دراسة «كليوباترا المفتري عليها» المؤرخ اليونانى سترابو: الملكة مقدونية شقراء ولا يجوز تزييف وعي حول الأمة المصرية القديمة
في دراسة بعنوان «رسالة إلى العالم.. كليوباترا المفترى عليها في الفن والسياسة»، للمؤرخ اليونانى سترابو ، سرد المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة عدة حقائق تاريخية ذات بعد قانوني بهدف مخاطبة الرأى العام العالمى لمواجهة تزييف تراث الشعوب، عقب الجدل الذي أثاره إعلان شبكة نتفليكس عن عرضها فيلم «كليوباترا» في شهر مايو المقبل وظهور الملكة الفرعونية الأشهر على بوستر الفيلم ببشرة سمراء بمظهر إفريقي, بما يمثل مغالطات تاريخية عن أصل ملوك مصر القديمة من الفراعنة.
قالت الدراسة إن كليوباترا كانت آخر ملكة من ملوك البطالمة الذين حكموا مصر قرابة ثلاثمائة عام، وهي من سلالة يونانية منغلقة للغاية من حيث التكاثر، فوالدها بطليموس الثاني عشر أبيض، كما أن والدتها كليوباترا الثالثة هي أيضًا بيضاء، وهى شقيقة بطليموس الثالث عشر الذي لم يوصف في أي مكان في الكون بأنه أسود، فكيف يمكن أن تكون سوداء مع نقاء سلالتها المقدونية؟.
وأضاف المستشار خفاجي في دراسته أن كليوباترا السابعة إغريقية مقدونية من ناحية الأصل مصرية النشأة والانتماء معتبرة نفسها مصرية ملزمة بالتقاليد المصرية واَمنت بحماية الإلهة إيزيس وكانت تصلى لها طالبة منها حمايتها من الوشاية والغيرة والدسائس الضالة ومكائد وحسد البلاط البلطمى لها، وكانت وهى في سن الرابعة عشرة مغرمة بالثقافة والفلسفة واللغات والشعر والرياضيات ونشأتها في مدينة كانت تعبد الإلهة أفروديت إلهة الحب وكانت تناديها من صغرها باسمها المصرى «حتحور» وكانت عبادتها مزيجا مندمجا من العقائد الدينية المصرية القديمة والعقائد الإغريقية.
كما أن من أطلقوا على أنفسهم زورًا أنهم خبراء وقالوا أن كليوباترا كانت سوداء!، عليهم أن يعودا إلى كتب التاريخ والمؤرخين وعلماء الاَثار في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا والنمسا المنصفين، وفي الواقع أن دراسة التاريخ تقول إن كليوباترا لم تكن أبدًا ذات بشرة سمراء اللون بل كانت امرأة يونانية الأصل مصرية النشأة والانتماء، واليونانيون ليسوا أفارقة.
ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن فيلم كليوباترا لا يمكن اعتباره من قبيل حرية الفن بل تعبير دقيق عن ديكتاتورية الفن بلا حدود مما يعد تزييفاً للتاريخ المصرى القديم وإهداراً للحضارة المصرية القديمة والبطلمية وإنكاراً للتراث الإنسانى وامتهانا للقيم الإنسانية، واستهانة بعظمة التاريخ المصرى القديم ونيلا من تفرده الذي هو دليل شموخ الإنسان المصرى ،ومجافيا لتراث الأمة المصرية الذي هو ملك للأجيال السابقة والمعاصرة واللاحقة , ويكون لزاما على كل مصرى أن ينهض إلى تطهير التاريخ الذي تحدث عن الملكة المصرية كليوباترا من زيف هذا الفيلم المنافى للحقيقة التاريخية المجافى لكل من الأمانة العلمية والتاريخية، فالحضارة المصرية هي الشاهد منذ فجر الحياة التي عرفها الإنسان على تاريخ الإنسانية جمعاء.
ويضيف يكفى كشفا للنوايا السيئة في تزوير التاريخ أن الفيلم من إنتاج الفنانة الأمريكية ذات الأصول الإفريقية جادا بينكيت سميث، زوجة الممثل الأمريكي ويل سميث، التي تعتبر إحدى الداعمين لحركة «الأفروسنتريك» بالمخالفة لاتفاقية اليونسكو بشأن صون التراث الثقافي غير المادي لعام 2003 وهو المصدر الأساسي للتنوع الثقافي، والمحافظة عليه هي ضمانة لاستمرار الإبداع، وهو يشمل الممارسات وأشكال الأداء والتعبير والمعارف والمهارات التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءاً من تراثهم الثقافي.
