الدكتور مجدي الشيمي يكتب : الاقتصاد في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء
تراجعت وتيرة النمو في أفريقيا جنوب الصحراء بصورة كبيرة خلال عامي ٢٠١٦ – ٢٠١٧ لتصل إلى 1.5% ، وكان من المتوقع وقتها أن ينتعش النمو بشكل معتدل في ٢٠١٨ ليصل إلى 2.6%، وسيستمر انتعاش النمو في ٢٠١٩ بفضل تحسن أسعار السلع الأولية، والأوضاع الداخلية إلا أن وباء كورونا أحدث فجوه كبيرة في معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة ، مع ذلك، لا يزال الانتعاش هشاً إذ تأتي معظم الزيادة من أكبر ثلاثة بلدان اقتصادياً في أفريقيا – أنجولا ونيجيريا وجنوب أفريقيا- فيما تخرج من مرحلة ركود حاد شهدتها عام 2016.
شهدت اقتصادات أفريقيا معدلات نمو سنوية تفوق 5% في العقد الماضي , وهناك تفاؤل واسع النطاق بشأن آفاق النمو المطرد في المنطقة وسط تباطؤ اقتصادي عالمي إلا أنه، وكما يحذر تقرير “القدرة التنافسية في أفريقيا لعام 2013″، فلا تزال هناك تحديات خطيرة ينبغي التصدي لها.
القدرة التنافسية في أفريقيا
فالتحدي أمام القدرة التنافسية في أفريقيا بشكل عام، لم يُترجم ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلى تحسن في مستويات المعيشة للأفارقة، وتظهر تقديرات البنك الدولي أن 48.5% من سكان أفريقيا جنوب الصحراء لا يزالون يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة بأقل من دولار ونصف للفرد الواحد في اليوم. ولم يواكب خلق فرص العمل الزيادة التي حدثت في أعداد السكان، التي وصلت إلى حد مليار نسمة – أو 15% من إجمالي تعداد العالم – والذي من المتوقع أن يزيد بنسبة 20% بحلول عام 2030. ومع انخفاض أرقام إنتاجية العمالة وقطاع الصناعات التحويلية الذي ظل ثابتاً إلى حد كبير منذ السبعينيات، فإن ترتيب العديد من الاقتصادات الأفريقية يأتي بعد بقية مناطق العالم من حيث القدرة التنافسية.
ويبين “تقرير القدرة التنافسية”، الذي تم إطلاقه في 9 مايو/أيار خلال “المنتدى الاقتصادي العالمي” في كيب تاون، أن 14 من بين كل 20 من الاقتصادات الأقل قدرة على المنافسة تقع في أفريقيا، وللوصول إلى مسار للنمو المستدام والرخاء المشترك، تحتاج الاقتصادات في أفريقيا إلى تحسين مؤسساتها العامة وبنيتها التحتية، وتعميق تكاملها الإقليمي وتوفير تعليم عالي الجودة لمواطنيها. ويمثل التعاون بين القطاعين الخاص والعام عنصراً أساسياً في تقدم مسيرة القدرة التنافسية إلى الأمام.
وبوضع الأطر القانونية والتنظيمية والاقتصادية الصحيحة، يمكن للحكومات وضع الأسس لبيئة ملائمة للأعمال التجارية التي تسمح للشركات بالنمو وتحقيق التكامل الإقليمي ، ومن شأن زيادة الاستثمارات في مجالي العلوم والابتكار فضلا عن التركيز على تطوير المهارات والتدريب، إلى تزويد الشباب الأفارقة بالمهارات التي يحتاجونها للمنافسة في الاقتصاد العالمي- وهي حاجة ملحة في قارة تضم 200 مليون نسمة في الفئة العمرية ما بين 15 إلى 24 عاماً.
يمكن لتحسين الطرق، ورفع كفاءة تشغيل الموانئ، وتوفير إمدادات مستمرة من الكهرباء، فضلا عن تحسينات أخرى في البنية التحتية أن تجعل البلدان أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يعملون على خلق فرص العمل. كما أن القارة متأخرة فيما يتعلق بالاستعداد التكنولوجي. وقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تُمكن من تحقيق الكفاءة والابتكار، أدوات حاسمة في اقتصاد اليوم. وستحتاج الاقتصادات الأفريقية في المستقبل ليس فقط إلى الاستثمار في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بل أيضاً إلى تمكين المواطنين بالمعرفة التي يحتاجون إليها لاستخدام هذه التكنولوجيات بشكل منتج.
كما أن القطاع الخاص أمامه دور مهم. ويمكن للشركات دعم ومناصرة الإصلاحات التي يمكن أن تعزز القدرة التنافسية على المستوى الوطني، وتقديم الدعم للمبادرات التي تُسهل التجارة فيما وراء الحدود الوطنية. ويمكن أيضاً للشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تقود الطريق بُنهج مبتكرة نحو تعزيز القدرة التنافسية.
*الدكتور مجدي الشيمي : باحث متخصص في الشأن الأفريقي ومؤسس مبادرة حدوته إفريقية .
إقرأ المزيد
الدكتور مجدي الشيمي يكتب : تداعيات الصراع في القرن الإفريقي علي الوطن العربي
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.