محمود عبد المنعم القيسوني يكتب:- قصص من أعماق الأمازون ( 2 )
غادر روزفلت الرئيس السابق للولايات المتحده الأمريكية و مرافقيه الباخرة النهرية و رفاهيتها و إمكانياتها الحضارية، لتبدء المغامرة سيراً على الأقدام وسط أحراش متشابكه تتخللها أشعه الشمس بصعوبة، وكان هدف هذه المغامرة هو إكتشاف ما يسمى بنهر “الشك” و رسمه بكل التفاصيل على خرائط نهر الأمازون لأول مرة، و كان ذلك يوم 17 يناير عام ألف تسعمائة أربعة عشرة.
كانت القافلة مكونة من ثيدور روزفلت و نجله كيرمت وعالم أحياء تابع لمتحف التاريخ الطبيعى و مصور محترف و هم أمريكيين ومعهم من الجانب البرازيلى العقيد كارلو و 165 شيال و طاهى و مراكبى يدعمهم عدد مائتان و خمسون بغل يحملوا خمسة أطنان مواد غذائية حسب حسابات و تقديرات العقيد كارلو المسؤول الإدارى عن الرحلة على أساس أنها ستستغرق خمسه شهور هذا بالإضافة لعدد عشره زوارق خشبية طويلة وقد سجل رزوفلت فى مذكراته التى واظب على كتابتها يوميا وأنه إهتم بتجميع عينات من كل شىء يروه من حشرات و نباتات و كائنات بمعاونة عالم الأحياء المرافق لهم و أن الأيام الأولى للرحلة كانت مرفهة و مريحة له بكل المقاييس فقد كانت مائدة الطعام تضم الأطعمة الفاخرة والمستلزمات الترفيهية مثل الخردل و خمسه أنواع من الشاى و أنواع من المخبوزات و المشروبات الروحية، وكانوا أثناء السير يلتقطوا الصور ويصطادوا وكانت هذه الرحلة و المغامرة تشكل منعطف هام فى حياته نظراً لخوضه أرض مجهولة تماماً للعالم أجمع .
كما كان واضح إهتمام روزفلت الخاص بثعبان الأناكوندا العملاق و هو ثعبان معروف بضخامته و قوته و قدرته إبتلاع إنسان بعد تحطيم عظامه لكنه إكتشف أن سادة هذه الأحراش والغابات المجهولة هى الحشرات و الزواحف الصغيرة جداً فهى تشكل أكبر خطر و إزعاج وبالذات النمل والذى تثبت قدرته على إلتهام إنسان كامل فى مدة وجيزة لو شاء حظه العثر أن يقطع خطوط سير جحافلها، ورغم كل هذه المخاطر إلا أنها لم تحبط عزيمة روزفلت فقد كان رجل عنيد و جسور ذو شخصية قويه صمم على إستمرار الرحلة، و قد تم إلتقاط صوره له و هو يرتدى قبعة ووجهه و رأسه و عنقه مغطاة تماماً بشبك مضاد للناموس و الحشرات كما أن جسمه بالكامل مغطى تماماً بملابس حتى يديه كان يرتدى قفازات عليها يرتدى كل هذا أثناء جلوسه أمام منضدة سفرية ليكتب مذكراته وكان واضح بالصور الكم الكبير للحشرات المحيطة به و الملتصقة بملابسه.
وبدأت متاعب الرحلة بموت عدد من البغال و إضطرارهم التخلص من أحمال و مستلزمات مهمة مما أثر بالسالب على خدمات الرحلة ثم إنسحاب عدد من الشياليين و هو ما دفع العقيد كارلو إقناع من تبقوا أن المواد الغذائية كافية لإستكمال الرحلة تلى ذلك إكتشافهم أثناء السير أن هناك عيون تراقبهم عن كثب و تتتبعهم كالأشباح و هو ما أثار خوف الجميع خصوصاً بعد مشاهدتهم لآثار الأقدام الحافية الأدمية مطبوعة على تربه الأحراش على مسافات قريبة جداً منهم و علموا أن هنود هذه الغابات و المعروفين بكراهيتهم للدخلاء كراهية تدفعهم للقتل بإستخدام سهام صغيرة مغطاه بسم فتاك يطلقوها من سيقان نوع مجوف من الخيزران في صمت قاتل.
كما شاهدوا نقوش غريبة و غامضة على الصخور التى كانت فى طريقهم تلى ذلك ما بث الرعب الشديد فيهم وأكد لهم الخطر الداهم الذى يواجهوه فقد عثروا على ثلاث جماجم بشرية حديثة عليها بواقى شعر و لحم و الفك مفتوح بإسلوب يؤكد أقصى درجات الخوف و العذاب و المعاناة، و إكشتفوا أنها لثلاثة رجال أجسامهم مدفونة بالكامل فى الأرض حتى مستوى العنق و هو إسلوب بشع يتبعه الهنود لقتل الأغراب حيث يتركوا الحشرات تلتهم وجوههم و رأسهم من الخارج و الداخل ببطىء شديد ليتعذبوا عذاب مؤلم حتى الموت وهو ما دفع روزفلت تسجيل أن صدمة مشاهدة هذه الجثث الثلاثة الحديثة الموت كانت تمثل رسالة تهديد لهم واضحة من هنود الأمازون.
إقرأ أيضا:-
محمود عبد المنعم القيسوني يكتب: قصص من أعماق الأمازون (1)
الموسيقى الأفريقية.. هي الأم التي حَبُلت وولدت “الرومبا والسامبا” في أمريكا اللاتينية
القيسوني يكتب .. أخطر المخلوقات علي وجه الأرض
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.