هل ستعوض زيارة الرئيس الكيني لواشنطن خسائر الولايات المتحدة الأمريكية لمناطق نفوذها في غرب أفريقيا ؟
بدأ الرئيس الكيني وليام روتو زيارة دولة للولايات المتحدة الأمريكية وهي أول زيارة لرئيس أفريقي للعاصمة الأمريكية واشنطن منذ العام 2008 , وتأتي الزيارة في وقت باتت تخسر فيه الولايات المتحدة الأمريكية لمناطق نفوذها في غرب أفريقيا بدءا من النيجر وانتهاء بتشاد لصالح تعاظم الدور والنفوذ الروسي في المنطقة , لتطرح زيارة الرئيس الكيني للبيت الأبيض التساؤلات بشأن هل تمثل تلك الزيارة بدأت تغير من استراتيجيتها في أفريقيا وتبحث لها عن موطأ قدم جديد في القارة عقب طردها من دول الساحل والصحراء ؟ .
ووفقا لجدول الزيارة التقي الرئيس الكيني وليام روتو نظيره الأميركي جو بايدن اليوم الأربعاء في البيت الأبيض ثم نضمّ إليه في اجتماع مع رؤساء شركات قبل الجزء المخصص للفعاليات الرسمية التي ستبدأ الخميس بمراسم حرس الشرف وتُتوّج بعشاء فخم.
وفي تغريدة له علي موقع التواصل الاجتماعي ” إكس ” كتب الرئيس الكيني وليام روتو ” :لا توجد شراكة ذات قيمة مثل تلك التي ترتكز على التكنولوجيا, تقدر كينيا اللفتة النبيلة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لتخصيص المزيد من الموارد في الفضاء الرقمي لتوسيع الفرص وتحويل الحياة ليس فقط في كينيا ولكن أيضًا في جميع أنحاء قارتنا , انضم إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن في البيت الابيض، واشنطن العاصمة، لاجتماع مائدة مستديرة حول التكنولوجيا.
No partnership is as valuable as one that is anchored on technology. Kenya appreciates the noble gesture by the United States of America to put more resources in the digital space to expand opportunities and transform lives not only in Kenya but also across our continent.
Joined… pic.twitter.com/o96h2RcwNS
— William Samoei Ruto, PhD (@WilliamsRuto) May 22, 2024
كينيا شريك أساسي
وقبيل الزيارة صدرت العديد من التصريحات الأمريكية التي تؤكد علي أهمية العلاقات الأمريكية الكينية حيث أكدت الناطقة باسم البيت الأبيض كارن جان بيار “أن الرئيس بايدن يعتبر أن زيارة روتو “رمز لالتزامنا الأوسع بتعميق” العلاقات في جميع أنحاء القارة الإفريقية.
وأضافت جان-بيار وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية ” أن كينيا تحديدًا “هي شريك أساسي في مروحة من القضايا التي تشمل الأمن والتجارة والاستثمار والصحة والمناخ”.
ومن أهم القضايا المطروحة على جدول الأعمال الوصول الوشيك لعناصر من الشرطة الكينية في إطار بعثة دولية لإعادة النظام والاستقرار إلى هايتي التي تشهد فوضى.
ومن المتوقع أن تصل مجموعة أولى من الشرطة الكينية إلى عاصمة هايتي بور-أو-برنس هذا الأسبوع، حسبما قالت مصادر أمنية لوكالة فرانس برس، على الرّغم من طعن قضائي مؤخرًا ضد إرسال هذه البعثة من نيروبي.
ودافع روتو عن قرار إرسال القوات الأمنية باعتباره “مهمّة من أجل الإنسانية” في أفقر دولة في نصف الكرة الغربي والتي تعاني من الفقر وانعدام الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية منذ عقود.
والولايات المتحدة أكبر داعم للبعثة الأمنية الكينية إلى هايتي، وقد تعهدت بتقديم أكثر من 300 مليون دولار منذ تفاقم أزمة هايتي قبل عدة سنوات فيما كانت دول أخرى بطيئة في تقديم الدعم.
والمهمة المتمثلة في إرسال عناصر شرطة إلى بلد تسيطر عليه حاليًا بشكل كبير عصابات إجرامية مسلحة، مليئة بالمخاطر بالنسبة للطاقم الكيني وستعتمد على تأمين التمويل الدولي الكافي.
