“المقابر الأمريكية في قرطاج ” شاهد على الحرب العالمية الثانية بعيون أفريقية
تعاقبت على تونس حضارات عريقة امتدت إلى 3 آلاف عام، شهدت خلالها عصورا كالبونية “الفينيقيين الغربيين” والرومانية والوندالية والبيزنطية والعربية – الإسلامية والعثمانية والحسينية، تلاها زمن الحماية الفرنسية قبل أن تنال استقلالها في عام 1956.
وتحولت تونس – خلال الحرب العالمية الثانية – إلى ساحة معركة دامت عدة أشهر ذاق فيها سكانها الأمرين، بينما كان الصراع يحتدم بين القوات البريطانية والأمريكية ضد الجيشين الألماني والإيطالي، فكانت شاهدا على الحرب بالمقبرة والنصب التذكاري الأمريكي الوحيد بشمال أفريقيا، والتي تقع بمدينة (قرطاج القديمة) – التي دمرها الرومان عام 146 قبل الميلاد.
وأهدت الدولة التونسية أرض المقبرة الحالية (11 هكتارا) للولايات المتحدة، بعد اتفاق الرئيسين “الحبيب بورقيبه” و”دوايت أيزنهاور” عام 1960 على تأسيس هذه المقبرة لضم رفات الجنود الأمريكيين اللذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية على أرض تونس، وتتضمن 2841 من الجنود الأمريكيين والأمريكيات و3724 من رفقائهم الذين أدرجت أسماؤهم على جدار المفقودين، الذي يصل طوله إلى 60 مترا، وتدار من قبل لجنة آثار المعركة الأمريكية.
كما تحتوي على تمثال في أول المقبرة يدل على حرية الشعوب وشرف الجنود اللذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحرية، وعلى خرائط كبيرة في الفسيفساء والسيراميك تصور عمليات وأنشطة الإمداد للقوات الأمريكية عبر إفريقيا إلى الخليج العربي ؛ لتتوافق مع العمارة المحلية.
ويرجع تاريخ هذه المقبرة الأثرية إلى فترة اندلاع القتال في شمال إفريقيا، عندما حاولت دول المحور قطع الإمدادات وخطوط الاتصال عن الحلفاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وحينها أدرك الرئيس الأمريكي “فرانكلين روزفلت” التهديد الذي تمثله سيطرة دول المحور على المنطقة، فأطلق عملية “تورش” في عام 1942، والتي مثلت أول دخول رئيسي للقوات الأمريكية في مسرح القتال وأكبر حملة أمريكية في القارة؛ تكبد الحلفاء خلالها خسائر مبكرة في القتال.
ومن إبرز الشخصيات الذين تحتضنهم تلك المقبرة، النقيب فوي درابر (1911-1943) العداء الأولمبي بالميدالية الذهبية (الألعاب الأولمبية 1936) وطيار القوات الجوية لجيش الولايات المتحدة، الجندي نيكولاس مينو (1905–1943) الحائز على وسام الشرف؛ لشجاعته بالقرب من مجاز الباب، تونس، جون ف. كليمنس (1920-1943)، الميدالية الجوية وتوفي في حادث تحطم طائرة مع الطيار كلارنس فولر في 20 يناير 1944، الملازم الأول روبرت إمري (1911-1942)، صليب الخدمة المتميز (بعد وفاته) بسبب أفعاله بالقرب من جبل مرجاجدو في الجزائر.
وقال المؤلف والمؤرخ التونسي حاتم بوريال – في تصريحات صحفية – إن هذه المقبرة تعد رمزا أساسيا على العلاقات التونسية الأمريكية، حيث شهدت السنوات الأولى من استقلال تونس دعما أمريكيا كبيرا، موضحا أن هذه المقبرة الوحيدة في المغرب العربي والوطن العربي، ويتم الاحتفاء بهذا المكان، يوم الذكرى “30 مايو من كل عام” ويوم “القدماء” من خلال مركب رسمي بحضور سفير الولايات المتحدة الأمريكية، يرافقه العديد من السفراء، مشيرا إلى أنه تفتح أبوابها للزائرين يوميا.
وأشار بوريال إلى أن هذه المقبرة تُعطينا درسا في التاريخ عن كل ما دار بالحرب العالمية الثانية في تونس، من خلال الخرائط المرسومة على الجدران.
إقرأ المزيد :
” أفرو نيوز 24 ” ينشر برنامج حفلات مهرجان قرطاج .. وأحمد سعد يحيي حفل 22 يوليو عقب انتهاء الأزمة