« أفرونيوز 24 » تواصل فتح ملف الطلاب السودانيين في مصر
تزايد أعداد الدارسين السودانيين في الجامعات المصرية أكبر رد على مروجي الشائعات
السفارة السودانية بالقاهرة لا يوجد أي استهداف للطلبة السودانيين بمصر
المشاكل في السنة الأولى و الطالب السوداني يتمتع بميزات تفضيلية عن باقي الجنسيات
القاهرة: صباح موسى
تشهد الجامعات المصرية للعام الرابع على التوالي توافد أعداد كبيرة من الطلاب السودانيين للدراسة بالكليات المختلفة في مصر، وذلك لاضطراب الأوضاع في السودان وعدم استقراره حتى اللحظة ومنذ ثورة ديسمبر عام 2018، ما جعل الطلبة السودانيون يبحثون عن أماكن استقرار بديلة، توفر لهم حياة آمنة، وتضمن عدم توقف سنوات دراستهم ، وكانت مصر أقرب الدول التي احتوت مئات الآلاف من السودانيين، بحكم الجوار القريب والتاريخ المشترك، ومازالت القاهرة تستقبل العديد من أبناء السودان الذين أتوا إليها فرارا من عدم استقرار الأوضاع في بلادهم، لتصبح الجالية السودانية أكبر جالية تعيش في مصر، وتقدر في الغالب بما يزيد عن 5 ملايين سوداني.
ولا يوجد أي إحصاء رسمي بشكل قاطع لأعداد السودانيين بمصر، لكن برصد حركة الطيران اليومية بين البلدين والتي وصلت إلى 10 طائرات في اليوم، وأضعاف هذا العدد من (الحافلات) على الطريق البري، ما يعكس أن هذه الأعداد في تزايد مستمر، وأن معظمهم طلبه وأسرهم جاءوا لمواصلة تعليمهم بمصر.
مشاكل حقيقية
سبق وان فتحنا ملف الطلبة السودانيين بمصر عن أعدادهم وأسباب توافدهم للقاهرة والمشاكل التي يواجهونها في الجامعات المصرية، ونسبة لتزايد الأعداد هذا العام بشكل ملحوظ، في المقابل يروج البعض بأن هناك مشاكل بالغة التعقيد يواجهها هؤلاء الطلبة على أرض المحروسة، وتواصل (أفرونيوز 24) بحثها في هذا الملف، لمزيد من تقصي الحقائق حول الطلبة السودانيين بمصر ، هدفنا الرئيسي هو تسليط الضوء بشكل دقيق على مشاكلهم الحقيقية.
ووفق إحصائيات وزارة التعليم العالي المصرية العام الماضي وصل عدد الطلاب السودانيين في الجامعات المصرية 22 ألف طالب سوداني في مختلف الكليات والجامعات، وقد تزايد هذا الرقم بشكل ملحوظ هذا العام، وعانى عدد كبير من الطلبة السودانيين الجدد في التقديم للكليات المصرية المختلفة، لاكتمال الأعداد بالجامعات، وتأخر الطلبة السودانيين في انهاء إجراءات دخولهم، لكن تم توفيق أوضاعهم في النهاية والتحقوا بجامعتهم المختلفة.
عدم الإستقرار
في بحثنا السابق توصلنا إلى أن الأسباب التي أدت إلى قرار مواصلة الطلاب السودانيين تعليمهم في مصر، كان على رأسها وأهمها، هو عدم استقرار الأوضاع في السودان بعد الثورة، وذلك بإيقاف الدراسة فترات طويلة ما أدى إلى تجميد سنوات دراسية وتراكم الدفعات، لعدم التمكن من إجراء الإمتحانات، نتيجة لاستمرار المظاهرات وإغلاق الشوارع تماما (تتريسها)، علاوة على أزمة كورونا والتي عرقلت العملية التعليمية كثيرا في السودان، لعدم الاستعداد الكافي للدراسة (أون لاين).
وبعد أن كانت الجامعات السودانية مكانا جيدا لتوافد الطلاب من خارج البلاد، والتي كانت مصدرا للعملة الصعبة، وخسر السودان كثيرا بعزوف هؤلاء الوافدين عن الدراسة به في السنوات الأخيرة، إضافة إلى انخفاض قيمة الجنية السوداني مقابل الدولار، بجانب تسرب الطلبة السودانيين، وبالطبع سيتسبب ذلك في مشكلة كبيرة في العملية التعليمية عموما، حال ما استمرت الأوضاع على هذا النحو.