منافسة في إفريقيا
ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها أن العلاقة الجيدة مع كينيا تُمثل نقطة مضيئة في السجلّ الدبلوماسي لإدارة بايدن بعد سلسلة من الانتكاسات في إفريقيا , ويحقق المنافسان روسيا والصين تقدمًا كبيرا في إفريقيا، ما يقوض الجهود الدبلوماسية والأمنية الأميركية في القارّة.
وبرزت مجموعات مسلّحة روسية غامضة بينها مجموعة فاجنر وخليفتها على ما يبدو المعروفة باسم الفيلق الإفريقي، كلاعبين رئيسيين في عدد كبير من النزاعات في إفريقيا، فيما تستخدم الصين قوتها الاقتصادية لتوفّر روابط اقتصادية تتجاوز تلك التي تتمتع بها واشنطن مع الدول الإفريقية , وتبرز أحدث علامة على ضعف واشنطن في النيجر حيث أُمرت القوات الأميركية التي تدير عمليات إقليمية لمكافحة الإرهاب بالمغادرة بعد انقلاب عسكري.
وأُمرت القوات الأميركية بالرحيل بحلول 15 سبتمبر فيما بدأت وحدات عسكرية روسية تتحرك في البلد.
استراتيجية أمريكية جديدة
من جانبه يقول الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية لـ
” أفرو نيوز 24 ” : أن زيارة الرئيس الكيني للولايات المتحدة الأمريكية كأول رئيس أفريقي يزور واشنطن بشكل رسمي منذ العام 2008 أي منذ حوالي 16 عام فهذا أمر مهم جدا وتظهر أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتجه إلي أفريقيا باستراتيجية جديدة خاصة عقب تآكل العلاقات الأمريكية الأفريقية في منطقة غرب أفريقيا والتوتر والانتقادات الشديدة التي تواجهها السياسة الأمريكية المؤيدة لاسرائيل في حربها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة .
وأشار الخبير في الشؤون الأفريقي إلي أن تشاد والنيجر طلبتا خروج القوات الأمريكية المتواجدة علي أراضيهما في انجمينا ونيامي , لافتا الي أن جنوب أفريقيا هي الأخري تنتقد سياسات الولايات الأمريكية في الشرق الأوسط .
كينيا لاعب جديد
وقال الدكتور محمد شريف جاكو ” هنا يأتي دور كينيا كلاعب جديد في العلاقات الأمريكية الأفريقية أعتقد واشنطن تريد أن تلعب كينيا دورا في حلحلة بعض المشاكل في علاقاتها في القارة الأفريقية , خاصة وأن كينيا تلعب دورا في قضايا سواء في أفريقيا أو خارج القارة الأفريقية , لافتا الي أن نيروبي تلعب دورا في محاولات حل المشكلة في الصومال ومواجهة التيارات الدينية المتطرفة وما تمثلة حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة خطرا علي المنطقة حيث تشارك كينيا بقوات في قوات حفظ السلام .
وأشار الدكتور شريف جاكو الي أن كينيا تلعب أيضا دورا في حل الخلافات في جنوب السودان بين الحكومة في جوبا والحركات المتمردة , كما تحاول أن تلعب دورا في وقف الحرب في السودان والوساطة لحل الخلافات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وأيضا مع تجمع ” تقدم ” وإن كانت كينيا تتعرض لانتقادات من جانب مجلس السيادة السوداني برئاسة الفريق البرهان .
وأوضح الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد شريف جاكو أن كينيا موجودة بشكل واضح في القضايا الافريقية وسبق ان لعبت الدور الأكبر في التوصل لاتفاقية السلام بين جنوب السودان والسودان اتفاقية نيفاشا والتي أنهت ملف الحرب الأهلية في السودان .
ونوه الدكتور شريف جاكو الي المحاولات الكينية الأخيرة للعب دورا في حل أزمة انهيار الدولة في هاييتي بإرسال قوات شرطة كينية الي هناك وهذا الامر يتم بالتسنيق مع الولايات المتحدة الأمريكية .
