خبراء يحذرون من التحريض ضد مصر ويتهمون دول اقليمية .. و رياضيون يؤكدون أنها مجرد مباراة ولن تؤثر

القاهرة: صباح موسى

تقام غدا مباراة كرة القدم بين فريقي الأهلي المصري والهلال السوداني بدوري أبطال افريقيا في إستاد القاهرة، وتحظى هذه المباراة بترقب شديد من قطاع واسع وعريض من جماهير الفريقين، ليس فقط لأهميتها في تحديد الفائز والصاعد في البطولة، لكن لتجاوزها الحاجز بكونها مجرد مباراة رياضية إلى ما هو أبعد، وانعكاس ظروفها على العلاقات المصرية السودانية، ما خلق نوعا من أنواع السجال والتراشق اللفظي على وسائل التواصل الإجتماعي بين مجموعات وأفراد من شعبي وادي النيل، ليتحول اللقاء إلى أزمة أثارت بعض القلق على علاقات وطيدة ممتدة في جذور التاريخ ، ليتجدد السؤال المتكرر مالذي يجعل علاقات بهذا الحجم وهذا العمق والترابط الشعبي بأن تهتز لمجرد زوابع مصنوعة من البعض لا يريدون خيرا لهذه العلاقات، ما هي قوة هذه الأيادي التي تستطيع وفي أي وقت إشعال فتيل أزمة، ورغم انها سرعان ما تنطفئ إلا أننا هنا بصدد مناقشة سهولة الإشعال لأتفه الأسباب، وليس سرعة الإطفاء بمجهود كبير.

(أفرونيوز 24) تناقش في هذا التقرير انعكاس المباراة ومدى تأثيرها على العلاقات المصرية السودانية … وماهي قوة هذا التيار الذي يعمل بلا كلل في تعكير صفو العلاقات بين مصر والسودان ؟، ولماذا لا يوجد تيار قوي ومناهض لهؤلاء الذين يعادون علاقات قوية وسليمة بين البلدين ؟، رغم وجود طيف واسع في البلدين من المحبين لهذه العلاقات… هل لأن أعداء العلاقة استطاعوا تكوين تيار عريض ضد تطورها في حين اكتفى المحبين إلى العمل فرادى ووقت ماتستدعي الظروف فقط.

مجرد مباراة

بداية ينبغي أن نؤكد أن مباراة الأهلي والهلال ينبغي ألا تخرج من كونها مجرد مباراة كرة قدم فيها نصر وهزيمة داخل المستطيل الأخضر، وتنتهي بمجرد الخروج منه، وإلى الذين يعولون على أحداث شغب وعنف داخل المدرجات لينعكس ذلك أكثر وأكثر بالسلب على العلاقة بين البلدين، يتأكدون أن ذلك لن يحدث على أرض القاهرة التي تحتضن أكثر من 5 مليون سوداني، وأن المدرجات لن تضيق على مشجعي الهلال سواء كانوا 100 مشجع أو 2500 مشجع، وأن هؤلاء المشجعين سيظلوا عددا مكملا لباقي الـ (50) ألف مشجع من المصريين، وستظل النتيجة سواء فاز الهلال أو الأهلي مجرد نتيجة لمباراة بين فريقين كبيرين، وأن العلاقات الممتدة بين الشعبين لا يمكن أن تتأثر أبدا بما يحدث داخل الملاعب الرياضية.

لن تسئ

من جانبه أكد كابتن عبد المنعم شطه رئيس الادارة الفنية بالاتحاد الأفريقي أن المباراة بين الأهلي والهلال لن تسئ إلى علاقات تاريخية ممتدة بين البلدبن، وأن جذور هذه العلاقة عصية على المحاولات لبعض رواد وسائل التواصل الإجتماعي.

