آسيا العتروس تكتب : دعم أوكرانيا الشيء وضده
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب الروسية في أوكرانيا في 24 فيفري 2022 يبدو الغرب وأكثر من أي وقت مضى مصر على قلب المعادلة لصالح أوكرانيا و تعزيز قدراتها العسكرية و تزويدها بالدبابات التي تحتاجها لمواصلة الحرب التي يبدو أنها تتجه لدخول السنة الثانية على التوالي دون مؤشرات على إمكانية التوصل إلى هدنة أو وقف المعارك و الدخول في مفاوضات بين الاطراف المعنية لايقاف النزيف .
المثير في هذه المرحلة أنه كلما طالب الرئيس الأوكراني بفرض مزيد العقوبات على روسيا إلا و أذعنت أوروبا التي تستعد لتقديم حزمة جديدة من المساعدات المالية لأوكرانيا ، برغم ما تشهده الدول الأوروبية من احتجاجات و من مظاهرات ومن غضب شعبي يومي بسبب التضخم وارتفاع الأسعار وأزمة الغاز والوقود وارتفاع الضرائب , وكلما حصل الرئيس الأوكراني زيلنسكي على مزيد الدعم العسكري إلا و طلب المزيد إذ و بعد موافقة المانيا على تزويده بالدبابات ” ليبولد ” و موافقة واشنطن تزويده بدبابات ابرامز ، طلب زيلنسكي تزويده بمقاتلات من طراز إف 16 مسألة تم رفضها من جميع الأطراف بما في ذلك الحلف الاطلسي ، و هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الغرب سيوقف دعم أوكرانيا و الواضح أن الدعم العسكري سيستمر في التدفق على كييف و هذا ما أكدته القمة الأوروبية المنعقدة أمس في العاصمة الأوكرانية ، و هي أول قمة أوروبية تعقد خارج حدود دول الإتحاد الأوروبي .
و من التناقضات الحاصلة أن أوكرانيا رغم كل هذا الكرم الذي حظيت به فإن أبواب الإتحاد الأوروبي لا تزال موصدة أمام كييف التي لم تستوف شروط أوروبا و الإصلاحات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية المطلوبة لدخول النادي الأوروبي رغم إعلان زيلنسكي شن حملة ضد الفساد في البلاد ، تماما كما هو حال أبواب الناتو الذي لا يبدو على الأقل حتى هذه المرحلة مستعد لاحتضان أوكرانيا في صفوفه و الأرجح أن الموقف الروسي الرافض لامتداد الأطلسي من حدوده وفق الإتفاق الحاصل في قمة لاتفيا منذ 2008 وراء هذا الرفض الذي لا يستسيغه زيلنسكي بما يعني أن الناتو لا يريد خوض حرب مباشرة مع بوتين و لكنه مستعد لتمويل أوكرانيا لتحقيق الاهداف المطلوبة من هذه الحرب حتى النهاية حتى اختبار كل أنواع السلاح المتوفرة و كشف ما يمتلكه بوتين من ترسانة عسكرية غير تقليدية .
أمس أكد شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي “أن مستقبل أوكرانيا يكمن في الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي، ومستقبل الإتحاد الأوروبي في أوكرانيا ” و هي بالتأكيد تصريحات للتسويق الإعلامي موجهة بالدرجة الأولى إلى موسكو .
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين التي حلت بكييف صحبة مسؤول العلاقات الخارجية في الإتحاد جوزيف بوريل وعددا من المفوضين الأوروبيين بدت في قمة السعادة و هي تقدم علم الإتحاد الأوروبي لزيلنسكي الذي قد يكون توهم في تلك اللحظات أنه ضمن الإنضمام إلى صفوف الإتحاد الأوروبي و انه سيفوز بأموال روسيا المجمدة في الخارج .
إلى أي مدى يمكن للغرب أن يذهب في دعمه لكييف مسألة قد لا تتضح قريبا و لكن ما هو واضح أن المعركة ليست قريبة من نهايتها و ان المفاجآت لم تنته و أن صوت السلاح لن يتوقف فالأمر يتعلق بمعركة وجود ستحدد أسس النظام العالمي الجديد و عندما يقول الروس أن الغرب ينوي تفكيك الاتحاد الروسي على غرار الاتحاد السوفييتي، فهُم لا يبالغون بذلك ، سيكون من الغباء و السذاجة وصف ما يحدث بين روسيا و أوكرانيا بأنها حرب باردة بل هي حرب ساخنة و حامية و قد تجاوزت تداعياتها حدود طرفي النزاع لتمتد إلى مختلف دول العالم التي دفعت وستواصل دفع ثمن هذه الحرب التي أنهكت كاهل الضعفاء وأثقلت فواتير كل البيوت في معركتها اليومية من أجل الرغيف مع تأخر الإفراج عن السفن الأوكرانية الناقلة للحبوب .
الحرب ليست قريبة من نهايتها وتناقضاتها لن تختفي من المشهد دون تكاليف جسيمة و غير محسوبة .
* نقلا عن جريدة الصباح التونسية
• آسيا العتروس .. كاتبة تونسية
إقرأ المزيد :