منظمة دولية تطلق تحذيراً .. الفيضانات والانهيارات الأرضية أثرت على نحو 600 ألف طفل بالقرن الإفريقى منذ بداية 2024
فيرفيلد (الولايات المتحدة) /أ ش أ/ من.. مها عبد القادر (مركز الدراسات والأبحاث)
كشف تقرير لمنظمة “أنقذوا الأطفال” عن أن الفيضانات والانهيارات الأرضية المدمرة أثرت على حوالي 600 ألف طفل بمنطقة القرن الإفريقي خلال العام الجاري، وخاصة عبر كينيا والصومال وإثيوبيا حتى الآن، ومن المحتمل أن يصل العدد إلى 1,5 مليون بحلول نهاية موسم الأمطار.
وأوضحت المنظمة – في تقريرها التحليلي الذي نشرته اليوم /السبت/ – أن الأمطار الغزيرة، التي تأتي بعد سنوات من الجفاف، ونسبت إلى التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري ونهاية نمط الطقس الطبيعي “النينيو”، تسببت في تشريد أكثر من 420 ألف شخص، بالإضافة إلى مصرع ما لا يقل عن 330 شخصًا بسبب الفيضانات الثقيلة غير المعتادة في جميع البلدان الثلاثة.
خطرا متزايدا من الجوع
وأشار التقرير إلى أن هذا الوضع جعل الناس يواجهون خطرًا متزايدًا من الجوع، فضلا عن ارتفاع حالات الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا التي تصيب الأطفال بشدة.. وتم تسجيل ما يقرب من 27 ألف حالة كوليرا عبر كينيا والصومال وإثيوبيا هذا العام، مع ما يقرب من 60% من الحالات في الصومال بين الأطفال دون سن الخامسة.
ولفت إلى أن موجات الأمطار الأخيرة تعد هي الأحدث في سلسلة من الأحداث المناخية القاسية التي تضرب منطقة شرق إفريقيا.. ففي نوفمبر، أدت الفيضانات المدمرة إلى مصرع ما لا يقل عن 350 شخصًا وتشريد أكثر من 2,3 مليون شخص. وتبعت تلك الفيضانات أسوأ جفاف شهدته المنطقة منذ 40 عاما.
وأوضح التقرير آنه إلى جانب حدوث ظاهرة النينيو الطبيعي الذي يقترب من نهايته بعد أن بدأ في يونيو من العام الماضي، فيؤدى أيضا التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري في جعل هذه الأحداث المناخية المتطرفة أكثر تكرارًا وشدة.. فخلال هذا العام، ساهم النينيو في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما سرّع من تأثيرات التغير المناخي، والتي تعد منطقة القرن الإفريقي واحدة من أكثر المناطق عرضة لها في العالم.
ونقل التقرير شهادات لبعض شهود العيان في الدول المتضررة، ومن بينها الصومال، فيقول شريف (50 عامًا) وهو شيخ في مخيم للنازحين في جالكعيو بالصومال “إن الوضع يزداد سوءًا كل عام، ويخشى الناس في المخيمات أن يتم جرفهم وفقدان ملاجئهم المصنوعة من فروع الأشجار والقماش عندما تهطل الأمطار”.
وأضاف “سابقًا، كان الطقس باردًا إما أثناء الليل أو النهار، لكن الآن يكون حارًا طوال اليوم، ومن ثم تأتي الأمطار مع رياح قوية تدمر حتى الأشجار.. وعندما نرى المطر قادمًا ويكون الظلام يخاف الجميع على حياتهم. والأمهات تحتضن أطفالهن بشدة”.. وقالت فاطمة (60 عاما) من الصومال أيضا “إن أحفادى فروا من منزلهم في منطقة بيلدوين الوسطى في الصومال قبل ستة أشهر بسبب الفيضانات، ونعيش الآن في مخيم للنازحين في جالكعيو”.
