أزمة سد النهضة تعود للواجهة .. ومصر تعود إلى الخيارات المفتوحة
أديس أبابا تواصل تعنتها ورفض كافة الحلول للوصول إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل السد
الاتحاد الأفريقي : نهر النيل يجب أن يكون حلقة وصل بين الدول الثلاث وليس محل خلاف
(أفرونيوز 24) تبحث في السيناريوهات البديلة قبل الملء الرابع للسد الإثيوبي
خبراء مصريون: الافصاح عن خيارات خشنة بعد فترة طويلة من الركون
القاهرة: صباح موسى
عادت من جديد أزمة سد النهضة الاثيوبي الي الواجهة ، بعد تصريحات صحفية متواترة ومتبادلة بين الجانبين المصري و الإثيوبي، وسبقهما الجانب السوداني قبل أيام، ويرجع الخبراء هذه العودة إلى استمرار إثيوبيا في تعنتها ورفض كافة الحلول للوصول إلي توافق واتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة ، إضافة إلى اقتراب أديس أبابا من الملء الرابع، والذي من المتوقع أن يبدأ في شهر يوليو المقبل، وذلك بعد فترة طويلة من الركون استمرت قرابة العام بعد انتهاء الملء الثالث، وتعليق المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر- السودان- إثيوبيا). فهل ستحرك هذه التصريحات ساكن أزمة السد أم ستستمر إثيوبيا في قرارتها الأحادية ؟.
(أفرونيوز 24) تناقش في التقرير التالي مؤشرات عودة أزمة السد الي الواجهة من جديد ، وما هي السيناريوهات المطروحة للأزمة في ظل الوضع الدولي والإقليمي الراهن؟ وهل ستستمع الحكومة الإثيوبية لصوت العقل و يكون لديها الإرادة السياسية اللازمة للوصول إلي حل لهذه الأزمة يراعي مصالح الأطراف الثلاثة .
ضرورة وجود حل قانوني ملزم
الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد من جانبه أن مصر لن تتحمل أي نقص في المياه، مشيراً إلى ضرورة وجود حل قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بالاتفاق مع إثيوبيا، مؤكدا أن مصر متفهمة للتنمية فى إثيوبيا، ولكن في أثناء الحديث عن التنمية يجب ألا يكون هناك تأثير على المصريين.
وقال الرئيس السيسي في كلمته بالمؤتمر الصحافي الذي جمعه برئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن أمس (الإثنين)، “تحدثنا عن ملف سد النهضة، ووجدت توافقا وتفاهما من جانب رئيسة الوزراء في أهمية الوصول إلى إتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة 10 سنوات من الجهد والحرص على إيجاد حل مناسب مع إثيوبيا، مضيفا ” نتفهم التنمية في إثيوبيا، ومستعدون للتعاون أيضا، ولكن هذا لا يؤثر على المواطن المصري بأي شكل من الأشكال، وقال إن مصر الدولة الأكثر جفافا في العالم، مضيفا (ما فيش فرصة تتحمل أي نقص للمياه.. ما كانشي موجود على نهر النيل عبر آلاف السنين أي عائق للمياه، سواء كانت المياه قليلة أو كثيرة، حصة مصر ثابتة حتى لو فيه صعوبات وكنا نقبل ده، وبذلنا جهدا كبيرا من الاستفادة من كل نقطة مياه داخل مصر مثل محطات المعالجة وغيرها).
الخيارات مفتوحة
كما شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أنّ مصر لها الحق في الدفاع عن مقدرات ومصالح شعبها، وتتخذ مواقف منضبطة تراعي فيها كافة الاعتبارات والعلاقات.
وقال شكري أمس (الاثنين) في مداخلة تليفزيونية إنّ الخيارات (مفتوحة) في أزمة سد النهضة وتظل كافة البدائل متاحة ومصر لها قدراتها وعلاقاتها الخارجية ولها إمكانياتها، مضيفا “أننا نكتفي بتصريح كل الخيارات مفتوحة دون الدخول في إطار تحديد إجراءات بعينها، وهذا ما يخدم المصلحة المصرية بأن تظل كافة البدائل متاحة ومصر لها قدراتها.
