الدكتور مجدي الشيمي يكتب : عبدالناصر وثورة يوليو ١٩٥٢ ” الزعيم الذي أحب قوميته فعشقته ملايين الشعوب “
سأتناول في هذا المقال شخصية الزعيم القائد جمال عبدالناصر كيف أحب وطنه فعشقته ملايين الشعوب العربية والأفريقية لقد قرأت مقال أستاذي الدكتور المرحوم / يحي الجمل – أستاذ القانون الدستوري – جامعة القاهرة بعنوان ” هل كان ساحرا ” في جريدة الأهرام يوم 28/8/2014 وتناول المقال شخصية الزعيم جمال عبدالناصر كيف أنه أحب بلده مصر وأخلص في حبه لوطنه العربي فعشقته الملايين من الجماهير.
وسأتناول في مقالي كيف أحب الزعيم قوميته و انتمائه للقارة الأفريقية وقيادته لحركات التحرر في القارة فبادلته شعوب القاره عشقاُ وحباً.
الزعيم المصري الأفريقي جمال عبد الناصر الذى رفع شعار ” إرفع رأسك يا أخى لقد انتهى عهد الظلم والاستعباد ” عندما قاد ثورة 23 يوليو عام 1952 والتى كانت علامة فارقة ليس فقط فى تاريخ مصر الحديث بل وفى تاريخ قارتنا الأفريقية، ككل حيث كانت بمثابة الفاتحه لثورات وحركات تحرر شملت معظم أفريقيا ولوقوفه ومساندته للكثير من هذه الثورات لقب ناصر بلقب ” أبو إفريقيا ” ونال إعجاب الملايين حتى اليوم.. فلا توجد عاصمة إفريقية واحدة ليس فيها شارع يحمل اسمه، وتنتشر تماثيله فى العديد من الميادين الأفريقية الكبرى ، وقد كان آخر تلك التماثيل وأضخمها في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا والذي أزاح الستار عنه الرمز الافريقي الكبير نيلسون مانديلا بنفسه في حضور أبناء الزعيم المصري الذين دعاهم مانديلا لحضور هذه المناسبة ، ولقيمته العظيمة في نفوس الأفارقة، قال عنه مانديلا – تعليقا علي خسارة مصر أمام جنوب إفريقيا عندما تنافسا على تنظيم كأس العالم ” لو كان عبدالناصر حيا ما جرؤ أحد من الافارقة علي الدخول مع مصر في منافسة حتي وإن كانت أشرف المنافسات وأعظمها”.
لا جدال فى أن الوعى الوطنى المتميز للرئيس جمال عبدالناصر، وإدراكه الصحيح لمتغيرات عصره، وللقوى الفعالة والمؤثرة فيه، وكذا استيعابه الدقيق لآفاق حركة التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية وبزوغ حركات التحرر الوطنى فى القارة واحتدام الصراع بينهما وبين الاستعمار والعنصرية ، لا جدال فى أن هذه العوامل الدولية والإقليمية الجديدة كانت ماثلة بوضوح أمام عبد الناصر وهو يحدد استراتيجية السياسة المصرية الخارجية فى مستهل الخمسينات فقد حدد ثلاث دوائر أساسية للسياسة الخارجية المصرية هى: الدائرة العربية، والدائرة الأفريقية، والدائرة الإسلامية وفيما يتعلق بالدائرة الأفريقية.
يقول الزعيم جمال عبد الناصر فى كتابه فلسفة الثورة: ” إننا لا نستطيع بأى حال أن نقف بمعزل عن الصراع الدامى المخيف الذى يدور اليوم فى أفريقيا بين خمسة ملايين من البيض ومائتى مليون من الأفريقيين وسوف تظل شعوب القارة تتطلع إلينا نحن الذين نحرس الباب الشمالى للقارة الذى يعتبر صلتها بالعالم الخارجى كله ، لن نستطيع بحال من الأحوال أن تتخلى عن مسئوليتنا فى المعاونة بكل ما نستطيع على نشر النور والحضارة حتى أعماق القارة العذراء ، إن القارة المظلمة الآن مسرح لفوران عجيب ومثير ولن نستطيع بحال من الأحوال أن نقف أمام الذى يجرى فى أفريقيا ونتصور أنه لا يمسنا أو يعنينا وهذا التحديد للتوجه السياسى المصرى الجديد تجاه أفريقيا يعنى أساسا دورا مصريا ملتزما بقضايا التحرر الوطنى الأفريقى ومساندا لنضال القارة ضد الاستعمار والعنصرية ” ، ولذلك فإن الدبلوماسية المصرية تجاه أفريقيا فى عهد عبد الناصر كانت أهم أهدافها :
– مساندة حركات التحرر الوطنى بكل وسيلة ممكنة، مما أسهم فى نيل العديد من الدول الأفريقية استقلالها.