وقال شطه لـ (أفرونيوز 24) ” إن العلاقات المصرية السودانية مرتبطة بعضها البعض، وإن هناك ملايين من السودانين يعيشون حياة كاملة في مصر بلدهم الثاني، مضيفا ” أن معظم أحياء القاهرة من المهندسين لفيصل والهرم وعين شمس وأرض اللواء وغيرها، يشهدون بأن السودانيين والمصريين يعيشون مع بعضهم البعض كأنهم شعب واحد، رغم ما تحدثه السوشيال ميديا من توترات نتيجة لأهداف مقصودة لتعكير صفو هذه العلاقات، وتابع ” هي مجرد مباراة من سيفوز بها سنقول له (مبروك)، ومن سيهزم سنقول له (هارد لك)، لافتا إلى المباراة بين الأهلي والهلال صعبة جدا، مؤكدا أن الأهلي فرصه أفضل فيها بنسبة كبيرة، وأن اللاعبين لديهم دافع قوي بالفوز بعدما عادت الدماء في عروقهم بعد أن أضاع الهلال فرصته في التأهل في الدقيقة الأخيرة في المباراة السابقة، وضياع ضربة الجزاء أمام صن داونز الجنوب أفريقي.

وقال ” إنه لا يوجد هناك مبرر لعدم اقتناص الأهلي هذه الفرصة لتعويض المبارايات التي خسرها، مضيفا “في المقابل الهلال أصبح فريقا له شكل وسمة ودراسة وتخطيط مدرب ويمكنه أن يستفيد من كل ذلك، وأتمنى أن يستمر في هذا الشكل ويستطيع أن يحقق هذه البطولة والتي لم يحققها في تاريخه، وتابع “لا أستطيع أن أتوقع نتيجة المباراة، ولكن من يبذل المجهود الأكبر والأكثر توفيقا سيحالفة الحظ ويفوز بهذه المباراة.

منافسة رياضية

أما كابتن حسام البدري المدير الفني الحالي لنادي الصفاقسي التونسي الحالي والمدير الفني السابق لناديي الأهلي والمريخ السوداني فقد أكد من جهته أن الشعب المصري والسوداني اخوة عبر التاريخ.

وقال البدري لـ (أفرونيوز 24) ” إن مباراة الغد منافسة رياضية في كرة القدم سوف تنتهي وستظل مصر والسودان أشقاء وأبناء النيل.

كما أكد البدري على صعوبة مواجهة الأهلي المرتقبة أمام الهلال بالجولة السادسة والأخيرة من دور المجموعات لدوري أبطال أفريقيا، مضيفا ” يجب ألا تخرج تلك المواجهة عن إطار الروح الرياضة، خاصة وأن الفريقين ينتميان في المقام الأول لدولتين شقيقتين هما مصر والسودان، والتي تعد علاقاتهما أخوية وتاريخية أبدية.

وأكد حسام البدري أن مباراة الأهلي والهلال، تظل مواجهة في غاية الصعوبة، لكن أثق في انتصار الأهلي في تلك المباراة وتأهله للدور المقبل بدعم الجماهير التي ستتواجد المدرجات بكثافة كبيرة.

شعب واحد

من جانبه أعرب كابتن حسام حسن المدير الفني للنادي المصري عن أمنياته بالتوفيق للأفضل في مباراة الأهلي والهلال غدا.

وقال حسن لـ (أفرونيوز 24) ” مصر والسودان شعب واحد في بلدين، ولا يجب أن تؤثر هذه المباراة على العلاقات الممتدة بين البلدين.

الكل كاسب

وحول تأثير وانعكاس المباراة على العلاقات المصرية السودانية قال السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان السابق بالقاهرة لـ ( أفرونيوز 24) “إنه عندما تنطلق صافرة حكم مباراة هلال الملايين وأهلى البطولات باستاد القاهرة، ستذوب ألوان القمصان الزرقاء والحمراء، ويكتسب نهر النيل لونا جديدا زاهيا لحلبة تنافس شريف، مضيفا ” أن الكل في هذه المباراة كاسب ومن يصعد يمثل شعبا واحدا فى بلدين.

