فن وثقافة

“خونة الأنفس”

يواصل المؤلف موسي مُهَوس سرد أحداث روايته " خونة الأنفس"

 

زوجة العمدة بحالة هستيريا

ويفر سدود هاربا وفي أثناء هروبه

يقابل صديقه (عراب) -وهو رجل طويل ضخم الجسم طيب القلب-

فقال له: ما بك يا سدود؟ وظل يجري خلفه، وظهر رجل جري أمام سدود ويقول له اتبعني وتبعه سدود ومعه عراب.

وعندما نجا من خفر العمدة الذين يطاردونه قال للرجل: من انت؟ اه عرفتك انت من جئتني  لكي أقتل سلمان.

–        نعم انا ولكنك غشيم يا سدود؛ تريد أن تفعل كل شيء في بلد يعرفك الناس فيها وهذا لا يستقيم؛ أذهب الي قرية او بلاد بعيدة حتي لا يعرفك احد.

وبالفعل يغادر سدود بلادا وبلاد إلى أن يصل الي منطقة جبلية بين الاقصر وأسوان

ويستقر بها واستمر في نهج سابقه في غواية النساء، ولكنه لا يقرب الا البغايا ولا يغوي الشريفات حتي لا يضطر لقتلهن مثل سابقه سلمان وكان يقول طالما لا يوجد حب فالنساء تستوي.

و تعلم من خطأ سابقه، انه لا يختلط مع الناس حتي يحصل العلم، وظل يقرأ ويقرأ؛ الي ان وصل الي علوم شيطانية كبيرة، وكلما يرتقي في العلوم الشيطانية أكثر يعطيه شيطانه أكثر وأكثر. فأعطاه كتاب الاسحار الذي به يستطيع فك طلاسم أي مقبرة أثرية بل والسيطرة علي البشر.

وصل به الحال الي أن يصمم مغارة تفتح له وحدة وتقفل بأمرة بواسطة الكحل السحري. أصبح طوع أمره جنود من الجن.

كل هذا وصاحبه عراب يتابعه ولكنه لا يقرب الفاحشة ولا يعرف سر سدود ويصلي خلسة أخذ سدود كتاب الاسحار الكبرى وبه طلاسم المقابر الأثرية بل وخرائطها.

ويذهب سدود وعراب خلفه جاراً حمار سدود الذي يحمل خُرج كبير، وذهبوا بعيدا في الجبال ويقف سدود ويفتح كتابه ويتمتم بكلمات، ويخرج خريطة ويقيس المسافات علي الارض، ويأمر عراب أن يحفر قرابة المتر،

ويخرج ويتمتم مرة اخري وتفتح مقبرة مهولة ولكن يجد علي بابها مارد كبير!

ويقول له :اهلا بك يا سيدي سدود كل هذه المقبرة ملكك ولكن بشرط واحد هو ان يذبح إنسيًا علي بابها!

وينظر سدود الي عراب ….

– عراب انت بتبص كده ليه؟

ناوي عليه يا عم؟

انت ناوى تدبحني ولا ايه؟

يضحك سدود

– انه يقول يريد ذبح انسان؛ انسان مش ذبح ثور!

-ثور ثور بس أعيش.

– اسمع  يا عراب

انت ليك في النسوان؟

–    لا

–   طب ليك في الخمرة؟

–        لا ..

–        طب عايز تعيش ليه؟ الي  قدام أحسنلك من الدنيا ههههههههه

–        لا ياعم انا ليس لي دخل انا عايز اعيش

-طب عايزين حل يا عراب؟

تسود فترة صمت وسدود واقفاً يلتفت ناحية الجبل ويفكر وينادي علي عراب ويخرج ريشة من جيبه؛ ويكحل عراب ويقول له انزل أقرب بلد وقف علي الطريق اول ما تشوف اي امرأة قادمة كلمها واسألها عن اي حاجة وسيبها وارجع علي طول.

بالفعل يذهب عراب ويفعل مثلما قيل له ويفاجأ ببنت جميلة تتبعه! ووقع عراب في غرامها ووصل بها الي سدود الذي أمسك بها.وقف عراب مستغربا وقال: ماذا ستفعل؟ فلم يُجِبه سدود وطعن المرأة علي باب  المقبرة فأرداها قتيلة!

