إعلان ” مبادئ واشنطن ” بين رواندا والكونغو .. هل بداية لدور أمريكي أكبر في حل قضايا القارة الأفريقية ؟

إعلان مبادئ وقعت عليه كلا من رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بوساطة أمريكية وفي حضور وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو , لاحترام سيادة كل منهما والتوصل إلى مسودة اتفاق سلام بحلول الثاني من مايو المقبل بين الدولتين الجارتين في وسط أفريقيا , الأمر الذي يفتح باب التكهنات والتوقعات بشأن ما إذا كان هذا الإتفاق قد يمثل بدايه حقيقية لوضع نهاية للحرب التي يشهدها إقليم شرق الكونغو ؟ .. كما يثير الاتفاق الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان هذا الاتفاق يمثل البدايه لإنخراط واشنطن في جهود محاولات حل عدد من المشكلات الأفريقية المعقده وعلي رأسها الأزمة في إقليم شرق الكونغو ؟ .
وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو كتب علي صفحته الرسمية علي موقع ” إكس ” يُمهد إعلان المبادئ الذي وقّعه وزيرا خارجية جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا اليوم في عاصمة بلادنا الطريقَ للسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة ، مضيفا ” وسيساعد هذا الإعلان على حماية مصالحنا الاستراتيجية في المعادن الحيوية لتنمية قطاعنا التكنولوجي وتحقيق السلام والاستقرار اللذين تشتد الحاجة إليهما في المنطقة.
خبراء في الشؤون الأفريقية اعتبروا لـ ” أفرو نيوز 24 ” لآن مشكلة شرق الكونغو الديمقراطية شائكة ومتشعبه, مشيرين في ذات الوقت إلي وجود تدخلات إقليمية ودولية زادت من تعقيد تلك المشكلة .
قضية شائكة

ويقول الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أن قضية الكونغو الديمقراطية قضية شائكة ومتشعية , منوها إلي أن التدخلات الدولية والمحلية والإقليمية زادت من تعقيد القضية .
وأوضح الدكتور جاكو أن مشكلة الكونغو مزمنة وتعود بداياتها إلي ستينيات القرن الماضي في عهد باتريس لوممبا المناضل الكونغولي الذي اغتالته المخابرات الغربية , وتنصيب بدلا عنه الجنرال موبوتو سيسيكو في السلطة , وقال” منذ ذلك الوقت المشكلة الكونغولية قائمة وأحياناً تتصاعد وأحياناً تهدأ ولا تزال مستمرة.
وتطرق الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية إلي الأطراف والعناصر الداخلية والخارجية والدولية التي زادت من تعقد المشكلة في شرق الكونغو , مشيرا إلي أنه على رأس التدخلات الخارجية الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها أطماع في الكونغو من ناحية الموارد الطبيعية خاصة المعادن النادرة وتنافس الصين في هذا الجانب .
ونوه الدكتور محمد شريف جاكو إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية فكانت لها علاقات بطريقة وأخري مع رواندا منذ جرائم الإبادة الجماعية بدافع الشعور بالذنب , لافتا إلي أنه في الآونة الأخيرة وبعد مجيئ ترامب للسلطة والأزمة بين واشنطن و جنوب أفريقيا وإعلان بريتوريا بمنع تصدير المواد النادره والمعادن الحيوية للشركات الأمريكية وكذلك كثره التقارير الأمريكية ضد كيجالي في رواندا على أساس انها تدعم حركه 23 مارس وتقارير عن حقوق الانسان والديمقراطيه ضد الرئيس بول كاجامي ولذلك حدث نوع من الفتور في العلاقات بين رواندا وبين الولايات المتحدة في الساحه الكونغوليه هذا من الجانب الدولي إلي جانب تدخلات من القوي الغربيه التي ليست بعيده عن المنطقه مثل فرنسا وبريطانيا وإن كان الدور الأمريكي أقوى – علي حد قوله .
وفيما يتعلق بالجانب الإقليمي , ذكر الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية أن هناك ثلاثه دول متورطه بطريقه أو بأخرى في أزمة شرق الكونغو او في الكونغو بصوره عامه , علي رأسها رواندا التي لديها علاقات معروفه مع حركه 23 حركة التمرد الرئيسية في شرق الكونغو , واوغندا التي تعلن أنها تحارب الجماعات المتطرفة المتواجدة في شرق الكونغو .
وقال جاكو ” هناك أهداف اقتصاديه أيضا لا أحد ينكرها .. وبورندي الدوله الصغيره في المنطقه وتريد أن تلعب دورا إقليميا وارسلت بعض القوات إلى الكونغو , كما أن هناك جماعات معارضه ضد بوروندي متواجدة أيضا في الكونغو .
وفيما يتعلق بالأسباب الداخلية لأزمة شرق الكونغو , أوضح الدكتور محمد شريف جاكو أن هناك مشكلات تاريخيه داخل الكونغو الديمقراطية تجعل منها إلى حد ما أشبه بالمشكله السودانيه
وقال ” أقول أشبه بمشكلة السودانية لأنه في السودان هناك أقاليم تشعر بالتهميش وعدم الاعتراف بانتمائهم للوطن , ففي الشرق مثلا يقال لهم إريتريين وفي الغرب يقال لهم تشاديين وفي الجنوب يقال لهم أوغنديين وهكذا .. وهذا هو سبب جذور المشكلة السودانية.