لماذا مصر
للأسباب السابقة كان القرار بالبحث عن بيئة تعليمية بديلة للطلاب، وكان قرار كثيرون بأن مصر هي المكان المناسب فلماذا مصر بالتحديد؟ لأسباب كثيرة منها القرب وعدم الغربة، وأهمها هو أن الطالب السوداني يتمتع بخصم يصل إلى 90% من إجمالي مصاريف الوافدين للجامعات المصرية، والتي تبلغ من 3 : 7 آلاف دولار للوافد العربي، أما الطالب السوداني يدفع فقط 10%، فعلي سبيل المثال اذا كنت طالبا في كليات الطب المصرية عليك كسوداني دفع فقط 600 دولار فقط من مجمل 6 آلاف دولار يدفعها الطالب العربي في الجامعات المصرية، إضافة إلى تسهيلات أكبر في الإقامة تتيحها السلطات المصرية ، كان آخرها قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي إعفاء السودانيين الموجودين بمصر من غرامات التأخير في مدة ستة أشهر من أبريل الماضي وحتى أكتوبر، ونظرا لعدم توفيق الطلاب السودانيين لأوضاعهم بمصر قام الرئيس السيسي بتمديد المدة مرة أخرى لستة أشهر جديدة ، -ووفق تصريحات رئيس الجالية السودانية بالقاهرة الدكتور حسين عثمان-، تم التمديد سنة إضافية.
مشاكل اجرائية
بطبيعة الحال وجود هؤلاء الطلاب السودانيون بهذه الأعداد الكبيرة وتركيزهم على الكليات العلمية كالطب والهندسة وعلى جامعات العاصمة المصرية بالتحديد دون الأقاليم، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل وهذا طبيعي، ومن ضمن هذه المشاكل التي رصدتها (أفرونيوز 24) أن الطالب السوداني لاختلاف مواعيد العام الدراسي في البلدين يأتي متأخرا، وتكون الجامعات المصرية قد بدأت عامها الدراسي وتبقى لها شهر على الأكثر لإمتحانات (التيرم) الأول، وهناك طلبه سودانيون كثر يصرون على دخول الإمتحانات وخصوصا في الكليات العملية، ولم يتمكن معظمهم من تسجيل درجات النجاح نتيجة لعدم الحضور وعدم استيعاب بعض المواد في هذه الفترة القليلة والتي تحتاج إلى عملي وحضور، فتؤجل المواد التي رسبوا فيها إلى ما بعد التيرم الثاني، ومن الطبيعي أن يدفعوا الرسوم مرة أخرى ، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا علي جميع الطلاب اي انه ليس قاصرا علي الطلاب السودانيين فقط، هذه هي المشكلة الرئيسية التي تواجه الطالب السوداني المستجد بمصر، أما باقي الطلاب في السنوات المتقدمة تسير أمورهم بشكل طبيعي مثلهم مثل باقي الطلبة المصريين والعرب.
اتهامات مقصودة
بالأمس انتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الإجتماعي مقال للكاتب الصحفي السوداني عبد الماجد عبد الحميد يدعي فيه وجود مخطط بمصر يواجه الطلبه السودانيين في جامعاتها، ووفقا للمقال والذي تنشر ” أفرو نيوز ٢٤ ” أجزاء منه ، حتي يتم تفنيد ما ورد به ،قال عبد الحميد في مقاله: إليكم ملخص المأساة في عناوين عريضة علي أن نتبع الأمر بالتفاصيل الحزينة، مضيفا ما يعلمه المختصون في التعليم العالي بين الخرطوم والقاهرة، أن الطلاب السودانيين الذين التحقوا بالكليات العلمية بالجامعات المصرية هم من المتفوقين أكاديمياً بالمدارس والجامعات السودانية، قبل أن ينتقلوا إلي الدراسة بمصر بسبب الظروف التي تعيشها بلادنا.