وذكر الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية الي أن الولايات المتحدة ترغب في دور كيني أكبر في قضايا كثيرة في شرق أفريقيا من أجل ايجاد موطأ قدم بديلا عن غرب أفريقيا , وقال ” والتساؤل هنا هل كينيا تستطيع أن تعوض خسارة الولايات المتحدة لنفوذها في بعض المناطق في أفريقيا ؟ .. أعتقد أن الأيام القادمة سوف تجيب علي هذا التساؤل ؟
« الأزمات الدولية » : الزيارة تحظي بمتابعة وثيقة
واعتبرت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير لها أن زيارة الرئيس الكيني ويليام روتو زيارة دولة إلى الولايات المتحدة , ستحظى الرحلة بمتابعة وثيقة في شرق أفريقيا وخارجها , ويأتي ذلك في وقت حيث أصبح اعتماد الولايات المتحدة بشكل متزايد على كينيا باعتبارها شريكها الأمني والدبلوماسي والاقتصادي الرئيسي في القرن الأفريقي، إن لم يكن (على الأقل في بعض النواحي) في القارة بأكملها. وذكرت الأزمات الدولية أن روتو سوف يسعى إلى استغلال الزيارة لتعزيز مكانة كينيا باعتبارها نظيراً إقليمياً متميزاً في هذه القضايا والبحث عن الاستثمارات الأمريكية التي تشتد الحاجة إليها. ويستطيع الاقتصاد الكيني، الذي يرزح تحت وطأة الديون الضخمة ، أن يستفيد من أي مساعدة يمكنه الحصول عليها.
وفي المقابل تأمل الولايات المتحدة في جني فوائد من الزيارة أيضًا , وسيكون الرئيس روتو سادس رئيس دولة فقط – بعد قادة كوريا الجنوبية وفرنسا والهند وأستراليا واليابان – الذي يحصل على زيارة دولة خلال رئاسة بايدن , ويأمل الرئيس جو بايدن أن ترسل المشاركة رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تظل مستثمرة في أفريقيا في فترة المنافسة المتزايدة مع منافسيها الجيوسياسيين الرئيسيين، الصين وروسيا , لقد قامت بكين وموسكو باستمالة الحلفاء في القارة بقوة على مدى العقدين الماضيين.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية ” ومما لا شك فيه أن الجانبين سيناقشان أيضًا التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وتستضيف كينيا قاعدة جوية أمريكية في مقاطعة لامو الشمالية وتتعاون مع القوات الأمريكية في العمليات الأمنية التي تهدف جزئيا إلى التصدي لخطر التمرد المميت الذي تقوده حركة الشباب في الصومال المجاورة.
قضايا التجارة والاستثمار
وأوضحت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها أنه بالنسبة لروتو، ستكون قضايا التجارة والاستثمار على رأس جدول الأعمال , ونيروبي في حاجة ماسة إلى المزيد من الاستثمار الخارجي , حيث كان أحد التعهدات الرئيسية لحملة روتو هو تغيير اقتصاد البلاد المتعثر وتحسين أحوال أولئك الذين يعيشون في أسفل الهرم الاجتماعي والاقتصادي, وقد ناضل من أجل الوفاء بهذا الوعد، ففرض بدلا من ذلك عددا متزايدا من الضرائب بهدف جمع الأموال اللازمة لسداد الديون السيادية الكبيرة المستحقة على البلاد.
وأشارت الازمات الدولية الي أنه في ديسمبر 2021، عين بايدن المليارديرة التنفيذية السابقة للأعمال ميج ويتمان لتكون سفيرة الولايات المتحدة في كينيا , وكانت ويتمان خلال العامين الماضيين مناصرا قويا لزيادة الاستثمارات الامريكية في كينيا، مستشهدة باقتصادها المتنوع وسكانها الشباب المتعلمين جيدا , ويأمل روتو في نقل هذه الرسالة إلى المستثمرين في محطاتهم خارج واشنطن، بما في ذلك أتلانتا، وهي مركز تجاري في ولاية جورجيا جنوب الولايات المتحدة , وهناك، تم التخطيط لعقد اجتماعات مع قادة شركتي كوكا كولا ودلتا إيرلاينز، اللتين تتفاوضان منذ أشهر للحصول على حصة في شركة الطيران الرئيسية في كينيا الخطوط الجوية الكينية. وسيسعى الرئيس الكيني كذلك إلى تمديد طويل لقانون النمو والفرص في أفريقيا – وهو اتفاق تجاري يسمح للدول الأفريقية بالوصول إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية. ويأمل أن يؤدي التمديد الذي يستمر لمدة خمسة عشر عامًا إلى تشجيع الشركات الأمريكية على القيام باستثمارات طويلة المدى على كينيا.
إقرأ المزيد :
روتو رئيس كينيا ينتقد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإهمالهما للصراعات الأفريقية
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.