وأضاف : في الكونغو في الشرق تتواجد قبيلة التوتسي , بينما تعتقد الحكومة الكونغولية والمجتمع الكونغولي أن هؤلاء روانديين برغم أن هؤلاء الناس يعيشون في الكونغو منذ مئات السنين من قبل الاستعمار الذي جاء قسمهم بين الكونغو ورواندا , لكن الكونغوليين لا يعترفون بكونغولية هؤلاء الناس وهم معقل حركة إم 23 , أغلبهم ينتمون إلى قبيلة التوتسي التي أغلبيتها تعيش في رواندا , وهذا هو سبب المشكلة المحلية الأولى مع ضعف الحكومة الكونغولية في سيطرتها على كافة التراب الوطني منذ قيام دولة كابيلا الأولى والثانية هذه هي المشكلة الداخلية.
وقال الدكتور محمد شريف جاكو : ” خلاصة الموضوع كله ,سؤالك هل هذه المشكلة ستنتهي؟ أو بمعنى هل هذه الاتفاقية ستحقق السلام في الكونغو؟ , وهل الولايات المتحدة الأمريكية عادت مرة أخرى لتلعب دورها في أفريقيا؟ .. لا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية عادت مرة أخرى لتلعب دورها في أفريقيا , إنما لتحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية خاصة من حيث الموارد الأولية لأن الكونغو أشبه بجنوب أفريقيا من حيث المواد النادرة , مضيفا ” إحتياج الولايات المتحدة الأمريكية للمواد النادرة في الكونغو خاصة بعد مشكلتها مع جنوب أفريقيا سيكون شديد , وأمامها تنافس كبير جداً من الصين لأنها لديها شركات كثيرة في الكونغو هذه ناحية.
واعتبر الدكتور جاكو أن وجود الولايات المتحدة الأمريكية في الكونغو لا يعني عودتها لأفريقيا بصفة عامة وأن تلعب دورا في عموم أفريقيا , بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية .
وأعرب الدكتور محمد شريف جاكو عن اعتقاده بأن هذه الاتفاقية لن تحقق السلام في الكونغو إلا بشروط معينة , وقال ” طالما ليست هناك إرادة سياسية من داخل الكونغو بالدرجة الأولى وتوفير طمأنة أمنية لرواندا الدولة التي تشعر بوجود معادين لها في الكونغو خصوصاً بعد انهيار السلطة وقت جرائم الإبادة الجماعية وتواجد الجماعات التي قامت بإرتكاب أكبر جريمة ومذبحة في رواندا وكلهم مقاتلين والميليشيات في الكونغو وأيضاً شكلوا حركة معادية لحكومة رواندا , فوجود رواندا في شرق الكونغو أولاً بالنسبة لها من الدرجة الأولى للدفاع عن نفسها ضد هذه الجماعات , مضيفا ” ثانياً طمأنة الجماعات أو قبيلة أو جماعات التوتسي في شرق الكونغو التي تشعر بشيء من التهميش والظلم التاريخي.
ونوه إلي أن هناك أطماع اقتصادية لا أحد ينكر باعتبار أن شرق الكونغو فيها مواد كبيرة غنية بالمواد الأولية , لافتا إلي أن حركة إم 23 تقوم بتصدير هذه المواد عبر رواندا لتمويل عن أنشطتها , وقال ” وأيضاً رواندا مستفيدة من خلال هذه التجارة .
وأعاد الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية التأكيد علي أن عدم توفر إرادة محلية بمعنى حكومة الكونغو الديمقراطية تعترف بوطنية وكونغولية قبيلة التوتسي وإعطاء حقوقهم بالكامل في الحق والمساواة مع كافة الكونغوليين , وأيضاً طمأنة رواندا بأنه سيتم نزع أسلحة الجماعات المعادية لرواندا وبورندي وطرد الجماعات الإسلامية المتطرفية في شمال شرق الكونغو لطمأنة أوغندا دون تحقيق كل هذه الشروط من الصعب أن إتفاقية أو إتفاقيتين تحقق سلام عادل ودائم في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
محاولات حثيثة
واكد الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية والسودانية أن محاولات حثيثه تبذل من قبل عدد من الأطراف وعلي رأسها الاتحاد الأفريقي تحت رئاسه انجولا أ كذلك المبادره الأفريقية الآن برئاسه توجو فضلا عن المبادره القطريه لحل الأزمة في شرق الكونغو .
وأعرب تورشين عن اعتقاده ان التدخل الامريكي سيكون مدخل مهم جدا لاسيما فيما يتعلق بامتلاك الكونغو الديمقراطيه قدر وافر جدا من الثروات والامكانيات لا سيما الثروات المرتبطه بالموارد أو المواد المعدنيه المهمه جدا وكذلك الموارد الأرضية فائقه القيمه التي تدخل في كثير من الصناعات خاصة صناعه التكنولوجيا وغيرها , وقال ” لذا أعتقد أنها هي محاوله أو خطوه مهمه جدا الغرض منها أن أمريكا تسعي لتعزيز مكانتها ونفوذها وكذلك تعزيز تواجدها في القاره الافريقيه وبالأخص في دوله الكونغو .
إقرأ المزيد :
أول تعليق من مصر علي توقيع الكونغو الديمقراطية ورواندا إعلان مبادئ « واشنطن »