بابا الفاتيكان يلتقي نازحين في جنوب السودان
(وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب) يلتقي البابا فرنسيس بابا الفاتيكان اليوم السبت نازحين داخلياً في جنوب السودان، بعدما حضّ قادته على “انطلاقة جديدة” من أجل السلام في بلد تقسّمه الصراعات على السلطة والفقر المدقع.
وانضم جاستن ويلبي رئيس أساقفة كانتربري الزعيم الروحي للكنيسة الانجليكانية وإيان جرينشيلدز المسؤول الأبرز في كنيسة اسكتلندا إلى البابا فرانسيس خلال الزيارة إلى جنوب السودان للتشديد على أهمية الديانة المسيحية في البلاد البالغ عدد سكانها 12 مليون نسمة.
وقال البابا فرانسيس أمس الجمعة إنّ “الطريق الوعِر” للسلام “لم يعد بالإمكان تأجيله”، في خطاب سياسي أمام السلطات في عاصمة جنوب السودان جوبا.
ومنذ إعلان جنوب السودان الاستقلال في العام 2011 تفتقد البلاد السلام، وقد شهدت حربا أهلية استمرّت خمس سنوات بين قوات موالية للرئيس سلفا كير وأخرى موالية لنائبه ريك مشار أسفرت عن 380 ألف قتيل وأربعة ملايين نازح.
صباح السبت، تحدّث الحبر الأعظم أمام الأساقفة والكهنة والرهبان والمؤمنين الكاثوليك في كاتدرائية سانت تيريز.
وعند وصوله على كرسي متحرّك وسط الهتافات، طلب البابا من رجال الدين “السير وسط المعاناة والدموع” وأن يكونوا في خدمة الناس.
ورغم اتفاق السلام الذي جرى التوصل إليه في العام 2018، لاتزال البلاد تشهد أعمال عنف تشنّها مليشيات محلية مسلّحة ومجموعات إتنية متنافسة، وكان هناك 2,2 مليون نازح داخلياً بسبب النزاعات والفيضانات، وفقاً للأرقام الأخيرة التي نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا).
بعد ظهر السبت، سيتحدّث البابا المدافع بشدّة عن المهاجرين، إلى عدد من هؤلاء خلال لقاء.
وبحسب السلطات في جنوب السودان، تجمّع نحو 4 آلاف شخص في وقت باكر بانتظار الحبر الأعظم في ساحة كاتدرائية سانت تيريز، حيث لوّح الكثير منهم بالأعلام الوطنية وردّدوا هتافات في جو احتفالي.
وقال جون ماكي (24 عاماً)، الذي حضر قبل الفجر كي لا يفوّت لوكالة فرانس برس هذا “اليوم التاريخي. جئنا إلى هنا لنتلقّى بركاته. الأمر كلّه يتعلّق بالسلام. البابا فرنسيس لا يستطيع المشي، ولكنه جاء إلى هنا لتشجيع قادتنا”.
وسيلقي بابا الفاتيكان خطابه الثالث والأخير لهذا اليوم خلال صلاة مسكونية إلى جانب رئيس أساقفة كانتربري جاستن، وإيان غرينشيلدز المسؤول الأكبر في كنيسة اسكتلندا.
“دمار كافٍ”
الجمعة، لم ينمّق البابا فرانسيس كلماته أمام الطبقة السياسية في هذا البلد، الذي يضم 60 مجموعة عرقية، حيث ينتشر البؤس والمجاعة.
وقال البابا البالغ من العمر 86 عاماً، مدركاً وقع كلماته “الصريحة والمباشرة”، إنّ “الأجيال المقبلة ستحترم أو تمحو ذكرى أسمائكم اعتماداً على ما تفعلونه الآن”.
وأضاف “كفى سفكاً للدماء، كفى نزاعاً، كفى عنفاً واتهامات متبادلة بشأن مرتكبيها، كفى تخلياً عن الشعب المتعطّش للسلام. كفى دماراً، حان وقت البناء”.
وتعدّ “رحلة السلام” هذه أول زيارة بابوية على الإطلاق إلى جنوب السودان منذ حصول الدولة ذات الغالبية المسيحية على استقلالها عن السودان في العام 2011.
وتلعب الكنيسة دوراً بديلاً في المناطق التي لا تتوافر فيها خدمات حكومية وحيث غالباً ما يتعرّض العاملون في المجال الإنساني للهجوم أو حتى للقتل.
وحضت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية الجمعة القادة الدينيين على الضغط على مسؤولي جنوب السودان “لوضع حد لأزمة حقوق الإنسان المستمرة في البلاد وللإفلات من العقاب على نطاق واسع”.
في هذه الأثناء، أعلن سلفاكير في مرسوم بعد لقائه مع البابا فرانسيس أنه سيعفو عن 71 سجيناً، بينهم 36 محكوما عليهم بالإعدام، لكن من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وقالت جلاديس مانانيو (62 عاماً)، بعد مرور سيارة البابا “عندما داس أرض جوبا، شعرنا جميعاً بالبركة. سيحقّق لنا وجوده سلاماً دائماً”.
في العام 2019 تعهّد البابا زيارة جنوب السودان لدى استقباله كير ومشار في الفاتيكان، حين بادر إلى تقبيل اقدام الزعيمين لحضّهما على الالتزام بوقف إطلاق النار.
ووصل البابا إلى جنوب السودان وافداً من كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديموقراطية، علماً بأنه أول حبر أعظم يزور البلاد منذ يوحنا بولس الثاني في العام 1985.
إقرأ المزيد :