محمد قطرب باري يكتب .. أفريقيا : هي الماضي والحاضر والمستقبل
قديما : كانت أفريقيا قارة تستقبل الوفود والرُّحل الذين كانوا يأتون من كلّ فجّ عميق ، منهم كانوا تجاراً، وبعضهم وصلوا إلي قارتنا من أجل الهيمنة على الأفارقة بإسم نشر الدين ، وبعض الغرب دخلوا قارتنا علي سبيل الدعوة للتنصير .
وحرصاً للإقتصاد في السرد .. حتى لا أضطرّ الي الخوض و التطرق في ماضيها بكل تفاصيله أي -بعجرها وبجرها – أكتفي من باب الإشارة إلى القول أنّ تواريخ أفريقيا يندرج تحت شقّين مختلفين وهما : المشرق ، والمظلم .
الشقّ المُشرق : في هذا الجانب نعثر على حقائق مشرفة لتواريخ ومواقف أبطالنا الأحرار ، وعباقرتنا الأعزاء الذين ضحوا أرواحهم للدفاع عن حماية بلدانهم، وخدمة شعوبهم.
هذا الجانب يكاد بعض الناس – إلى يومنا – أن يطمسوا حقيقة تاريخ الإنسان الإفريقي الأسود ، أو محاولة إخفاء وتدليس جانبه المشرق المشرف ، زعماً أنّ الإنسان الإفريقي لم يترك إرثاً مشرفاً، أو تاريخاً مشرقا، وظناًّ أنّ كلّ ما في تاريخ – الإنسان الإفريقي السود – عبارة عن الجانب المُظلم ” العبودية” فحسب ، ولكن هيهات ، اسأل التاريخ إذْ فيه العِبر المكتوم ، والخَبر المختوم.
أما الشقّ المظلم : لنكن منصفين وموضوعيين مهما بلغ مدى حبّنا لقارتنا الافريقية برمّتها ، وانتماءنا إلى أبناء بجدتها ، إلاّ أنّ هناك – جانباً مُرًّا…أو بعبارة أخرى -جانباً مُظلماً – ذلك الجانب الذي أثّر على بعض بلدان الافارقة عند ما وصل الإفرنج الغاشم في قارتي ، ومن سوء الحظّ وقف بعض قدامى الأفارقة بجوانب الأعداء لينفّذ الأعداء سعيهم وهدفهم على بني جلدة الخونة.
وذلك معروف على كلّ من له إلمام حول كيفية دخول الإفرنج ، أو حتى مواقف حوادث استقلال المزعوم لبعض البلدان عندما تمّ الاستفتاء بـ- “نعم أو” لا ” حيث اختلف بعض الزعماء آنذاك ، ووصل الأمر إلى الخيانة ، لا داعي لذكر كل باسمه ولحمه ودمه ، يكفي العودة إلى صفحات التاريخ.
وأماّ حاضرها…من ضمنها تلك التغيّرات الجيوسياسيّة، والإضطربات الأمنيّة لبعض البلدان الفرنكوفونية التي كانت تحت ضغوطات خارجيّة مِنْ لَّدُن عصر استقلال المزعوم إلى هذه المرحلة الحرجة ، دُول كانت مغلوبة على أمرها من كل النواحي المختلفة:” عسكرياًّ ، اقتصادياًّ ، وحتى تعليمياًّ” حتى لو رجعنا البصر كرّتين إلى مناهجنا الدراسية سنجد أنها عبارة عن النّظـم التعليميّة الوافدة ، أي تمّ النسخ واللصق. شرقياًّ أم غربياًّ !!!
بغضّ النظر عن ذلك…حاضرنا يخبرنا حدوث قفزة نوعية ، وصحوة فكرية في صفوف جمع غفير من الشعوب الأفريقية، وهذا مما يحدث الفارق بين الماضي القريب ، والحاضر المعاش.
حيث قد استيقظ جزء كبير من الجِـيل من سباتهم القديم ، وأصبح الامر غير ما كان ، رغم وجود صنف لا يميّز بين مصلحة الشعب ومصلحة الغرب، أو بين مصلحة الساسة الخونة ، ومصلحة الدولة.
ما المستقبل لماما أفريقيا ؟…كل التنبّؤات والتوقعات تشير أن قارتنا ستصبح قارة يلجأ إليها بقية الشعوب من قارات أخرى كما كانت سابقة ولكن بنسخة اخرى وسياسات أخرى ، وذلك بناءً على عدة دراسات..
وكما لا يُدعَ مجالاً للشكّ…أنّ أفريقيا من أغنى القارات إن- لم تكن اغناها – في الناحية ثرواتها المعدنية والطبيعية ، وأراضيها صالحة للمعيشة والزراعة ، وأكثر شعوباً تتميّز أغلبها بطبقة الشبابية .
أي…أكثر الافارقة بسنّ الشباب ،وليس كأوربا التي تتجاوز عدد مسنّيها على عدد شبابها…والشباب هم صمام المستقبل ، وأمل المستقبل.
أما من ناحية عالَم التسويق والإستثمار : ستصبح ماما افريقيا في الأعوام المقبلة صُلب الاستثمارات ، لذا حتى – حالياً – نجد منافسات تجارية واستثمارية في قارتنا بين الصين وتركيا وغيرهما من البلدان، تصوّر ماذا ، وكيف سيكون المآل؟!
حتماً… ستزدهر هذه القارة ، وستتماسك الشباب الأفارقة ، لأنّ ماما أفريكا هي المستقبل المشرق الذي لا يستغني أي بلد عنها.
أخيراً لا آخراً… عبارتي الموجهة إلى شباب جيلي…لا تهربوا من قارتنا كلياًّ ، ولا تفقدوا الأمـل ، فمن رماه القَدَر على بطحاء الغُربة والهِجرة ، فليقاوِمْ ، وعليه أن لا يستسلم ، فما يجده من القليل عليه أن لا ينسى عن الإستثمار في مسقط رأسه أي بلده ، هذا هو الأهمّ ، وهناك هُدأة الأنفس إن توفّر الأمن …الخ
الصينيون لم ينتظروا الأميركيين لينهضوا ، أو ينفجروا طفرة علمية ليصبحوا ما أصبحوا فيه اليوم من نهضةٍ، وأمنٍ ، وإنجازٍ ، ولذا فعلينا أن ندرك أنّ بكفاءتنا وإرارتنا سوف نصنع وننجز ما يراه البعض رابع المستحيلات.
* محمد قطرب باري : كاتب متخصص في الشؤون الأفريقية
إقرأ المزيد