ويذكر بهذه المثابة فإن فيلم كليوباترا الذي تعتزم شبكة نتفليكس “Netflix ”طرحه باسم «QUEEN CLEOPATRA» الملكة كليوباترا، ومنتجة المسلسل “جادا سميث” زوجة الممثل الأمريكي العالمي “ويل سميث، والذي سيعرض في 10 مايو 2023 على المنصة الشهيرة بظهور الملكة كليوباترا بهذا المظهر الإفريقي، وملامح سيدة إفريقية سمراء البشرة، يعد مخالفاً للحقائق التاريخية للملكة المصرية التي هي من أصول يونانية بيضاء البشرة، إنها حملة ممنهجة للكارهين لعظمة التاريخ المصرى القديم حيث كانت مصر سيدة العالم القديم، أخذاً بفكرة بغيضة تنال من الحضارة المصرية تتمثل في المركزية الإفريقية «الأفرو سنتريك» هذه الفكرة التي تدعي زوراً أن الحضارة الفرعونية تعد ملكاً للأفارقة وأن المصريين القدماء وفقا لنظرتهم الكاذبة مجرد غزاة من العرب احتلوا الأراضي المصرية القديمة بالمخالفة للتراث.
وأكدت الدراسة أنه علينا إعادة التأسيس العادل للحقائق التاريخية والعلمية في الأوقات العصيبة لتزييف الحضارة المصرية القديمة، حيث يقوم أعضاء جماعات الضغط اليهود المرتبطين بالعديد من الجهلة والظلاميين بصياغة جدال سئ ومؤلم عن لون بشرة كليوباترا السابعة ملكة مصر، بأنها ملامح إفريقية سوداء وجلد أسود، فكيف وصلنا إلى هذا المستوى من التدنى في نقص الثقافة عن مصر القديمة؟.
ويضيف: رغم ايمانى بحرية الفن والإبداع بوجود الكثير من الخيال في العمل الفنى، إلا أن تصوير ملكة مصر البطلمية بأن بشرتها سوداء يخرج عن حدود الإبداع ويتجاوز حرية الفن إلى ديكتاتورية الفن، لأنه من المستحيل تاريخياً وهى صورة لامرأة ذات خصائص جسدية خاصة بنساء البحر الأبيض المتوسط أن تكون ملكة مصر سوداء!، إن النظر إلى جذور صورة والدتها، ووالدها ونفسها، لا علاقة له بجسم امرأة مختلطة الأعراق، حتى يمكن تصور أنها ملكة سوداء، إن أفرقة جسدها مجرد افتراضات خيالية لم يقم عليه دليل أثري من قبل العلماء والمؤرخين، ولقد أثبت الباحثون النمساويون أن كليوباترا السابعة يونانية من سلالة Lagide في اليونانية القديمة Λαγίδαι / Lagidai) أو Ptolemaic وهي سلالة هيلينستية من الجنرال المقدوني بطليموس، ابن لاغوس ومن هنا جاء اسم «Lagide» والإغريق هم من البيض والأوروبيين ومن ثم كليوباترا امرأة بيضاء من أصل يوناني.
إن سينما هوليوود منقسمة على نفسها تجاه ملكة مصر البطلمية كليوباترا، فتارة قدمت السينما الأمريكية عام 1963 فيلما حمل اسم “كليوباترا”، وقامت بدور البطولة فيه الفنانة الأمريكية إليزابيث تايلور، وهى بيضاء البشرة فائقة الجمال، وبعدها بسبع سنوات وتحديدا في عام 1970 حصلت ممثلة سوداء على دور كليوباترا في فيلم آرثر بي ستوتسبيري المضحك عام 1970، كليوباترا سيئة السمعة.
ثم جاءت منصة نتفليكس Netflix متهمة من جانب المؤرخين بممارسة «الغسيل الأبيض» للشخصيات التاريخية في مصر القديمة خاصة من جماعات الضغط التي لها أذرع يهودية التي يستخدمونها كدعم لإعادة كتابة التاريخ حسب رغباتهم، ويطرح البعض هل يجوز أن يجسد ممثلًا أبيض حياة البطل مالكولم إكس! بالقطع لا، إن الأفلام التي تتعامل مع التاريخ أو العصور القديمة يجب أن تتمتع بالحقيقة والواقع لأن هذا يسمح للناس بفهم حقبة بشكل حقيقى من خلال الانغماس في واقع التاريخ دون تزييف الوعى.
