آسيا العتروس تكتب : تحية للمرابطين في الأقصى
هم حماة البيت في كل الأوقات والأزمات يعرف الإحتلال جيدا طينتهم ولذلك يخشى مواجهتهم … لا يقولون للبيت رب يحميه وهم الذين تجندوا دفاعا عن الأقصى في مواجهة هجمة تتار العصر و آخرها هجمة الأمس بالتزامن مع النصف من شهر رمضان في محاولة لتدنيس الأقصى و تقديم قربان الفصح داخل الحرم .
يعلم المرابطون في الأقصى كما يعلم أغلب الفلسطينيين أن معركة الأقصى معركتهم , و أنه على عكس ما تردده البيانات الكلاسيكية المستنسخة للأنظمة والمنظمات والحكومات العربية وغيرها والتي لن توقف العدوان أنهم أصحاب القضية و أنهم من يقف في الخط الاول للدفاع عن المقدسات من آثار الأقدام الهمجية .
وهذا هو الواقع في ظل هشاشة المشهد و غياب موقف عربي واضح من الإحتلال بعد أن امتد خنجر التطبيع لتعميق الجراح و توسيع رقعة الإنقسامات التي لا تخدم غير مصلحة الإحتلال , و هو ما يعني بالضرورة أن على المرابطين الذين تحملوا المسؤولية بشجاعة أن يعودوا إلى تنظيم صفوفهم وجمع التأييد و التمويلات , و أن يتأهبوا لمواصلة ما بدأوه و يستعدوا لكل الاحتمالات خاصة بعد دعوة وزراء في حكومة ناتنياهو علنا إلى العودة الى تصفية القيادات و العودة إلى الإغتيالات .
ما حدث فجر أمس في ساحة الاقصى لم يكن بالأمر الجديد أو المفاجئ فقد تكررت مشاهد الإعتداءات على المقدسات و هي الجانب الآخر المنسي من الإحتلال البشع و باتت أمرا مألوفا في حياة الفلسطينيين الذين يتصدون بما توفر لديهم لكل محاولات تدنيس الاقصى و التضييق على المرابطات و المرابطين هناك ممن حملوا و تحملوا لواء الدفاع عن الاقصى في كل الاوقات و رد العدوان و محاولات تدمير المسجد بهدف العثور على الهيكل المزعوم .
مشهد الاقتحامات الهمجية و مطارة المعتكفين و استعمال القنابل المسيلة للدموع و تكبيل الأيدي و هي مشاهد موثقة تابع العالم أطوارها لحظة بلحظة شكلت إستغاثة الأقصى المكتومة التي لا تجد لها مستجيبا في ظل عربدة قوات الإحتلال المسعورة التي كانت تطرد المرابطين لتفتح الطريق بدلا من ذلك أمام مجموعة الهيكل اليهودية المتطرفة لإحياء طقوسها التلمودية في عيد الفصح .
غداة حريق الاقصى الذي أججه يهودي أسترالي إسرائيلي متطرف سنة 1969 خرجت جولدا مائير تقول “عندما حرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستسحق، لكن عندما حل الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق”.. لم تنم رئيسة الوزراء الاسرائيلية و هي تنتظر طلوع الشمس خوفا من جحافل القوات العربية و الإسلامية نصرة للأقصى و منذ ذاك الحين أدركت غولدا مائيير و كل من جاء بعدها أنه لا شيء يمكن أن يحرك ملايين العرب و المسلمين .
و يمكن القول أن نبوة جولدا مائير قد تكون صدقت في جزء منها و لكن ليس كلها لسبب بسيط و أن مائيير ذاتها التي تنبأت بأن الكبار سيموتون و الصغار سينسون فشلت فشلا ذريعا في قراءة و فهم إرادة الشعب الفلسطيني و لم تدرك أن مع كل جيل فلسطيني جديد يولد تزداد القضية الفلسطينية ترسيخا في العقول و القلوب و تواصل ,و كلما إعتقد البعض أن القضية إقتربت من نهايتها و طي آخر صفحاتها إلا و عادت و انتفض كما ينتفض طائر الفينيق و قدمت للعالم أروع الملاحم النضالية في الصبر و الصمود و البقاء و الدفاع عن الحق المشروع و افتكاكه من بين أنياب الإحتلال .
و الأكيد أن في استمامة مرابطي الأقصى و إصرارهم على تحدي قوات الإحتلال و قطعان المستوطنين ما يختزل نموذج بسيط عما يمتلكه هذا الشعب من قدرات لمواصلة المسيرة رغم كل خذلان و تنكر الأقربون و غيرهم و رغم كل القيود و الإختبارات المعقدة التي يواجهها الفلسطينيون من الضفة إلى القطاع .
و اليوم فإن مهمة و مسؤولية هؤلاء المرابطين اللذين يتصدرون جبهة الدفاع جسيمة و هي مسؤولية تاريخية لا يمكن لأي كان أن ينوبهم فيها في مهم حماية الأقصى و سحب البساط أمام محاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، الذي يسعى الإحتلال لتثبيته على أرض الواقع كما فعلوا سابقا في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
و ربما لا يعرف الكثيرون أن شباب المرابطات و المؤرابطين جعلوا من حماية الأقصى مهمتهم في الحياة و هناك من تخلى عن عمله و تفرغ لهذه المهمة العسيرة التي استعصت على العدالة الدولية رغم أن مدينة القدس خاضعة للقانون الدولي .
* آسيا العتروس .. كاتبه تونسية
إقرأ المزيد :