وتابع ” منذ الأزل تواصلت زيارات المريخ والهلال والموردة والأهلى والزمالك والمحلة والإسماعيلى للسودان ومصر، لا يذكر الناس تفاصيل نتائج المباريات تلك، لكنهم يعلمون أن لقاءات تلك الفرق قد خلفت وراءها أزاهيرا تسر الناظرين فى بستان علاقات شطرى وادي النيل، وارتوت تلك الأزاهير كذلك من عرق العديد من اللاعبين السودانيين والمصريين الذين ابدعوا فى اللعب لأندية السودان ومصر، ولاتزال ذاكرة النيل تحفظ أسماء سليمان فارس وعمر النور وسمير محمد على وقرن شطة والحضرى وأيمن سعيد وحسام البدرى مدربا وغيرهم وغيرهم وغيرهم.

وتابع ” لم أنزعج كثيرا لما حدث من تلاسن وتعارك على السوشيال ميديا فهذه تشاكسات تحدث حتى فى إطار الأسرة الواحدة والفريق الواحدة ومرمى العلاقات السودانية المصرية جبال راسيات محصن، و لن تلج فيه تصويبة استروبيا أو من ضربة غاضبة، مطالبا من الجميع أن يجعل من المباراة مهرجانا للتواصل والوصل بين رياضيى وادى النيل، مؤكدا أن الكل كاسب.

لن تتأثر

كما أكد السفير علي يوسف رئيس المبادرة الشعبية لتعزيز العلاقات السودانية المصرية أن المباراة ليس لها أي تأثير على العلاقة بين البلدين. وقال يوسف لـ (أفرونيوز 24) إن ما أثير حول المباراة ما هو إلا (سخف) من ألتراس كرة القدم، مؤكدا أن العلاقة بين البلدين تاريخية وممتدة وقابلة للنقاش في كل القضايا، وأنها لن تتأثر أبدا بمجانين كرة القدم، مضيفا أن مصر قادرة على إدارة المباراة وتأمينها من أي أحداث شغب، وتابع لا يمكن لمشجعي فريق أي كان عددهم التأثير على علاقات تستضيف مصر فيها أكثر من 5 مليون سوداني، مستدركا في الوقت نفسه أنه لا يخشى من أحداث المباراة للتنظيم والإعداد الجيد لها من الجانب المصري.

بيان المثقفين

انعكاسات المباراة وما صاحبها من مناوشات على وسائل التواصل الإجتماعي جعل مجموعة كبيرة من المثقفين المصريين والسودانيين يصدروا بيانا دعوا فيه لجعل مباراة الهلال والأهلي عنوانا للمحبة بين مصر والسودان، وأكد البيان أنها مباراة لكرة القدم وليست معركة، وقال البيان إنه قد رشح في الأيام الماضيات سجال بين بعض أبناء وادي النيل عبر ضفتيه الجنوبية والشمالية بلغ عند البعض تراشقاً وتلاسن تعدى سبب الجدل، وطال شعب الوادي في البلدين، مضيفا ليس لدينا مشكلة في الحوار الشفاف، وإثارة القضايا المسكوت عنها بموضوعية من أجل البناء لا الهدم لكن ما لا نحبذه السجال الشعبوي وإثارة الفتن، والوقوع في افخاخ التنميط المتبادل، وتابع بمثلما نعبر عن أسفنا عن بعض تراشق و جدال بيزنطي، وتلاسنات في الوسائط الإعلامية بين الأشقاء في دولتي وادي النيل تجاوزت في الكثير، وخرجت عن أسلوب اللائق وما يجب أن يكون عليه أخوة البيت الواحد.

