” الجنائية الدولية ” تفتح تحقيقا بشأن مزاعم ارتكاب جرائم حرب في السودان
في تطور جديد بشأن الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع , وظهور تقارير عن جرائم حرب وحوادث اغتصاب تم توجيه الاتهامات فيها لقوات الدعم السريع , أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان فتح تحقيق بشأن المزاعم بارتكاب جرائم حرب في سياق الحرب الدائرة في السودان، وخاصة ما جرى في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور.
وأشار كريم خان خلال تقديمه إحاطة لمجلس الأمن الدولي يوم الخميس بشأن الحالة في السودان، بعد انقضاء تسعين يوما على القتال المستمر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في الخرطوم ودارفور وأجزاء أخرى من البلاد , إلى تقرير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والذي أفاد بتلقي معلومات موثوقة تفيد بدفن ما لا يقل عن 87 شخصا من أفراد من قبيلة المساليت ممن قتلتهم قوات الدعم والمليشيات المناصرة لها في دارفور في مقابر جماعية خارج مدينة الجنينة.
وأوضح التقرير أن دفن الجثث جاء تنفيذا لأوامر من الدعم السريع، مشيرا إلى أن السكان المحليين أُجبروا على التخلص من الجثث في مقبرة جماعية مما حرم الموتى من أن يُدفنوا في إحدى مقابر المدينة بكرامة.
وحذر المدعي العام من التقارير “المروعة” والمتزايدة التي “تنذر بتكرار نفس التاريخ التعيس الذي أرغم مجلس الأمن في 2005 على إحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
ودعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أعضاء المجلس إلى التصرف بشكل عاجل وجماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفا، مشددا على أن أهل دارفور عاشوا في ظل “عدم اليقين والألم وندوب الصراع لما يقرب من عقدين من الزمن”.
وقال “وإذ أحدثكم الآن هناك نساء ورجال، فتيات وصبيان، رجال مُسِنّون ونساء مُسِنّات يخشون على حياتهم ويعيشون في قلق في خضم النزاع. تحترق ديارهم والكثيرون لا يدرون ماذا سيحمل لهم الليل في طياته وما سيكون مصيرهم غدا” , محذرا من أن كل فرد يثبت تورطه في ارتكاب الجرائم التي تقع ضمن اختصاص مكتبه- أي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب- سيخضع للتحقيق، مشيرا إلى أن من يثبت تورطهم في ارتكاب هذه الجرائم سيحاسبون في ظل محاكمات عادلة ومنصفة، على حد تعبيره.
وقال “أريد أن أوجه رسالة صريحة لكل قائد، لكل مقاتل، لكل جندي بحوزته سلاح ويعتقد أن بإمكانه أن يتصرف كما يحلو له. إن استهداف المدنيين وديارهم وأماكن معيشتهم، واستهداف النساء والأطفال بشكل خاص هي جرائم حرمها نظام روما الأساسي , مشددا علي أن استهداف المدارس والإمدادات الإنسانية والمرافق الإنسانية يجب أن يتوقف فورا، لأن الضرر الذي تلحقه هذه الأفعال تعجز الكلمات عن وصفه”.
وأشار الي أن كل من يحرّض ويشجع ويوجه بارتكاب جرائم في دارفور من خارج السودان سيكون موضع التحقيق هو الآخر. وقال خان “هذه هي اللحظة التي ينبغي أن تتضح فيها الأمور بشأن مآل الأوضاع وبشأن الخيارات وبشأن المسؤولية الأخلاقية والقانونية التي نحن مدينون بها لأناس حسوا أنهم مخفيون على مدى عقدين، وأنهم يرون أن ما يصدر من هذا المجلس من قرارات وجزاءات لا يؤخذ على محمل الجد ولا يشكل درعا لهم كما يطالب بذلك ميثاق الأمم المتحدة”.
وأشار كريم خان إلى أن هذه التحقيقات التي فتحتها المحكمة تتعلق بالكثير من الادعاءات بشأن عمليات النهب والقتل بلا محاكمة وإحراق الديار في ولايتي غرب وشمال دارفور , معلنا تدشين حملة جديدة طالب من خلالها المواطنين وشجعهم على أن يُدلوا بمعلومات لمكتبه- بشكل آمن- من خلال بوابة تم إنشاؤها خصيصا لهذا الغرض.
وقال ” إنه أعطى تعليمات واضحة لأفراد مكتبه بأن يعطوا الأولوية للعنف الجنساني والعنف ضد الأطفال لا سيما العنف الجنسي , مضيفا ” “هذا الواقع، واقع تيتيم الأطفال، والتنكيل بالنساء وإضرام النيران في الديار هو نتاج غياب الإرادة على الرغم من التقارير المتكررة التي أحيلت لهذا المجلس، على الرغم من تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، على الرغم من تقارير من مختلف المنظمات وبعثة يونيتامس مؤخرا. على الرغم من ذلك فإننا لم نَعِرْ الاهتمام لشهادات إخوان وأخوات دارفوريين سودانيين”.
