الأمم المتحدة: رغم وفرة الموارد.. معدلات الجوع في إفريقيا الأعلى في العالم
وكالة الأنباء القطرية
على الرغم من التعهدات السابقة من قبل رؤساء الدول الأفريقية بالقضاء على الجوع، إلا أن معدلات الجوع بالقارة ما زالت في ارتفاع مقلق، وتؤشر لتشكل أزمة تحتم توحيد الجهود لمواجهتها والتقليل من تداعياتها المعقدة عبر تحرك عاجل وتنسيق مشترك، بالإضافة إلى تعاون بين المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية للتصدي لهذه المخاطر بسرعة ونجاعة.
وتعيش القارة الأفريقية مفارقة غريبة لم يجد المحللون لها تفسيرات موضوعية، وتبريرات مقنعة، حيث تتمتع بلدان القارة بموارد طبيعية ومائية كبيرة، وطاقات عاملة شابة بأعداد كافية، إلا أن منتجاتها الزراعية والغذائية لا تكفي لإطعام جميع سكانها المقدر عددهم بنحو مليار ونصف الميار نسمة.
وعن هذا الواقع الصعب، يؤكد شو دونيو مدير عام منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو، خلال مشاركته في الدورة 33 لمؤتمر الفاو الإقليمي لإفريقيا بالعاصمة المغربية الرباط، أن إفريقيا التي تنعم بموارد طبيعية كبيرة وتمتلك إمكانيات استثنائية وبها أكبر مساحة زراعية بالمقارنة مع القارات الأخرى، تعتبر أكثر القارات تسجيلا لأعلى مستويات الجوع بين سكان العالم، معربا عن خشيته من توسع خارطة الجوع لتشمل فئات اجتماعية ودولا أخرى، لا سيما في ظل الصراعات المسلحة، والتغيرات المناخية في أنحاء واسعة من إفريقيا.
وأوضح أن مستقبل الأمن الغذائي في إفريقيا يحتاج لاعتماد شراكات دولية في مجال الزراعة والغذاء، لافتا إلى أن أكثر من مليار شخص في القارة يفتقرون إلى أنماط غذائية صحية، ويواجهون مستويات مختلفة من الجوع، الذي يدفع السكان للهجرة.
كما نوه إلى أنه منذ صدور إعلان مالابو في عام 2014 بشأن النمو والتحول الزراعي المتسارع من أجل الرخاء المشترك وتحسين سبل العيش، لا تزال معدلات الجوع في ارتفاع في معظم دول القارة، حيث تدعو الفاو إلى ضرورة التحرك العاجل لضمان توفر مستويات كافية من الغذاء لسكان القارة الإفريقية، لا سيما في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية للمنتجات الزراعية والأساسية، وعدم قدرة العديد من الدول منها على توفير السيولة المالية اللازمة للتزود بحاجياتها الغذائية من الخارج.
وقد مثل مؤتمر الفاو الإقليمي لأفريقيا فرصة مهمة للدول الإفريقية لمناقشة حلول عملية في مسعى لضمان أمنها الغذائي، وتحسين منتجاتها الزراعية، لسد الفجوات الغذائية في مهمة تبدو معقدة، ما لم يكن التعاون بين الدول هو السبيل للمعالجة المشتركة للأزمة المركبة في أبعادها وتجلياتها وحلولها.
وعلى صعيد متصل، وبالرغم من الجهود العلمية الإفريقية المكثفة والمبادرات التي أطلقها الاتحاد الإفريقي لمكافحة انتشار الجوع في القارة، بما في ذلك البرنامج الشامل للتنمية الزراعية والشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد)، والدعم من شركاء تقنيين مثل التحالف من أجل ثورة خضراء في إفريقيا، والنظام الإقليمي للتحليل الاستراتيجي ودعم المعرفة، بالإضافة إلى منظمة إفريقيا ليد، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووكالة التعاون الفني الألمانية وغيرها، فإن رؤساء الدول والحكومات قد وضعوا مجموعة من الأهداف الزراعية الملموسة التي يجب تحقيقها بحلول عام 2025، وتهدف إلى تحقيق رؤية زراعية قارية ترتكز على الرخاء المشترك، وتحسين سبل العيش، غير أن معدلات الجوع لا تزال في تزايد مستمر يوما بعد يوم في مختلف مناطق القارة.
ومن جانب آخر، أشار تقرير مشترك صادر عن منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو وبرنامج الأغذية العالمي التابعين للأمم المتحدة، إلى أن ما يقرب من 55 مليون شخص في غرب ووسط إفريقيا سيكافحون من أجل إطعام أنفسهم في الفترة من يونيو إلى أغسطس المقبلين، مؤكدا أن هذا العدد يشكل زيادة قدرها أربعة ملايين شخصا عن أولئك الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي مقارنة بتوقعات نوفمبر 2023.
وأشار إلى وجود تحديات اقتصادية مثل انخفاض قيمة العملة، وارتفاع معدلات التضخم، وركود الإنتاج، والحواجز التجارية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية، منوها إلى تواصل ارتفاع أسعار الحبوب الأساسية الرئيسية في جميع أنحاء المنطقة من 10 بالمئة إلى أكثر من 100 بالمئة، مقارنة بمتوسط الخمس سنوات مدفوعة بتضخم العملة، وتكاليف الوقود، والنقل، والعقوبات التي فرضتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والقيود المفروضة على تدفقات المنتجات الزراعية الرعوية.
كما حذر التقرير الأممي من أن معدلات سوء التغذية في غرب ووسط إفريقيا ترتفع بشكل مثير للقلق، حيث يعانى 16.7 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، فضلا على أن أكثر من أسرتين عن كل ثلاث أصبحت غير قادرة على تحمل تكاليف وجباتها الغذائية الصحية، بالإضافة إلى أن 8 من كل 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرا لا يستهلكون الحد الأدنى من الأطعمة اللازمة للنمو والتطور الأمثل.
وفي هذا الجانب، يرى الدكتور جودفري باهيجوا مدير الاقتصاد الريفي والزراعة بمفوضية الاتحاد الإفريقي أن تقرير المراجعة السنوي، الذي حوى بيانات قدمتها 47 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي الـ55، يمثل أداة مهمة لرصد التقدم الذي يتم إحرازه في جهود التصدي لتوسع المجاعة في القارة، ويعكس التطور المسجل في التحول الزراعي في إفريقيا.
وينبه العديد من المراقبين والمختصين في تأمين الاحتياجات الغذائية من أن التحديات في القارة الإفريقية ستبقى ماثلة إلى أن توضع أسس مستدامة لمعالجة معمقة وجذرية لأزمة الغذاء، منوهين إلى أن الحلول الناجعة تكمن في إقامة مشروعات علمية إنتاجية تستقطب رؤوس الأموال والتجارة والصناعة والتكنولوجيا المتطورة في مختلف مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي.
إقرأ المزيد
الجوع يضرب دول الجنوب الأفريقي .. و زيمبابوي تعلن الجفاف كارثة وطنية