زيادة نفوذ روسيا في أفريقيا .. هل تستغل موسكو فشل السياسات الغربية في دول القارة ؟
تشهد الفترة الحالية زيادة وتيرة نفوذ روسيا سياسيا وعسكريا في عدد من دول قارة أفريقيا خاصة في دول الساحل والصحراء ، مستغلة في ذلك فشل السياسات الأمريكية والغربية في عدد من دول القارة علي رأسها النيجر التي طلبت رسميا من الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها المتمركزة في قاعدة عسكرية بالقرب من نيامي وفي ذات الوقت استبدلت هذه القوات بقوات روسية .
وفي تطور لافت أعلنت حكومة النيجر قطع علاقاتها مع واشنطن، بعد أن طالبتها الأخيرة بقطع العلاقات مع موسكو، وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، قال رئيس وزراء النيجر” إن المسؤولين الأميركيين حاولوا تحديد الدول التي يمكن أن تتعامل معها النيجر، وفشلوا في تبرير وجود القوات الأميركية في البلاد، بينما “لم يفعلوا شيئا” لمواجهة الإرهاب في المنطقة.
وقد أثار إلغاء الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والنيجر توقعات بفقدان واشنطن لنفوذها في غرب أفريقيا وأن تحل محلها روسيا .
قلق غربي
« أفرو نيوز 24 » طرحت التساؤلات حول الهدف الروسي من زيادة نفوذ موسكو السياسي والعسكري في عدد من الدول الأفريقية ، والموقف الغربي من هذا الأمر ، علي الخبير والمحلل السياسي الروسي أندريا أونتيكوف الذي أكد أن هناك حالة من القلق لدي الدول الغربية من زيادة النفوذ والتوسع الروسي عسكريا وسياسيا واقتصاديا في الدول الغربية ، مشيرا إلي أن هذا القلق يمكن أن يتم رصده في التقارير الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام الغربية ، سواء فيما يتعلق بالتوسع الروسي في ليبيا أو السودان وأخيرا في النيجر.
وذكر الخبير الروسي أن هناك محاولات من جانب القوي الغربية لمحاولة مواجهة التوسع والنفوذ الروسي ، واستطرد قائلا ” لكن علي ما يبدو التوسع الروسي يتطور بشكل متزايد .
وأشار الدكتور أندريا أونتيكوف الخبير الروسي في العلاقات الدولية إلي أن السنوات الأخيرة شهد تقارب كبير بين الدول الأفريقية من جهة وروسيا من جهة أخرى ، لافتا إلى أن هذا التقارب لا يقتصر فقط علي الجانب السياسي والعسكري فقط وانما العلاقات تشهد تطورا كبيرا في المجالات الاقتصادية والتجارية.
وتطرق الخبير الروسي إلي ما وصفة بالاستغلال الغربي لثروات الدول الأفريقية ، مشيرا في هذا الصدد الي أن فرنسا علي سبيل المثال كانت تستورد اليورانيوم من النيجر بأسعار مخفضة جدا غير متوافقة مع الاسعار في السوق الحرة .
وقال ” فرنسا حاليا لا تستطيع أن تقوم بذات الأمر بعد وصول السلطات الجديدة للسلطة في نيامي .
تقارب كبير بين روسيا والنيجر
وفيما يتعلق بالتقارب بين روسيا والنيجر ، أوضح الخبير الروسي في العلاقات الدولية أن العلاقات بين نيامي وموسكو تشهد تقاربا كبيرا في المجال الاقتصادي وتطوير للمشروعات الاقتصادية ، مؤكدا أن هذا الأمر يقلق أيضا الدول الغربية لكنها عاجزة علي ما يبدوا أن تفعل شيئا – علي حد قوله .
وتوقع الدكتور أندريا أونتيكوف أن تلجأ الدول الغربية لمحاولات زعزعة الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء من أجل مواجهة النفوذ الروسي .
وفي رده علي سؤال حول ما إذا كان الوجود الروسي في القارة يُشكّل تهديدا لنفوذ القوى الكبرى التقليدية التي بدأت في التراجُع أمام المدّ الروسي ، قال الخبير الروسي في الشؤون الدولية أندريا أونتيكوف أن النفوذ الروسي يشكل بالفعل تهديدا لنفوذ الدول الغربية ، واستطرد قائلا ” من الصعب أن نسمي هذه القوي أنها قوي تقليدية لها نفوذ في القارة الأفريقية ، لأنه كان هناك علي سبيل المثال وقت الاتحاد السوفيتي تعاون واسع النطاق بين موسكو والدول الأفريقية المختلفة .
واضاف ” أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي كان هناك غياب روسي عن القارة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي مرت بها روسيا في ذلك الوقت ، لكن الأوضاع تغيرت وأصبحت روسيا مستقرة اقتصاديا وسياسيا وهذا سمح لروسيا أن تقود سياسة خارجية نشطة وأن تقوم بتقوية علاقاتها وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مختلف دول العالم ليس فقط في الدول الأفريقية.
النفوذ الروسي يتوسع بشكل غير مسبوق
واعتبر الخبير الروسي أن النفوذ الروسي يتوسع بشكل غير مسبوق في أفريقيا ، مجددا التأكيد علي أن هذا الأمر يقلق الدول الغربية .
وأوضح زيادة التقارب بين روسيا والدول الأفريقية في الشق الاقتصادي ليس معناه أن تخسر الدول الغربية نفوذها السياسي والعسكري في دول القارة ، بل ستخسر كذلك نفوذها الاقتصادي .
وقال ” الدول الغربية لن تستطيع استغلال موارد الدول الأفريقية الاقتصادية لصالحها هي فقط ، ولن تستطيع نهب الثروات الطبيعية في تلك الدول كما كان يحدث في النيجر – علي حد قوله .
وأشار الدكتور أندريا أونتيكوف الي أن روسيا تدعم تحقيق الاستقرار في دول القارة في مواجهة التنظيمات المتطرفة التي تزعزع الاستقرار في قارة أفريقيا.
ونوه إلي أن روسيا تستند في زيادة تعاونها العسكري والاقتصادي مع دول القارة علي اساس مبدأ المساواة والمصالح المشتركة.
وقال ” هناك فارق كبير في هذا الشأن بين روسيا والدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تتجاهل مصالح الدول الأخري بما فيها دول قارة أفريقيا وتسعي لفرض مواقفها وسياساتها .
واضاف ” أن سياسة روسيا عكس السياسة الأمريكية في هذا الشأن حيث تؤكد موسكو أن هناك حاجة لبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب وان هناك حاجة لتقوية دور المنظمات الإقليمية واذا تحدثنا عن أفريقيا فهناك حاجة لتقوية دور الاتحاد الأفريقي.
اقرأ المزيد
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.