زلزال سياسي يضرب جنوب أفريقيا .. حزب المؤتمر الوطني يتجة لفقدان أغلبيته التاريخية
يبدو أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في جنوب أفريقيا في طريقه إلى خسارة أغلبيته التاريخية في البرلمان للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة قبل 30 عاما تحديدا منذ العام 1994 عقب سقوط نظام الفصل العنصري وتولي الزعيم الأفريقي التاريخي نيلسون مانديلا الرئاسة , حيث حسبما أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي أجريت أمس الأول الأربعاء ومع فرز نتائج 80% من الدوائر الانتخابية حتى الآن، تقدم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بنسبة 42%، يليه التحالف الديمقراطي بنسبة 22%. , فيما حصل حزب “أومكونتو ويسيزوي” (MK Party) الذي يتزعمه الرئيس السابق جاكوب زوما على 13% من الأصوات، وحزب المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية على حوالي 9%.
ومن المتوقع أن الإعلان عن النتائج النهائية لعملية الفرز خلال الساعات القليلة المقبلة , وحال فقدان حزب المؤتمر الوطني الحاكم للغالبية في البرلمان الجديد ستعد هذه النتائج بمثابة زلزال سياسي يضرب جنوب أفريقيا بقوة , لتدخل البلاد في مرحلة سياسية جديدة ويلقي العديد من الناخبين اللوم على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في ارتفاع مستويات الفساد والجريمة والبطالة في البلاد.
حقبة جديدة من تاريخها
ويقول الدكتور حمدي عبد الرحمن أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد، الإمارات العربية المتحدة لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” أعتقد كما توقعنا أن جنوب أفريقيا تبدأ حقبة جديدة من تاريخها , حيث أنه من الواضح بعد فرز حوالي 80 % من الأصوات أن حزب المؤتمر الوطني وهو الحزب الحاكم منذ حصول جنوب أفريقيا علي الحكم الديموقراطي وانتهاء نظام الفصل العنصري العام 1994 الآن عليه أن يدخل في تحالفات سياسية مع الأحزاب السياسية الأخري لأنه من الواضح سيفقد الأغلبية .
واعتبر الدكتور حمدي عبد الرحمن أن هناك عدد من الأسباب أدت لفقدان حزب المؤتمر الوطني الحاكم أغلبيتة التاريخية في جنوب أفريقيا علي رأسها التصويت العقابي من جانب الناخبين حيث تعرض الحزب لانتقادات شديدة طوال الفترة الماضية بسبب سوء ادارة للاقتصاد الوطني وارتفاع نسب البطالة وسوء ادارة و توزيع الخدمات العامة مثل الكهرباء , موضحا ان العامل الثاني لفقدان حزب المؤتمر الوطني لغالبيتة التاريخية هي الانشقاقات الداخلية في الحزب خاصة انشقاق الرئيس السابق جاكوب زوما الذي حل حزبة ثالثا وفقا للنتائج الأولية لعمليات فرز الأصوات , وقال ” أعتقد أن هذه الخسارة ترجع إلي هذا الإنقسام .
وأشار الدكتور حمدي عبد الرحمن إلي أن الانقسام الثاني هو حزب الحرية الاقتصادية الذي يقودة جوليوس ماليما وهو راديكالي يساري الذي يرفض المؤسسة القائمة ويدعو إلي الوحدة الأفريقية , وقال ” وبالتالي أعتقد أن هذين الانقسامين كان لهما التأثير الأكبر لأن معناها الخروج الحواضن السياسية الخاصة بحزب المؤتمر الوطني .
وأضاف الدكتور حمدي عبد الرحمن أستاذ العلوم السياسية ” أن عامل آخر يرتبط بالتحالف الديموقراطي الذي يقودة جون ستين هاوزن وهو نسبيا أصغر سنا حوالي 48 عاما وهو من أنصار الاستثمارات والاقتصاد الحر وبالتالي نتصور أن الافضل لجنوب افريقيا اذا استمرت وتيرة النتائج علي ما هي عليه أن تتجه الي تكوين حكومة ائتلافية , مشيرا إلي أن هذه الحكومة الائتلافية هي التي سوف تحدد وجهة جنوب أفريقيا .
وقال ” اذا حدث تحالف مع المنشقين وبصفة خاصة جوليوس ماليما الذي يطالب بأن يتولي وزارة المالية معناها خروج رؤوس الأموال من جنوب أفريقيا وانتهاء هذه الحقبة الليبرالية التي شهدتها جنوب أفريقيا منذ حكومة مانديلا ..وأعتقد أن هذا السيناريو الأسوأ .
