أخبار عاجلةالسودان

« أفرو نيوز 24 » تقدم قراءة لزيارة ” البرهان” و ” حميدتي ” لتشاد

ما أسباب القيام بزيارتين منفصلتين تفصلهما ساعات في هذا التوقيت .. مغزى التوقيت وحتمية سفر رئيس مجلس السيادة ونائبة لانجمينا

 

القاهرة: صباح موسى

وسط الأزمة السياسية المعقدة داخل السودان، شهدت الساعات القليلة الماضية ، زيارتين منفصلتين لرئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان (الأحد) إلى انجمينا، وبعدها بساعات قليلة كانت زيارة لنائبه الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أيضا للعاصمة التشادية، فما هو المغزى لهاتين الزيارتين المنفصلتين في هذا التوقيت، فهل الآمر يتعلق بالأحوال الداخلية الغير مستقرة بالبلدين، أم يتعلق بمشاكل حدودية بين السودان وتشاد، وهل الأمر خطير لهذا الحد بأن يقوم رئيسي الدولة في السودان بهاتين الزيارتين وفي هذا التوقيت؟

(أفرو نيوز24) تعرض في التقرير التالي أسباب وأهداف ومغزى الزيارتين، ولماذا جاءتا منفصلتين وبعد ساعات قليلة، ألم تكن زيارة البرهان كافية، أم كانت هنالك حتمية لزيارة سريعة بعدها لحميدتي؟

زيارة البرهان

FB IMG 1674994467212 « أفرو نيوز 24 » تقدم قراءة لزيارة " البرهان" و " حميدتي " لتشاد

بداية عقد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان (الأحد) مع الفريق محمد إدريس ديبي بإنجمينا، قمة ثنائية تطرقت لمسيرة العلاقات الأزلية والتأريخية التي تربط بين الشعبين، وتناولت القمة آفاق التعاون المشترك بين البلدين وسبل تعزيزه وتطويره، بما يخدم مصالح الشعبين السوداني والتشادي، بجانب قضايا الحدود المشتركة بين البلدين والقضايا ذات الإهتمام المشترك في المحافل الإقليمية والدولية.

وأعرب رئيس الفترة الإنتقالية بجمهورية تشاد عن شكره وتقديره لرئيس المجلس السيادي على تلبيته للدعوة لزيارة تشاد مشيرا إلى العلاقات الوطيدة التي تربط إنجمينا بالخرطوم.

تعاون استخباراتي

واتفق السودان وتشاد، على التعاون الاستخباراتي فيما بينهما لمواجهة التحديات الأمنية التي تزداد وتيرتها في المنطقة الحدودية.

وقال بيان مشترك صادر عن الجانبين ” إنهما أكدا على ضرورة عقد اللجنة الوزارية المشتركة لاجتماعاتها، بهدف إعادة تفعيل كافة الاتفاقيات والآليات المشتركة، على المستويات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والفنية والاجتماعية والثقافية، وأعرب الطرفان عن قلقهما من تكاثر النزاعات بين المجتمعات، وشددا على الضرورة الملحة لتعزيز القدرة العملياتية للقوة التشادية السودانية المشتركة، لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة الحدودية للبلدين، من خلال إقامة علاقات مباشرة ومستمرة بين الجهات المختلفة المعنية -وفق البيان-.

كما أشار البيان إلى أن البرهان وديبي ركزا بشكل خاص على تبادل المعلومات والاستخبارات بين أجهزة الأمن في البلدين وكذلك التعاون القضائي، كما اتفقا على ضرورة اتخاذ إجراءات قوية ومتسقة لاحتواء الهجرة غير النظامية وتهريب الأسلحة.

وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، أعرب البرهان وديبي عن قلقهما من خطر الوضع الأمني لهذا البلد على دول الجوار، وأعربا عن قلقهما من استمرار الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل وانتشارها في القارة.

