عالم الآثار المصري الشهير الدكتور حسين عبد البصير يكتب : لعنة الفراعنة بين الحقيقة والخيال
لعنة الفراعنة هي أسطورة أو اعتقاد شعبي يقول بأن أي شخص يزعج أية مومياء مصرية قديمة، خصوصًا مومياء ملك مصر القديمة الفرعون الذهبي الشهير الملك توت عنخ آمون، سوف يُصاب بسوء الحظ أو المرض أو الموت. وظهرت تلك الأسطورة بشكل كبير بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 على يد هوارد كارتر واللورد كارنارفون.
انتشرت فكرة لعنة الفراعنة بشكل كبير بعد اكتشاف تلك المقبرة ، وبدأ الأمر عندما مات اللورد كارنارفون، الممول الرئيس للحملة، بعد بضعة أشهر من فتح المقبرة، و كان ذلك الموت بداية لسلسلة من الأحداث التي اعتُبرت مصادفة وأُرجعت للعنة الفراعنة.
وكانت وفاة اللورد كارنارفون بعد فترة قصيرة من اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون نقطة البداية لتلك الأسطورة ، حيث توفي كارنارفون بسبب عدوى ناتجة عن لدغة بعوضة، ويمكن أن يحدث ذلك لأي شخص في ظروف مماثلة.
بعد موت كارنارفون، انتشرت أخبار عن وفيات أخرى بين الأشخاص الذين كانوا على علاقة بالكشف،و كانت تلك الوفيات، سواء كانت بسبب أمراض أو حوادث، غذت بشدة فكرة وجود تلك اللعنة ، وهناك أيضًا العديد من الأشخاص الذين شاركوا في اكتشاف المقبرة ولم يصابوا بأي مكروه، وعاشوا حياة طويلة.
وقدم العلماء والمؤرخون تفسيرات عقلانية للأحداث التي ارتبطت بلعنة الفراعنة ، حيث أشار بعضهم إلى وجود مواد كيميائية وسموم طبيعية كانت في المقابر قد تكون السبب وراء الأمراض التي أصابت المكتشفين.
وأوضح بعض العلماء احتمالية وجود بكتيريا أو فطريات ناتجة عن التعفن في المقابر المغلقة، والتي قد تتسبب في الإصابة بأمراض تنفس للأشخاص الذين يتعرضون لها لفترات طويلة، ولم يكن هناك دليل قاطع على أن جميع الوفيات كانت نتيجة لتلك البكتيريا أو الفطريات، ولكنها قد تكون عاملاً مساهمًا في بعض الحالات.
أصبحت لعنة الفراعنة جزءًا من الثقافة الشعبية والأدب والسينما ، وتناول العديد من الأفلام والكتب تلك الفكرة وزادوها انتشارًا بين الناس ، وأثرت أسطورة لعنة الفراعنة بشكل كبير على الناس والثقافة بطرق متنوعة، ومن المثير للاهتمام كيف استمرت تلك الأسطورة في التأثير على الأجيال إلى يومنا الحالي.
لقد زرعت لعنة الفراعنة الخوف والرعب في قلوب العديد من الناس، وساعدت الأخبار عن وفاة الأشخاص الذين شاركوا في اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في نشر الفكرة بأن هناك قوى خارقة تعمل على حماية المقابر المصرية القديمة.
واستمر ذلك الخوف لعقود، وأصبح جزءًا من الروايات الشعبية والأساطير التي ترويها الأجيال ، وجذب مفهوم لعنة الفراعنة الانتباه العالمي للمقابر والآثار المصرية، مما زاد من جاذبية السياحة إلى أرض مصر المباركة.
وكان الناس وما يزالون يزورون المواقع الأثرية بدافع الفضول والرغبة في اكتشاف أسرار المصريين القدماء ، ومن ناحية أخرى، حدثت حوادث حقيقية لبعض الباحثين والمكتشفين الذين ترددوا في مواصلة أبحاثهم بسبب الخوف من اللعنة.
غذت الأسطورة بشكل كبير من الميل الطبيعي للبشر للبحث عن التفسيرات الخارقة للطبيعة للأحداث غير المفسرة ، وساعد ذلك الميل في انتشار الأسطورة وجعلها جزءًا من الثقافة الشعبية. ولعب الإعلام والصحافة دورًا كبيرًا في تضخيم الأحداث وربطها بلعنة الفراعنة، مما زاد من تعقيد الأمور وجعلها تبدو أكثر إثارة.
وأصبحت لعنة الفراعنة موضوعًا مشوقًا للعديد من الأعمال الأدبية والسينمائية ، واستغل العديد من الأفلام والروايات ذلك المفهوم لبناء حبكات مشوقة وذات رعب مثل سلسلة أفلام “المومياء” و”أنديانا جونز”.
وساعد ذلك الاستخدام الثقافي للعنة في تعزيز الفكرة وزيادة انتشارها بين الجمهور. وعلى الرغم من كل الأساطير، لا يوجد دليل علمي قاطع يثبت وجود لعنة فعلية ، ومعظم الأحداث التي تم ربطها بالعنة يمكن تفسيرها بطرق منطقية وطبية.
إن أسطورة لعنة الفراعنة هي مثال قوي على كيف يمكن للأساطير أن تؤثر على الثقافة والمجتمع. وعلى الرغم من أن التحليل النقدي لها يظهر أن العديد من الأحداث يمكن تفسيرها بطرق علمية ومنطقية، فإن الخوف والغموض المرتبطين باللعنة يجعلان منها موضوعًا مثيرًا للاهتمام دائمًا وأبدًا. يمكن لتلك الأسطورة أن تكون درسًا في كيف يمكن للإشاعات والأساطير أن تنتشر وتؤثر على الناس بطرق عديدة غير متوقعة.
وأخيرا في رأيي أنه لا يوجد شيء اسمه لعنة الفراعنة.
اقرأ المزيد
عالم الآثار المصري الشهير الدكتور حسين عبد البصير يكتب : حركة الأفروسينتريك