– ممارسة دبلوماسية التنمية من خلال تقديم قروض ومساعدات مالية محدودة لبعض الدول الأفريقية منها غينيا ومالى وكذا المساعدات الفنية.
– التصدى للنشاط الإسرائيلى فى القارة وقد قامت مصر خلال عهد عبد الناصر بدور أساسى فى إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 وكان عبد الناصر حريصا كل الحرص على الإشتراك فى كل مؤتمرات القمة الأفريقية منذ ذلك الحين حتي وقوع العدوان الإسرائيلى عام1967.
فقد حرص عبد الناصر طيلة حكمه على أن يكون الوجود المصري في إفريقيا واضحاً وملموساً، فقد كان هناك أكثر من 52 مكتباً لثلاث شركات قطاع عام تعمل فى مجال التجارة الخارجية هى : شركة النصر للتصدير والاستيراد ولها النصيب الاكبر، مصر للتجارة الخارجية، ومصر للاستيراد والتصدير، وكان لتلك الفروع المصرية دوراً هاماً في الترويج للمنتجات المصرية في القارة السمراء وترسيخ العلاقات المصرية الأفريقية.
لقد كان للدور الفاعل الذي قامت به مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أثره الفعال في تعزيز دور إفريقيا فى المحافل الدولية؛ حيث تمكنت أكثر من 51 دولة وقتها من الحصول على استقلالها والانضمام إلى المنظمة الدولية، وارتفع عددها إلى 52 مقعداً بينما كانت إفريقيا ممثلة فقط بتسع دول مستقلة ، وذلك عام 1960.. وأقرت الامم المتحده يوم محدد يحمل أسم القارة السمراء ( حيث تحدد يوم 25 مايو من كل سنة يوما لافريقيا ).
لقد هدم عبد الناصر كل الآمال الأمريكية التي كانت تنعقد على مصر بعد ثورة يوليو أن تكون مصر حليفة لها ولكن جاء الرجل الذي نغص على الولايات المتحدة والمستعمر كل أطماعه فكلما حاولوا بسط نفوذهم أو التدخل في شئون أي دولة إفريقية يجدوا عبد الناصر سدا منيع لقوة علاقته بجيرانه وثقتهم به حتى ضجت أمريكا في هذا الوقت من عبد الناصر، حتى قال أيزنهاور رئيس أمريكا في هذا الوقت لوزير خارجيته جون فوستر دالاس أن الولايات المتحدة لن تسيطر على إفريقيا ولن تصل لمبتغاها إلا بالسيطرة على الفكر الناصري أو بإقصائه أو حتى باغتيال عبد الناصر نفسه.
لقد ظل ناصر حارس إفريقيا والوطن العربي الأمين لذلك فلا نستغرب إذا كانت الميادين العربية والإفريقية تكتسي بصورته في أي مناسبة وطنية أو أي ثورة أو مظاهرة للمطالبة بالحق والحرية.
لقد تعاظمت قيمته في قلوب ووجدان كل الشعوب الحرة المناهضة للاستعمار الرافضة للمهانة والاستغلال فلا زال المصريون يعشقونه و يذكرونه عندما يحتفلون في كل عام بثورة يوليو المجيده ، ولازال الافارقة يعشقونه عندما تتردد كلمة مصر في أي مناسبة.
* الدكتور مجدي الشيمي : باحث متخصص في الشأن الأفريقي ومؤسس مبادرة حدوته إفريقية
إقرأ المزيد