وأضافت: “لقد عشت عدة فيضانات، لكن الفيضانات التي حدثت في أواخر العام الماضي كانت الأسوأ التي رأيتها على الإطلاق. الفيضانات السابقة كانت قابلة للإدارة، لكن هذه الفيضانات دمرت كل شيء.. لا يوجد لدي أي خطة لحماية أسرتي من الفيضانات القادمة، سنتخذ قرارًا عندما تأتي الفيضانات التالية”.
تأثيرات الفيضانات كارثية
ومن جهتها، قالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة “أنقذوا الأطفال” إنجر آشنج، خلال زيارتها إلى كينيا والصومال، “تأثيرات هذه الفيضانات المرتبطة بالنينيو والتغير المناخي، كارثية على الأطفال وتهدد حقوقهم.. إنه مثال آخر متكرر جدًا لكيفية تأثير أزمة المناخ بشكل غير متناسب على أولئك الذين ساهموا فيها بأقل قدر، والذين هم أقل قدرة على تحمل آثارها الأكثر ضررًا”.
وأضافت: “فدول كينيا والصومال وإثيوبيا، التي تضم حوالي 92 مليون طفل، هي من بين الدول الأكثر ضعفا في مواجهة أزمة المناخ والنقص المتكرر في الغذاء وانتشار الأمراض والكوارث المناخية، فمثل هذه الفيضانات، التي تزيدها سوءًا التغيرات المناخية، لتترك ملايين الأطفال جياعًا ومشردين وخارج المدارس ومعرضين لمخاطر الحماية وخائفين من الكارثة القادمة”.
وأوضحت ان الأطفال تتحمل العبء الأكبر من الأحداث المناخية المتطرفة في عالم يزداد عدم مساواة، متابعة: “أننا في حاجة إلى رؤية طموحة أكبر بشأن التمويل المناخي الذي يراعي احتياجات الأطفال من الدول ذات الدخل المرتفع والمسببين التاريخيين للانبعاثات، التمويل الذى يضع احتياجات الأطفال وفئاتهم الضعيفة في المقدمة، مع الاعتراف بأنه عندما تضرب الكوارث مثل هذه الفيضانات، فإنها تؤثر على عالم الطفل كله”.
كما أوضحت أنه يجب علي هذه الدول أيضًا الالتزام بإجراءات التكيف مع المناخ والمساعدة في بناء مرونة المجتمعات في مواجهة الصدمات المرتبطة بالمناخ، على المدى القريب والطويل.
يشار إلى أن منظمة “أنقذوا الأطفال” عملت في القرن الإفريقي لأكثر من 70 عامًا، وهي رائدة وطنية ودولية في البرامج الإنسانية والتنموية في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة والتعليم وحماية الأطفال وحوكمة حقوق الأطفال.. وفي عام 2023، وصلت المنظمة إلى 12,5 مليون شخص في إثيوبيا وكينيا والصومال، بما في ذلك أكثر من 6,9 مليون طفل.
وفي القرن الإفريقي، وفي جميع أنحاء العالم، تعمل منظمة إنقاذ الطفولة مع الحكومات لإيجاد طرق لزيادة التمويل لسياسات وإجراءات المناخ التي تحمي حقوق الأطفال.. وتقوم المنظمة بتنفيذ برامج مناخية في أكثر من 50 دولة حول العالم وتقديم إجراءات مناخية مباشرة من العمل مع المجتمعات للتكيف مع التغيرات المناخية التي تؤثر عليهم الآن إلى التنبؤ بالطوارئ المستقبلية وتعزيز قدرة المجتمعات على التنبؤ والتكيف والاستعداد والاستجابة والتعافي.
وأعربت “أنقذوا الأطفال” عن أملها فى أن يؤدي “حوار الخبراء” حول الأطفال وتغير المناخ في الجلسات التمهيدية لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (UNFCCC) في بون الأسبوع المقبل إلى فهم مشترك قائم على الأدلة للتأثيرات الفريدة وغير المتناسبة لتغير المناخ على الأطفال.
إقرأ المزيد
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.