هل يتأثر موقف جنوب أفريقيا من القضية الفلسطينية بعد مفاجأة نتائج الانتخابات العامة ؟ .. خبراء يردون
ساعات قليلة ويتم الإعلان عن نتائج فرز الأصوات في الانتخابات العامة في جنوب أفريقيا حيث أنهت اللجنة العليا للانتخابات فرز جميع الأصوات تقريبًا , ووفقا للنتائج غير الرسمية فشل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في تحقيق الأغلبية لأول مرة منذ 30 عاما حيث لم يحصل الحزب إلا على 40% فقط من الأصوات،الأمر الذي سيجبر الحزب علي الدخول في تحالفات مع أحزاب أخري لضمان تشكيل الحكومة والفوز بمنصب الرئيس , وكان من اللافت وفقا لكثير من المراقبين تراجع الشعبية التاريخية لحزب المؤتمر الوطني الذي قاد الكفاح ضد نظام الفصل العنصري في عهد الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا .
ومعروف تاريخيا أن جنوب أفريقيا وحكومة حزب المؤتمر الوطني الحاكم من أشد المؤيدين للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولتة المستقلة , ورفعت جنوب أفريقيا في التاسع والعشرين من ديسمبر 2023 رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات إسرائيل المخالفة لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية المعاقبة عليها , ومع التطورات السياسية الأخيرة في جنوب أفريقيا وما يمكن وصفة بـ ” الزلزال السياسي ” يثار التساؤل حول ما إذا كان فشل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في تحقيق الأغلبية في الانتخابات العامة سيلقي بظلاله علي الموقف الجنوب أفريقي من القضية الفلسطينية ؟
واستبعد عدد من الخبراء في الشؤون الأفريقية أن تؤثر نتيجة الانتخابات علي موقف حكومة جنوب أفريقيا من دعم حقوق الشعب الفلسطيني ومن الحرب الإسرائيلية في غزة , خاصة فيما يتعلق بقضيتها المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية .
لن يكون هناك أي تغيير
وأكد الدكتور شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية لـ ” أفرو نيوز 24 ” أنه لن يكون هناك أي تراجع أول تغيير في مواقف جنوب أفريقيا من القضية الفلسطينية بسبب النتائج المخيبة للآمال في الانتخابات العامة , مرجعا هذا الأمر لعدد من الأسباب علي رأسها العقيدة التحررية لشعب جنوب أفريقيا , والذي من قبل وصول حزب المؤتمر الوطني للحكم وسقوط نظام الفصل العنصري كانت جنوب أفريقيا وشعب حنوب أفريقيا من أشد المؤيدين للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني , وذلك لمعاناة شعب جنوب أفريقيا من نظام الفصل العنصري نفس المعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي , وقال الدكتور شريف جاكو ” إن شعب جنوب أفريقيا لديه موقف وعقيدة لن تتزعزع تجاة نصرة وتأييد الشعب الفلسطيني.
وأشار الدكتور شريف جاكو الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية إلي أن حزب المؤتمر الوطني بالرغم من فشلة في الحصول علي الأغلبية البرلمانية في الإنتخابات إلا أن لدية عدد من الفرص للمناورة السياسية والدخول في تحالفات مع أحزاب أخري لضمان تشكيل الحكومة , لافتا إلي أنه كانت هناك مخاوف سابقة من جانب إسرائيل والجالية اليهودية في جنوب أفريقيا من دخول حزب المؤتمر الوطني في تحالفات مع أحزاب أكثر راديكالية .
تيار الصقور
ونوه الي أن من ضمن تلك الأحزاب جماعة مقاتلي الحرية الذين كانوا جزءا من حزب المؤتمر الوطني لكنهم كانوا يمثلون تيار الصقور ونيلسون مانديلا كان يرمز للتسامح , وقال ” هؤلاء لديهم وجهات نظر أكثر راديكالية حتي في الاقتصاد ويطالبون بمحاصرة سياسة الأبرتهايد القديمة وبعض بقاياها .. وهناك من ضمن هذه الجماعة شخصيات أثر تشددا من حزب المؤتمر الوطني نفسة فيما يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية وإسرائيل.
وأضاف ” اذا تم التحالف بين المؤتمر الوطني وجماعة مقاتلي الحرية سيحقق حزب المؤتمر الأغلبية نسبة الـ 51 % , فجماعة مقاتلي الحرية لديهم موقف أكثر تشددا بدعم حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع لتحقيق دولته المستقلة .
وشدد الدكتور محمد شريف جاكو علي أن موقف جنوب أفريقيا تجاه نصرة القضية الفلسطينية موقف ثابت من الصعب أن تتراجع عن ذلك الموقف , مشيرا إلي أن جنوب أفريقيا ودبلوماسيتها في دعمها للقضية الفلسطينية لاقت احتراما دوليا وعالميا وإنسانيا , وهذا المكسب الإنساني لا يمكن أن تفرط فيها جنوب أفريقيا , حيث اكتسبت مكانة وموقعا لدي شعوب العالم والمنظمات الحقوقية حتي وإن لاقت عداوة من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية والدول المناصرة لإسرائيل الذين عبروا عن عدم رضاهم عن موقف جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية .
وقال الدكتور محمد شريف جاكو ” لذلك لا يمكن لأحد في جنوب أفريقيا أن يضحي بكل هذه المكاسب الإنسانية والصورة الذهنية الممتازة لجنوب أفريقيا وحكومتها لدي شعوب العالم .