وأضاف ” والسيناريو الآخر هو امكانية تحالف حزب المؤتمر الوطني مع التحالف الديموقراطي وهو من أنصار الأعمال والاقتصاد الليبرالي , مشيرا إلي أن هذا التحالف قد يؤدي الي بعض الانقسامات داخل الكتلة الراديكالية داخل حزب المؤتمر الوطني وان كان هذا الحل قد يكون الأمثل لجنوب أفريقيا .
ولفت الدكتور حمدي عبد الرحمن إلي أن هناك متغير آخر وهو أنه ولأول مرة يحدث تعديل لنظام التصويت في الانتخابات العامة في جنوب افريقيا حيث سمح للمرشحين المستقلين للترشح في هذه الانتخابات , وقال ” وبالتالي قد يكون أحد السيناريوهات هو مساعدة هؤلاء المستقلين لحزب المؤتمر الوطني لتكوين حكومة أو الحصول علي الأغلبية المطلوبة .. إذن نحن نتحدث لو أن النتيجة الحالية ستستمر علي ما هي عليه وحزب المؤتمر الوطني لم يحقق الأغلبية المطلوبة لابد أن يتحالف مع حزب التحالف الديموقراطي أو حزب ” أومكونتو وي سيزي – أم كي ” الذي يقودة جاكوب زوما أو التحالف الأسوأ هو جوليوس ماليما .
حقبة سياسية جديدة في جنوب أفريقيا
وجدد الدكتور حمدي عبد الرحمن التأكيد علي أننا أمام حقبة سياسية جديدة في جنوب أفريقيا سوف تكون فارقة في توجهاتها العامة وفي نهضتها الاقتصادية ومكانتها الاقليمية , متساءلا ” هل يستطيع الرئيس رامافوزا أن يلملم الأوضاع وأن يضمن فترة رئاسية ثانية وقيادة لحزب المؤتمر الوطني حتي وإن كان من خلال حكومة ائتلافية ؟ .. وقال ” هذا ما سوف تنبأنا به النتائج النهائية إنما المتوقع أن الحزب الحاكم الذي كان بمثابة حركة التحرر الوطني في جنوب أفريقيا سوف يخسر هذه الأغلبية التي كان يتمتع بها منذ العام 1994 .
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن مجلس البحوث العلمية والصناعية (CSIR) وموقع News24 توقع أن تكون النتيجة النهائية لعملية فرز الأصوات حصول حزب المؤتمر الوطني علي نسبة 42% من عدد الأصوات ، وهو انخفاض كبير عن نسبة 57% التي حصل عليها في انتخابات 2019 , وأن هذا من شأنه أن يجبر الحزب على الدخول في ائتلاف مع واحد أو أكثر من الأحزاب الأخرى من أجل تشكيل الأغلبية في البرلمان , وأكدت بي بي سي في تقرير لها أن اختيار الحليف المستقبلي من شأنه أن يحدث فرقا كبيرا في الاتجاه المستقبلي لجنوب أفريقيا.
كبش فداء
وقال البروفيسور ويليام جوميدي، رئيس مؤسسة أعمال الديمقراطية غير الربحية لـ ” بي بي سي ” : ” إنه من غير الواضح ما إذا كان الرئيس سيريل رامافوسا سيبقى في السلطة، لأنه قد يتعرض لضغوط من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي للاستقالة إذا حصل الحزب على أقل من 45٪ من الأصوات النهائية , مضيفا ” يمكن لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن يحول رامافوزا إلى كبش فداء، ويمكن أن يدفع فصيل داخل الحزب إلى استبداله بنائبه، بول ماشاتيل.
وشهدت انتخابات الأربعاء طوابير طويلة من الناخبين خارج مراكز الاقتراع في وقت متأخر من الليل في جميع أنحاء البلاد , وأعلن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا /الجمعة/ أنه سيتم قبول النتائج النهائية للانتخابات التشريعية عند إعلانها بشكل رسمي , وقال رئيس الحزب جويدي مانتاشي – في تصريح صحفي – إن الحزب لن يقيم دعوى قضائية ضد لجنة الانتخابات، كما أنه لن يطعن على النتائج.
ويتنافس خمسون حزبا في هذه الانتخابات، فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم مهدد بفقدان أغلبيته البرلمانية وسيطرته على عدة مقاطعات في الانتخابات، وفي حال حصول الحزب الحاكم على أقل من 50% من الأصوات، سوف يضطر إلى تشكيل تحالفات , ووفقا للدستور الجنوب أفريقي يتعين على البرلمان المنتخب حديثا تشكيل حكومة وانتخاب رئيسا خلال 14 يوما.
إقرأ المزيد :
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.