رامي زهدي يكتب : المشهد السوداني .. “سيناريوهات .. الممكن والمستحيل”
الأزمة في السودان تتحول تدريجياََ لوضع إنساني وإقتصادي وسياسي متأزم، بينما نتاول الآن بالفرض والتحليل عدد من السيناريوهات مابين المرجح، الممكن، والمستحيل، وبالتناول للتفاوت مابين كل إحتمال وآخر ومدي تأثيره علي فرص الحل للأزمة و ما ينعكس من نتائج علي الشعب السوداني الذي اتفقت معظم الآراء علي أن الشعب السوداني هو المتضرر الأول والأخير من الصراع خاصة وأن الشعب لا يمتلك اي أرصدة من جودة الحياة الكريمة فيما سبق بل عاني علي مدار عهود طويلة من كل أشكال الشقاء الذي يمكن أن تذيقه دولة لشعبها.
السيناريو الأول (طول الأمد و اللاحل):
اللاحل، وطول الأمد، هو سيناريو خطير، حيث يطول أمد الصراعات دون حل حاسم أو واضح وهو ما يعني إستنزاف طاقة وحياة المواطن السوداني وإنهيار متراكم للدولة السودانية التي تعاني في الأصل، وهذا الإحتمال مرجح جداََ وفرص وفرضية حدوثه غير قليلة.
السيناريو الثاني (الإنتصار الحاسم):
ويتضمن ذلك الإحتمال فرضية تحقيق أحد الطرفان إنتصار واضح وحاسم وذلك من خلال إحتمالين فرعيين، إما حدوث الإنتصار بشكل حاسم في مدي زمني قصير وإما حدوث الحسم لكن بعد حين ومدي زمني غير محدد وغير محدود، وكلا من المسارين يحمل مزيداََ من الخسائر المتضاعفة للدولة وللشعب السوداني، لكن هذا السيناريو أيضا يتضمن فرصتين تحمل كلاها فرضيات مختلفة،
الأولي: إنتصار المؤسسية والشرعية وهي إنتصار حاسم للقوات المسلحة السودانية بشكل جلي وواضح، ينتهي بها الطريق بالقضاء علي قوات الدعم السريع نهائياََ ومعاقبة أو قتل قادة هذه القوات، وإستهداف عناصرها بالسجن أو الإقصاء أو حتي الوصول لآليات أكثر ديناميكية في التعامل مع هذه العناصر، إما بالعفو الغير مشروط، أو العفو المشروط أو إعادة الدمج الفردي لهذه العناصر داخل منظومة وإطار القوات المسلحة السودانية، ثم يلي ذلك عملية سياسية شاملة، قد تأخد منحي إنفراد القوات المسلحة السودانية بالحكم سواء كمرحلة إنتقالية أو بشكل نهائي وعودة للحكم العسكري مرة أخري علي أمل أن يستطيع القائمون علي هذا الحكم هذه المرة بناء جسور الثقة بينهم وبين الشعب وتبيض وجه القوات المسلحة وإثبات أن مدنية او عسكرية الحكم ليست مقياساََ الأهم فاعلية وإخلاص وحسن الإدارة ووطنية النظام، أو إحتمال آخر يبدو سائد بدرجة كبيرة وربما يكون الأرجح وهو تقديم القوات المسلحة ضمانة رعاية العملية الديمقراطية وعودة الجيش للثكنات مع حماية لآمال وتطلعات الشعب والمساهمة في محاولة خلق عملية ديمقراطية ينخرط فيها الشعب وقواه المدنية والحزبية والنقابية دون إقصاء او عنصرية او تمييز.
الفرضية الثانية: إنتصار قوة الدعم السريع سواء بشكل عاجل مؤكد أن او بالتقادم وطول الأمد وفي هذه الحالة ووفقا لكل المؤشرات سينفرد قادة قوات الدعم بالسلطة وكل السلطات وللأسف يمكن للسودان الدخول في نفق أكثر ظلمة مما هي فيه الآن، و للأسف هذا الإحتمال أيضا قائم ومرجح خاصة مع توقع و رؤية البعض أن قوي خارجية متعددة ومختلفة تتداخل في الصراع بشكل مباشر وغير مباشر.
السيناريو الثالث (طرف الحسم الثالث):
يتضمن هذا الطرح، تدخل حاسم من الشعب، القبائل والعشائر لدعم أي من جبهتي الصراع الحادث الآن ضد الجبهة الأخري، علي أن تتقدم قوي الشعب لمنصات حكم وإدارة البلاد فور التخلص من أي من الجبهتين وبالتعاون مع الجبهة الأخري، وبالمقارنة بالإمكانيات الفنية والبشرية ربما تكون كفة القوات المسلحة السودانية هي الأرجح علي الرغم من عدم إمكانية إغفال قوة قوات الدعم السريع التي تمثل 60٪ علي الأقل من حجم القوات النظامية ولكن تزيد عنها بدرجة الترابط والمصالح المالية والفئوية التي تربط أفرادها ببعضها البعض.
السيناريو الرابع (الوساطة وتوزيع الحصص):
قد يرجح نجاح أي من الوساطات سواء الدولية، الإقليمية، القارية أو وساطة أي من دول الجوار في فرض فرص للتفاوض وإقتسام النتائج والأدوار وتوزيع الحصص وهو إحتمال وإن كان قائم فإنه أخطر الحلول الممكنة، كونه لا يطفئ النار ولكن يبقيها تحت الرماد معدة للإشتعال.
في النهاية، نتمني كل الخير والإستقرار للشعب السوداني الذي ما كان أبداََ يستحق أن يكون في مثل هذا المشهد، ولا أن تضار أمة مكافحة، عظيمة مثل الأمة السودانية التي للأسف تضار بسوء أفعال بعض أبنائها.
* رامي زهدي خبير الشؤون الأفريقية والسياسية والاقتصادية
تحركات واتصالات دبلوماسية مصرية مع عدد من العواصم لبحث مستجدات الوضع في السودان