بالتزامن مع الاحتفال بمرور 30 عاما علي تأسيس المركز .. السفير أحمد نهاد عبد اللطيف مدير مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام في حوار مع ” أفرو نيوز 24 ” : دور مصر ريادي في مجال حفظ وبناء السلام
»» الرئيس السيسي يتولي ريادة ملف إعادة الإعمار ما بعد النزاعات .. وتصاعد الاهتمام بهذا الملف مؤخراً بالنظر لاتساع رقعة وشدة وخطورة النزاعات التي باتت تعصف بالقارة الإفريقية
»» المركز متخصص في بناء القدرات فضلا عن المساهمة في تطوير السياسات، ولديه ثمانية برامج رئيسية، ويتبع السيد وزير الخارجية.
»» النسخة الرابعة من « منتدي أسوان » تعقد في توقيت دقيق يشهد خلاله العالم والقارة الإفريقية تحديات غير مسبوقة للسلام والأمن
»» المركز عقد 333 دورة تدريبية بإجمالي عدد متدربين جاوز 30 ألف متدرب من 96 دولة متضمنة 50 دولة إفريقية
»» نوجه الشكر والتقدير لشركاء المركز لدعمهم لعمله وثقتهم في خبراته الممتدة في مجال بناء القدرات
»» المركز بات يضطلع بالعديد من المهام الدولية البارزة وحصل في شهر فبراير 2023 على الرئاسة المُشتركة لشبكة مراكز الفكر الإفريقية العاملة في مجال السلام
»» مركز القاهرة الدولي يساهم في جهود المقاربة الشاملة للتصدي للإرهاب من خلال برنامجين
»» جهود المركز في مجال التدريب وبناء القدرات تعكس دور مصر الرائد في مجال عمليات حفظ السلام الأممية من خلال برامجه التدريبية التي يعقدها بالتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية
تحتفل مصر هذه الأيام بمناسبة مرور 30 عاما علي تأسيس مركز القاهرة للتدريب علي عمليات حفظ السلام الذي أصبح في العام 2017 مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام ، وقد كان تأسيس هذا المركز تأكيدا للدور الريادي الذي تقوم به مصر في مجال حفظ وبناء السلام ليس في قارة أفريقيا وحدها وإنما في العالم أجمع.
وبمناسبة مرور السنوات ال 30 علي إنشاء المركز وقبل أيام من عقد النسخة الرابعة من منتدي ” أسوان ” المقررة في الفترة من 2 و 3 يوليو أجري موقع ” أفرو نيوز 24″ حوارا مع السفير أحمد نهاد عبد اللطيف مدير مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام تم فيه إلقاء الضوء علي الدور الكبير الذي يقوم المركز إضافة إلي آخر استعدادات عقد منتدي أسوان للسلام .
وفيما يلي نص الحوار :
30 عاما
»» نحتفل هذا العام بمناسبة مرور ٣٠ عاما علي تدشين عمل مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام .. نود في البداية أن نلقي نظرة عن المركز والدور الذي يقوم به ؟
– في نبذة مختصرة عن المركز الذي يحتفل بعيده الثلاثين هذا العام، فقد تأسس عام 1994 مركز القاهرة الإقليمي للتدريب على حفظ السلام في أفريقيا وذلك امتداداً لدور مصر الريادي في مجال حفظ وبناء السلام. وقد تطور عمل مركز القاهرة من حيث توسيع ولايته جغرافياً ومجالات عمله ليصبح عام 2017 مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، ويتبع السيد وزير الخارجية.
أما فيما يتعلق بدور المركز، فهو مركز متخصص في بناء القدرات فضلا عن المساهمة في تطوير السياسات، ولديه ثمانية برامج رئيسية هي حفظ وبناء السلام، الوقاية من التطرف والتشدد المؤدي إلي الإرهاب، المناخ والسلم والتنمية، المرأة والسلم والأمن، الشباب والسلم والأمن، نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، والتهديدات العابرة للحدود. وحتى الآن، عقد المركز 333 دورة تدريبية بإجمالي عدد متدربين جاوز 30 ألف متدرب من 96 دولة متضمنة 50 دولة إفريقية.