زيارة حميدتي

FB IMG 1675111838721 « أفرو نيوز 24 » تقدم قراءة لزيارة " البرهان" و " حميدتي " لتشاد

بعد ساعات من زيارة البرهان قام حميدتي إلى تشاد، في زيارة رسمية، تلبية لدعوة رسمية من رئيس الفترة الانتقالية، الفريق محمد إدريس ديبي، يرافقه السفير عبد العزيز حسن صالح، مدير إدارة دول الجوار بوزارة الخارجية السودانية، واللواء ركن عباس حسن محمد بخيت، مدير هيئة المخابرات الخارجية بجهاز المخابرات العامة، وتأتي حميدتي والوفد المرافق، لبحث العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين، وعقد الطرفان (الاثنين) مباحثات تناولت الملفات الأمنية والسياسية، وقضايا الحدود والإرهاب، وتناول اللقاء مسيرة العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة، الى جانب القضايا والملفات الاقليمية والدولية فضلًا عن الملفات الامنية وتطورات الاوضاع في المنطقة، وأعرب رئيس ديبي عن شكره وامتنانه لتلبية حميدتي الدعوة بزيارة تشاد، مؤكداً عمق العلاقات بين البلدين وضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بينهما، في المجالات كافة بما يحقق مصلحة الشعبين.

من جانبه أشاد حميدتي بالجهود التي بذلتها حكومة الفترة الانتقالية بجمهورية تشاد، عبر الحوار الوطني، مما اسهم في تحقيق الإستقرار واستدامة السلام ، مؤكداً دعم السودان لكافة المساعي التي تحقق الاستقرار، وقدم حميدتي شرحاً مفصلاً حول التطورات السياسية الراهنة في السودان، والجهود المبذولة للتوصل لمعالجة الأزمة من خلال الإتفاق الاطاري الذي تم توقيعه في ديسمبر الماضي، مشيراً الى أهمية التنسيق والتعاون في كافة المحافل الاقليمية والدولية بما يحقق الاستقرار في البلدين والمنطقة.

توترات حدودية

FB IMG 1675111831293 « أفرو نيوز 24 » تقدم قراءة لزيارة " البرهان" و " حميدتي " لتشاد

وكانت قد شهدت الحدود السودانية التشادية، توترات أمنية خلال الفترة الماضية، حيث قتل في أغسطس الماضي، 18 سودانيًا من قبل مليشيات عابرة للحدود قادمة من دولة تشاد، كما شهدت الحدود المشتركة بين السودان، وتشاد، وأفريقيا الوسطى توترات مشابهة، حيث كشف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في الرابع من الشهر الجاري، عن إحباط محاولة انقلاب على نظام الحكم في (بانغي) من داخل الأراضي السودانية، معلنا عن إغلاق الحدود بوساطة قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع.

والملاحظ في البيان الرسمي للزيارتين كان التركيز على قضايا الحدود والتعاون الاستخباراتي بينهما، وذلك لكثرة النزاعات بين المجتمعات، وشدد الطرفين على الضرورة الملحة لتعزيز القدرة العملياتية للقوة التشادية السودانية المشتركة، لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة الحدودية للبلدين، من خلال إقامة علاقات مباشرة ومستمرة بين الجهات المختلفة المعنية. فما هي المشاكل التي تواجه الحدود بين البلدين في هذا التوقيت؟

انقلاب إفريقيا الوسطى

يبدو أن تصريحات حميدتي بدايات هذا الشهر بأن قوات الدعم السريع اجهضت انقلابا في دولة إفريقيا الوسطى لقوات كانت ستنطلق من دارفور لم تكن بعيدة عن السبب الرئيسي للزيارة، وذلك وفق ما أكدته المعلومات الواردة من انجمينا لـ (أفرونيوز24)، كما كشفت ذات المعلومات أن حكومة أفريقيا الوسطى المدعومة من روسيا، لا تريدها فرنسا وتريد الانقلاب عليها، ومن المعلوم أن تشاد أصبحت من دول قليلة في المنطقة مازالت تدين بالولاء لفرنسا، لكن انجمينا التي تشهد مرحلة إنتقالية غير مستقرة هي الأخرى، لم يكن بمقدروها انطلاق هذه العملية من أراضيها، فكان إختيار دارفور لتكون أرضا لهذا التحرك، وبالفعل تم التخطيط للإنقلاب على حكومة إفريقيا الوسطى المدعومة من روسيا والمحروسة بقوات فاغنر الروسية، بقوة قوامها قرابة الـ (10) آلاف جندي بقيادة مصطفى صابون، واللواء معاش أحمد عبد الرحيم شكرت الله، والذي كان أبرز الضباط الذين أسسوا قوات حرس الحدود بالسودان، إلا أن حميدتي وقواته استطاع اجهاض العملية، وقرر غلق الحدود مع أفريقيا الوسطى وتشاد أيضا، ويرجع الخبراء هذا الموقف لحميدتي لميله لروسيا على حساب أمريكا والغرب.

