الدكتورة مني نور الدين تكتب : اليوم العالمى للبيئة ومفهوم الأمن المناخى
تعد التغيرات المناخية من أبرز التحديات العالمية التى تواجه العالم أجمع والتى نتجت بسبب العوامل البشرية والعوامل الطبيعية , ولم تقف التغيرات عند حد التحديات بل تجاوزتها وتعدتها إلى الأخطار البيئية والتهديد للأنظمة البيئية ، لذا كان لا بد من تكاتف القوى الدولية والمؤسسات والدول من أجل وضع بعض المحددات لخفض الإنبعاثات وخفض درجات الحرارة بحيث لا تتجاوز الزيادة 1,5 درجة مئوية .
وفى عام 2022 شهد العالم بدأت التغيرات المناخية تعيد تشكيل خريطة التهديدات وخريطة الأمن المناخى ،وشهدت القارة الأوروبية للمرة الأولى تعرضها للحرائق بشكل كبير وجفاف الأنهار لدرجة ظهور ما يسمى بصخور الجوع والمنقوش عليها بالكتابة إذا رأيتمونى ابكوا ، ومن المتوقع إذا زادت حدة التغيرات المناخية مع زيادة حدة وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية سوف تشهد مزيد من الهجرات .
ولما كان مؤتمر المناخ 27 الذي عقد في مدينة شرم الشيخ يدعم ويعزز مفهوم الأمن المناخى فى العالم من خلال الالتزامات الدولية الخاصة بتطبيق مفاهيم العدالة المناخية والبيئية من خلال برامج التمويل المختلفة ودعم برامج التكيف المناخى من الدول الغنية والمتسببة فى أكبر نسبة من التغيرات المناخية للدول الفقيرة المهمشة سياسياً واقتصادياً سواء دول جززرية أو ساحلية أو دول حبيسة ، والالتزامات الخاصة باستيراتيجيات التخفيف ووضع الاستيراتيجيات الوطنية لمجابهة التغيرات المناخية والاتجاه نحو تغيير الأنظمة الموروثة فى استخدام الطاقة والتوجه نحو الطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر ودعم المبادرات المتعلقة بذلك .
وجاءت مسألة الأمن المناخى وهى مسألة هامة نظرا لما يرتبط به هذا المفهوم وانعكاساته على الأمن الإنسانى والأمن القومى إذ يؤثر عدم توفر الأمن المناخى على العديد من الدول المهمشة سياسيا واقتصاديا مما ينتج عنه تزايد الهجرات غير الشرعية وتزايد عمليات اللجوء والنزوح السياسى ويؤثر على حفظ الأمن والسلام الدوليين من وجود حروب أهلية ونزاعات إقليمية ونمو مناطق الإرهاب الدولى على مناطق الحدود الهشة بين الدول ، وبذا يعد الأمن المناخى السياسى هو أهم أنواع الأمن نظرا لارتباطه بالأمن القومى للدول وكذلك حفظ الأمن والسلم الدوليين والمنوطة به منظمة الأمم المتحدة.
كما يرتبط مفهوم الأمن المناخى من الأمن الفكرى والتأثير على المجتمعات الفقيرة فى الاستقطاب نحو الجماعات الإرهابية والتأثير على المرأة والأطفال وما تحدثه من تأثير على مفاهيم المواطنة والولاء والانتماء وخاصة فى منطقة غرب إفريقيا ( منطقة الساحل ) ومنطقة القرن الإفريقى فى شرق إفريقيا وخاصة أن المنطقتين يشهدا أكبر حركة للقراصنة وخاصة غرب إفريقيا الغنى بالبترول ومنتجاته ولذا تشهد حركة قرصنة كبيرة لسفن البترول .
كما يأتى الأمن المناخى الإنسانى فى المقدمة نظراً لما يرتبط بحاجة الشعوب الفقيرة التى تحتاج إلى دعم فكثيرا من السكان الذين يتعرضون للفيضانات والحرائق والجفاف يفتقدون الأمن المناخى الإنسانى ولذا يجب النظر إليهم من منظور الإنسانية من قبل المنظمات الدولية والدول الغنية وخاصة أن معظم هذه الشعوب فقيرة يجب تأمينها وتحسين ظروف البنية التحتية فيها .وتطلب الأمن المناخى نوع من المسؤولية المجتمعية ، وتعد الشبكة الإقليمية للأمن المناخى والتى تم إطلاقها فى 17 يناير عام 2022 وتم تحديد أولوياتها من أهم الخطوات الجادة فى سبيل دعم مفهوم الأمن المناخى لدى العديد من دول العالم .
كما يرتبط الأمن المناخى بالأمن الغذائى ففى الوقت الذى تتزايد الدعوات نحو تطبيق أهداف التنمية المستدامة وهى القضاء على الفقر والقضاء على الجوع نجد التغيرات المناخية تحدث خللا فى منظومة الأمن الغذائى حيث الجفاف والتصحر وتناقص قدرة الأراضى الزراعية مما يستلزم تضافر الجهود للوصول إلى الحد الأدنى من توفير الأمن الغذائى وخاصة فى بعض دول أفريقيا فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية والتى أثرت على سلاسل الإمداد والطاقة .
ويرتبط الأمن المناخى أيضا بالأمن المائى حيث جفاف الأنهار وحروب المياه بين الدول على الأنهار الدولية المشتركة والنزاعات على المياه الجوفية ، ودخول العديد من دول العالم تحت خط الفقر المائى وتزايد حدة الحروب .
إقرأ المزيد :