ويرتبط المركز في عمله بعلاقات تعاون وثيقة مع العديد من المنظمات الإقليمية والدولية كالاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة هذا بالإضافة إلى كافة الجهات الوطنية العاملة في مجالات السلم والأمن مثل وزارتي الدفاع والداخلية، فضلاً عن المجلس القومي للمرأة واللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر ومرصد الأزهر لمكافحة التطرف، والعديد من الهيئات والمنظمات والجامعات ومراكز الفكر والأبحاث.
وتتم غالبية أنشطة المركز من خلال شراكات راسخة مع شركاء التنمية والعديد من الأطراف الدولية والإقليمية، وإذ أنتهز هذه الفرصة ومع احتفال المركز بعيده الثلاثين لأعرب عن الشكر والتقدير لشركاء المركز لدعمهم لعمله وثقتهم في خبراته الممتدة في مجال بناء القدرات.
وتقديراً لدور وخبرات المركز، فقد بات يضطلع بالعديد من المهام الدولية البارزة، فقد حصل في شهر فبراير 2023 على الرئاسة المُشتركة لشبكة مراكز الفكر الإفريقية العاملة في مجال السلام NeTT4Peace وذلك تقديرا لإسهاماته القيمة في مختلف مجالات السلم والأمن في إفريقيا كمركز تميز للاتحاد الأفريقي ، كما تولي الرئاسة المُشتركة للمجموعة الدولية للتدريب المُتكامل على نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج IDDRTG (يوليو 2023- يوليو 2025)، فضلاً عن استمراره في مهام سكرتارية الرابطة الدولية لمراكز التدريب على حفظ السلامIAPTC والتي تضم جميع مراكز التدريب في العالم في مجال التدريب علي حفظ السلام، هذا بالإضافة إلى الاضطلاع بمهام سكرتارية مُبادرة رئاسةCOP 27 حول “الاستجابات المناخية واستدامة السلام CRSP ومهام سكرتارية منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين والتي باتت تفصلنا عن انطلاق نسخته الرابعة أياماً قليلة حيث تعقد فعاليات النسخة الرابعة من المنتدى على مدى يومي 2-3 يوليو 2024 في القاهرة.
ومع مرور ثلاثين عاماً على إنشاء المركز، فقد شهد عمله عدداً من التطورات الهامة تضمنت عقد برامج تدريبية وإجراء زيارات ميدانية على أرض الواقع لأول مرة لعدد من الدول الإفريقية تضمنت نيجيريا ومالي فضلاً عن تلك التي قام بها لجنوب السودان وموزمبيق، هذا بالإضافة إلى عدم اقتصار نشاطه على الشق التدريبي والبحثي فحسب، وإنما الإسهام بفاعلية في تطوير المفاهيم والسياسيات والتوصل لتوافقات دولياً، مثل استضافة المركز لخلوة ترتيبات الصومال فيما بعد 2021 والتي أسهمت في التوصل لتفاهمات بشأن ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال ATMIS؛ وكذا “خريطة طريق القاهرة” التي تمثل موقفاً أفريقياً موحداً لتحسين أداء عمليات حفظ السلام الأممية؛ إعداد الأطر الإرشادية للاتحاد الأفريقي في مجال نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج مع مكافحة التطرف العنيف؛ تمويل بناء السلام في إطار عمليات حفظ السلام الأممية؛ إطلاق مُبادرة رئاسة COP27 حول تغير المناخ واستدامة السلام CRSP، هذا بالإضافة إلى اضطلاع المركز بدور هام في تطوير خطة العمل الوطنية حول قرار مجلس الأمن رقم 1325 والذي يعد حجر الأساس لأجندة المرأة والسلم والأمن وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمجلس القومي للمرأة. فضلاً عن ذلك، فقد حرص المركز طوال مسيرته على مواكبة التطورات المتعاقبة في مجال السلم والأمن من خلال تنويع برامجه التدريبية وتقديمها بلغات مختلفة وتدشين برامج جديدة مثل المناخ والسلم والتنمية، والشباب والسلم والأمن وتوسيع شراكاته مع المنظمات الدولية والإقليمية.