وظهر المارد خادم المقبرة  وقال انا عبدك وطوع امرك …انا لم أكن خادم مقبرة ولكني أردت أن أعيدك الي حظيرتنا فكل الأمور لها حل الا ان تقع في القتل الحرام! هاهاهاها              سدود يندم قليلا ولكن أمام بريق الذهب والآثار يفرح ويُحمل حِماره بالذهب. ويظل عراب يبكي محبوبته التي عشقها من اول نظرة وتركه سدود وذهب وافاق عراب من حزنه يذهب خلفه … يدخل سدود مغارته وظل يهون علي عراب الصامت الحزين ويقول له: لا تحزن علي احد ياصديقي من حزن علينا يا صديقي قبل ذلك حتي نحزن عليه؟ نحن سنفعل مالم يفعله احد سنسيطر علي العالم؛ نساء ؛جواري؛عبيد؛ أموال؛ ذهب سنكون من يحكم علي الكل، نَم يا رفيقي…..فالنوم راحة لكل خالي البال. نم خالي البال ولا تفكر في أحد فنحن لم يفكر بنا أحد.                         فيغطي عراب وجهه ويظل يرتجف حتي الصباح.                                وفي الصباح عراب مازال حزينا يفكر ماذا يحدث؟ الي اين انا ذاهب؟ لماذا أتت المرأة خلفي؟ لماذا هي دون غيرها؟  كيف احببتها؟ من اول نظرة؟ لماذا قتل حبي دون رحمة ؟ وافاق من شرود فكره علي كلمات سدود: هيا يا عراب لابد أن نذهب                                          – نذهب الي اين؟                              – مجهز للك مفاجاة…

–        عراب يجلس مكتفا يديه ورجليه واضعا رأسه بين رجليه، بينما سدود يخرج من الحمام واضعا منشفته علي رأسه المبلل قائلا:خلاص ياعراب لم تكن سوي  خمس دقائق التي رأيت تلك المرأة  فيها عموما انا سأعوضك عنها بألف واحدة.

ينظر عراب مستغربا ويشيح بوجه للناحية الأخري مستغربا قائلا في نفسه

ماهذا الرجل؟ ألا يوجد في قلبه حب او رحمة؟ انه وحش؟ لا الوحوش قلوبها بها رحمة لا تقتل إلا لجوع، لكن هذا قتلها بلا سببب.  يخرج سدود علي صوت احد ينادي  عليه

بينما يظل عراب علي نفس جلسته ولكن يغالب دموعه فمرارة الحب من أول نظرة والفراق في ذات اللقاء لا تحتمل فلوعة الحب تحتاج الي وقت ليستعيد الانسان نفسه فما بالك بأن يتبعها قسوة الفراق!

يشرع سدود في بناء منزل كبير أو لنقل ساحة، ويجلس سدود مستقبلا الضيوف من اهل القرية، ليبدأ رحلة جديدة من الشر ولكن هذه المرة خلاصة الشر     بل هو  السم في العسل الذي يصعب كشفه.

وصل سدود من كفره واتباعه للشيطان موصل لا يصدق، لدرجة انه أصبح يُسخِرالعشرات منهم بل ومن قادتهم.

عراب تناسي ألمه وعاد ضاحكا ظاهريا مكسور الخاطر لا ينسي حلاوة وقسوة النظرة الاولي والاخيرة.       وعاد تابعا لسدود وان كان القلب تغير من ناحيته

يستقبل سدود عمدة القرية وهو رجل غني ولكن في نهاية غناه فهو كريم بإسراف؛ محبوبا من الناس، ولكنه مُحبا للنساء، وقد يواعد ضعيفات النفوس منهن، ولا يعلم احد بفعله هذا.           يستقبله سدود إستقبال يليق بكبير البلد ومن معه ويتجاذبوا اطراف الحديث، ويسأل العمدة سدود عن مهنته وعن بلده فيجيب سدود: بلدي التي منها زوجتي وبما اني لست متزوج فكل البلاد بلدي -يضحك الجميع- ومهنتي هي ..وينظر سدود نظرة مخيفة لعيون العمدة تجعل العمدة يرتجف ويكمل مهنتي: كشف خبايا النفوس ومستقبلهم وتحقيق امانيهم ثم يهمس للعمدة(أمونة) حلوة ونغشة بس معفنة مبتستحماش!!! يُذهل العمدة ويهب واقفا، والناس مشغولين بالاحاديث الجانبية فلم يلاحظ أحد، فيجذبه سدود ويقول له عيب عمدة البلد يعمل كدا مع خدامة بعد مع كان يروح للهوانم        فلوسك خلصت انا موجود.

العمدة فمه مفتوح ولا يقدر علي الكلام نهائيا من هول المفاجأة

ولا يقطع الموقف الا صوت عراب: العشاء جاهز يا سيدنا.

