« لوموند الفرنسية » تطرح التساؤل لماذا تحولت إثيوبيا من « الأسد الأفريقي » لخيبة أمل للغرب في شرق أفريقيا ؟
الأمم المتحدة: انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة في البلاد
أكدت صحيفة ” لوموند الفرنسية ” أن إثيوبيا أصبحت تمثل بالنسبة للغرب في الوقت الراهن خيبة أمل في شرق أفريقيا ، مشيره إلي أن بوصلة الغرب بدأت تتحول تدريجيا نحو كينيا التي أصبحت تمثل قناة للمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة وأفريقيا جنوب الصحراء.
وألقت لوموند الفرنسية الضوء في تقرير لها عن التحول الذي طرأ علي النموذج الإثيوبي الواعد اقتصاديا تدريجياً إلى صراعات عنيفة مثل حرب تيجراي (2020-2022) ــ وأزمات سياسية لا نهاية لها ، وقالت الصحيفة في تقريرها ” إن تسمية “الأسد الأفريقي” ظلت عالقة بإثيوبيا لفترة طويلة، حيث كان من المقرر أن تصبح إثيوبيا عملاق اقتصادي مستقبلي للقارة بفضل التنمية على النمط الصيني، والتي تعتمد علي التصنيع المركزي، مضيفة ” وبعد عقد من الزمن، فشلت الدولة التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون نسمة ــ ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان ــ في تحقيق هذا الهدف الاقتصادي المعلن.
وتابعت لوموند أن توقعات النمو، التي كانت ذات يوم يتم توقعها بأرقام مضاعفة، مما يشير إلى ارتفاع لا يقاوم، أصبحت الآن باهتة ، مشيره إلي أن النموذج الاقتصادي الإثيوبي الواعد تحول تدريجياً ، إلى حد التقليل من شأن هذا العملاق الذي هو إثيوبيا في نظر المستثمرين الأجانب والشركاء الغربيين.
وأوضحت لوموند الي أنه من عجيب المفارقات أنه عندما كانت أديس أبابا في أيدي النظام الماركسي اللينيني لرئيس الوزراء ملس زيناوي (1991-2012)، جعلت واشنطن منها شريكا أساسيا لها في القرن الأفريقي – بسبب حربها ضد الإرهاب الإسلامي في الصومال. وقالت لوموند ” وعلى الرغم من الآمال التي أثارها وصول أبي أحمد- المتوج بجائزة نوبل للسلام، إلى السلطة في عام 2018، فقد تخلى الحلفاء الغربيون عن دولة كانت مجزأة إبان حرب تيجراي.
وأكدت لوموند أن هذه الحرب الأهلية، وهي واحدة من أعنف الحروب في القرن الحادي والعشرين ، خلفت 600 ألف قتيل، حسب تقديرات الاتحاد الأفريقي، وتسببت في أضرار تعادل 28 مليار دولار (26.2 مليار يورو) ، والنتيجة لا تحسد عليها أكثر من ذلك؛ ويشل اثنان من المتمردين القوميين المناطق الرئيسية (أوروميا وأمهرة)، حيث أصبحت عمليات الاختطاف شائعة.
“صراعات داخلية”
وقالت لوموند ” إذا كان الاقتصاديون قد توقعوا تطوراً مماثلاً لما حدث في رواندا، فإنهم يشهدون الآن تفكك إثيوبيا.
ويؤكد ماشاريا مونيني، الأستاذ في جامعة USIU-Africa في نيروبي ، أنه من الناحية النظرية، يجب أن تضمن التركيبة السكانية في إثيوبيا مستقبلًا صناعيًا مزدهرًا”، لكن الصراعات الداخلية والتنافس مع إريتريا المجاورة وتدهور الإدارة أفسدت هذه الإمكانيات » .
ويقول بينيديكت كامسكي، الباحث في معهد أرنولد بيرجستريسر، ” لم يغير حزب الرخاء الذي يتزعمه آبي أحمد شيئا ، برنامجه الطموح للإصلاحات الليبرالية، الذي كان من المفترض أن يضع حدا لاحتكارات الدولة لهذا النظام الحاكم السابق، لم ير النور قط ، “الدولة أكثر حضورا من ذي قبل! “، مضيفا” أن فكرة أن إثيوبيا تتمتع بإمكانات اقتصادية هائلة تستند جزئياً إلى أسطورة مفادها أن هناك سوقاً واسعة تعتمد على عدد سكان ينمو ، لكن معدل التحضر لا يزال منخفضاً والقوة الشرائية لا تزال منخفضة للغاية، وتتركز في العاصمة. »
الأمم المتحدة: أزمة حقوق الإنسان متصاعدة في إثيوبيا
وفي سياق آخر سلطت صحيفة أديس ستاندرد الإثيوبية الضوء علي تقرير للأمم المتحدة يكشف أزمة حقوق الإنسان المتصاعدة في إثيوبيا؛ الذي حمل القوات الحكومية المسؤولية عن 70% من الانتهاكات عام 2023
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وقعت 594 حادثة انتهاك وتجاوزات لحقوق الإنسان أثرت على 8,253 ضحية في عام 2023 ، مشيرا إلى أن القوات الحكومية كانت مسؤولة عن 70% من هذه الانتهاكات، وأثرت على 7,103 أشخاص.
