آسيا العتروس تكتب : العدالة العمياء تدين الأونروا ولا تدين الإحتلال !
لو سقطت كل الاتهامات التي تلاحق جيش الإحتلال و رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي في العدل الدولية لأي سبب كان بدعوى عدم توفر الأدلة و البراهين الكافية , فإن في إعدام المرضى و المصابين في المستشفيات و قطع الأوكسجين عنهم يمثل أبشع جريمة ضد الإنسانية يمكن أن ترتكب لا سيما و هي جريمة مضاعفة لأنها تنتهك حرمة المستشفيات التي يفترض أنها محمية بفضل اتفاقيات جنيف الرابعة و لأنها تستهدف مصابا أو جريحا لا يحق استهدافه في زمن الحرب أو السلم .
الجيش الإسرائيلي يغتال المرضى في المستشفيات و يرسل المستعربين لتنفيذ مخططاته معتبرا أن ذلك هو جزء من اخلاقيات و قيم هذا الجيش الذي يمارس أبشع درجات التوحش ضد الفلسطينيين .
نقول هذا الكلام و نحن نرصد الاتهامات المتلاحقة لوكالة الأونروا في غياب أي أدلة أو حجج يمكن أن تورط الوكالة بأي طريقة كانت ، وقد طالب المشرفون الإحتلال بإثبات اتهاماتهم الموجهة لسبعة من موظفيها و لم يحصلوا على شيئ و لن يحصلوا لأن قناعتنا أنها إتهامات زائفة بتواطؤ أطراف حليفة للاحتلال للتخلص من الأونروا و شطبها بما يعني شطب المرجعية الوحيدة التي تمتلك وثائق ثبوتية لوجود اللاجئين الفلسطينيين و معها شطب حق العودة و بالتالي فإن المستفيد الوحيد من توريط الأونروا هو حكومة نتنياهو التي تدفع دفعا إلى استمالة العقول و إعادة كتابة مكونات الشرعية الدولية و القوانين الدولية و إسقاط كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية من النظام العالمي الذي بدأ السباق لتأسيسه لهذا الغرض ، و سيكون لزاما الاعتراف بأن أيرلندا التي بادرت بتوجيه مساعداتها للأونروا و رفضت الرضوخ و قطع التمويلات للوكالة استحقت تقدير شعوب العالم التي ترفض تجويع شعب محاصر برا و بحرا و جوا و لا يمكن لكل المساعدات الإنسانية الدولية الممنوعة على الحواجز و الحدود أن تصله فيموت الأطفال جوعا أو بردا و يموت المرضى لنقص الأوكسجين .
حلفاء كيان الإحتلال اختاروا إدانة الأونروا في غياب الأدلة و الحجج و منعوا عنها التمويلات و هم يدفعون إلى اغلاقها وانهاء دورها نزولا عند املاءات نتنياهو الذي يأمل إنهاء دور الأونروا كشاهد على التغريبة الفلسطينية المستمرة و يفشلون في المقابل في ادانة نتنياهو فيما تكاد أشلاء الضحايا و دمائهم تنتفض من قبورهم الجماعية لتشهد على ما يرتكبه جيشه في حق الأموات من تجريف للمقابر و انتهاك لحرمات الموت و سرقة للأعضاء و سلخ للجلود الآدمية التي كشف عنها في المخابرات الإسرائيلية ويعجزون عن فرملة وإيقاف جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة و الضفة و القدس و التي يرصدها العالم و يتابع تطوراتها بالصوت و الصورة لحظة بلحظة منذ خمسة أشهر .
تلك هي العدالة الظالمة العدالة المغيبة التي تنتصر لمجرم الحرب نتنياهو أمام ضحاياه المهددين بالجوع والبرد والقصف والتشرد لأن صناع القرار في العالم ومن ظلوا يرددون علينا كذبا أنهم حراس الأخلاق والقيم الإنسانية الكونية والحريات يمنحونه الحصانة و يدفعونه إلى تجاوز كل الخطوط الحمراء دون خوف من مسائلة أو ملاحقة أو محاسبة وهو الذي يحصل على كل ما يطلبه من سلاح بما في ذلك الأكثر فتكا و الأكثر تطورا .
إزاء كل ذلك يحلو لنتانياهو وزمرته المتطرفة أن يدوسوا على العالم وأن يستخفوا و يحتقروا كل الدعوات و الأصوات التي تطالب بإنهاء الحرب و الإعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الحرية و السيادة ، و كلما تفاقمت الانتقادات إلا وارتفعت وتيرة جرائم الاحتلال ، ولعل هذا الخذلان الدولي وهذا التواطؤ الذي يرتقي إلى المشاركة في الجريمة ما دفع نتنياهو أن يذهب في غطرسته إلى حد مطالبة محكمة العدل الدولية رفض طلب جنوب أفريقيا إقرار تدابير طارئة إضافية بسبب اعتزام إسرائيل توسيع هجومها في غزة إلى مدينة رفح.
نتنياهو الذي تعود على قبول وصمت ودفاع الجميع عن مخططاته الارهابية لم يستسغ مطالب العدل الدولية التي تذكره بأن في جرابه سلسلة من جرائم الإبادة التي لا تسقط بالتقادم وأن يداه ملطختان بالدم الفلسطيني وتشهد على سجله الدموي .
إقرأ المزيد :
آسيا العتروس تكتب : إدانة ثابتة و أدلة قاطعة ..العدل الدولية الدرس التالي