وتابع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ” إن ما حدث يمثل “تجليا لاستخفاف واضح وخرق لالتزامات صريحة واضحة متكررة قطعتها حكومة السودان لشعبها”، مشددا على أن العدالة هي أساس آفاق أي سلام وأمن واستقرار.
دفن جثث 87 قتيلا من المساليت
وفي سياق متصل قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنه تلقى معلومات موثوقة تفيد بدفن جثث ما لا يقل عن 87 قتيلا من قبيلة المساليت وقبائل أخرى- يُزعم أنهم قُتلوا بواسطة قوات الدعم السريع والمليشيات الموالية لها في غرب دارفور- في مقبرة جماعية خارج مدينة الجنينة.
وأوضح المكتب الأممي في بيان صدر اليوم الخميس أن عملية الدفن جاءت تنفيذا لأوامر من الدعم السريع، مشيرا إلى أن السكان المحليين أُجبروا على التخلص من الجثث في مقبرة جماعية مما حرم الموتى من أن يُدفنوا في إحدى مقابر المدينة بكرامة.
بحسب مصادر، فإنه تم دفن ما لا يقل عن 37 جثة في 20 يونيو في مقبرة بعمق متر واحد تقريبا بمنطقة مكشوفة تسمى التراب الأحمر، تقع في منطقة الرانقا على بعد 2 إلى 4 كيلومتر شمال غرب المقر الرئيسي لشرطة الاحتياطي المركزي غرب الجنينة , كما تم دفن 50 جثة أخرى بنفس الموقع في 21 يونيو. وكانت جثث سبع نساء وسبعة أطفال ضمن من تم دفنهم.
بناء على معلومات موثوقة تم جمعها بواسطة المكتب، فإن الذين تم دفنهم كانوا قد قُتلوا بواسطة قوات الدعم السريع والمليشيات الموالية لها في الفترة بين 13-21 حزيران/يونيو في أحياء المدارس والجمارك في مدينة الجنينة من ضمنهم العديد من ضحايا العنف الذي أعقب مقتل والي غرب دارفور، خميس أبكر في 14 حزيران/يونيو بعد وقت قصير من اعتقاله بواسطة الدعم السريع , ومن ضمن من دفنوا في المقبرة الجماعية، أفراد ماتوا جراء إصابات لم تتم معالجتها.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قوات الدعم السريع وأطراف النزاع الأخرى إلى السماح وتيسير عمليات البحث الفوري عن القتلى وجمعهم وإجلائهم دون تمييز، بما في ذلك على أساس الخلفية العرقية – كما يتوجب عليهم القيام بذلك بموجب القانون الدولي وأضاف:
“أدين بأشد العبارات قتل المدنيين والأشخاص العاجزين عن القتال، كما أشعر بالذعر من الطريقة القاسية وغير المحترمة التي عومل بها القتلى إلى جانب عائلاتهم ومجتمعاتهم. يجب أن يكون هناك تحقيق سريع وشامل ومستقل في عمليات القتل ويجب محاسبة المسؤولين عنها”.
وقال شهود عيان لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن جهود الوساطة المحلية للوصول إلى القتلى ودفنهم استغرقت وقتا طويلا مما ترك العديد من الجثث ملقاة في الشوارع لأيام.
وقالت إحدى الأسر إنها اضطرت إلى الانتظار 13 يوما حتى يُسمح لها بإجلاء جثة أحد أفرادها، وهو شخصية مرموقة من قبيلة المساليت تم قتله حوالي 9 يونيو بواسطة قوات الدعم السريع والمليشيات الموالية لها.
وأوضح الشهود أنه في الحالات التي سمحت فيها قوات الدعم السريع بأخذ الجثث -بعد وساطة مع قادة المجتمعات العربية وغيرهم- فإنها قد رفضت السماح بنقل الجرحى إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
وقال تورك: “على قيادة قوات الدعم السريع والمليشيات الموالية لها وكذلك جميع أطراف النزاع المسلح ضمان التعامل مع الموتى بشكل صحيح وحماية كرامتهم”.
ودعا قوات الدعم السريع إلى أن تسجل أو تسمح لعمال الإغاثة بتسجيل جميع المعلومات المتاحة المتعلقة بالقتلى- بما في ذلك التقاط الصور المناسبة للجثث- وتحديد مواقع القبور، بهدف معرفة هوية المدفونين لتسهيل إعادة رفاتهم إلى ذويهم حال طلبهم.
ويجب على جميع أطراف النزاع ضمان تلقي الجرحى للرعاية الطبية، بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان،
ودعا المفوض السامي قيادة الدعم السريع على الفور وبشكل قاطع إدانة ووقف قتل الناس وإنهاء العنف وخطاب الكراهية ضدهم على أساس انتمائهم القبلي.
إقرأ المزيد :
السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : قراءة أولية فى بيان دول جوار السودان بالقاهرة
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.