الدكتور حسين عبد البصير في ندوة “فضاءات أم الدنيا”: مجد مصر القديمة حدث بسبب إيمان المصريين القدماء بالعالم الآخر
أكد الكاتب الروائي وعالم الآثار المصري الشهير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الدكتور حسين عبد البصير أن مجد مصر القديمة حدث بسبب إيمان المصريين القدماء بالعالم الآخر، وأن سحر مصر وآثارها سوف يظلان باقين إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها في ندوة “فضاءات أم الدنيا” التابعة لدار أم الدنيا للنشر والتوزيع والدراسات في القاهرة، والتي أدرتها الباحثة ولاء عبد الله أبوستيت وحضرها لفيف من المثقفين المصريين والعرب أمثال الكاتب الكبير أحمد السرساوي وعالمة الآثار الدكتورة هند الشربيني والباحث المبدع محمود مراد والباحثة اليمنية فريدة أحمد والشاعر المصري الكبير أحمد الجعفري.
مصر القديمة أبدعت وعلمت العالم
وأكد الدكتور حسين عبد البصير أن مصر القديمة هي التي أبدعت وعلمت العالم، وأهدت البشرية إلى الحق والخير والجمال وكل القيم والأعمال الطيبة في الدنيا والآخرة في ذلك الزمن البعيد من عمر الإنسانية ، وقال ” لقد عرف المصري القديم العالم، وخبره جيدًا، وأعني عالمه الذي كان يعيش فيه، والذي كان يعرف كل تفاصيله بدقة بالغة، فأبدع لنا تلك الحضارة المدهشة التي كانت وما تزال وسوف تظل تبهرنا بآثارها الجميلة وتاريخها العظيم وقيمها الخالدة وأفكارها الخلابة وأخلاقياتها السامية.
وأوضح الدكتور عبد البصير أن الفكرة جالت في عقل المصري القديم، وبناءً عليها أبدع عالمه الشامل الكامل؛ ذلك العالم المدهش من السحر والجمال والغموض المبني على أسس ثابتة من القيم والمعايير الأخلاقية والفكرية والجمالية والعملية ، وقال ” لقد قدس الإنسان المصري القديم الإله خالق الكون في عليائه، وأقام له المعابد؛ كي يقدم له فيها آيات الشكر وقرابين العرفان على كل ما أمده به من كل الأشياء الطيبة في حياته الأولى على الأرض، وكذلك بسبب ما كان يطمح إليه من الحصول على رضاه؛ كي يدخل “حقول الإيارو” أو الجنة في العالم الآخر في مصر القديمة.
وأضاف ” حمد المصري القديم الإله في معابده في طول البلاد وعرضها؛ بسبب ما قدَّمه له من حماية ودعم ونصر مبين، وقدم القرابين له في معابده؛ كي يشكره على ما أولاه له من رعاية وحماية ، وحارب الملوك المصريين القدماء تحت راية الإله الخالق العظيم ، ونسبوا النصر الذي حققوه إلى الدعم الكبير الذي قدمه لهم في أرض المعارك، وأسَّس المصري القديم أول امبراطورية في التاريخ بعد تعرض مصر لمحنة احتلال الهكسوس القاسية، وجلبوا خيرات البلاد التي فتحوها إلى معابد الإله وكهنته.
المقابر والمعابد
وأشار الدكتور حسين عبد البصير إلي أن المعابد والمقابر صارت تُبنى باستمرار الواحد تلو الآخر. وصارت تضيف سطرًا جديدًا وجميلاً في تاريخ مصر القديمة والبشرية جمعاء ، وصارت آثار المصريين القدماء أكثر جمالاً وغموضًا وأشد سحرًا. وأخذت فكرة البناء والتشييد تصير على عقول كل الملوك المصريين القدماء. وصارت مصر عارمة بكل الأنواع من كل الآثار الجميلة سواء أكانت آثارًا تخص العالم الآخر، مثل المقابر أو المعابد الجنائزية، أو تخص الحياة الدنيا على الأرض مثل معابد الآلهة والمدن والبيوت والتجمعات السكنية وأماكن الأنشطة التجارية والصناعية.
