“حنبعل “
وصفه المؤرخون بأنه أسوأ كوابيس روما وكاسر هيبتها وبطل الحرب الحنبعلية
يعتز أهالي تونس بإسم “حنبعل “، لذلك تجد العديد الشوارع والمحطات التليفزيونية والصحف والمحال والمشاهير يطلقون علي أسم ” حنبعل أو هانيبال أو هاني بعل” فمن هو ذاك الرجل؟ وماذا فعل؟ ومتي عاش؟ في البداية نقول أن حنبعل هو قائد عسكري قرطاجي تونسي إفريقي ينتمي إلى عائلة برقا البونيقية العريقة، قائد “الحرب الحنبعلية”ويُنسب إليه اختراع العديد من التكتيكات الحربية في المعارك لا زالت معتمدة حتى اليوم.
أسمه حَنبَعل بنْ حَملقار برقا (وبالبونيقية: «حنبعل برقا») وأشتهر بـ حنا بعل أو هانيبال أو هاني بعل، ولد حنبعل أو هاني بعل في شمال أفريقيا بمدينة قرطاج (إحدى ضواحي مدينة تونس حاليًا) في عام 247 ق.م وكان احد أبناء الزعيم القرطاجي أميلكار برقا أو خاملكقرت بالبونيقية (خا ملك وتعني «أخ ملك المدينة أو القرية (قرت) وبرقا تعني الصاعقة»).
كان لا يزال طفلا عندما شارك أباه وصدربعل العادل والملك النوميدي نارافاس زوجيّ شقيقتيه في الحرب ضد المرتزقة وفي الغزو القرطاجي لأيبيريا، بعد هزيمة قرطاج في الحرب البونيقية الأولى، تفرّغ أميلكار لرعاية أسرته وتنمية ثروات الإمبراطورية، مدعوماً من قادس، بدأ أميلكار في إخضاع قبائل شبه الجزيرة الأيبيرية.
كانت قرطاج في ذلك الوقت دولة لكنها كانت فقيرة لدرجة أنها لم تتمكن من نقل قواتها عبر البحر إلى شبه الجزيرة الأيبيرية؛ بدلا من ذلك، قاد أميلكار جيشه نحو أعمدة هرقل ونقلها عبر مضيق جبل طارق في ذلك الحين توسّل حنبعل إلى والده للذهاب معه، وعندئذ، طلب منه والده أن يقسم بأنه لن يكون صديقاً لروما، طالما كان على قيد الحياة. وأثناء غزو هسبانيا” إسبانيا” لقي والده مصرعه في المعركة، وخلفه زوج شقيقته صدربعل العادل في قيادته للجيش، وخدم معه حنبعل كضابط تحت قيادته.
عمل صدربعل على توطيد المصالح القرطاجية في أيبيريا، فوقّع على معاهدة مع روما تنص على ألا تتوسع قرطاجنة شمال نهر أبرة، طالما لن تتوسع روما إلى الجنوب منه، كما سعى أيضا إلى تعزيز قوة القرطاجيين من خلال تقوية علاقاتهم الدبلوماسية مع القبائل المحلية، وكجزء من تلك التحالفات رتب صدربعل لزواج حنبعل من أميرة أيبيرية اسمها “إيميليس”
وفي عام 221 ق.م. اختاره الجنود قائدًا بعد اغتيال صدربعل العادل زوج أخته، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على جزء من جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك ساغونتو، أحد المعسكرات الرومانية، لذا رأت روما أن إحتلاله أحد المعسكرات بعد خرقًا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل، لكن الجيش القرطاجي لم يعر الطلب أي قيمة تذكر وتم رفضه فكان هذا التصرف سببًا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية بين عامي 218 ق.م. و201 ق.م.
كانت هيئة أركان جيشه تتكون من: ماجو برقة، وماهربعل قائد سلاح الفرسان البونيقي، الذي تقلد هذه القيادة منذ عهد والد حنبعل أميلكار برقه، ويكن له حنبعل حبا فائقا، وهيرت، وسينهالوس المصري كبير الأطباء، والاغريقيين سوسيلوس، ووسلينوس، وبوح الهندي منجم الحملة، والاسبرطي سوسيليوس الذي علم حنبعل اليونانية.
قاد حنبعل جيوش قرطاج في الحرب البونيقية الثانية وحقق خلالها انتصارات كبيرة ونجح في اجتاز جبال الألب حتّى وصل إلى حوض نهر “إلبه” بإيطاليا متفوقًا على الإمبراطورية الرومانية، بلغ حنبعل أقصى الحدود المستحيلة لكي يهزم روما ويصبح مادة للأساطير حيث احتل معظم إيطاليا وحاصر روما 15 عامًا.
برزت عبقرية التخطيط التي نفذها حنبعل في عدة محطات، لعل أبرزها عبوره الانتحاري لجبال الألب، وأيضًا معركة كاناي، التي كلّف فيها الخيّالة بمواجهة الخيّالة الرّومانيّين، مع توجيه الأمر للمشاة بالتقهقر ثمّ تطويق المشاة الرّومانيّين، فأصبح الجيش الرّوماني محاصرًا بالجيش القرطاجيّ من كلّ الجهات، في حين تمكّن الخيّالة من الفتك بالخيّالة الرّومانيّين الّذين لاذوا بالفرار، وبذلك انتصر الجيش القرطاجي.
وخلال هذه الحرب حاولت روما فرض سطوتها على القوى العظمى في المنطقة مثل قرطاجنة ومملكة مقدونيا الهلستينية وسرقوسة والإمبراطورية السلوقية لكن هانيبعل تصدي لهذه الأطماع وسار بجيش يضم فيلة حربية، من أيبيريا إلى شمال إيطاليا عابراً جبال البرانس وجبال الألب، فحقق ثلاثة انتصارات مثيرة في معارك تريبيا وبحيرة تراسمانيا وكاناي. وخلال 15 عام، احتل حنبعل معظم إيطاليا مع ذلك اضطر إلى أن يعود لمواجهة الغزو الروماني لشمال أفريقيا.
يعتبر حنبعل واحدًا من أعظم القادة العسكريين في العصور القديمة، جنبًا إلى جنب مع الإسكندر الأكبر ويوليوس قيصر وسكيبيو الإفريقي وبيروس الأيبيري، وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ومحمد الفاتح، والكثير من قادة العصر الحديث أمثال نابليون بونابرت ودوق ولينجتون ومصطفى كمال اتاتورك، يعتبرون حنبعل «قائداً استراتيجياً موهوباً». كما تناولت العديد من الأفلام والبرامج الوثائقية قصة حياته.
ووصفه المؤرخون بأنه أسوأ كوابيس روما وبكاسر هيبتها وصوّره الرومان على أنه وحش يهوى القتل وسفك الدماء. حتى أنّهم عندما يخشون وقوع كارثة في جميع المجالات يقولون: (باللاتينية: Hannibal ad portas) وتعني “حنبعل على أبوابنا” وقال الجنرال الأمريكي نورمان شوارزكوف: «تعلمت الكثير من حنبعل، حيث طبقت تكتيكاته في التخطيط لحملتي في عاصفة الصحراء».
–
إقرأ أيضا:-
تعرف علي قصة معبد « الغريبة » في تونس والأساطير والمزاعم اليهودية حوله
آسيا العتروس تكتب .. على وقع الانتخابات التشريعية في تونس هل أخطأنا فهم الديموقراطية ؟
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.