السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : يسألونك عن توجو
عندما تواترت الأنباء عن مؤتمر بتوجو تذكرت أغنية حسن عطية “بعيدة شندى “… فتوجو بعيدة عن المخيال الشعبى ربما لضعف منتوجها وتواصلها الثقافى وتواضع مستويات فرقها الرياضية ومنتخبها فلا يسمع لها كبير أثر ، بخلاف مايعرف عن سحرتها وتاريخها الذى شهد قدوم عدة قوى إستعمارية لإدارتها من لدن الألمان و الإنجليز والفرنسيين ، وموقعها كأحد المراكز الهامة لتجارة الرقيق قديما ، فإن تاريخ توجو السياسي المعاصر تميز بحكم أسرة الرئيس جناسنقبى أياديما منذ عام ١٩٦٧ وحتى الآن ، فقد تولى الرئيس أياديما الذى كان ضابطا فى الجيش الفرنسي وحارب مع جيش فرنسا حرب الجزائر ، الحكم فى أعقاب نجاح إنقلابه العسكرى عام ٦٧ واستمر حاكما لتوجو لمدة ٣٨ عاما حتى فبراير ٢٠٠٥ عندما توفى إثر نوبة قلبية وهو على متن طائرة فوق الأراضى التونسية حيث كان فى طريقه للعلاج بفرنسا.
وفى سيناريو أشبه تماما بالسيناريو التشادى عقب وفاة الرئيس إدريس دبى أعلن الجيش الإستيلاء على السلطة وجاء بنجل أياديما رئيسا رغم أن الدستور يوجب تولى رئيس البرلمان قيادة البلاد لحين إجراء ترتيبات انتخاب رئيس جديد .
وفى إنتخابات وصفت بأنها صورية من فرط تدخل الأيادى العابثة فاز نجل الرئيس فور أياديما عن واجهة حزبه “تجمع الشعب التوجولى” وظل ممسكا برئاسة البلاد منذ عام ٢٠٠٥ وحتى الآن ، رغم أصوات المعارضة التى طلبت منه الإلتزام بالنص الدستورى بأن لا تزيد فترة الحكم عن دورتين ، وواضح مباركة فرنسا لهذه الخلفيات التوجولية بمثل مباركتها للسيناريو التشادى المماثل.
توجو أيضا كانت مقرا مقترحا للقمة المصغرة الإسرائيلية الأفريقية التى أفشل عقدها تحرك قادته جنوب أفريقيا والجزائر.
كدبلوماسيين شهدنا في قمة منظمة الوحدة الافريقية الخامسة عشر بالخرطوم عام ١٩٧٨ اختيار التوجولى أيديم كودجو سكرتيرا عاما لمنظمة الوحدة الافريقية (وهى القمة التى طلب بعض الرؤساء من الرئيس نميرى ترشيح السيد بونا ملوال للمنصب ، إلا أن التسريبات وقتها نقلت عدم قبول نميرى للمقترح حتى لا يتهم السودان باستغلال المناسبة) .
كأنما أراد كودجو أن يعوض الجزائر حرب الرئيس أياديما ضدها فى صفوف الجيش الفرنسي فقام بإدخال الجمهورية العربية الصحراوية عضوا كامل العضوية بمنظمة الوحدة الإفريقية فى تجاوز تام للوائح منح العضوية وهو الإجراء الذى أدى للإنقسام الشهير في صفوف المنظمة وتوقف نشاطاتها وانسحاب المغرب كأحد تبعات الإجراء الذى ظلت الساحة الأفريقية تعانى من آثاره حتى الآن …. فهل لا تزال شندى بعيدة ؟.
إقرأ المزيد
السفير عبد المحمود عبد الحليم يكتب : قراءة أولية فى بيان دول جوار السودان بالقاهرة