مصر القديمة كانت في الأصل فكرة ثم تحولت لخطط ومشروعات
وأوضح عالم الآثار الدكتور عبد البصير أن مصر القديمة كانت في الأصل فكرة، ثم تحولت الفكرة إلى خطط ومشروعات تم تنفيذ بعضها، ولم يتم إكمال بعضها، أو تم إهمال أو تدمير بعضها. وقبل أن يصل بنا الانبهار بآثار مصر القديمة غايته، كان انبهار الرحالة الكلاسيكيين على أشده. وكتبوا عنها ما جعل منها أعجوبة الأعاجيب في كل زمان ومكان.
كانت قيم الصدق والدقة والاتقان هي المسيطرة على عقول المصريين القدماء وهم يخطون بالقلم من أجل البدء في تنفيذ مشروعاتهم العديدة سواء في الفكر أو في الفن أو في العمارة أو في العلم أو في الفلك أو الحساب أو في الهندسة أو في الأخلاق والضمير والأدب والقيم، أو في غيرها الكثير.
وختم الدكتور حسين عبد البصير محاضرته قائلاً إن هذه هي مصر القديمة ببساطة. وهي هذه هي فكرتها. وهذه هي قيمها التي روت العالم كله وما يزال العالم كله يرتوي من كل ما مصري قديم. إن مصر هي التي علمت العالم.
من الجدير بالذكر أن الدكتور حسين عبد البصير هو عالم آثار وروائي وكاتب مصري. حصل على درجة الليسانس في الآثار المصرية القديمة في كلية الآثار بجامعة القاهرة. حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الآثار المصرية القديمة وتاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم في جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية ، ألف عددًا كبيرًا من الكتب والمقالات العلمية والروايات والقصص مثل “خنوم”، و”أوشتاتا”، و”سحر الإسكندرية”، و”كتاب الأسرار”، وغيرها. ألف باللغة الإنجليزية “الصورة والصوت في مصر الصاوية”. ألف كتاب “العيش للأبد: تمثيل الذات في مصر القديمة” مع مجموعة من أهم علماء المصريات في العالم، يكتب الدراما للسينما والتليفزيون ، كتب فيلم “زوسر وإيمحتب: ثنائية الملك والعبقري”.
وشغل الدكتور حسين عبد البصير العديد من المناصب في الداخل والخارج. شارك في العديد من الاكتشافات الأثرية المهمة التي أنتجتها الحفائر الأثرية الخاصة بالبعثات المصرية والأجنبية في مواقع أثرية عديدة مثل الجيزة وسقارة ودهشور والواحات البحرية وهليوبوليس ونبتة بلايا في الصحراء الغربية وغيرها. كان مشرفًا ومديرًا للعمل الأثري بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، والمتحف المصري الكبير بالجيزة، ومنطقة أهرامات الجيزة، والمقتنيات الأثرية، والمنظمات الدولية واليونسكو، وإدارة النشر العلمي بوزارة السياحة والآثار، وغيرها، درّس في جامعة جونز هوبكنز وجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية والجامعة الفرنسية (السوربون 4) وغيرها. حصل مؤخرًا على تكريم المعهد الألماني للآثار بالقاهرة، ومُنِح عضوية دائمة بالمعهد وهي عضوية مهمة، تُمنَح فقط لأهم علماء الآثار في العالم. يلقي المحاضرات الأثرية في مصر وخارجها.
ويشارك الدكتور حسين عبد البصير دومًا في الأفلام الوثائقية التي تنتجها القنوات الأجنبية العالمية عن مصر القديمة ، ويشغل حاليًا منصب مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية.
اقرأ المزيد
عالم الآثار المصري الشهير الدكتور حسين عبد البصير يكتب: الأهرامات واكتشاف مجرى جديد للنيل!
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.