»» هل يركز المركز عمله علي القارة الأفريقية فقط ؟
يولي المركز أهمية قصوى في عمله في مجال التدريب وبناء القدرات لبناء قدرات كوادر الدول الإفريقية ويعقد العديد من دوراته التدريبية بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي ويشارك في تلك الدورات كوادر من مختلف دول القارة الإفريقية، إلا أنه في الوقت ذاته لا يقتصر على القارة الإفريقية فحسب، بل يمتد عمله إلى المنطقة العربية، ويحضرني في هذه النقطة الإشارة إلى التعاون البناء والمستمر بين المركز وجامعة الدول العربية، ففي شهر مارس عام 2023، تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين وذلك بغرض تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وخاصة تسوية النزاعات وبناء السلام فضلا عن تفعيل العلاقة بين جهود إحلال السلام والأمن وتحقيق التنمية.
وقد تم في هذا السياق عقد عدة برامج تدريبية بهدف تعزيز قدرات أعضاء الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام بما في ذلك دورة تدريبية حول “الوساطة النسائية للنفاذ إلى الموارد في السياقات المتأثرة بتغير المناخ”، وتجدر الإشارة إلى أن شبكة وسيطات السلام هي مبادرة رائدة للنساء العربيات الدبلوماسيات أطلقتها الجامعة العربية لتبادل الخبرات في مجال منع النزاعات والتسوية السلمية.
الرئاسة المشتركة لشبكة الاتحاد الأفريقي
»» العام الماضي تولي مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام الرئاسة المشتركة لشبكة الاتحاد الأفريقي لمراكز الأبحاث من أجل السلام .. ماهي أهداف هذه الشبكة وأولويات عملها .. وماذا تحقق منها هذا العام ؟
تم إختيار المركز في فبراير 2023 لتولى الرئاسة المشتركة لشبكة الاتحاد الأفريقي لمراكز الأبحاث من أجل السلام NeTT4Peace، والتي تم تدشينها بمقر الاتحاد، وجاء هذا الاختيار تقديرا لإسهامات المركز القيمة في مختلف مجالات السلم والأمن في أفريقيا كمركز تميز للاتحاد الأفريقي، وبما يعد امتدادا لدور مصر الرائد في تعزيز جهود السلم والأمن والاستقرار في افريقيا.
وعن طبيعة عملها، يمكن اعتبارها بمثابة منصة جامعة لكل مراكز الابحاث المعنية بالسلم والأمن في القارة، وذلك للعمل على مد الاتحاد الأفريقي بالدراسات الجادة التي تساهم في إثراء مداولاته وفي تعزيز قدراته على التعامل مع الطبيعة المعقدة والمتداخلة لتحديات السلم والأمن في القارة وعلى رأسها الإرهاب.
وأوكد هنا على أن أحد أهم أهداف الشبكة وهو التركيز على سد الفجوة بين العمل البحثي والسياسات يعتبر من الأولويات الرئيسية لنشاط مركز القاهرة ومنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين.
ومنذ تدشينها، قامت الشبكة بالعديد من الأنشطة بما في ذلك إعداد ورقتين بحثيتين لتقديم مساهمة من جانب مفوضية الاتحاد الأفريقي في مبادرتيّ الأمم المتحدة بشأن الأجندة الجديدة للسلام والرؤية الجديدة لنزع السلاح في يونيو 2023، وتنظيم الندوة الافتراضية الأولى للشبكة بعنوان “المنظور الإفريقي للأجندة الجديدة للسلام” بالتعاون مع إدارة إدارة الشئون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الإفريقي خلال شهر أغسطس 2023، وإعداد أول ورقة سياسات وتم تسليمها للسفير بانكولي إديوي، مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن للاتحاد الإفريقي ، وذلك خلال الدورة الرابعة عشر للخلوة رفيعة المستوى لوسطاء ومبعوثي السلام في إفريقيا والتي استضافتها مصر في شهر أكتوبر الماضي ، وتتناول هذه الورقة الأجندة الجديدة للسلام لسكرتير عام الأمم المتحدة والتي تم طرحها شهر يوليو الماضي، حيث تتضمن أبحاثاً لعدد من المراكز الأعضاء بالشبكة – بما فيهمُ مركز القاهرة الدولي – حول المقترحات المختلفة الواردة بالأجندة الجديدة للسلام بما يسهم في بلورة رؤية إفريقية إزاء هذه المقترحات، فضلاً عن المشاركة في العديد من الأنشطة والفعاليات الخاصة بالاتحاد الإفريقي في مجال السلم والأمن.