وسلط تقرير حديث للأمم المتحدة الضوء على حالة حقوق الإنسان المقلقة في إثيوبيا طوال عام 2023 ، موضحا أنه على الرغم من التحسن الملحوظ في منطقة تيجراي بعد تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية (CoHA)، فإن التقرير يعرب عن مخاوف بالغة بشأن تداعيات أعمال العنف وتصاعد الاشتباكات، خاصة في منطقتي أمهرة وأوروميا.
وأشارت أديس ستاندرد في تقريرها إلي أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أصدرت تقريرا من 24 صفحة ، يوثق 594 حادثة انتهاك وتجاوزات لحقوق الإنسان أثرت على 8,253 ضحية خلال العام الماضي. ويمثل هذا زيادة كبيرة بنسبة 55.9% مقارنة بالعام السابق.
ويُزعم أن الجهات الحكومية الإثيوبية بما في ذلك قوات الدفاع الوطني الإثيوبية (ENDF)، وقوات الشرطة الفيدرالية والإقليمية، فضلاً عن الميليشيات التابعة للدولة، مسؤولة عن 70٪ من هذه الانتهاكات، والتي أثرت على 7103 ضحايا.
من ناحية أخرى، شكلت الجماعات المسلحة غير الحكومية 22.3% من الحوادث، وذكر التقرير أن الوضع في منطقة أمهرة مثير للقلق بشكل خاص ، وتم تسجيل ما مجموعه 740 حالة وفاة بين المدنيين في المنطقة خلال عام 2023، ويُعزى معظمها إلى قوات الأمن الحكومية تقاتل ضد جماعة ميليشيا فانو.
بالإضافة إلى ذلك، وثق التقرير مقتل 366 مدنيًا في منطقة أوروميا، حيث استمرت الاشتباكات بين القوات الحكومية وجيش تحرير أورومو طوال العام ، ومن بين القتلى في أوروميا 46 امرأة.
وإلى جانب الصراع المستمر بين القوات الحكومية وجيش تحرير أوروميا، سلط التقرير الضوء أيضًا على الاشتباكات العرقية بين ميليشيات أمهرة وأوروميا، وكذلك بين الجماعات الأورومية والصومالية، والتي أسفرت عن مزيد من الضحايا.
ويؤكد التقرير كذلك على المخاوف المتعلقة باستخدام قوات الدفاع الوطني الإثيوبية (ENDF) لضربات الطائرات بدون طيار ، لافتا إلي أنه في الفترة بين أغسطس وديسمبر 2023 فقط، أسفرت 18 غارة موثقة بطائرات بدون طيار عن عدد غير متناسب من الضحايا المدنيين: 248 قتيلاً و55 جريحًا.
وأعرب التقرير عن قلقه بشأن شرعية هذه الضربات بموجب القانون الدولي، مشيراً إلى تدمير البنية التحتية الأساسية مثل المدارس والمستشفيات، إلى جانب المساكن الخاصة.
بعد إعلان حالة الطوارئ في 4 أغسطس 2023، سلط التقرير الضوء على ارتفاع مثير للقلق في الاعتقالات التعسفية ، حيث استهدفت هذه الاعتقالات في المقام الأول أفراداً من عرقية الأمهرة في مناطق مختلفة من البلاد.
وتم توثيق ما مجموعه 4,879 حالة اعتقال في 16 مركزًا أو موقعًا للاحتجاز، حيث أمضى العديد من المحتجزين فترات احتجاز طويلة قبل المحاكمة.
كما استمر العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات كقضية حرجة ، ومع ذلك، يعترف التقرير بأن نقص الإبلاغ عن مثل هذه الحالات لا يزال سائداً بسبب مزيج من الوصمة الاجتماعية والثقافية، والخوف من الانتقام، ومحدودية الوصول إلى خدمات الدعم الشاملة، لا سيما في المناطق الريفية.
ولا تزال الحالة الإنسانية في شمال إثيوبيا تشكل مصدرا كبيرا للقلق ، حيث لا تزال الصراعات المستمرة تؤدي إلى نزوح المدنيين وإعاقة العودة الآمنة للنازحين داخلياً إلى ديارهم الأصلية.
وشدد التقرير على تحديات الحماية التي يواجهها النازحون داخلياً، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، ونقص وثائق الهوية الأساسية، ومحدودية الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والمياه والمأوى.
وحث التقرير الحكومة الفيدرالية وسلطات الولايات الإقليمية على اتخاذ خطوات أساسية لوقف الأعمال العدائية، وضمان حماية المدنيين، والوفاء بالتزامات تنفيذ اتفاق بريتوريا للسلام، وضمان الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع شرائح السكان. ، بما في ذلك المناطق المتضررة من الصراع.
وشدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان له، على أن “الانتهاكات المستمرة تؤكد الحاجة الملحة لإعطاء الأولوية للحلول السياسية وحقوق الإنسان لتحقيق السلام والمساءلة في إثيوبيا”.
وقدم التقرير كذلك توصيات إلى المجتمع الدولي، وحثهم على تحفيز ودعم تنفيذ الحكومة لاتفاق السلام، وتعزيز الحوار السلمي والتفاوض لحل النزاعات، والدعوة إلى آليات المساءلة، والمساهمة في جهود تعبئة الموارد لحقوق الإنسان والمساعدة الإنسانية. ، ومبادرات التعافي.
اقرأ المزيد