القناع الافريقي “African masks
بقلم : كرار كاطم عباس
كما عرف عن افريقيا وقبائلها, فهي قارة لها من العادات والتقاليد والاعراف العريقة ما لها, إذ هي تتمسك بهذه العادات والتقاليد عن طريق ممارستها بشكل مستمر.
وقد كان القناع الافريقي هو احد ابرز هذه الطقوس, فالقناع يرسم الخصائص والمميزات المعروفة بها مجتمعاتهم فتصنع وترسم حسب اهدافها الرمزية, كما يعد هذا الطقس (القناع الافريقي) نتاج ابداعي يقوم على اساس الارتباط الروحي بمقدساتهم ومعتقداتهم.
لذا فهو من الابداعات التي لا يمكن اعتبارها ساذجة, كما ان وجودها ليس لمجرد نزوة او التفاتة تهدف للمتعة و الترفيه, كما عرف على انه اعتقاد يقوم على اساس الاحاسيس والمشاعر والتعابير الصادقة المعبرة عن الانسان الافريقي[1].
وقد أكد بعض الباحثون بأن القناع الأفريقي ليس وليد اليوم ، إنما هو موجود منذ قديم الزمان ، أي منذ قرابة القرن الخامس او السادس قبل الميلاد ،
ففي ساحل العاج عثر على القناع الواقي من شرور السحر. وهو مصنوع من الخشب المطعم بالحديد والصدف والشعر الإنساني الطبيعي. وهو يعود إلى قبيلة (البانغو) التي تعيش في مناطق (السافانا), ما يُميّز هذا القناع هو الصمت الرهيب.
كما كشفت غاليري (باولو مورجي) السويسرية عن القناع الصارخ. فهو حسب ما تؤمن به إحدى قبائل (الماساي) يصدر اصواتاً مدوّية تجعل أكثر المخلوقات شراً تهرب لتموت خارج الغابة[2].
وفي (روتردام) بهولندا يمتلئ متحف الفن الافريقي بالمنحوتات والاقنعة. لكنه يكشف عن مجموعة 1909 التي عثر عليها عدد من الصيادين في رحلة (سفاري) على أطراف غابة عذراء.
وتمتاز هذه المجموعة من الاقنعة بالمزج بين الشكلين الحيواني والانسي. والاغرب انها كانت مرفوعة على رماح مشكوكة بأجساد الموتى التي تحوّلت إلى هياكل عظمية. فيما ترى الباحثة (باربارا جونسون) بان هذه الاقنعة هي الرؤوس المستخلصة من حالة الصراع بين الحياة والموت.
لأن هذا الصراع الذي ينتصر فيه الموت على ما يبدو. ليس موتاً. بل ولادة لشكل (طوطمي) جديد لا بدّ من إدراك أثره العميق على مسألتي الخصب والصيد.
فقد كانت هنالك مراتب تنازلية للأقنعة الافريقية حسب اهميتها واولوياتها, فمنها ما يستخدم في تمجيد ارواح الاموات من الاسلاف كأحد الطقوس الروحية الافريقية المهمة؛ وذلك تجسيداً لروح السلف التي تسكن القناع.
فقد كان باعتقادهم ان صناعة القناع ونسبته لروح احد اسلافهم سوف يؤدي الى استقرار روح السلف المقصود في القناع الذي نسب اليه, ومنها ما كان يستخدم في الاحتفالات الخاصة ببلوغ الصبية والفتيات والتحاقهم بركب البالغين من الرجال والنساء الذين يعدّون من ذوي الاهمية البالغة في اساس الترابط القبلي.
بالإضافة الى اقنعة احتفالات التطهير السابقة لمواسم الزراعة, زد على ذلك الاقنعة المصاحبة لمواسم الحصاد كنوع من الشكر, كما توجد هنالك اقنعة تتدنى اهميتها بسبب بعدها عن الارتباط الديني كطقوس اضافية.
لذا فان مجتمعات افريقيا التقليدية انتجت مجموعة غنية ومتنوعة من الاقنعة المختلفة والمتباينة من حيث الاشكال والصياغة الرمزية في صناعتها بسبب تعدد المناسبات الخاصة بهم.
ومما لا يعرف عنه الكثير بان سحر فنون افريقيا قد غير الفن المعاصر, على سبيل المثال فقد كشف معرض في جنوب افريقيا عن عمق تأثر بيكاسو بأفريقيا وفنونها التقليدية, حيث ان بيكاسو لم يذهب قط الى افريقيا, ولكن فنه وبعد اكثر من ثلاثة عقود من وفاته سافر الى قارة افريقيا التي كان لها الاثر العميق على اعماله .
كان (( بيكاسو وأفريقيا )) اوسع معرض لأعمال الفنان , فقد افتتح في قاعة ستاندارد بانك في جوهانسبرغ والذي انتقل الى المتحف الوطني لجنوب افريقيا في كيب تاون , والذي كان يضم اكثر من 80 لوحة من لوحاته ومنحوتاته المختارة من الاقنعة الافريقية وذلك الذي يبين تاثير القناع الافريقي في اعمال هذا الفنان الشهير.
وبالتالي فإن افريقيا تكتنز بالعادات والتقاليد وهذه التقاليد وإن انحسرت شيئا ما فإنها يمكن أن تكون ثروة تدر المال من خلال إقامة المعارض والمتاحف التي تسلط الضوء على عادات وتقاليد افريقيا القديمة فتصبح العادات سببا لزيادة الثروة.
أفرأ ايضا:-
« أفرو نيوز 24 » ينشر دراسة الدكتور محمد عز : الانثروبولوجيا وكتابات رواده حول الانسان الافريقى
تجاة الرقيق..80 مليون إفريقي أستعبدتهم أوروبا بمعاونة زعماء قبائل افارقة مات نصفهم في الطريق