دور مصر الريادي في مجال مكافحة الإرهاب
»» ملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف علي رأس الملفات والقضايا التي تؤرق الدول الأفريقية .. فما هو دور المركز في هذا الملف الهام ؟
في إطار دور مصر الريادي في مجال مكافحة الإرهاب ومع تصاعد هذا الخطر الذي باتت ترزح تحت نيرانه العديد من الدول وعلى وجه الخصوص الدول الإفريقية، يساهم مركز القاهرة الدولي في جهود المقاربة الشاملة للتصدي للإرهاب من خلال برنامجيه المعنيين بالوقاية من التشدد والتطرف المؤدي للإرهاب من ناحية ونزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج من ناحية أخرى، وخاصة فيما يتعلق بالتدابير الرامية إلى بناء قدرات الدول لمكافحة خطر الإرهاب والوقاية منه.
وفيما يتعلق بالبرنامج الأول، فهو يجسد حرص مصر على تقديم الدعم للدول الأفريقية الشقيقة، من أجل التصدي للإرهاب والفكر المتطرف ودحض الأفكار والمفاهيم التي يساء استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية، وذلك وفقا للأولويات الوطنية، من خلال تبني مقاربة شاملة تستند إلى التجربة المصرية الرائدة ذات الصلة، وهي مقاربة لا تقتصر علي البعد الأمني وإنما تمتد لتشمل الجوانب الفكرية والاقتصادية والتنموية.
وتستهدف دورات المركز في هذا الصدد تمكين المتدربين من التعرف على احتمالية تعرض أحد أفراد مجتمعاتهم لأفكار متشددة والتصدي لأساليب الاستقطاب التي تلجأ إليها الجماعات الإرهابية إرتكازاً على عدة محاور تشمل تعاليم ومبادئ الحرب والسلم في الشريعة الإسلامية – وهو الشق التدريبي الذي يستعين المركز فيه بعلماء في الشريعة الإسلامية بما في ذلك خبراء من الأزهر الشريف وذلك في إطار تقديم محتوى تدريبي شامل يتوافق مع السياقات المحلية والأولويات الوطنية.
وقد حرص المركز في الفترة الأخيرة على الانتقال لتنفيذ دورات تدريبية خارج مصر في الدول الإفريقية وخاصة في المناطق التي ترزح تحت نيران خطر الإرهاب والتطرف بما في ذلك البرامج التدريبية الشاملة التي عقدت في كل من نيجيريا ومالي وهو ما قوبل بردود فعل إيجابية من قبل السلطات والمتدربين من حيث الإشادة بخبرات المركز في مجال بناء القدرات وإعداد محتوى تدريبي ينسج بدقة بين الجانب النظري والتطبيقي ويلائم طبيعة التحديات التي تواجههم على أرض الواقع. وقد تمكن المركز في إطار برنامجه المشار إليه من تدريب 226 من الكوادر الإفريقية بما في ذلك قيادات محلية وقيادات نسائية وأئمة وقيادات دينية.
أما فيما يتعلق ببرنامج المركز المعني بنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، فهو يرتكز على الأطر التوجيهية للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، ويتم الاستناد عليها لتقديم توصيات وعقد دورات تدريبية تستهدف تعزيز وبناء قدرات المؤسسات الوطنية الأفريقية في التعامل مع الأفراد المرتبطين سابقاً بجماعات إرهابية.
وتقديراً لدور المركز وخبراته في هذا الصدد، فقد تولي الرئاسة المُشتركة للمجموعة الدولية للتدريب المُتكامل على نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج IDDRTG (يوليو 2023- يوليو 2025).
