الدكتورة مني نور الدين تكتب : الهجرة القسرية ما بين النزوح واللجوء ناقوس خطر وتهديد ديموجرافى
لقد تطورت أعداد الهجرة القسرية فى العقد الأخير تطورا كبيراً من 60 مليون شخص عام 2014 إلى ما يقرب من ضعف هذا العدد حيث بلغ عدد السكان الذين تعرضوا للهجرة القسرية علي مستوي العالم 117.3 مليون شخص عام 2023 ، وذلك وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2023 ويرجع ذلك إلى الثورات فى المنطقة العربية والحرب الروسية الأوكرانية والنزاعات القبلية والحروب الأهلية فى السودان وحرب غزة ، والنسبة فى تزايد مستمر حيث تزداد أعداد النازحين واللاجئين ، فضلا عن زيادة أعداد طالبى اللجوء فى كثير من دول العالم.
وبلغ عدد النازحون أكبر نسبة حيث بلغ عددهم 68.3 مليون شخص ، فيما بلغ عدد اللاجئين حوالى 31.3 مليون شخص ، ويجب هنا التفرقة بين المصطلحين .
فالنازحون هم الذين لم يعبروا حدود دولهم طلبا للجوء لأى دولة أخرى ، بل ظلوا ضمن حدود دولهم وتحت حمايتها ، حتى وإن كانت حكوماتهم هى المسؤولة عن عمليات النزوح ويعد هؤلاء من أشد الفئات تهميشا وضعفا على مستوى العالم نظرا لتعرضهم للخطر المستمر وفى أى وقت .
أما اللاجئون هم الذين أجبروا على ترك أوطانهم نتيجة الحروب والنزاعات ، ويمكن أن تتم عملية اللجوء تحت إشراف مفوضية شؤون اللاجئين ، وهؤلاء محميين بموجب القانون الدولى .
وتعد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا من أكبر المناطق التى تشهد عمليات نزوح داخلى ولا سيما أفريقيا من أعلى القارات لوجود مشكلات سياسية وعنصرية ونزاعات قبلية وكذلك تشهد عمليات لجوء مستمرة .
وبلغ عدد اللاجئين الفلسطينين عام 2023 ، 6 مليون لاجئ نتيجة عمليات التهجير القسري ، هذا فضلا عن النازحين عبر المناطق داخل فلسطين وعلى المناطق الحدودية ، ولقد تعرضت فلسطين من قبل لكل أنواع التهجير القسري من قبل وخاصة بعد عام 1948 وكان هذا التهجير مقابل فتح الأبواب للمهاجرين اليهود من شتي أنحاء العالم والذين أثروا على قلب الميزان الديموجرافى لصالح اليهود مقابل عمليات تهجير مستمرة للفلسطينيين كلاجئين إلى دول أخرى .
والآن الأمر مختلف فى فلسطين نظرا لرفض فكرة التهجير إلى دول الجوار رغم نفاذ بعضهم لكن الآن كانت عمليات النزوح من شمال غزة إلى الجنوب من أجل البقاء على الأرض والجهاد حتى الموت وإلا ماتت القضية الفلسطينية .
أما طالبى اللجوء فهم منتشرون فى أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وخاصة مصر من الدول التى شهدت استقبال أكبر عدد من اللاجئين من دول الجوار وغيرها من الدول العربية الأخرى وتشهد الآن أكبر عدد من طلبات اللجوء وكذلك دولة كندا فى أمريكا الشمالية تشهد عدد كبير من طلبات اللجوء ، ولقد بلغ عدد طالبى اللجوء 6.9 مليون شخص على مستوى العالم .
و توضح خريطة اللاجئين أن أكبر نسبة من اللجوء فى القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وكذلك خريطة النزوح والتى تنتج عن التغيرات المناخية والجفاف والتصحر والحروب الأهلية والنزاعات والتطرف ولقد أدخلت الحرب الروسية الأوكرانية بعض دول القارة الأوروبية ضمن هذا النطاق .
وتوضح الخرائط المرفقة النازحين واللاجئين وطالبى اللجوء على مستوى العالم .
وتعد جمهورية مصر العربية هى الحصن الآمن لمعظم الدول العربية والافريقية وتعد من الدول التى استقبلت اعدادا كبيرة من المهاجرين واللاجئين من العراق وسوريا وفلسطين والسودان على الرغم من أنها الدولة الوحيدة الذى يتم الدمج بين اللاجئون والمواطنون دون إحداث أى تمييز ، وكذلك تعد هى الحصن الأمن للقارة الأوروبية والتى يمكن من خلالها تخفيف حدة الهجرة غير الشرعية من دول أفريقيا جنوب الصحراء ، وبلغ عدد اللاجئين بها ما يقرب من 12 مليون وقد تختلف الاحصائيات والبيانات من جهة إلى أخرى ، وتشكل هذه النسبة ما يزيد عن 12 % من عدد سكان مصر وإذا تزايدت هذه النسبة فى السنوات القادمة بدون ضوابط قانونية سوف تمثل تهديدا ديمواجرافيا لمصر على المدى القصير .
ورغم الضغوط الاقتصادية التى تمر بها مصر والضغط على مواردها إلا أنها ما زالت تستقبل أعدادا كبيرة من الوافدين ، ولذا يجب على الدولة المصرية تحجيم تلك الزيادة من خلال بعض الآليات التي تتخذها فى ضوء التشريعات والقوانين وهذا ما تم اتخاذه بالفعل ، كما يجب مراجعة بعض الاتفاقيات الدولية ومنها إتفاقية الحريات الأربع مع السودان والتى تقضى بحق التنقل والعمل الإقامة والتملك وتقييم تلك الإتفاقية فى ظل الضغوط الاقتصادية التى تعانى منها مصر في الفترة الحالية.
* أ .د منى نور الدين :
أستاذ الجغرافيا الإقتصادية ووكيلة كلية الدراسات الإنسانية للدراسات العليا والبحوث جامعة الأزهر .
اقرأ المزيد
الدكتورة مني نور الدين تكتب : اليوم العالمى للبيئة ومفهوم الأمن المناخى
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.