جنوب أفريقيا : أنباء عن تشكيل تحالف سياسي .. هل ثمة انفراجة قريبة للأزمة السياسية ؟
في اختراق كبير للأزمة السياسية في جنوب أفريقيا ، أعلن زعيم حزب « الحرية إنكادا » إن حزبه وافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وأكبر حزب معارض وهو التحالف الديمقراطي , ونقلت بي بي سي فيلينكوسيني هلابيسا قوله في مؤتمر صحفي في ديربان أمس الأربعاء: “الخيارات الوحيدة كانت أن نصبح جزءًا من الحكومة أو جزءًا من المعارضة” ، مضيفا ” إن شعب جنوب أفريقيا الذي صوت في الانتخابات العامة قال إن الأحزاب السياسية يجب أن تجد أرضية مشتركة”.
وتابع هلابيسا: “سنشارك في حكومة الوحدة الوطنية من أجل وطننا ومن أجل شعبنا الذي يريد أن تستمر الحياة مع حكومة مستقرة تتصدى لتحدياته” , مؤكدا لمؤيدي حزبة أن الحزب “لن يفقد هويته” لأنهم عملوا في حكومة ائتلافية من قبل.
ترقب في جنوب أفريقيا
ويترقب مواطنو جنوب أفريقيا معرفة مصير المشاورات التي تجري بين الأحزاب السياسية لمعرفة مصير سيشكل الحكومة المقبلة بعد أن خسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته في انتخابات الشهر الماضي.
وتعد تصريحات زعيم حزب الحرية انكادا أول مؤشر رسمي على توافق على تشكيل حكومة ائتلافية ، على الرغم من عدم صدور أي تعليق رسمي من التحالف الديمقراطي وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي , كما تأتي تلك التصريحات عقب اعلان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في السابق ” إنه يريد تشكيل حكومة وحدة وتواصل مع جميع أحزاب المعارضة في البلاد.
ومن المقرر أن يؤدي البرلمان الجديد اليمين الدستورية غدا الجمعة، بعد أن رفضت المحكمة العليا في البلاد طلبا من حزب الرئيس السابق جاكوب زوما، MK، لعدم عقد الجلسة الأولي للبرلمان المنتخب .
ومن المتوقع أن يقوم البرلمان الجديد بانتخاب رئيسا للبلاد ، ولذلك يسابق حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الزمن للتوصل إلي تحالف سياسي يمكنه من تمرير اعادة انتخاب زعيم الحزب سيريل راما فوزا لولاية رئاسية جديدة .
وفشل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الحفاظ علي أغلبيتة التاريخية في البرلمان الجديد , وذلك للمرة الأولى منذ أن قادهم نيلسون مانديلا إلى النصر عام 1994 وأنهى نظام الفصل العنصري العنصري، مما أجبر على البحث عن شركاء في الائتلاف.
وحصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على حوالي 40% من مقاعد البرلمان الجديد ، فيما حصل حزب التحالف الديمقراطي الذي ينتمي إلى يمين الوسط على 22%، وحزب MK على 15%، وحزب المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية المتطرف على 9%.
ووفقا لـ بي بي سي حصل حزب IFP، وهو حزب محافظ يتمتع بقاعدة قوية من الزولو، على حوالي 4% من حصة الأصوات في الانتخابات , ويفضل أنصار حزب المؤتمر الوطني الأفريقي عقد صفقة مع EFF وMK، وكلاهما يقودهما مسؤولون كبار سابقون في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي , ومع ذلك، فإن مثل هذا التحالف من شأنه أن يثير قلق المستثمرين لأن هذه الأحزاب تفضل الاستيلاء على الأراضي المملوكة للبيض دون تعويض وتأميم مناجم البلاد . فيما يفضل مجتمع الأعمال تشكيل تحالف بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وحزب التحالف الديمقراطي.
ويعارض التحالف الديمقراطي اثنتين من السياسات الأساسية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي: برنامج تمكين السود، الذي يهدف إلى منح السود حصة في الاقتصاد بعد استبعادهم في ظل نظام الفصل العنصري، ومشروع قانون التأمين الصحي الوطني، الذي يَعِد بالرعاية الصحية الشاملة للجميع.