وقد عقد المركز في أكتوبر الماضي بمقره برنامج تدريبي لمُمثلي مكاتب وهيئات الأمم المُتحدة المعنيين حول تضمين الشباب في برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، أخذاً في الاعتبار أن هذا الموضوع يُعد الأول من نوعه في هذا المجال، وذلك في ضوء الأهمية التي يكتسبها هذا المجال وكون الشباب هم الفئة الأكثر استهدافاً للتجنيد من قبل الجماعات المُسلحة.
ملف إعادة الإعمار ما بعد الاعمار
»» ملف إعادة الإعمار ما بعد النزاعات الذي يتولى ريادته السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي من أهم الملفات التي تحظي باهتمام أفريقي كبير .. في رأيك لماذا تصاعد الاهتمام بهذا الملف في الفترة الأخيرة ؟
بالفعل تصاعد الاهتمام بهذا الملف مؤخراً نظراً لاتساع رقعة وشدة وخطورة النزاعات التي باتت تعصف بالقارة الإفريقية.
وفي ضوء الأولوية التي توليها مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات والذي يتفضل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بريادته في القارة الإفريقية حيث تستضيف مقر مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات بالقاهرة، والذي تم إنشاؤه بمبادرة مصرية، واتساقاً مع هذا الدور المصري الرائد، فقد شارك المركز في وضع اللمسات النهائية لسياسة الاتحاد الإفريقي في مجال إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات من خلال تنظيم ورشة عمل شارك فيها مفوض الشئون السياسية والسلم والأمن للاتحاد الإفريقي (مايو 2023)
وقد سلط المركز الضوء على الرؤية المصرية الخاصة بأهمية الدفع بجهود بناء السلام وإعادة الإعمار وانتهاج مُقاربة شاملة للتحديات التي تواجه القارة الإفريقية بشكل يتناول الأبعاد التنموية باعتبارها عوامل رئيسية مُسببة للنزاعات، بالتوازي مع جهود بناء الدولة الوطنية التي تُعد المُدخل الرئيسي لتحقيق السلام المستدام.
وبهدف الدفع قدماً بجهود بناء القدرات، عقد المركز العديد من الدورات التدريبية في هذا الصدد لتعزيز الجهود الإفريقية وإدراجها في الإطار الأشمل لجهود بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات.
ومثالاً على ذلك، فقد سبق وأن تم تدشين برنامج تدريبي هو الأول من نوعه حول تضمين بعد النزوح القسري في جهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات وذلك في نوفمبر 2022، كما عقدت النسخة الثانية من هذه الدورة في شهر أكتوبر 2023، بما يصب أيضاً في تفعيل استخلاصات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين فيما يتعلق بإدماج ظاهرة النزوح القسري في جهود إعادة الإعمار من خلال تبني مقاربات شاملة تراعي العلاقة المترابطة بين السلام والأمن والبعدين الإنساني والتنموي.
استعدادات منتدي أسوان للسلام
»» ما هي آخر استعدادات إطلاق النسخة الجديدة من منتدي أسوان للسلام؟
يتميز منتدى أسوان بطبيعة خاصة منذ إطلاقه بمبادرة مصرية أثناء رئاستها للاتحاد الإفريقي عام 2019 كونه منصة رفيعة المستوى تجمع قادة الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني جنباً إلى جنب مع أصحاب الرؤى والعلماء والخبراء البارزين لمناقشة التهديدات والتحديات التي تواجه القارة الإفريقية. ومنذ انطلاقه، يمثل المنتدى منبراً بارزاً ليس فقط لإجراءات نقاشات ثرية ومعمقة وإنما لتقديم رؤى مبتكرة ومبادرات هامة من شأنها تعزيز جهود السلم والأمن في افريقيا وإماطة اللثام عن الرؤى الإفريقية تجاه تحديات القارة.
وقد باتت أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق النسخة الرابعة من المنتدى ومن ثم تجري الاستعدادات على قدم وساق.
ولكن أود هنا أن أؤكد أن جهود المركز لا تنحصر في الترتيبات السابقة لانطلاق المنتدى فحسب، حيث يتبنى المركز دورة عمل متكاملة تبدأ بعملية تحضيرية مؤدية لانعقاد المنتدى وتستمر بتطبيق استخلاصاته مما يؤدي إلى بدأ دورة جديدة متزامنة مع إطلاق النسخة التالية، حيث يتم تنظيم عدد من ورش العمل التحضيرية بغرض إجراء نقاش متعمق بين المتخصصين حول الموضوعات التي يعتزم المنتدى تناولها بما يسهم في إثراء جلساته.