ولفت الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية إلي أن الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا نفسة كشخص لدية قناعة وعقيدة بنصرة حقوق الشعب الفلسطيني , وأن هناك مؤشرات كبيرة علي إمكانية إعادة انتخابة لولاية رئاسية جديدة , وقال ” إن اعادة انتخاب رامافوزا رئيسا لجنوب أفريقيا سيكون مكسب للقضية الفلسطينية وذلك لكونه لديه مواقف شخصية ثابته لدعم القضية الفلسطينية فالرجل من المناضلين القدامي ضد نظام الفصل العنصري ولدية عقيدة وأيدلوجية تجاة نصرة القضية الفلسطينية والقضايا الانسانية عامة .
لا يتوقع أن يحصل الحزب الحاكم علي أكثر من 40 – 46 %
من جانبه يقول رامي زهدي الخبير المصري في الشؤون الأفريقية لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” حتي الأن لا يتوقع للحزب الحاكم الحصول علي اكثر من 40٪ الي 46٪ من نتائج التصويت الذي بدأت مؤشراتها في الظهور مساء السبت، بينما تحتاج اللجنة العامة للإنتخابات الي اعلان النتائج بشكل رسمي نهائي في خلال 7 أيام من إنتهاء أخر عملية اقتراع خلال يوم التصويت الوحيد.
وأشار زهدي إلي أنه في مواجهة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ANC (الحزب الحاكم)، يأتي حزب المناضلون من أجل الحرية الإقتصادية EFF والذي يتوقع له الحصول علي 10٪ من أصوات الناخبين ال27 مليون ممن لهم حق الإنتخاب من أصل 62 مليون جنوب افريقي، ثم التحالف الديمقراطي تحت حملة “إنقاذ جنوب إفريقيا” الذي قد يصل الي نسبة 25٪ وهو حزب يدعم ويمثل الأقلية البيضاء ويمتلك علاقات قوية بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وكذلك أوروبا، وقوة الحزب هي تواجده في تحالف يضم 6 أحزاب أصغر فيما يعرف بتحالف “الميثاق”.
ونوه الخبير المصري في الشؤون الأفريقية إلي أن تراجع الحزب الحاكم المتوقع، بدا واضحا من خلال النتائج والأداء في الإنتخابات البلدية والمحلية عبر سنوات، ولم تنجح جهود الحزب بإستبدال رئيسه السابق “زوما” بالرئيس الحالي “سيريل رامافوزا” في العام 2018، وهناك حالة من الإنقسامات، وصلت لحد الإغتيالات السياسية والصراع من أجل مقاعد السيطرة داخل الحزب.
الحزب مضطرا للدخول في تحالفات
وأكد رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن أي نتائج نهائية حاسمة تفيد بخسارة الحزب الحاكم للأغلبية، تعني ان الحزب مضطرا للدخول في إئتلاف وبالتالي شخصية واسم الرئيس القادم سوف تكون مرهونة بشكل التحالف وتكوينه، , موضحا أن الحزب الذي حكم البلاد 30 عاما سوف يكون لازما عليه تقديم تنازلات سياسية واقتصادية علي الصعيدين الداخلي والخارجي، ومن هذه القضايا هي الدعم الجنوب أفريقي القوي للقضية الفلسطينسة، وكذلك موقف جنوب أفريقيا السياسي والإقتصادي من حرب روسيا وأوكرانيا ومن ملفات التعاون مع المعسكرين الشرقي والغربي وكذلك دور جنوب افريقيا في القارة الإفريقية .
وقال زهدي ” كل شئ مرشح للتغيير، لأن حجم التغيير الجذري في شكل الحكم وفكره في جنوب افريقيا سوف يكون تغييرا جذريا مؤثرا، ما بين فكر الحزب الحاكم السابق، ومابين فكر المعارضة الليبرالية وكذلك فكر حزب المنضالون من أجل الحرية وهو فكر اشتراكي مرورا بالحزب الذي أسسه الرئيس الأسبق “زوما” حزب رمح الأمة والذي أسس من رحم الحزب الحاكم ذاته، بالإضافة الي الأحزاب الأخري الأصغر التي شاركت في الإنتخابات وهي 46 حزبا اضافة لعدد من المستقلين.
وأشار الخبير المصري في الشؤون الأفريقية إلي أن مؤشرات نتائج الانتخابات العامة بجنوب افريقيا تشير الي تغيير سياسي تاريخي بعد 30 عام، حيث تتجه الأمور إلي فقدان الحزب الحاكم ” حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ” الذي أسس في العام 1912 وتولي قيادة البلاد منذ العام 1994، الأغلبية البرلمانية وبالتالي مايؤثر ذلك علي آليات التشريع وتمرير القوانيين واختيار الرئيس الجديد، في انتخابات شاركت فيها 50 قوة حزبية بالإضافة الي مستقلين لاول مرة.
وأكد أن جنوب افريقيا دولة الجنوب الأبرز، وأحد أكبر الدول الإفريقية الي جوار كلا من مصر ونيچيريا، وهي دولة متقدمة من حيث مستوي جودة الحياة، وعلي المستوي الإقتصادي مركز ثقل قوي في القارة، وعضو مجموعة العشرين، و مجموعة بريكس، وعلي المستوي السياسي ومنذ انتهاء عهود الفصل العنصري، تمثل جنوب افريقيا تجربة ديمقراطية مؤثرة في القارة الإفريقية.
إقرأ المزيد :
رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية يقدم قراءة في مشهد الإنتخابات العامة بجنوب أفريقيا
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.