وعرض المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة عدة وثائق تؤكد حقائق تاريخية بشأن الملكة كليوباترا, اولها أنها ولدت في أوائل عام 69 قبل الميلاد، وهي سليلة سلالة من الملوك المصريين البطالمة أسسها جدها بطليموس الأول رفيق الإسكندر الأكبر، السلالة في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وكان بطليموس من أصل يوناني مقدوني نشأ في البلاط الملكي لوالد الإسكندر في مقدونيا – وهى الجزء الشمالي من شبه الجزيرة اليونانية-، وأثبت نفسه ملكًا لمصر في السنوات التي تلت وفاة الإسكندر, وانحدر نسبها من ملك بطلمى لأخر حتى وصل إلى والد كليوباترا لذلك فإن كليوباترا يونانية مقدونية خالصة .
وأضافت الدراسة أنه كان لوالد كليوباترا أيضًا عدة زوجات كانت إحداهما أخته، ولكن مرة أخرى هناك دليل على أن بعض أطفاله الخمسة أنجبوا أمًا أخرى. ومع ذلك، فإن الجغرافى سترابو- وهو عالم جغرافيا وفيلسوف ومؤرخ يوناني، عاش في آسيا الصغرى خلال الفترة الانتقالية للجمهورية الرومانية إلى الإمبراطورية الرومانية، أطلق العرب عليه اسم «اسطرابون» كان من أهم أحد المصادر المعاصرة القليلة لحياة كليوباترا، كتب سترابو أن جميع زوجات بطليومس الثانى عشر والد كليوبترا كن من النساء ذوات المكانة العالية المهمة، مما يستبعد أي عبيد أو محظيات، ويؤكد أن تكون والدة كليوباترا من أصل يوناني مقدوني تقليدي , ومع ذلك تتجه بعض الاَراء المعاصرة إلى احتمالية أن تكون الخلفية العرقية لوالدة كليوباترا من زوجة مصرية لديها أيضًا خلفية مقدونية.
ورغم أن كليوباترا كانت مقدونية الأصل إلا أنها كانت مصرية الانتماء وأنه ليس لديها دم أفريقي أسود، واَية ذلك دليلين الأول أن كليوباترا كانت الحاكم الوحيد في سلالتها الذي عرف، بالإضافة إلى لغتها الأم اليونانية، اللغة المصرية , وهذا له دلالته العميقة الدالة على ارتباط وثيق بمتحدثة مصرية، والدليل الثانى يعدم أي اقتراح بأن كليوباترا لديها دم أفريقي أسود حيث أن الفن اليوناني والروماني والعملات المعدنية جاءت خلوًا من أي شيء بخلاف العرق المقدونى الممتزج بالحضارة المصرية، على الرغم من أن الفنانين في ذلك الوقت كانوا قادرين تمامًا على إظهار مجموعات عرقية أخرى وهو مالم يحدث في حالة الملكة كليوباترا
وأكدت الدراسة أن المؤرخ اليوناني هيرودوتوس الصقلى يقول أن «العرق كان يتحول بانتظام إلى غايات سياسية»، والسؤال الذي يطرح نفسه عن الأمهات أي زوجات الملوك البطالمة؟ فأثير التساؤل حول خلفيتها العرقية , وانتهى رأى جمهرة علماء الغرب المنصفين المختصين بشأن التاريخ والأثار أن زوجات البطالمة الحاكمة من نفس الخلفية المقدونية مثل أزواجهن , ومن ثم حتى وقت الجد الأكبر لكليوباترا، كان التكوين العرقي للسلالة لا يزال يونانيًا مقدونيًا خالصًا , ومما أدى إلى تعزيز العرق المقدوني فيما بينهم جميعا ً زواج اثنان من أسلافها من أخواتهم للحفاظ على نقاء الدم الملكى المقدونى .
وحقيقة القول إذن أن كليوباترا يونانية مقدونية الأصل مصرية الانتماء والمنهجية وسرت الحضارة المصرية القديمة خاصة الإلهة إيزيس في عروقها مسرى الدم في شرايين الجسد وبالتأكيد ليس فيها مثقال ذرة لأي دم أفريقي أسود كما يصورها فيلم كليوباترا على شبكة نتفليكس الأمريكية .
ومن ثم يمكننا القول بأن شبكة نتفليكس الأمريكية تمارس التنميط والتلاعب العرقي لأخر ملكات مصر العظيمة كليوباترا التي أصبحت ضحية للتنميط العرقي الأمريكى، فلا يوجد دليل أثرى وحيد فريد في هذا الكون قديما وحديثا على أن كليوباترا كانت أفريقية سوداء.
وأكد المستشار خفاجي أنه لا يجوز لشبكة «نتفليكس» تزييف وعى الشعوب حول حقائق تراث الأمة المصرية القديمة بما يخالف الأدلة الأثري
إقرأ أيضا:-
مصر.. أزمة «كليوباترا» تصل البرلمان وبلاغ للنيابة العامة يتهم منصة «نتفليكس»: بتزييف التاريخ