وأشار الوزير سامح شكري في حديثه عن قدرات الشعب المصري التي وصفها بأنها (لا نهائية)، لافتا إلى أن مصر تتخذ مواقف منضبطة تجاه التعنت الإثيوبي، موضحاً أن تأثر مصر من ملء سد النهضة أمور فنية تحكمها سياسات وتقديرات مرتبطة بعلوم دقيقة، ورفض سامح الحديث عن الملء الرابع، مؤكدا أنهم يراقبون ويتابعون الموقف بكل دقة.
وذكر شكري أنه رغم عدم وجود مرونة مماثلة من قبل الجانب الإثيوبي كما تفعل مصر، أن مصر لا تزال ماضية في التفاعل مع كل الدول التي حاولت المساعدة.
وكان شكري قد أعلن خلال ترؤسه اجتماع الدورة 159 لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية العرب، الأسبوع الماضي، اعتماد قرار بشأن سد النهضة، وطرحه كبند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة.
تعنت إثيوبي
في المقابل استمرت الحكومة الإثيوبية في تعنتها رافضة كل الحلول المطروحة للوصول إلي حل لهذه الأزمة ، وخرجت الحكومة الإثيوبية يوم (الجمعة) الماضي بتصريحات كعادتها طوال السنوات الماضية بإضاعة كافة الفرص المتاحة لحل الأزمة ، حيث عبرت في هذه التصريحات عن استيائها من قرار جامعة الدول العربية، بشأن ملء وتشغيل سد النهضة،
وكانت الجامعة العربية قد اعتمدت (الأربعاء) الماضي قرارًا بشأن سد النهضة بالإجماع، يدعو أديس أبابا لإبداء المرونة في القضية، فضلاً عن طرح الأزمة كبند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة.
تنشيط التفاوض
في الوقت نفسه أعرب رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي موسى فكي عن قلقه من تطورات قضية سد النهضة وتواصل الجمود فيها، وعدم توصل مصر والسودان وإثيوبيا إلى حل لها. وقال فكي في تصريحات خاصة على هامش منتدى الأمن العالمي في الدوحة أمس (الإثنين)، إن الاتحاد الأفريقي سيعيد إطلاق وتنشيط مبادرته لحل هذه الأزمة في القريب العاجل، مؤكدا وجود لجنة في الإتحاد مكلفة بهذا الملف، ستنشط دورها لإعادة التفاوض بين الأطراف الثلاثة.
وتابع ” أن أي خلاف بين الدول الأفريقية يزعجنا، ونحن نسعى لإيجاد الحلول، ونؤمن بأن الحل يجب أن يكون سياسيا لهذه الأزمة وغيرها.
وأكد فقي أن نهر النيل يجب أن يكون حلقة وصل بين الدول الثلاث، وليس محل خلاف، وأعرب فكي عن قناعته بقدرة مصر والسودان وإثيوبيا على التوصل إلى حل، مؤكدًا دعم الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى حل يضمن مصالح الجميع.
وحول بحث ملف سد النهضة في الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي، وتدخّل أطراف أخرى في هذه الأزمة، قال فكي: الأهم هو التوصل إلى حل للأزمة من أي جهة كانت، والأطراف مجتمعة وافقت على جهود الإتحاد الأفريقي بهذه القضية، ونحن لن نقفل الباب في وجه كل من يساهم في التوصل إلى حل.
أسئلة مطروحة
من الملاحظ أن التصريحات المصرية الأخيرة تعكس أن القاهرة علي موقفها بالتوصل لحل لهذه الأزمة يحفظ الحقوق المصرية في مياة النيل وفي ذات الوقت يحقق التنمية التي ينشدها الشعب الإثيوبي ، فهل ستظل أديس أبابا على تعنتها أم أنها يمكن أن تستجيب لصوت العقل مثلما استجابت له في حربها الداخلية مع إقليم التيجراي ؟، هل ستتبادل أديس أبابا المعلومات مع الخرطوم كما وعدتها قبل الملء الرابع بفترة بموعد الملء وكميته حتى لا ترتبك السدود السودانية القريبة من سد النهضة، أم أنها ستفعل كما حدث من قبل وتمضي بشكل منفرد في خرق واضح لإتفاق إعلان المبادئ في 2015 بالخرطوم؟ أسئلة كثيرة ستحدد الإجابات عليها سيناريوهات حل الأزمة ومدى استخدام الآليات المتاحة وغير المتاحة للحل.
