نسرين الصبيحي تكتب : عن حبِّ مصر واليمن أتكلم
استقرّت الكلماتُ المنسوبة لوزير الخارجية أحمد بن مبارك وتناقلتها وسائل الإعلام العربية والدولية ، كشوكٍ كيفما تحرّكنا أوجعنا… تكلّم الوزير بما في خاطرهِ .. تكلّم متجاهلاً دور مصر التاريخي مع اليمن ، بمراحله المختلفة، وأهمها الانتصار لثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢ المجيدة .
ومن هنا، أتمنى على جهة القرار بالتعيين ، إبراز أهمية وخصوصية وتميّز علاقة اليمن مع بعض الدول ، ومنها السعودية ومصر على وجه الخصوص لأدوارهما الفاعلة والهامة في جميع القضايا العربية.
إلتزام الوزير بالمصالح السياسية لبلده والالتزام بالضوابط الدبلوماسية في أداء مهامه، من أبجديات تقلّد المنصب وخاصة منصب وزير الخارجية باعتباره واجهة البلد .
لقد كان لليمن حضورٌ مشرّف في فضاء العلاقات الخارجية ، قبل الانتكاسات التي مرّت وتمرُّ بها منذ ٢٠١١ إلى يومنا هذا ، حضورٌ مشرّف مثّلهُ عددٌ كبيرٌ من أبنائها منهم على سبيل المثال لا الحصر ، مع حفظ الألقاب ، عبدالكريم الإرياني ، محمد سالم باسندوة ، محسن العيني ، محمد صالح مطيع ، عبدالعزيز الدالي ومحمد نعمان رحم الله من فارقنا منهم ، وحفظ من بقي معنا بحضوره .
هنا ينصرف خاطري إلى أم الدنيا … مصر الخير التي طالت بكرمها و بحسّها الإنساني كل محتاج من العرب وغيرهم، ملايين من مواطني السودان والعراق وسوريا وليبيا وأكثر من ٢ مليون مواطن يمني ..
بحسب تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري الأخيرة ، أكثر من ٩ مليون لاجئ ومهاجر يتواجدون في مصر ، يتقاسمون سبل الحياة والخدمات و(العيش) رغيف الخبز المدعوم مع أشقائهم المصريين.
لكل منّا ولأسبابه الخاصة وطن استثناء ، لكن كلنا نحن العرب استثناؤنا مصر، تتقاطع عندها كل الطرق، مصر لا تشبه غيرها، مصر مثل الأم تظل في عيوننا أجمل النساء رغم تقدمها بالسن وبروز التجاعيد في وجهها ، وهكذا مصر في عيوننا وقلوبنا رغم ما مرّت به .
مصر التي كانت موطناً لأهم الحضارات البشرية منذ آلاف السنين ، ومنبعا للعلم والعلماء ومازالت.
مصر التي أنجبت على سبيل المثال لا الحصر ، طه حسين، المنفلوطي، أحمد زويل ، توفيق الحكيم ، مجدي يعقوب ، نجيب محفوظ ، زكي طليمات وأم كلثوم.
مصر التي غرست فينا الثقافة عبر السينما والراديو والتلفزيون والمسرح ، مصر الفن والموسيقى ، مصر التي علمتنا أبجديات الإعلام وصناعة الأفلام .
مصر منطلق التفوّق والنجاح والانتشار لكثير من الفنانين والمبدعين العرب .
مصر التي انتشر أبناؤها للتدريس في أرجاء الوطن العربي وهي أسمى وأرقى وأهم وظيفة في التاريخ ، بفضلهم تعلّمنا القراءة والكتابة وشتّى أنواع العلوم …
إن ما تعانية اليمن اليوم ، بسبب ضعف أداء الحكومة الشرعية أو إضعافها ، وصلف الحوثيين وإجرامهم ، عداك عن القوى التي تعمل بالخفاء ضد مصالح اليمن ، واحباطات متعددة الوجوه ، ترتّب عليها تداعيات جسيمة، مما أدّى إلى عجزها مجاراة تطوّرات العصر ، وانعكاس ذلك سلبا على حياة المواطنين وأمنه واستقراره.
أنصح وبكل احترامٍ، مجلس القيادة الرئاسي ، اتخاذ اجراءات أكثر فاعلية، بالتحرك السريع والفوري نحو مصر ، لمعالجة آثار تصريحات بن مبارك في أثيوبيا – إن تسببت فعلا بتوتّرٍ يدركه الأغلب- ومعالجة أي أسباب تؤثر على علاقة اليمن بمصر -إن وجدت-
وعلينا نحن اليمنيون أن نركّز ونؤكّد على خطاب المحبة بيننا ونبذ ورفض وتجاهل أي صوت يسبب شقّ الصف ، والترفّع عن لغة التخوين والكراهية ، فكلمات الحب كفيلة بمداواة ما يعجز عنه أطباء القلوب
أخيرا نحبك مصر بلا قيود
نحبك ذاك الحب اللامشروط …
حفظ الله مصر واليمن والوطن العربي والإنسانية جمعاء
* نسرين الصبيحي .. مخرجة يمنية
إقرأ المزيد :