راح ضحيتها مليون قتيل .. العالم يحيي ذكري الإبادة الجماعية في رواندا
" جوتيريش " محذرا : التزام الصمت في وجه الكراهية هو ضرب من التواطؤ
يحيي العالم اليوم السابع من أبريل ذكري الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، التي أدت إلى مقتل أكثر من مليون طفل وامرأة ورجل في 100 يوم.
في رسالته بمناسبة اليوم الدولي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش “نبدي الإجلال لذكرى الضحايا- الذين كانت أغلبيتهم الساحقة من التوتسي، وكذلك للهوتو وغيرهم ممن عارضوا الإبادة الجماعية. ونشيد بصمود الناجين. ونعرب عن تقديرنا لرحلة الشعب الرواندي نحو تضميد الجراح والتعافي والمصالحة. ونتذكر – بخجل – فشل المجتمع الدولي”.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة عدم نسيان ما حدث وضمان أن تظل الأجيال القادمة تتذكر دوما. وقال إن خطاب الكراهية، وهو أحد النُذر الرئيسية بخطر الإبادة الجماعية، من السهل أن يتحول إلى جرائم كراهية.
وحذر جوتيريش من أن التزام الصمت في وجه الكراهية هو ضرب من التواطؤ , وقال إن منع الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، مسؤولية مشتركة وواجب أساسي على عاتق كل عضو في الأمم المتحدة.
ودعا إلى الوقوف معا بحزم ضد التعصب المتزايد، وتكريم ذكرى جميع الروانديين الذين لقوا حتفهم من خلال بناء مستقبل يضمن الكرامة والأمن والعدالة وحقوق الإنسان للجميع.
تذكير – اتحاد – إحياء
وشهدت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم الجمعة ، مراسم إحياء الذكرى الـ29 للإبادة الجماعية في رواندا , حيث نظم الحدث إدارة الشؤون السياسية والسلم والأمن بمفوضية الاتحاد الأفريقي، بالتعاون مع سفارة جمهورية رواندا في إثيوبيا والبعثة الدائمة لدى الاتحاد الأفريقي .
وفقًا للاتحاد الأفريقي في بيان صحفي ” ستقام مراسم الذكرى هذا العام تحت شعار “تذكير – اتحاد – إحياء” في قاعة نيلسون مانديلا التابعة لمفوضية الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، التي ستبدأ بـ “مسيرة احياء الذكرى”، تليها المراسم في مقر الاتحاد الأفريقي، أديس أبابا.
وأكد الاتحاد الأفريقي، أن إحياء ذكرى الإبادة الجماعية والتي راح ضحيتها نحو مليون شخص معظمهم من قبائل التوتسي في رواندا، والتي قتل فيها أيضا معتدلون من الهوتو والتوا وغيرهم ممن عارضوا الإبادة الجماعية في رواندا، يهدف إلى خلق وعي أكبر لدى الشعوب الأفريقية، والمجتمع الدولي بشأن قيمة الحياة والإنسان وتجديد التزامنا الجماعي بحماية حقوق الإنسان الأساسية ودعمها.
وقال الاتحاد الأفريقي في بيانه ” ويهدف إحياء الذكرى أيضًا، إلى تذكر الفظائع التي ارتكبتها الإبادة الجماعية عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، والتوحد معًا في مكافحة جرائم الإبادة الجماعية، وأيديولوجيات الإبادة الجماعية، فضلاً عن إنكار الإبادة الجماعية، والالتزام الجماعي بالعدالة والنضال، وتجديد الالتزام بمكافحة الإبادة الجماعية وخطاب الكراهية والجرائم الأخرى ضد الإنسانية.
وحضر مراسم إحياء الذكرى السنوية التاسعة والعشرين، مسؤولون من مفوضية الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وأجهزة الاتحاد الأفريقي، والمؤسسات الدينية، ومؤسسات حقوق الإنسان، والمنظمات الحكومية الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والمدارس والمؤسسات الأكاديمية في إثيوبيا.
بداية المذبحة
في 6 أبريل 1994، أشعل مصرع رئيسي بوروندي ورواندا في حادث سقوط طائرة على إثر هجوم صاروخي جذوة عدة أسابيع من المذابح الكثيفة والمنهجية. وصدمت عمليات القتل، حيث يقدر أن عدداً يناهز 1 مليون نسمة فقدوا أرواحهم فيها، مشاعر المجتمع الدولي وكان من الواضح أنها أعمال إبادة جماعية. وأشارت التقديرات أيضاً إلى اغتصاب ما بين 000 150 و 000 250 امرأة .
وشرع أعضاء الحرس الجمهوري في قتل المدنيين التوتسي في قسم من كيغالي يقع قريباً من المطار. وفي غضون أقل من نصف ساعة من وقوع حادث سقوط الطائرة، كانت المتاريس التي يقف عندها أفراد مليشيات الهوتو ويساعدهم فيها في كثير من الأحيان أفراد من الشرطة شبه العسكرية أو عسكريون قد أقيمت للتحقق من هوية أبناء طائفة التوتسي.
وفي 7 أبريل، بثت محطة الإذاعة والتليفزيون ’الحرة للتلال الألف‘ إذاعة تنسب فيها سقوط الطائرة إلى الجبهة الوطنية الرواندية ووحدة من جنود الأمم المتحدة، وبعض الأقوال التي تحرّض على استئصال “الصرصار التوتسي”.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، تم قتل رئيسة الوزراء أجاثا أويلينغييمانا و 10 من أفراد حفظ السلام البلجيكيين المخصصين لحمايتها بطريقة بشعة على أيدي الجنود الحكوميين الروانديين في هجوم على بيتها. وجرى بالمثل اغتيال غيرها من زعماء الهوتو المعتدلين. وسحبت بلجيكا بقية أفراد قوتها بعد المذبحة التي حدثت لجنودها.