وقال البيان ” قد زكي هذا الإسعار وانساق خلفه البعض بدوافع مختلفة، متناسين أن ما يجمع بين الشعبين أواصر رحم ودم، ما كان لها أن تنفصل بمثل هكذا تراشق، وأكد البيان أن ما بين مصر والسودان علائق جذورها ضاربة في عمق تاريخ مشترك، وتربطها الجغرافيا والنيل، وتعززها المصالح المشتركة التي تتجاوز الحكومات والأنظمة السياسية

وأضاف البيان ” يظل إيماناً بوجود ما يوحد الشعب في وادي النيل اكثر من الذي يفرق ، مناديا على ضرورة وجود حكماء بين أبناء وادي النيل، يتصدون لأي هتر يبرز على السطح بين الفينة والأخرى، ويستعر من وقت لآخر حتي يهدأ ثم يعاود الإشتعال مرة أخرى مع كل حدث يجمع بين شعبينا، مضيفا

مضيفا مثل هذه الرزايا والعنف اللفظي الذي يرشح هذه الأيام يظل خصما علي مبادئ الإخوة الحقة بين أبناء الشعبين والتي لو سارت علي نهجها الصحيح، لانطلق شعبينا نحو علاقات متكافئة نزيهة تعود بالرفاه والمنعة للشعبين، مضيفا فلتكن مباراة السبت بين الهلال السوداني والأهلي المصري عنوانا للمحبة بين الشعبين، نبارك للمنتصر فيها وننمي روح المهزوم بالجاهرية للقاءات القادمة والقدرة على الفوز مستقبلاً متحلين بروح الاخاء والود، ولنجعلها انطلاقا لمبادراة يطلقها الحكماء في وادي النيل لتأكيد المعاني السامية بين الشعبين، إغلاقا لأبواب الفتن وما يفرق بين شعبينا، ودعا البيان الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي في البلدين إلى التعاطي بروح المحبة مع الحدث بين البلدين وقطع الطريق أمام كل عناصر تحاول تعكير صفو هذه العلاقة.

شحن وتحريض

وللسؤال عن الذي أقلق هذه المجموعة من مثقفي البلدين إلى درجة إصدار بيان حول المباراة المرتقبة بين الأهلي والهلال أجابت الدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وأحد الموقعين على البيان قائلة ” أن هناك شحن في العلاقات وتحريض، وأضافت الطويل لـ (أفرونيوز 24) ” أن هناك أطراف مستفيدة من تعكير صفو العلاقة بين البلدين، وأنه ليس هناك وجود مصري في السودان للدفاع عن مصر، بالإضافة للسيولة السياسية الموجودة حاليا في السودان، وتابعت هناك أطراف في السودان مستفيدة من العلاقات مع مصر وأخرى متضررة، وفي هذا التوقيت تنتصر الصور النمطية السلبية، ولم تتفق الطويل مع وجود تيار معادي لمصر داخل السودان، وقالت هناك تحريض خارجي على بعض السودانين تمارسه أطراف خارجية ضد مصر، وأن أثيوبيا هي المستفيد من هذا التحريض منذ قرابة 10 سنوات، وأن أديس أبابا تمارس هذا الدور بشكل مستمر، لافتة إلى أن هناك حاجة لإعلام مصري يهتم بالسودان وبحال السودانين في مصر، بالإضافة لمناقشة القضايا السودانية في مصر.

مزيد من النقاش

ويبقى أن العلاقات المصرية السودانية تحتاج لمزيد من النقاشات المستمرة بين النخبة والمثقفين في البلدين، تذوب فيها مشاكل الماضي والصور الذهنية السلبية المسيطرة، وتكوين تيارات وتيارات من المحبين لهذه العلاقات، لمجابهة نمو هذا التيار المعارض لتطور، والذي يخطط باستمرار لتعكير صفو العلاقات بين البلدين، على أن تكون العلاقة بين مصر والسودان استراتيجية مدروسة بين البلدين وخط أحمر وأمن قومي بعيد عن أي مزايدات سياسية داخلية.

وفي الختام ستبقى مباراة الأهلي والهلال مباراة يجب أن يسعد فيها الجميع لفوز أيا منهما فالنتيجة واحدة (نصر مصر هو نصر السودان والعكس نصر السودان هو نصر مصر ).

إقرأ المزيد 

تعرف علي موعد مباراة الأهلي والهلال والقنوات الناقلة