شيخ الأزهر: فضل الإسلام في تحرير المرأة يتضح بالمقارنة بين وضعها في الحضارات السابقة
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الإسلام له السبق في تحريرِ النِّساء، وإذا قارنا بين وضع المرأة في الحضارات السَّابقة على الإسلام، أو التالية له، ووضعها بعد نزول الإسلام، وانفراد القرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة بنصوصٍ حاسمةٍ خَلدت على وجه الزمان تكريم المرأة ومساواتها بالرجل، مشيرا إلى أن وضع المرأة في ثقافةِ هذه الحضارات وقوانينها وأعرافها كان وضعا مُزريا بإنسانيَّتِها بكلِّ المقاييس، سواء في ذلك الحضارةُ البابلية، وقوانينُها التي وضَعَها «حمورابي» منذ أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة عام، وكانت منزلةُ «المرأة» فيها أشبَهَ بمنزلة السائمةِ المملوكة، أو شريعة «مانو» التي كانت «تَقضي بأن تموت الزوجة يوم موت زوجها، وأن تُحرَق معه وهي حَيَّةٌ على مَوْقِدٍ واحدٍ»، أو شرائع أخرى توصف فيها المرأةَ بأنَّها أسوء من سُمِّ الأفاعي، ومن الجحيمِ نفسه.
وأوضح شيخ الأزهر خلال حلقته الثانية ببرنامجه “الإمام الطيب، المذاع على القناة الأولى والفضائية المصرية وبعض القنوات العربية والأجنبية، والتي جاءت تحت عنوان:«تحرير الإسلام للمرأة» أن حضارة اليونان التي يزهو بها الأوربيون والأمريكيون اليوم، ويَفخَرون بالانتسابِ إليها، فإنَّها لم تُعرف فيها نماذج لامرأة نابهة، ورغم أنَّ أرسطو كان يُمثِّل أكبر عقل ظَهَر في هذه الحضارة، إلَّا أنَّه بنى فلسفتَه الاجتماعيَّة على أنَّ المرأة للرجُلِ كالعبدِ للسيِّد، وأنَّ منزلتَها عندَ زوجها لا تعدو منزلة الخادم البربريِّ لدى مخدومه اليونانيِّ، وسبب ذلك ما تخيَّله أرسطو من أنَّ الطبيعةَ تمنَحُ الرجل عقلًا كاملًا، بينما تمنَح المرأةَ حَظًّا أقلَّ، وقد حملَتْه هذه الفلسفة على أن يُصادِر على المرأة حقَّها.
وبيّن فضيلة الإمام الأكبر أن المرأة لم تكن بأفضل حال أو أقلَّ بؤس في ظلِّ القانون الروماني الذي حَكَم عليها بوجوب تبعيَّتِها للرجل أبًا كان هذا الرجل أو زوجًا أو ابنًا، وحين سقطت الدولة الرومانيَّةُ بكلِّ أنظمتها السياسية والاجتماعية، سادت في الشرق الأوسط موجة من كراهية الملذَّات والشهوات، والزُّهد في متاع الحياة الدُّنيا تَطوَّرَ معها وضعُ «المرأة» إلى طورٍ جديدٍ من الإهانة والإذلال، وتَمثَّل في بعثِ الاعتقاد بالخطيئة الأولى التي ارتكبَتْها المرأة حسبما تقرِّر النصوص الدينية، وبوجوب الابتعاد عنها قَدْرَ المستطاع، اللهمَّ إلَّا للضرورات التي تُبيح المحظورات، وقد مثَّلَت هذه العقيدة الشغلَ الشاغل في الغرب، وظلَّ علامةً بارزة في أبحاثهم ومناقشاتهم حتى القرن الخامس الميلادي، حيث عُقد مجمع بفرنسا، تساءل عن المرأة وقد انتهى المجمعُ بأغلبيَّةِ الآراء إلى أنَّ المرأة جسدٌ خالٍ من الروح الناجية، ولم يَستَثنُوا من هذا التعميمِ إلَّا السيدة مريم، أمَّ المسيح عليهما السلام، وظلَّت المرأةُ أسيرةَ هذه النظرة الدونية، ثم لم تَتحرَّر منها إلَّا حين تحرَّر الأرقَّاءُ والعبيد.
وأضاف الطيب أنه في عام 586م من القرن السادس عقد الفرنسيون مؤتمرًا آخَر، تساءلوا فيه عن جنس المرأة: هل هي من البشر أو من جنسٍ آخَر، وانتهى المؤتمر إلى أنَّ المرأة مخلوق لخدمة الرجال ولا شيء بعدَ ذلك، إلا أن الحضارة الوحيدة من بين سائر الحضارات القديمة، التي انفردت بتكريم المرأة وتمكينها من حقوقها الشرعيَّة، هي الحضارة المصريَّة القديمة التي خوَّلَتْها حقوق الملكيَّة والميراث وغيرها من الحقوق، مشيرا إلى أنَّ المرأة لم تحصل على حقوقِها حتى في الشرائع والأديان التي واكبت حضارات القرون الوسطى، ولم يقتصر الأمر فيها على سَلْبِ حقِّ الميراث فقط، وإنَّما تعدَّاه إلى ما يَمسُّ إنسانيَّتَها وآدميَّتَها.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الحلقة الثانية بأنه لا يذهبنَّ بنا الظَّن إلى أنَّ الحضارة الأوروبيَّة والأمريكيَّة في بدايات عصورها الحديثة كانت خيرًا من حضارة العصور الوسطى فيما يتعلق بإنصاف المرأة والاعتراف بحقوقها الإنسانية، فضلًا عن حقوقها الاجتماعية والسياسية، مشيرا إلى أن هذا كان تاريخ المرأة في مَسار الحضارات الغربية.
ويذاع برنامج «الإمام الطيب» يوميا على القناة الأولى والفضائية المصرية وبعض القنوات العربية والأجنبية، بالإضافة إلى الصفحة الرسمية لفضيلة الإمام الأكبر على «فيسبوك»، والصفحات الرسمية للأزهر الشريف على مواقع التواصل الاجتماعي.
إقرأ المزيد :