آسيا العتروس تكتب : إدانة ثابتة و أدلة قاطعة ..العدل الدولية الدرس التالي
كما كان متوقعا رفض كيان الإحتلال الإتهامات التي رفعتها جنوب أفريقيا ضده بارتكاب جرائم إبادة ضد أهالي القطاع في غزة و في الضفة … و الأكيد أن من دأب على الهروب من المساءلة و المحاسبة و تحمل المسؤولية و من دأب على التمتع بالحصانة غير الشرعية للحليف الغربي لن يتخلى عن مكابرته و غطرسته ببساطة .
و لكن المتتبع لجلسة دفاع فريق الإحتلال أمس في قصر السلام بالعاصمة الهولندية ” لاهاي ” يمكن أن يدرك دون عناء للتوتر و الإحراج الواضع على ملامح الفريق الإسرائيلي الذي لجأ كعادته إلى التخفي في دور الضحية و المظلومية و رفع شعار حق الدفاع عن النفس ..بل أن محامي دولة الإحتلال الإسرائيلي، أمام محكمة العدل الدولية، البريطاني مالكوم شو، وقع في موقف محرج، بعد أن تلعثم ثم اكتشف أنه أضاع أحد أوراق القضية، وفي مُرافعته، قال شو في محاولة لايجاد مخرج ” إن محكمة العدل الدولية ليس لها اختصاص بموجب إتفاقية الإبادة الجماعية، لإصدار أمر لها بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة.”
و نكاد نجزم ان وزير عدل جنوب أفريقيا رونالد لامولا لم يجانب الصواب بما خلص إليه من أن فريق دفاع كيان الإحتلال اخفق في الرد على ما تقدم به فريق جنوب أفريقيا الذي تقدم بالدعوى ضد إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة .
و بين سلاسة و ثبات و قوة حجة أحفاد مانديلا و هم أساتذة و مراجع في القانون و ما قدموه للمحكمة من قرائن و شهادات و خرائط عن المقابر الجماعية والقنابل الفوسفورية و استهداف المدنيين في البيوت و المستشفيات و المدارس و المساجد و سيارات الإسعاف و مؤسسات الأمم المتحدة و من تسجيلات لمسؤولين إسرائيليين و دعوات و تحريض على تهجير و إبادة أهالي غزة بالنووي بدأ أمس الفريق الاسرائيلي تائها بل و غير مقتنع بما كان يردده أمام المحكمة رغم تجند ترسانة الإعلام الإسرائيلية و معها الإعلام الغربي في نقل و تغطية أطوار الجلسة التي سيكون من أبرز و اهم تداعياتها تكريس القناعة لدى الرأي العام الدولي بتورط هذا الكيان في جرائم إبادة جماعية في حق الشعب الفلسطيني بل و الأرجح أن ما حدث سيدفع إلى النبش في مختلف جرائم الإحتلال منذ أربعينيات القرن الماضي حتى اليوم و قد بدأت عديد المواقع تبحث في الوثائق المسجلة و تعيد إلى السطح أحداث ووقائع جرائم إبادة تورطت فيها عصابات الهاغانه و الشترن من قبية إلى دير ياسين وطنطورة و عيلبون و الأقصى و الخليل و غزة وصبرا و شاتيلا و الجولان وغيرها من الجرائم المنسية التي يكتشفها جزء مهم من الرأي العام الدولي لأول مرة .
جلسة الأمس في لاهاي و هي الثانية في جلسات العدل الدولية و كانت الكلمة فيها للمعتدي كانت ملامح الفشل واضحة على وجوه الفريق الإسرائيلي الذي ظل يردد خطاب مسؤولي إسرائيل من رئيس الوزراء إلى وزير الحرب والتي تراوح في حق اسرائيل في الدفاع عن النفس و التوقف عند السابع من اكتوبر و كأن الإحتلال و تاريخ الإحتلال بدأ مع عملية طوفان الأقصى .
مصيبة إسرائيل أنها ترفض أن ترى أن العالم يتغير وأنه لا ينظر إلى ما يحدث في غزة بمنظار أمريكي إسرائيلي و أن ما تقترفه آلة الإحتلال من جرائم منذ مائة يوم في قطاع غزة و في الضفة فاقت كل التصورات و أن اشلاء الأطفال و حجم الخراب و الدمار بات يفضح حكومة نتنياهو و عصابته و يدفع آجلا أو عاجلا إلى تحريك الضمائر الميتة و إعادة إحياء القانون الدولي الذي يظل ملجأ الضعفاء في مواجهة ظلم الأقوياء .
ربما لم ينتبه فريق دفاع كيان الإحتلال أنه في الوقت الذي كان يقدم مرافعاته المشوهة كانت مختلف وسائل الاعلام تنقل إستمرار القصف الدموي برا و بحرا على غزة و قتل المزيد من الأبرياء و المرضى و الجرحى و استهداف الصحفيين حتى لا يواصلوا نقل الحقائق للعالم ، ا حدث في غزة بالأمس فقط كفيل بملاحقة فريق مجرمي الحرب الإسرائيليين .
الأكيد أن محاكمة العدل الدولية سيكون لها تداعياتها على مصداقية إسرائيل لدى حلفاءها و الإضرار بمكانتها و علاقاتها و مصالحها و خلق رأي عام دولي مناهض لها، و ملاحقة مسؤوليها في الخارج و رفض تزويدها يالسلاح .
قد لا يكون ذلك غدا و لكنه قادم حتما و إلا فإنه انهيار ما بقي من العدل الدولية و المنظمات الأممية و التأسيس لقانون الغاب .
* آسيا العتروس .. كاتبة صحفية تونسية.
إقرأ المزيد :