وفي أعقاب انتخابات عام 1994 التاريخية، عمل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يتزعمه مانديلا مع أعدائه السابقين في الحزب الوطني، الذي كان مسؤولا عن تطبيق نظام الفصل العنصري، وكذلك الحزب الشيوعي الثوري، الذي اشتبك أنصاره بشكل متكرر مع نشطاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، مما أدى إلى مقتل الآلاف.
تورشين : الحرية إنكادا لا ثقل سياسي له
ويقول الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين لـ ” أفرو نيوز 24 ” : ” إنه في تقديري ان حزب الحرية إنكادا ليس له ثقل سياسي كبير ولا يمتلك قدر كافي من المقاعد في البرلمان الجديد يمكنه من أن يكون حلقة أو عنصر مراهنة يمكن حزب المؤتمر الوطني من تشكيل الحكومة , واستطرد قائلا ” بلا شك أن التحالف الديموقراطي هو صاحب العدد الأكبر من الأصوات وحل في المركز الثاني .
وأشار الي أن خيارات التحالفات السياسية أمام حزب المؤتمر الوطني بدأت ملامحها تتضح بشكل كبير , خاصة في ظل الخلافات السياسية الكبيرة بين الحزب مع حزب MK الذي يقوده الرئيس السابق لجنوب أفريقيا جاكوب زوما .
وتوقع الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن يفرض حزب التحالف الديموقراطي شروطه علي المؤتمر الوطني , وقال ” ربما تكون شروطا قاسية وعلي المستوي الخارجية , بمعني أن التحالف الديمقراطي حزب ليبرالي تسيطر عليه الأقلية البيضاء ولديه مرجعيات اقتصادية ليبرالية ربما تتقاطع مع الشرائح الفقيرة وهم الأغلبية ” شرائح السود ” , فضلا عن ذلك يدعو الي مناقشة ومراجعة كل القوانين والقضايا التي تم سنها لحماية الفئات الفقيرة , معتبرا ان هذا الأمر اشكالية حقيقية ربما ستجعل الكثير من المواطنين في جنوب أفريقيا ينتفضون وسيعيدون النظر في دعم حزب المؤتمر الوطني في مقبل الايام خاصة وأن البلاد تعاني من البطالة والفقر والمحسوبية .
كما اعتبر الدكتور محمد تورشين الخبير في الشؤون الأفريقية أن كل هذه العناصر ربما ستكون في مصلحة حزب MK وربما تشكيل هذه الحكومة بمشاركة حزب التحالف الديموقراطي ستمنح حزب الرئيس السابق زوما مزيدا من العضويات في الانتخابات المقبلة .
السياسية الخارجية والقضية الفلسطينية
وأشار الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين الي وجود جزئية هامة يجب القاء الضوء عليها وهي السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا في الفترة المقبلة , لافتا الي أن حزب التحالف الديموقراطي لدية علاقات جيدة مع الكيان الإسرائيلي , معتبرا ان هذا بشكل أو بآخر سيقلل من دعم جنوب أفريقيا للقضية الفلسطينية .
وأكد الدكتور تورشين أنه من المحتمل أن يحقق الرئيس رامافوزا مكسبا سياسيا يضمن بقاءه رئيس لجنوب أفريقيا لولاية ثانية بهذا التحالف مع حزب التحالف الديموقراطي علي المدي القريب , واستطرد قائلا ” لكن علي المدي الطويل حزب المؤتمر الوطني سيكون هو الخاسر الأكبر , وربما في الانتخابات العامة المقبلة لن يحقق المقاعد التي قد تمكنه من الدخول في تحالفات مثلما يجري حاليا لتشكيل الحكومة , وكل هذا سيكون في صالح الحزب المنافس MK .
إقرأ المزيد :
جنوب أفريقيا : المشهد السياسي يزداد غموضا .. وجميع السيناريوهات مفتوحة
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.