وتابع ” من هذه النقطة لا يمكن لعاقل أن يصدق أن يرسب كل الطلاب السودانيون بالكليات العلمية بجامعات مصر، مؤكدا أن هذا مايحدث بالفعل للطلبة السودانيين بالقاهرة، وقال لا توجد مشكلة أن يرسب بعض الطلاب من هذه الجامعة أو تلك في مادة أو مادتين، ولا غرابة في هذا، لكن أن يرسب آلاف الطلاب في أربع مواد وفي كل الجامعات المصرية ويتم اجبارهم علي دفع 600 دولار نظير إعادة إمتحان الفصل الدراسي أكثر من مرة وفي كل مرة يتم دفع 600 دولار نظير الجلوس للامتحانات المُعادة ..وفي كل مرة تظهر النتيجة كما هي .
تفنيد الاتهامات
تفاعل العديد من رواد وسائل التواصل الإجتماعي من السودانيين مع مقال عبد الحميد وتم تداوله على نطاق واسع، متهمين الجانب المصري بعدم الالتزام باتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين.
وللرد على هذه الإتهامات ينبغي أولا توضيح أن الطالب السوداني يتمتع بنسبة 10% من رسوم دخول الجامعات المصرية مقارنة بالعرب والأجانب، أي أنه يدفع في الحد الأقصى 600 دولارا فقط، في وقت يدفع فيه الطالب العربي 6 آلاف دولار، في المقابل لا يجد الطالب المصري هذه الميزة في الجامعات السودانية، ويصل رسوم الطالب المصري في الكليات العملية السودانية لأكثر من 7 آلاف دولار، اذا هنا ميزة تفضيلية تقدمها مصر للطلاب السودانيين، ولم تشرع في زيادتها حتى مع هذه الزيادات الكبيرة للطلبة السودانيين في الجامعات المصرية.
اصرار الدخول
أما عن مشكلة رسوب هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة السودانيين في الجامعات المصرية واتهام أنه مخطط من الجامعات المصرية لدفع الرسوم أكثر من مرة ، هنا تقول ( ي . م ) الطالبة السودانية في الفرقة الثانية كلية طب جامعة عين شمس” ، أنها لم تشعر أبدا بذلك في كليتها.
وأضافت ( ي . م ) لـ (أفرونيوز 24)، المشكلة تكمن أننا نأتي لمواصلة اجراءات التقديم للجامعات المصرية في شهر نوفمبر وديسمبر، ويكون الطلبة المصريون الذين بدأوا عامهم الدراسي منذ شهر سبتمبر قد أوشكوا على الإنتهاء من فصلهم الدراسي الأول.
وتابعت ” أصررت أنا وزملائي على دخول الامتحان رغم عدم الحضور وعد الاستعداد، ولذلك كان رسوبنا في عدد من المواد، والتي دخلناها مرة أخرى في الصيف، ومعنا طلبة آخرون من جنسيات مختلفة.
وقالت “أما بعد ذلك وأنا الآن في الفرقة الثانية أواصل دراستي بكل سهولة مثلي مثل زملائي من المصريين والأجانب، ولم أشعر أبدا أن هناك استهداف لنا كسودانيين.
ولفتت ( ي . م ) إلى أن هناك مايقارب 70 طالب سوداني وعربي وإفريقي واجهوا مشكلة في تسجيلهم بـ (السيستم)، والذي يظهرهم على أنهم راسبون، وهي مشكلة فنيه وإجراءية أعتقد أنها ليست مقصورة علي الطلاب السودانيين، لوجود جنسيات أخرى معهم، ولصغر العدد مقارنة بالعدد الكلي للطلبة السودانيين الذين يدرسون بطب عين شمس.
أعداد كبيرة
وأكد مصدر مطلع قريب من إدارة الوافدين بالقاهرة أن المشكلة الرئيسية تكمن في قبول الوافدين لأعداد كبيرة من الطلبة الأجانب وعلى رأسهم السودانيين قد تفوق استيعاب الجامعات المصرية وخصوصا العلمية منها كالطب والهندسة.
وقال المصدر لـ (أفرونيوز 24) ” ليس هناك أي استهداف للطلبة السودانيين بمصر، على العكس تماما هناك تسهيلات كبيرة للطلاب للسودانيين على وجه الخصوص في الجامعات المصرية، بداية من دفع عشر الرسوم، مرورا بإعفائهم من غرامات الإقامة حتى توفيق أوضاعهم، نهاية باستيعابهم في الكليات المختلفة حتى لو تأخروا في الدخول، مبينا أن المشكلة الحقيقية في قبول الوافدين لأعداد أكبر من استيعاب الكليات.