وفي 21 أبريل، طلبت البلدان الأخرى سـحب جنودها، وانخفضت قـوة بعثـة تقديم المساعدة إلى رواندا من 165 2 فرداً في بدايتها إلى 270 فرداً.
وإذا كانت إحدى المشاكل تتمثل في عدم وجود التزام صارم بالمصالحة لدى بعض الأطراف الرواندية، فقد أدى تردد المجتمع الدولي في الرد إلى تفاقم المأساة. وكانت قدرة الأمم المتحدة على الحد من المعاناة البشرية في رواندا مقيدة تقييداً شديداً لعدم استعداد الدول الأعضاء للاستجابة لتغير الظروف في رواندا بتعزيز ولاية البعثة والإسهام بقوات إضافية.
وفي 22 يونيه، أذن مجلس الأمن لقوات تحت قيادة فرنسية بالقيام بمهمة إنسانية. وأنقذت هذه المهمة، التي يطلق عليها عملية توركواز حياة مئات المدنيين في جنوب شرق رواندا، ولكن يقال أيضاً إنها سمحت للجنود والمسؤولين والمليشيات الضالعين في جريمة القتل الجماعي بالهروب من رواندا من خلال المناطق الخاضعة لسيطرتها. واستمرت جرائم القتل في المناطق الأخرى حتى 4 يوليه 1994 حين سيطرت الجبهة الوطنية الرواندية عسكرياً على أراضي رواندا بأكملها.
إجراء المحاكمات على جريمة الإبادة الجماعية
وبدأت الحكومة الرواندية في نهاية عام 1996 في إجراء المحاكمات التي طال انتظارها على جريمة الإبادة الجماعية. وكان هذا التأخير يرجع إلى أن البلد قد فقد معظم أفراده العاملين في القضاء، ناهيك عن تدمير المحاكم والسجون وغير ذلك من الهياكل الأساسية , وبحلول عام 2000، كان ثمة 000 100 مشتبه في ارتكابهم جريمة الإبادة الجماعية ينتظرون المحاكمة.
غاتشاتشا
وفي 2001، بدأت الحكومة في تنفيذ نظام العدالة التشاركية، المعروف باسم ” غاتشاتشا ” للتصدي للكم الهائل من القضايا المتأخرة. وانتخبت المجتمعات المحلية قضاة لإجراء المحاكمات للمشتبه فيهم بجريمة الإبادة الجماعية المتهمين على جميع الجرائم فيما عدا التخطيط للإبادة الجماعية أو الاغتصاب. وأطلق سراح المتهمين في محاكم غاتشاتشا مؤقتا رهن المحاكمة. وسببت عمليات الإفراج قدراً كبيراً من الاستياء بين صفوف الناجين الذين يرون فيها شكلاً من أشكال العفو العام. ولا تزال رواندا تستخدم النظام القضائي الوطني لمحاكمة المتورطين في التخطيط لجريمة الإبادة الجماعية أو الاغتصاب في ظل قانون العقوبات العادي. ولكن هذه المحاكم لا تسمح بالإفراج المؤقت عن المتهمين في جرائم الإبادة الجماعية.
وتخفف محاكم غاتشاتشا أحكامها إذا أعلن الشخص توبته والتمس التصالح مع المجتمع . ويقصد بهذه المحاكم مساعدة المجتمع على المشاركة في عملية العدالة والمصالحة في البلد.
المحكمة الجنائية الدولية لرواندا
وعلى الصعيد الدولي، أنشأ مجلس الأمن في 8 نوفمبر 1994 المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، التي يقع مقرها حالياً في أروشا، بتنزانيا. وبدأت التحقيقات في مايو 1995. وقدم أول المشتبه فيهم إلى المحكمة في مايو 1996 وبدأ النظر في أولى القضايا في يناير 1997. ولهذه المحكمة التابعة للأمم المتحدة اختصاص بالنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان الدولية المرتكبة في رواندا خلال الفترة بين يناير وديسمبر 1994، ولها القدرة على محاكمة كبار أعضاء الحكومة والقوات المسلحة الذين ربما يكونون قد هربوا إلى خارج البلد ويمكن بغير المحكمة أن يفلتوا من العقاب.
وقد أصدرت المحكمة منذ ذلك الحين حكمها على رئيس الوزراء خلال الإبادة الجماعية جان كامباندا بعقوبة السجن مدى الحياة. وكانت أيضاً أول محكمة دولية تدين أحد المشتبه فيهم بارتكاب تهمة الاغتصاب باعتباره جريمة ضد الإنسانية ومن جرائم الإبادة الجماعية.
كما أن المحكمة حاكمت ثلاثة من أصحاب وسائل الإعلام المتهم كل منهم باستخدام وسائل الإعلام الخاصة به للتحريض على الكراهية العرقية والقتل الجماعي. وبحلول أبريل 2007، كانت قد أصدرت سبعة وعشرين حكماً على ثلاثة وثلاثين متهماً.
إقرأ المزيد :
رواندا .. الرئيس كاجامي يفجر مفاجأة : أتطلع للتقاعد وسأعمل يوما ما في الصحافة
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.