بعد العشاء والسَمر يغادر الجميع المنزل وبينما العمدة اخر المغادرين يسلم علي سدود فيهمس سدود لنا لقاء يا عمدة والغدا عندك بكرة بس انا وأنت وحدنا. يهز العمدة رأسه موافقا في ذهول .

يحضر سدود لبيت العمدة وهنا يسأل العمدة عن كل ما قال سدود:ومن اخبرك؟ لابد انها أمونة وكيف يتجسس عليه؟                    وهنا يصرخ سدود في وجهه  صرخة تجعله يرتعد: أصمت … هل أمونة هي من اخبرتني عن زوجتك التي رفضت ان تلبيك الا ان تأتي لها بخاتم ذهب؟       ام أخبرتني انك نمت الليلة الماضية في الصالة؟ مش عيب عمدة يخاف من مراته؟

انا قلتلك أنا أعرف كل شيء وفي أي وقت العمدة مذهول لا يستطيع الحديث

المهم الكنز الي عندك وجبتله  سبعة مشايخ ولا نتيجة،انا  سأخرجه لك  بشرط  سنقسمه علي أربعة أنا والساحة سنأخذ ثلاثة ارباع وانت الربع.           – الربع؟ الربع ازاي؟                     – ان كان عاجبك                                                           – العمدة مطأطأ الراس عاجبني

وبالفعل يذهبوا ليلا ويستخرجوا الكنز بسهولة فهوممسكا بكتابه وخارطته وعراب والعمدة يحفرون حفرة بسيطة وتنتهي القصة ..

أصبح العمدة تابعا لسدود او العارف بالله سدود كما كان يسميها!

وبعد طول وقت من الغي والضلال وبينما سدود نائما ويأتيه شيطانه الأكبر: أنت ولدي حقا؛ ولكن لنتفق اتفاقات جديدة                                        –  سدود انا موافق يا ابي فدائما انا طوع امرك                                                  -انا أكره الأسرة المستمرة، أكره الزواج، أكره الاستقامة، أكره النجاح، أكره الاخوة الصادقة بين البشر، وانت تحب المال والشهرة والصيت والنساء         – فلك ما تريد وعليك ما أريد              –  سدود مجيبا أن لا أفهم قصدك .         – عليك أن تفسد علي الناس حياتهم؛ عليك أن تفرق ولا تجمع تفسد النساء والشباب تفسد عليهم دينهم وانا وجنودي طوع امرك.                                  – سمعا وطاعة يا ابي سمعا وطاعة.

يستيقظ سدود مفزوعا ليجد عراب عند رأسه واقفا يطيل النظر اليه ويعود بعد أن يري سدود استيقظ فينتاب سدود بعض الخوف من عراب.

يتوافد الناس علي ساحة الشيخ سدود الرجل المبروك، ما بين مصدق وبين متشكك، فيقرر سدود أن يطيع الجميع له وقطع الطريق علي المتشككين.                               فيجلس مع الناس ويكرم هذا ويداعب هذا وفجأة يجد رجلا صامتا فسأله مالك يا واد ساكت ليه؟                          فيقول الرجل رجال العمدة منعوني أن يسقي أرضى ليلة امس

فينتفض سدود: ظلم وانا موجود؟      عراب عراب يا واد ياعراب             – نعم ياسيدنا                                 – احضر لي حماري                        –  حاضر ….يأتي عراب ممسكا بالحمار فيقول له اتركه ياعراب

–        اسمع يا معلوف(اسم حماره) روح هاتلي العمدة حالا! فيستدير الحمار ويخرج من الباب ويغيب عن الانظار والجميع في ذهول لا يقطعه ذهولهم وترقبهم الا صوت سدود: ظلم في مكان انا فيه لا يكون

دقائق من الصمت يقطعها صوت العمدة راكبا علي حمار الشيخ سدود ويقف الجميع مذهولين -وهم لا يدرون ان سدود سخر احد اتباعه من الجن ليجر الحمار الي منزل العمدة-

–        السلام عليكم يا جماعة ….خير ياشيخ سدود…لقيت حمارك داخل عليا البيت ورفض أن يتعتع خطوة.فركبت عليه لقيته جايبني هنا؟

–        انا بعتهولك يا عمدة

–        انت بعته؟ لا اله الا الله ازاي ده؟

–        خلينا في المهم ازاي يا عمدة رجالتك ياخدو نوبة الراجل الغلبان ده في سقي الأرض؟

–        العمدة والله يا سيدنا ما اعرف عندي دي يا سيدنا.