وقال ” أما الأقاويل بأن هناك مخطط لدفع الطلبة السودانيين للرسوم أكثر من مرة واعلان رسوبهم في المواد اتهام غير منطقي، فكيف تخسر أي جامعة سمعتها وترتيبها الإقليمي والدولي والذي يؤخذ فيه نسب النجاح والرسوب، متسائلا “هل يمكن أن تفكر أي جامعة في الحصول على بضع دولارات في مقابل تأخرها في التقييم الدولي والإقليمي للجامعات؟، مضيفا “لو كانت العملية مجرد جمع دولارات فمن باب أولى كان اعلان رسوب من يدفعون رسوم أكبر من الطلبة الأجانب والذين يدفعون 7 آلاف دولار، مؤكدا أن ما يفند مثل هذه الإتهامات هو وجود طلبة متفوقين من السودانيين في الجامعات المصرية.
لا توجد مظاهرات
وعن وجود مظاهرات لطلبة سودانيين بجامعة القاهرة قال الطالب السوداني بالفرقة الرابعة بكلية طب القصر العيني ” طلب عدم ذكر اسمه ” لـ (أفرونيوز 24) لم أسمع بوجود مثل هذه المظاهرات بجامعتنا، مضيفا مثل هذه الأقاويل والاتهامات سمعتها عندما أتيت للدراسة بالكلية قبل أربع سنوات، بأن هناك استهداف للطلبة السودانيين في مصر، وعدم حب المصريين للسودانيين، ومع مرور الزمن لم أشعر بمثل هذه الإتهامات.
وتابع ” تقديري جيد جدا على مستوى سنوات الدراسة، وهناك زملائي من السودانيين تقديرهم ممتاز، و معاملة أساتذتي وموظفي الكلية واداريها لنا على درجة عالية من الإحترام.
وواصل قائلا “إننا لم نشعر أن هناك أي تمييز بيننا وبين المصريين، موضحا أن المشكلة قد تكون في تأخر تقديم الطلبة السودانيين في السنة الأولى، وقال ” إني حتى مع هذه المشكلة وجدت سماح للطلبة السودانيين بحضور محاضراتهم بعد الترشيح وحتى اكتمال إجراءات تسجيلهم بالكلية، مضيفا أتحدث عن نفسي وعن كثير من زملائي لم نعاني أبدا من الدراسة في مصر على عكس ما يردده البعض.
تعامل إيجابي
مصدر مسؤول بالسفارة السودانية بالقاهرة أكد عدم صحة وجود استهداف للطلبة السودانيين بمصر.
وقال المصدر لـ (أفرونيوز 24) : ” بالعكس نحن نشكر الجهات المصرية للتعامل الإيجابي مع الطلبة السودانيين، مضيفا قد تكون هناك بعض الشكاوى لكنها مسببة بالنسبة لنا، لتأخر الطلبة السودانيين في السنة الأولى، لتأثر الطالب من بعده عن أسرته لأول مرة، وغيرها من الأمور التي ينتج عنها رسوب الطالب في بعض المواد، لكن عندما تستقر أوضاعه في السنين التالية تتلاشى الشكوى تماما ويسير في دراسته بسلام.
وقال” أما الحديث عن وجود استهداف غير صحيح، ونحن كسفارة لم يأتي إلينا أي طالب بشكوى في هذا الخصوص، مؤكدا أنه لا توجد أي مظاهرات لطلبة سودانيين بمصر.
الخلاصة
الخلاصة أن هناك مشاكل بالفعل تواجه الطلبة السودانيين بالقاهرة، ولكنها مشاكل طبيعية وتواجه معظم الطلبة الوافدين لمصر، وأن هذه المشاكل تكون في السنة الأولى للدراسة لإجراءات التقديم والوصول متأخرا، أما الاتهامات المتداولة فهي اتهامات اعتاد عليها مروجي الاشاعات والذين يبحثون دائما عن سبب لمنغصات العلاقات المصرية السودانية، ويركزون على السلبيات وحتى وإن كانت طبيعية وبسيطة، ولا يركزون على الايجابيات الكثيرة التي يتميز بها الدارس السوداني بمصر.
إقرأ المزيد :
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.