجل السلام.
إقرأ المزيد :
“اتفاق سلام هش واحتقان سياسي ” .. ماذا يحدث في جنوب السودان ؟