خيارات خشنة
الدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أوضحت من جهتها أنه من الطبيعي أن تفصح مصر بخيارات خشنة بعد فترة طويلة من الركون للخيارات الدبلوماسية. وقالت الطويل لـ (أفرونيوز 24) كانت مصر تحاول حشد دعم وتأييد دولي، وتسعى لارسال رسائل طمئنة بحرصها على التنمية في إثيوبيا دون الجور على حق مصر، مضيفة حتى الآن تقوم إثيوبيا باجراء أحادي وهو الملء الرابع وهو تراكم حال اكماله سيكون مؤشر للتأكد من مدى تحمل السد لتخزين مائي ضخم في ضوء مستجدات الزلازل كما حدث في تركيا، مؤكدة أن الأمن الإقليمي أصبح مهدد كبير، وسوف يكون خطير في ضوء التعنت الإثيوبي.
وتوقعت الطويل أن ينشط الإتحاد الأفريقي في الفترة المقبلة في هذه الأزمة، والتي لن تكون بعيدة عن التنافس بين واشنطن وبكين على نمط خط الأزمة في التيجراي الإثيوبية، وقالت ” إن واشنطن استطاعت أن تقنع إثيوبيا بحل أزمة التيجراي، مؤكدة أن هذا التنافس سيكون في صالح القاهرة، بوضع الأزمة على طاولة مطروح فيها كل الأجندات الإقليمية والدولية.
ستواصل التعنت
أما الدكتور عباس شراقي الخبير المصري في المياه فقال إنه ليس صحيحا ما تردده إثيوبيا بأن سد النهضة لم يلحق ضررا بمصر، وأضاف شراقي لـ (أفرونيوز 24) أن القاهرة أنفقت عدة مليارات من الجنيهات على مشروعات لترشيد استهلاك المياه، كما تكبدت خسائر كبيرة جرّاء خفض المساحات المقررة لزراعة الأرز، فضلا عن استقطاع كمية المياه المخزّنة في السد، دون استخدام، من نصيب مصر والسودان، وتابع أن استمرار الملء والتشغيل دون اتفاق يعد انتهاكا للاتفاقيات والأعراف الدولية وهذا ما ترفضه مصر والسودان.
وقال ” إن إثيوبيا تستعد للتخزين الرابع في أغسطس المقبل عن طريق زيادة ارتفاع السد حوالى 20 متر لتخزين حوالى 13 مليار متر مكعب ليصبح إجمالى التخزينات الأربعة 30 مليار متر مكعب، مضيفا ” أنه من المتوقع الوصول إلى منسوب 620 مترا، بإجمالي تخزين 30 مليار متر مكعب، بزيادة نحو 17 مليار متر مكعب، موضحا أن مستوى بحيرة تخزين السد وصلت الصيف الماضي إلى 13 مليار متر مكعب.
وذكر أن إثيوبيا مررت في الأسابيع الأخيرة نحو 5 مليارات متر مكعب لتجفيف الممر الأوسط، وستعوّض هذه الكمية قبيل التخزين الجديد هذا العام، موضحا أن موسم الأمطار سيبدأ في مايو بأمطار خفيفة تزداد تدريجيا فى يونيو وتصل إلى الذروة في أغسطس، مبينا أن وصول مياه النيل الأزرق إلى السد العالي هذا العام سيكون في بداية الأسبوع الثالث من سبتمبر، متأخرة شهرين كاملين عن المعتاد، متوقعا أن تظل إثيوبيا في نفس تعنتها وقرارها الأحادي بالملء الرابع على غرار الأول والثاني والثالث دون إتفاق مع مصر والسودان على كميات الملء ومواعيده، منوها أن أديس أبابا تتبادل المعلومات مع الخرطوم، مبررا ذلك بأن اثيوبيا عندما فتحت البوابات في يناير الماضي كان هناك تحذير سوداني بالتوازي في نفس التوقيت بأن منسوب المياه سوف يعلو ، متسائلا من أين جاء المسؤولين السودانيين بهذه المعلومة في هذه التوقيت إلا إذا كان هناك تبادل للمعلومات بينهما.
إقرأ المزيد :
الرئيس السيسي يشدد على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.