وأخذاً في الاعتبار انعقاد هذه النسخة في توقيت دقيق يشهد خلاله العالم والقارة الإفريقية تحديات غير مسبوقة للسلام والأمن، وتزامنًا مع الاستعدادات الجارية لعقد” قمة المستقبل“ في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر القادم والاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيس مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، فإن المركز لا يألو جهداً لكي يحظى المنتدى بحضور متميز ورفيع المستوى بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة منه وخاصة المساهمة في صياغة رؤى إفريقية محددة من خلال حوارات بناءة وتبادل للخبرات والدروس المستفادة بما يساهم في بلورة استجابات شاملة لمواجهة التحديات ذات الطبيعة المتشابكة والمعقدة التي تواجهها القارة مع مراعاة مبدأ الملكية والوطنية وخصوصية السياقات واتساقاً مع أجندة الاتحاد الإفريقي ٢٠٦٣ وأجندة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة .
ولذا، فإنه من المتوقع أن تناقش نسخة هذا العام عدد من الأولويات الهامة للقارة الإفريقية مثل سُبل تحقيق السلام والأمن في عالم مُتغير، والدفع قدماً بجهود بناء السلام، ومنع نشوب النزاعات من خلال معالجة أسبابها الجذرية، وتسليط الضوء على دور الدولة لبناء مؤسسات قادرة على الصمود، ومناقشة أهمية التعليم من أجل بناء السلام باعتبار التعليم موضوع العام الجاري في الاتحاد الإفريقي، ومحورية دور الشباب والمرأة في جهود السلم والأمن.
مرور 75 عاما علي إنشاء بعثات حفظ السلام
»» احتفل العالم هذا العام بمرور 75 عاما علي إنشاء بعثات حفظ السلام الأممية .. نود أن نلقي الضوء علي المساهمات المصرية في هذا الملف وجهود المركز في هذا الصدد؟
يعتبر حفظ السلام إحدى الآليات الهامة لتعزيز السلم والأمن الدوليين. و قد تطور حفظ السلام عبر السنوات ليشمل مهاماً أكثر اتساعاً وتعقيداً حيث لم يعد مقتصراً على التركيز على مراقبة وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار في مناطق النزاعات، حيث باتت تضطلع بعثات حفظ السلام بمهام مختلفة بما في ذلك حماية المدنيين، وتعزيز الحوار الوطني، وتسهيل نزع السلاح والتسريح وإعادة دمج المقاتلين السابقين.
وليس من ثمة شك أن مصر طالما تميزت بدورها الرائد في في مجال عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة منذ عام 1960 وتعد من أكبر الدول المساهمة بقوات في هذا المجال، وتأتي جهود مركز القاهرة الدولي في مجال التدريب وبناء القدرات لتعكس هذا الدور الرائد من خلال دورات ما قبل النشر التي يعقدها بالتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية والتي شارك فيها أكثر من 23 ألف متدرب، فضلاً عن صقل مهارات الكوادر الإفريقية في مجال حفظ السلام. وتأكيداً على الجهود المصرية الحثيثة لتعظيم مشاركة العناصر النسائية في شتى مناحي الحياة بما في ذلك في بعثات حفظ السلام، دشّن المركز برامج تدريبية تعد الأولى من نوعها للعناصر النسائية العسكرية المخطط مشاركتهن في عدد من البعثات الأممية وذلك بالتعاون مع وزارة الدفاع، كما عقد دورة تدريب مدربين تناولت قضية الاستغلال والاعتداء الجنسي في عمليات حفظ السلام والتي تعد أحد أهم وأخطر التحديات التي تواجهها تلك البعثات أثناء تأدية مهامها، إلى جانب الدورة التي عقدها في شهر مايو الماضي لبناء قدرات كوادر حفظ السلام المصرية حول قرار مجلس الأمن رقم 1325 المؤسس لأجندة المرأة والسلم والأمن.
