النيجر.. محاولة الانقلاب علي الرئيس بازوم مصيرها الفشل وأتهام فاجنر بالضلوع فيما حدث
شهدت النيجر محاولة انقلاب أمس الأربعاء احتجز خلالها عناصر من الحرس الرئاسي الرئيس محمد بازوم فيما منحهم الجيش “مهلة لإطلاق سراحه”، وكُلّفت بنين في ضوء ذلك القيام بمهمة وساطة.
وفي وقت لاحق الأربعاء، عمد عناصر الحرس الرئاسي إلى تفريق متظاهرين مؤيدين لبازوم حاولوا الاقتراب من المقر الرئاسي حيث يُحتجز في نيامي عبر إطلاق عيارات نارية تحذيرية، وفق ما أفاد مراسل لوكالة “فرانس برس”.
ودان الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ما وصفته الجهتان بـ”محاولة الانقلاب”، وهو وصف للأحداث الجارية أكده مصدر مقرّب من بازوم.
كما دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش “أي محاولة لتولي الحكم بالقوة” ودعا إلى احترام الدستور النيجري، بينما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ وطالبت بإطلاق سراح بازوم. كما صدرت إدانات عن فرنسا والجزائر المجاورة.
في الأثناء، توجّه رئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر للقيام بوساطة، وفق ما اعلن رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ”إيكواس”.
وكان عناصر الحرس الرئاسي أغلقوا صباح الأربعاء جميع المداخل إلى مقر إقامة الرئيس ومكاتبه. وبعد انهيار المحادثات “رفضوا الإفراج عن الرئيس”، وفق ما ذكر المصدر في الرئاسة، أن “الجيش منحهم مهلة”.
وقالت الرئاسة في رسالة نشرتها على تويتر الذي تغيّر اسمه إلى “إكس” “انتابت لحظة غضب عناصر من الحرس الرئاسي.. وحاولوا من دون نجاح كسب دعم القوات المسلحة الوطنية والحرس الوطني”.
وأضافت أن “الجيش والحرس الوطني على استعداد لمهاجمة عناصر الحرس الرئاسي المتورطين في لحظة الغضب هذه ما لم يعودوا إلى صوابهم”. وتابعت أن “الرئيس وعائلته بخير”.
شهدت الدولة الواقعة في منطقة الساحل 4 عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 وعدة محاولات أخرى للاستيلاء على السلطة، كان بازوم، وزير الداخلية سابقًا، مقرّبًا من الرئيس السابق محمد إيسوفو الذي تنحى طوعًا بعد ولايتين.
واعتُبرت عملية تسليم السلطة التي جرت في أبريل 2021، بعد الانتخابات التي فاز فيها بازوم عقب جولتين في مواجهة الرئيس السابق محمد عثمان أول انتقال سلمي للسلطة في النيجر منذ الاستقلال.
لكن بقي شبح ماضي النيجر المضطرب يطاردها. فوقعت محاولة انقلاب قبل أيام فقط من تنصيب بازوم في أبريل 2021، وفق ما ذكر مصدر أمني حينذاك.
ووقعت محاولة ثانية للإطاحة ببازوم في مارس هذا العام “بينما كان الرئيس.. في تركيا”، بحسب مسؤول نيجري أكد توقيف شخص. ولم تعلّق السلطات علنًا قط على الحادثة.
فقر وبؤرة إرهاب
تشكل الصحراء ثلثي مساحة النيجر الواقعة في قلب منطقة الساحل القاحلة في غرب إفريقيا وتحتل مرتبة متأخرة على مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة، ويبلغ تعداد الدولة الإفريقية 22,4 مليون نسمة، وهو عدد يرتفع بشكل متسارع نظرًا إلى بلوغ معدل الولادات سبعة أطفال لكل امرأة.
تعاني البلاد تحركين للإرهابين: الأول في الجنوب الغربي تنفذه عناصر قدمت من مالي المجاورة عام 2015، والآخر في الجنوب الشرقي ينفذه عناصر إرهابية مقرهم شمال شرق نيجيريا، وفر مئات الآلاف من منازلهم، ما تسبب بأزمة إنسانية وفاقم الضغط على الاقتصاد.
وتلقى الجيش النيجري تدريبات ودعم لوجستي من الولايات المتحدة وفرنسا، علمًا بأن للدولتين قواعد عسكرية في البلاد، وأصبحت النيجر العام الماضي مركزًا للعمليات الفرنسية لمكافحة الإرهابيين في الساحل، والتي أعيد النظر فيها بعدما انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو إثر الخلافات السياسية مع البلدين.
ومع الساعات الأولى للمحاولات الانقلابية التي شهدتها النيجر، الأربعاء، تصاعدت تكهنات بدور لروسيا فيها؛ كون نيامي هي آخر أوثق حلفاء باريس في دول الساحل والصحراء بوسط وغرب إفريقيا.
