خالد محمد علي يكتب : القاهرة.. خطة إنقاذ السودان
بعد فشل جميع المبادرات التي أطلقها الاتحاد الإفريقي، وهيئة الإيجاد، ومن قبلهما المباردة السعودية الأمريكية في وقف إطلاق النار، وإنهاء الصراع في السودان، وبعد أن أصبح السودان قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار الشامل، وعرضة للتدخل الدولي، واحتلال أراضيه، وربما شطب إسمه من الخريطة الكونية، تحركت مصر لإنقاذ السودان الشقيق، ونجحت في جمع دول جوار السودان الست؛ للتوافق حول مبادرة عملية لوقف الحرب بين الجيش السوداني، والمتمردين، وإنهاء الصراع، والتوافق على حل سياسي للأزمة.
وكان لافتًا الحضور الرئاسي لكافة رؤساء دول الجوار، في مؤتمر القاهرة، الخميس الماضي، وبينما كان المراقبون لا يتوقعون حضور رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، لسبب الخلافات مع مصر حول سد النهضة؛ إلا أن نجاح الدبلوماسية المصرية في جمع كافة زعماء الدول المجاورة للسودان يؤكد جدية وإصرار مصر على إنقاذ السودان من براثن الاستعمار الجديد وأعوانه بالمنطقة.
وعكس بيان القمة الثوابت المصرية حول ضرورة الحفاظ على وحدة السودان، ومؤسسات الدولة، ورفض التدخل الخارجي، واعتبار النزاع نزاعًا داخليًا، وهو شأن سوداني داخلي لا يجوز أن يتسابق المجتمع الدولي بأطرافه المتنازعة والمتصارعة على السودان ويحوله إلى ميدان حرب وبؤرة صراع جديدة في المنطقة.
ويرى المراقبون أن قمة القاهرة، ومبادرة دول الجوار سيكتب لها النجاح لإنهاء الصراع السوداني السوداني للأسباب الآتية:
1 ـ تشكيل آلية عملية لفض النزاع للمرة الأولى وهو ما يختلف عن كافة المبادرات السابقة، وتحديد برنامج عمل واضح ومحدد للآلية الجديدة المكونة من وزراء خارجية دول الجوار، هذا البرنامج يتضمن العمل على وقف شامل لإطلاق النار عبر تواصل زعماء دول الجوار مع جميع أطراف النزاع، سواء كان الجيش السوداني، أو الدعم السريع، أو الحركات المسلحة الأخرى، أو حتى القوى السياسية التي وقفت إلى جانب الدعم السريع في تمرده.
كما تضمن برنامج عمل آلية فض النزاع التي اقترحتها قمة القاهرة دعوة كافة الفاعلين السياسيين والعسكرين داخل السودان للانخراط في حوار وطني شامل يخلص إلى وضع تصور حول كيفية الخروج من الأزمة، وكيفية إدارة البلاد في الفترة الانتقالية وما بعدها.
2 ـ ترحيب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وكافة القوى السياسية على اختلاف رؤاها ومواقفها، يؤكد أن مبادرة دول الجوار ستجد دعمًا داخليًا لإنجاحها.
3 ـ أن التوقيت الذي أطلقت فيه المبادرة جاء عقب الاستباحة العلنية للسودان وسيادته، التي تمثلت في مطالبة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بإعلان حظر جوي على العاصمة الخرطوم، ونزع السلاح، وإخراج جميع المدافع والأسلحة الثقيلة منها، إضافة إلى رفضه الاعتراف بالحكومة الحالية بزعم أنه لا توجد حكومة تمثل السودان، وهو نفس ما صرح به فولكر بريتس المبعوث الدولي للسودان، الذي قال ” أن الحكومة الحالية فقدت مصداقيتها وأنها لا تمثل الشعب السوداني ” ، كما أن دعوة الرئيس الكيني للتدخل الدولي في السودان بزعم إنقاذ المدنيين قد أتم الرسائل التي أطلقها المجتمع الدولي ومؤيدوه الإقليميين في الرغبة باحتلال السودان واستباحة أراضيه وسيادته.
وعلى ما يبدو فإن كل تلك المطالبات قد أشعرت المكون السياسي والعسكري السوداني بالخطر الأكبر الذي يداهم بلادهم إن لم يستجيبوا لمبادرات تحفظ لهم سيادتهم وتحافظ على وحدة بلادهم.
4 ـ التأكيد على سيادة السودان ووحدة اراضيه، ورفض التدخل الخارجي يشكل الحد الأدنى لمطالب كل السودانيين، ولايمكن أن يختلف على هذا الثابت أي سوداني، وهو ما اعتبر المنطلق الحقيقي لنجاح مبادرة دول الجوار، خاصة وأن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الذي يطالب بالتدخل الدولي اليوم في السودان، هو من رفض في السابق تدخل أي طرف دولي أو إقليمي في النزاع الداخلي الذي ضرب بلاده العام الماضي، وأصر على تحقيق نصر عسكري كاسح على جيش تحرير إقليم تجراي قبل الدخول في أي مفاوضات، كما أنه أصر على تسليم متمردي تجراي بجميع أسلحتهم قبل الجلوس للتفاوض معهم، وهو ما يعني أنه يستبيح التدخل الدولي في السودان، بينما رفضه رفضَا قاطعَا وعمليًا في بلاده العام الماضي.
ورغم التفاؤل الكبير الذي يحيط بالمبادرة باعتبارها خطة واضحة لإنقاذ السودان؛ إلا أن هناك معوقات كثيرة يجب أن يستعد لها فريق آلية المبادرة، خاصة بعد قيام الدعم السريع بنهب المنازل وأموال المواطنين والبنوك، وآلاف السيارات، ونقلها إلى خارج حدود البلاد، وهو ما يستحيل عمليًا عودتها مرة أخرى.
إقرأ المزيد
السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : قراءة أولية فى بيان دول جوار السودان بالقاهرة