وإلى جانب جهود المركز في مجال تدريب كوادر حفظ السلام المشاركة في البعثات الأممية، أود أن أشير إلى أنه فضلاً عن ذلك، فإن المركز يعد مركز تميز لقدرة إقليم شمال إفريقيا (NARC) أحد ألوية القوة الأفريقية الجاهزة التابعة للاتحاد الإفريقي للانتشار السريع في عمليات دعم السلام. وفي هذا الصدد، نظم المركز، باعتباره مركز تميز للاتحاد الأفريقي، سلسلة من الدورات التدريبية لقدرة إقليم شمال أفريقيا التابعة للقوة الأفريقية الجاهزة، تناولت عدداً من القضايا ذات الصلة بما في ذلك ورشتى عمل القدرة اللاتين استضافهما المركز في شهر ديسمبر الماضي حول ” إشراك الشباب فى قضايا السلم والأمن” و” مراجعة خطة عمل القدرة لتفعيل المكون المدني”.
اسكات البنادق
»» الاتحاد الأفريقي أطلق منذ سنوات شعار اسكات البنادق .. هل أفريقيا في حاجة إلي إعادة إطلاق هذا الشعار من جديد في ظل ما تعانيه القارة من أزمات متوالية ؟
بالفعل فالقارة الإفريقية في حاجة لإعادة إطلاق هذا الشعار من جديد حيث تعد هذه المبادرة من المبادرات الهامة التي أقرها الاتحاد الإفريقي عام 2013 وتم مد العمل بها حتى عام 2030 كواحدة من أهداف الخطة العشرية لأجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، وتهدف إلى إنهاء النزاعات والحروب التي تشهدها القارة من خلال معالجة الأسبالب الجذرية للنزاعات وتعزيز الحكم الرشيد والمساءلة والشفافية، وتعزيز آليات ضمان السلم والمصالحة على جميع المستويات، فضلا عن التصدي للتهديدات التي تواجهها جهود تعزيز السلم والأمن الأفريقيين.
ومن ثم فالحاجة ماسة لهذه المبادرة وخاصة في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجهها القارة وذلك بما يضمن تعزيز التمويل لعمليات السلام الإفريقية، وتعزيز الوساطة الإفريقية في حل النزاعات، ومكافحة تدفق الأسلحة غير المشروعة، وتعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي.
وهنا أود ان أؤكد على ضرورة مواكبة التطورات التي باتت تميز عصرنا الحالي والظواهر الجديدة التي قد تساهم في الدفع قدماً بجهود تحقيق السلام المستدام إذا ما أحسنا توظيفها، على سبيل المثال، الذكاء الاصطناعي، حيث شاركت منذ أيام نيابة عن شبكة NeTT4Peace ، كمتحدث في الجلسة التي عقدها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي لأول مرة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن، حيث شددت في كلمتي على الدور الهام الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في مجال السلم والأمن الإفريقي، من خلال الاستفادة منه في تحليل البيانات ومنع نشوب النزاعات إذا ما تم التنبوء بها مبكرا فضلاً عن مراقبة تنفيذ اتفاقات السلامً، بالإضافة لكونه أداة فعالة فيما يتعلق بالجهود المبذولة للتصدي للتداعيات المتعلقة بتغير المناخ في أفريقيا والمساعدة على التكيف معها. من جانب آخر، يتحتم علينا في الوقت ذاته الانتباه لآثار الذكاء الاصطناعي السلبية كأداة يمكن أن تؤدي لانتشار المعلومات الكاذبة والأفكار المغلوطة والخطاب العدائي بما قد يقوض سلامة وأمن المجتمعات ويؤدي إلى تأجيج النزاعات.
وفي كافة الأحوال، يتطلب التعامل مع هذه التطورات بناء القدرات الإفريقية وهو ما يحرص المركز على المساهمة فيه من خلال تكثيف جهوده وتنويع برامجه بما يتواكب مع تلك المتغيرات التي باتت سمة من سمات عصرنا الحالي.
اقرأ المزيد
مذكرة تفاهم بين مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات و الاتحاد الأفريقي
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.