ثلاث فضايا

وترجع المعلومات الواردة من انجمينا أن الزيارتين للبرهان وحميدتي كانت لمناقشة ثلاث قضايا مهمة، فيها سببين يخصا حميدتي، الأول بخصوص المحاولة الإنقلابية الفاشلة في إفريقيا الوسطى، والثاني أن باريس أرادت مقابلة الرجل في تشاد وليس السودان، ففرنسا التي كانت تريد أن تعتمد على انجمينا لتغيير النظام في إفريقيا الوسطى، حذرتها روسيا بأن أي طلقة تخرج من تشاد ستحرك قوات فاغنر، وحالت المشاكل الداخلية في تشاد لإتمام العملية، وكشفت مصادر لـ (أفرونيوز24) أنه طلب من حميدتي فتح الحدود السودانية التشادية، وتفعيل عمل القوات المشتركة بين البلدين لضبط الحدود، والتي لم تعد بذات القوة السابقة، مما أدى لتوترات على الحدود، ويبدو أن هذه القوات لم تعد بالقوة التي كانت تواجه بها التمرد من قبل، بعدما تم توقيع السلام بين حركات مسلحة في دارفور والحكومة الإنتقالية في السودان، وباتت الحدود مرتعا للنهب والسرقة والتهريب والتوتر في الحركة بين البلدين، ونوهت المصادر أن شكرت الله الذي كان قد أعلن اختطافه في السودان (للتموبه)، موجود لدى المخابرات العسكرية التشادية، وأن حميدتي سيعتقله حال الوصول إليه، وأعربت المصادر عن خوفها الشديد من أن تتحول المنطقة لبلقان أخرى في أفريقيا نسبة للجيوش الكثيرة الموجودة بالمنطقة.

السبب الثالث

أما السبب الثالث للزيارتين -وفق المعلومات الواردة من انجمينا- يخص البرهان، ويرجع لصراع داخل أسرة ديبي نفسها بين رئيس مجلس السيادة محمد ديبي وعمه صالح ديبي، والذي كان قد اتهم المجلس العسكري في تشاد بأنه ساهم في إغتيال الرئيس الراحل ادريس ديبي، ما أدى إلى صراع في قبيلة الزغاوة، وهنا جاء سبب زيارة البرهان، والذي قام -وفق المصادر- التي تحدثت لـ (أفرونيوز24) بمساعي حميدة لترتيب البيت الزغاوي في تشاد، وأشارت المصادر أن البرهان اصطحب معه عدد من قادة الزغاوة بشكل سري من أجل هذا الغرض، ومن المعروف أن قبيلة الزغاوة ممتدة مابين تشاد ودارفور.

صراع دولي

images 27 « أفرو نيوز 24 » تقدم قراءة لزيارة " البرهان" و " حميدتي " لتشاد

يبقى أن الصراع الدولي على المنطقة وخصوصا بين فرنسا وروسيا سيتصاعد أكثر وأكثر، وأن باريس التي فقدت كثيرا من نفوذها داخل الدول الإفريقية التي كانت تنتمي إليها، تحاول بكل الطرق عودة تموضعها في هذه الدول، والتي غيرت ولائها لروسيا والصين، ونجحت انقلابات كثيرة بالمنطقة في سقوط حكومات هذه الدول التي كانت توالي فرنسا بدعم وحماية من روسيا وباتت تتوجه ناحيتها، وذلك بمساعدة قوات فاغنر، كما يبقى أن السودان ليس بعيدا عن هذا الصراع وسط حدود طويلة مفتوح، وجيوش كثيرة ربما يحول المنطقة لفوهة بركان، وينبغي على القيادة السودانية ألا تنغمس في مشاكلها الداخلية على حساب تقاطعات اقليمية ودولية كبيرة يقع السودان في بؤرة تحركها، وأن انقسام التوجه في السودان مابين الغرب والشرق ربما يأخذ البلاد لتقاطع خطير.

 

إقرأ المزيد : 

السودان .. « دقلو » يتوجه إلى تشاد بعد ساعات من زيارة « البرهان » 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »