جولة “لافروف ” الأفريقية .. موسكو إلي محاولة ملأ الفراغ الغربي في دول الساحل والصحراء
وصل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأربعاء إلى العاصمة التشادية إنجمينا رابع محطات جولتة الأفريقية التي شملت محطات غينيا كوناكري والكونغو برازفيل وبوركينا فاسو, وتعد زيارة لافروف لـ تشاد هي الأولي لوزير الخارجية الروسي علي الإطلاق .
وتبدو جولة وزير الخارجية الروسي تتويجا للتقارب الذي تشهده الفترة الحالية بين موسكو وعواصم عدد من دول منطقة الساحل والصحراء خاصة وأن هذه الدول شهدت تغيرات سياسية كبيرة الفترة الماضية إضافة الي توتر في العلاقات مع العواصم الغربية خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية .
واعتبر عدد من الخبراء الروس والأفارقة أن جولة لافروف الأفريقية رسالة بأن دول الساحل والصحراء تملك خيارا آخر حال انسداد الطريق مع أوروبا وفرنسا .
تأتي في توقيت صعب
ويقول الدكتور نزار بوش استاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي الروسي لـ” أفرو نيوز 24 ” : “أن جولة لافروف الأفريقية تأتي في توقيت صعب خاصة في ظل عدد من القضايا والمشاكل الدولية التي تعاني منها قارات العالم بما فيها أفريقيا وأوروبا , مضيفا ” نعلم أنه بعد الحرب الأوكرانية الروسية أصبحت العلاقات بين روسيا وأوروبا سيئة وهناك عقوبات كبيرة لذلك كان لابد لروسيا أن تنوع علاقاتها ولذلك وجدت في أفريقيا شريكا .
ولفت الدكتور نزار بوش الي أن هذا التقارب جاء في وقت سعت فيه هذه الدول للابتعاد عن الاستعمار الفرنسي أو فرنسا التي لها باع طويل في استعمار تلك الدول.
وأكد استاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي الروسي أن روسيا تاريخيا كانت تساعد الدول الأفريقية من التحرر من الاستعمار الغربي ” الفرنسي والبريطاني ” , وقال ” والآن جاءت الفرصة لأن تقوي روسيا علاقاتها مع أفريقيا لا سيما عدد من الدول ” غينيا كوناكري والكونغو وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد ” .
وأضاف ” أما بالنسبة لتلك الدول التي يزورها لافروف اعتقد انها الدول التي انقلبت علي حليفها أو شريكها الذي لدية تاريخ استعماري فيها , متابعا ” لقد انقلبت تلك الدول وشعوبها علي فرنسا وأرادت أن تتحرر من الاستعمار الاقتصادي مثلما تحررت سابقا من الاحتلال العسكري الفرنسي ولذلك لجأت إلي روسيا .
تواجد مؤثر
ونوه الدكتور نزار بوش أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي الروسي إلي وجود عسكري روسي في بوركينا فاسو والنيجر , معتبرا انه تواجد مؤثر رغم كونه ليس بالحجم الكبير , كما أن هناك تعاون عسكري بين روسيا وتلك الدول حيث تقوم موسكو بتصدير السلاح لتلك الدول والنفط والقمح والأسمدة .
وأشار الي أن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين صرح أكثر من مرة عن استعداد روسيا تقديم مساعدات غذائية للدول الأفريقية المحتاجة والتي تضررت من العملية الروسية في أوكرانيا وفرض حصار غربي وعقوبات غربية علي روسيا والمنتجات الروسية .
وشدد أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي الروسي علي أن الدول الأفريقية سوف تستفيد من روسيا خاصة وأنها ليست دولة استعمارية ولا تتعامل مع الدول الافريقية بطريقة فوقية أو بنبرة استعمارية .
وقال ” هناك ثقة في روسيا من تلك الدول والتاريخ الروسي لا يشوبه شائبة فيما يخص العلاقات الروسية الأفريقية .
وجدد الدكتور نزار بوش تأكيدة علي أن جولة لافروف جاءت في وقتها لتطوير العلاقات الاقتصادية والعسكرية والسياسية أيضا , وقال ” روسيا تقف مع هذه الدول وشعوبها للتحرر الكامل من الاستعمار الاقتصادي الفرنسي , معتبرا ان هناك استعمار فرنسي – علي حد قوله .
وأضاف ” التواجد الفرنسي والأمريكي في أفريقيا ليس تواجدا مسالما فهم يستغلون هذه الدول اقتصاديا ويفرضون عليها عقوبا كما يشاءون .
وتابع ” لذلك تريد تلك الدول بلاشك أن تخرج من تحت العباءة الفرنسية والأمريكية ولذلك لجأت إلي روسيا لتكون حليفا ومساعدا لها وتوقيع معاهدات شراكة وتعاون مع روسيا حتي تستفيد موسكو وتلك الدول .
يمكن قراءتها من 3 نقاط
من جانبه اعتبر الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد شريف جاكو أنه يمكن قراءة جولة لافروف الأفريقية من 3 نقاط , علي رأسها تعزيز الصداقة مع الدول التي كانت لها صداقة مع روسيا سابقا مثل دول اتحاد دول الساحل , مشيرا الي أن تلك الدول تعاني من مشكلات أمنية واقتصادية بسبب الحصار المفروض عليها .
وقال جاكو لـ ” أفرو نيوز 24 ” لذلك روسيا ترغب في أن توصل رساله لتلك الدول أنها معهم علي طول الخط وأن روسيا مستعدة للتعاون معهم اقتصاديا وعسكريا .
وأشار جاكو الي أن الجولة تأتي أيضا في إطار التحضير للقمة الروسية الأفريقية المقبلة , كما أن موسكو ترغب في توسيع رقعة الصداقة مع الدول التي مستعدة للانضمام للصداقة الروسية الأفريقية خاصة غينيا كوناكري والنيجر وبوركينا فاسو.
واعتبر ان هذا الامر ينطبق أيضا علي تشاد , وقال ” في الآونة الأخيرة كانت هناك جفوة في العلاقات بين تشاد وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بسبب الانتخابات الرئاسية الأخيرة , مضيفا ” أن تشاد ترغب في أن توصل رسالة لفرنسا والاتحاد الأوروبي أنها تستطيع أن تستند علي حائط آخر في حال حاولت فرنسا والاتحاد الاوروبي فرض شروطا معينة علي تشاد بأن روسيا علي الأبواب .
وقال ” إن ذلك يبدو من الحشد الجماهيري الكبير الذي كان في استقبال وزير الخارجية الروسي عندما وصل مطار انجمينا , مؤكدا أن تلك كانت رسالة لفرنسا والاتحاد الأوروبي بأن لدي تشاد فرصة أخري أو خيار آخر حال وصول الخيار الأوروبي والفرنسي إلي طريق مسدود .
الزيارة السادسة
جدير بالذكر هذه الزيارة السادسة التي يقوم بها لافروف إلى القارة الإفريقية خلال العامين الأخيرين ففي يوليو 2022، زار الوزير الروسي وإثيوبيا وأوغندا وجمهورية الكونغو.
وفي يناير 2023، توجه إلى جنوب إفريقيا وإسواتيني وأنجولا وإريتريا، وفي فبراير من نفس العام زار مالي وموريتانيا والسودان, وفي نهاية مايو وبداية يونيو، زار كينيا وبوروندي وموزمبيق وجنوب إفريقيا، وكانت آخر زيارة للوزير لافروف إلى إفريقيا، في أغسطس 2023 – لحضور قمة مجموعة بريكس في جنوب إفريقيا.
إقرأ المزيد :
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.