واختلف عدد من الباحثين المتخصصين في شؤون منطقة الساحل والصحراء مع هذه التكهنات، وأوردوا في تحليلاتهم لموقع “سكاي نيوز عربية” ما يستندون عليه في ذلك، في ظل الموقع الجغرافي الحيوي جدا للنيجر بالنسبة لموسكو وباريس.
والنيجر، هي الدول الشريكة الأولى الآن لفرنسا في منطقة الساحل والصحراء، بعد أن خروج القوات الفرنسية مضطرة من مالي وتراجعها في بوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي بلاد صارت وثيقة العلاقات مع روسيا.
النيجير والصراع الروسي الفرنسي
يرجح مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي، محمد علي كيلاني، أن يؤثر أي تغيير للحكم في النيجر على صراع النفوذ القائم بين فرنسا (حليفة النيجر) وبين روسيا التي تتمدد محل باريس في مالي وبوركينافاسو المجاورتين للنيجر، كما تحالفت مع الجارة الجزائر.
ونقلت فرنسا قواتها التي اضطرت للانسحاب من مالي عام 2022، إلى النيجر، بعد توجه المجلس العسكري الحاكم بشكل انتقالي في مالي للتحالف مع روسيا، ووافقت حكومة نيامي على ذلك “للاستفادة من الخبرات الفرنسية” في التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب.
ومن جانبه، لم يستبعد المحلل السياسي أبو بكر عبد السلام، وجود دور روسي في محاولة الانقلاب الواقعة في نيامي، في ظل تصاعد الصراع الروسي الفرنسي في منطقة الساحل.
ويقول إن هناك إشارات بأن هناك أيادي روسية في ما يجري، لكن حتى الآن الجميع ينتظر ما سوف تسفر عنه الأوضاع خلال الـ 24 ساعة القادمة.
صراع نفوذ داخلي
لكن المحلل السياسي النيجري، إدريس آيات، يستبعد سقوط النيجر تحت نفوذ روسيا، معتبرا أن ما يُقال حول وجود طرف موال لفرنسا وآخر متمرد هو “تحليل غير دقيق”.
ويستشهد على رأيه بأن:
النيجر دولة تحت نفوذ فرنسا، ولباريس 4 قواعد عسكرية فيها، كذلك تتواجد الولايات المتحدة بقاعدة، وتعتبر مركز قوات حلف الناتو في الساحل، فلن يفرطوا فيها.
أما ما يجري في نيامي فهو صراع نفوذ داخلي، بين الرئيس السابق محمد إيسوفو، والرئيس الحالي محمد بازوم، وفيما يبدو أن بازوم حاول تقليص نفوذ إيسوفو بإقالة عناصر موالين له، وما يحدث رسالة إلى بازوم.
بازوم هو وزير الداخلية السابق، والذراع اليمنى للرئيس السابق إيسوفو، فإن وصلت الرسالة وفهمها بازوم سنسمع عن تسويات داخل النظام، وترجع البلاد إلى مسارها.
لكن إن عاند بازوم وحلفاؤه؛ فغالبا ستقوم عناصر النظام السابق بتقديم تطمينات لفرنسا وأميركا، ثم تحدث تفاهمات في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الحاكم لتهيئة خلف بازوم؛ لأن جميع المعاقل السياسية للحزب موالية لإيسوفو.
وبازوم ( 63عاما) المنتخب رئيسا في 21 فبراير 2021 بـ 55 بالمئة من الأصوات تسلم السلطة في عملية انتقال سلمي بينه وبين إيسوفو، هي الأولى من نوعها في بلد اتسم تاريخه حافل بالانقلابات.
فرنسا و”صمود” النيجر
يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، على أهمية النيجر بالنسبة لفرنسا، لدرجة يصعب معها أن تتركها غنيمة لروسيا، ويقول في هذا، إن فرنسا ترى ضرورة حماية “صمود النيجر”؛ لأن الاستقرار هناك يساعد الجيش الفرنسي في مهمته في دول الساحل والصحراء، كما أن موقعها الجغرافي يساعد في مكافحة الهجرة غير الشرعية من دول جنوب الصحراء إلى شواطئ أوروبا، وفي مراقبة الحدود مع ليبيا، مصدر تسليح الجماعات الإرهابية.
وتعمل الوكالة الفرنسية للتنمية على زيادة استثماراتها في النيجر من 100 مليون يورو إلى 150 مليون يورو كقروض ومنح، وسارعت باريس لإدانة ما جرى الأربعاء في النيجر، وقالت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية في بيان إن “فرنسا قلقة للاحداث الراهنة في النيجر وتتابع بانتباه تطور الوضع”.
إقرأ أيضا:-
النيجر .. أنباء عن احتجاز عناصر من الحرس الرئاسي للرئيس بازوم
النيجر تسقط الجابون وتقصيه من كأس أمم إفريقيا تحت 23 عامًا
« عائشة » أم نيجيرية : كانت تحلم بيوم زفاف بناتها الثلاث وابتلعهم نهر النيجر
النيجر .. اجتماع دولي يبحث سبل مواجهة الأزمة في منطقة بحيرة تشاد
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.