–        تاخد الرجل ده وتعطيه نوبته لحد ما يخلص؛ ومن النهاردة أنا ملجأ كل مظلوم الي معاه مشكلة أو أي حاجة راجل او ست كبير صغير في حمايتي…

تتعالي صيحات التكبير ربنا يخليك لينا سيدنا ومن هنا بدأت رحلة سدود في تنفيذ وصية اباه الشيطان الاعظم فتوافد عليه الناس ضعاف النفوس وجمع حوله مجموعة من قطاعي الطريق والحرامية والمفسدين بحجة انه هداهم الي الطريق المستقيم.

يستمر سدود في إستقبال أهالي  الفتيات الراغبات في الزواج ؛ وفي احدي الايام استقبل شيخ البلد وابنته الجميلة التي لم تتزوج ومعها امها

ويفتن سدود بجمالها.

ويدور بينه وبين أهلها حوار طويل ينتهي بأن البنت معمول لها سحر علي نجاسة؛ ولا يمكن أن ينحل هذا السحرإلا اذا فقدت الفتاة عذريتها!

ويصيح شيخ البلد: مش ممكن ابدا

تموت كدا ولا تجيبلي العار

ولكن بعد تدخل الأم التي تقول له             -الشيخ  ده راجل مبروك ولا يمكن يكشف السر ده ابدا وأكيد سيجوزها ولا حد سيعرف حاجة.

ويومأ سدود برأسه انه سيفعل اوامام إلحاح الأم وتهديد سدود  يوافق بشرط انه لا يكون بوجوده يضحك سدود ضحكة خبيثة ويقول: إن ذلك سيتم دون وجودك أو وجودي أو وجود أحد أساسا

يتعجب الاب والام وينظرون الي بعضهم البعض في صمت حزين.

في الميعاد المحدد تحضر البنت وامها وتدخل الخلوة الخاصة بالشيخ سدود  وحيدة ويجلس سدود مع الأم ويتمتم ببعض الكلمات، وفجأة يستأذن من الأم ليدخل البيت حتي تنتهي مرحلة فك السحر ويقول لها ان تنادي عليه بعد أن تخرج البنت.

يدخل سدود من الباب الخلفي السري للخلوة وينال غرضه الدنيئ بعد ان أوهم انه الجني في صورة الشيخ سدود ولا تتكلم حتى لايفسد الموضوع.            بعد أيام قلائل يأتي شاب  ليخطب البنت! كان هذا الشاب  قد اتي من قبل لسدود يريد الزواج ولكن أموره تتعقد ولا يعرف ما به فكل الأمور معقدة ولا يجد فتاه تقبل به.

سدود اقنع الشاب انه مسحور وانه سيفك له السحر وانه بحث له عن زوجة في البر والبحر لم يجد الا فتاة واحدة ولكنها غير ظاهرة معه في الصورة فيجب حتي ان تظهر له الصورة أن يثبت طاعته للشيخ؛ الشاب يصغي لسدود ويوافق علي طاعته، يهمس سدود للشاب بكلمات،                        ويهز الشاب رأسه ويذهب.

يعود الشاب في اليوم التالي ويقابله سدود مبتسما:ماذا فعلت؟

–        فعلت مثل ما قلت لي يا شيخ فقد ذهبت قبل الفجر وغطيت جسمي بالطين ونزلت الترعة واغتسلت

–         لكنك لم تخلع سروالك صح؟

–        فعلا  يا شيخ

–        ضيعت نفسك ….المهم صورة العروسة ظهرتلي من لحظتها لكن للأسف بسبب عملتك السوداء وعدم اطاعة أمري كاملا ظهر أمامي انك ستتجوزها وانت أعمي!!

–        أعمي ازاي يا عم الشبخ؟ انا اظل بدون زواج أفضل

–        أصمت يقولها بحدة تجعل الشاب يخاف ويرتعد…

–        انتظر هنا ولا تتكلم

يدخل سدود خلوتة ثم يعود بعد قليل وينظر الي الشاب ويبتسم                – انت أمك دعيالك انا أتشفعتلك وحتدخل عليها معصوب العينين  ومربوطين بشاش أسود لو فكرت تفكه للصبح حتلاقي نفسك أعمي

ويقبل الشاب ويشكر الشيخ ويتقدم لخطبة بنت شيخ البلد ويتزوج  معصوب العينين  وكانا واهليهم الطعم الذي جمع به النساء حوله . وأصبح مكانه مقصد للبغاة الذين يأتون خلسه في جوف الليل ليفسدوا علي الآمنين حياتهم

إقرأ أيضا

خونة الأنفس

“خونة الأنفس”


 

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »