الدكتورة هاجر كرباش تكتب .. « حميدتي » و تقسيم جديد لبلاد النيلين
بعد سقوط حكم الرئيس السابق عمر البشير للسودان فى عام ٢٠١٩ مرت بلاد النيلين بحكومة انتقالية ترأسها الدكتور عبدالله حمدوك كرئيس للوزراء و التى لم تستمر طويلاً ، و كانت اليد العليا للبلاد فى يد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان و نائبه محمد حمدان دقلو – حميدتي – زعيم قوات الدعم السريع التى أضفى عليها البشير الشرعية على الميليشيا القبلية التي كان يقودها حميدتى، ودمجها في المؤسسة العسكرية تحت اسم “قوات الدعم السريع”.
و لكن سرعان ما تغير مجرى الأمور ليصبح الأخير زعيم لمليشيات الدعم السريع وانفصل تماما عن الجيش السوداني ليبدأ رحلة الفوضى، التشتت و تقسيم جديد للسودان .
حميدتي الصديق لأبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا و هو أيضا من قال فى حديث له على قناة الجزيرة منذ عامين ” ماضون في إقامة علاقات مع إسرائيل” و لكن لماذا قام حميدتي بزيارة تل أبيب أكثر من مرة فى زيارات سرية آخرها فبراير الماضي ؟ ، حيث كتب الصحفي الإسرائيلي روعي كايس على تويتر “يقوم حاليا مبعوث من الحكومة العسكرية في السودان التي تسيطر على البلاد بزيارة إسرائيل سرا لتعزيز العلاقات بين البلدين ، كما نتذكر، أُبلغنا قبل أسابيع قليلة أن وفدًا أمنيًا إسرائيليًا جاء لزيارة السودان على خلفية الأزمة السياسية الحادة والاحتجاجات ضد النظام العسكري” .
إذا إنقلاب السودان الأخير فى هذا التوقيت لم يكن محض صدفة بل بترتيبات سابقة مع أكثر دولتين عداء للمنطقة.
ولكن لماذا حميدتي ؟ الغرب منذ القرن التاسع عشر يتطلع لتقسيم السودان لأربع أقاليم تم منهم تقسيم جنوب السودان و متبقى تقسيمين آخرين ، و وجدو فى حميدتي خير من يقوم بالتقسيم القادم للسودان ، و لاسيما دارفور حيث أن حميدتى ابن إقليم دارفور وهو أدرى بشعبها .
« حميدتي » الذى لم يلتحق بالمدرسة العسكرية بل لم يكمل دراسته و كان يشتغل بتجارة الإبل بين ليبيا ومالي وتشاد بشكل رئيسي، فضلا عن حماية القوافل التجارية من قطاع الطرق في مناطق سيطرة قبيلته.
جنى حميدتي ثروة كبيرة من عمله هذا في التسعينيات، مما مكنه من تشكيل ميليشيا قبلية خاصة به تنافست مع ميلشيات قبلية أخرى، وعند إكتشاف الذهب في جبل عامر الذي يقع في شمال دارفور و سيطرت ميليشياته على مناجمه.
وبرز حميدتي دوره فى مواجهة موسي هلال زعيم عشيرة المحاميد أثناء الحرب فى دارفور فى عام ٢٠٠٣ : ٢٠٠٥ على الرغم من أنه كان موالى للأخير و استعان به البشير لاحقا إثر خلاف مع هلال.
وأضفى البشير الشرعية على هذه الميليشيا بتسميتها “قوات الدعم السريع” وفق مرسوم رئاسي أصدره في عام ٢٠١٣ ، بقيادة حميدتي .
والجدير بالذكر أن حميدتي أحد العناصر الأساسية التي أطاحت بالرئيس السابق البشير، الذي كان قد قربه منه ودعمه وأضفى الشرعية على الميليشيا القبلية التي كان يقودها، ودمجها في المؤسسة العسكرية تحت اسم “قوات الدعم السريع”.
إذا موسي هلال و البشير أول من غدر بهم مليشيات حميدتي …. فهل بعد مشاركه قوات الدعم السريع في عدد من النزاعات الإقليمية ومن أبرزها دورها في القتال ضمن قوات التحالف بقيادة السعودية في جنوب اليمن ، و توفير وحدات للمساعدة في حراسة الحدود السعودية ضد اليمن ، و توطيد علاقته بكل من أديس أبابا و تل أبيب لم يطمح حميدتى بأن يكون رئيس جمهورية دارفور؟ .
إقرأ المزيد
الدكتورة هاجر كرباش تكتب : انتصارات الفراعنة فى العاشر من رمضان